بحث وتحقیق

التعريف

التعريف

 

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

وثيقة تعريفية بالاتحاد ومبادئه

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.  اما بعد..

فإن العلماء هم ورثة الأنبياء؛ يقع عليهم عبء تعليم الأمة وتوجيهها. وقد بيَّن القرآن الكريم دورهم في نذارة الأمة وتفقيهها، وبيان الحق فيما يعرض لها، في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].

  ثم حضَّ الأمة على الرجوع إليهم في الملمّات، كما في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].

ولـمّا كان الاجتماع من أهم ما دعت إليه الشريعة الإسلامية، وأنه من أعظم أسباب التوفيق والعصمة من  الزّلل؛ فقد تداعى عدد من أهل العلم من مختلف المدارس والتيارات الإسلامية التي تنتهج الوسطية والاعتدال للقيام بهذا الواجب الشرعي، وسدّ هذه الثغرة، من خلال الاتفاق على تشكيل هيئة جمعت أهل العلم، ووحّدت كلمتهم للحفاظ على وظيفتهم التي كلفهم الله بها في صيانة الدين امتثالاً لقول النبي صلى لله عليه وسلم "يحْمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عُدُولُهُ، ينفونَ عنه تحريفَ الغالينَ، وانتحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ. فكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤسسة علمائية شرعية مستقلة تعمل على تبليغ رسالة الإسلام وتوجيه المسلمين إلى الفهم الصحيح لأحكام دينهم، من خلال الحفاظ على هوية الأمة ونشر الوسطية بعيداً عن الغلو في الدين والتفريط بالثوابت، والعمل على وحدة الأمة وزيادة فعاليتها للقيام بأمر الدعوة إلى الله وعمارة الأرض، مستحضراً أهمية تحقيق التعايش السلمي ونبذ العنف، ونشر ثقافة التسامح وتعزيز المشترك الإنساني والحضاري. ومن أجل ذلك فقد اتبع الاتحاد للوصول إلى هذه الغايات التنوع بين الخطاب التثقيفي المباشر، الذي يتضمن تصحيح المفاهيم والممارسات والمواقف وفق تعاليم الإسلام الحنيف، والتوعية المستمرة وتوجيه النصح المتسم بالحكمة والرفق، والالتزام بمنهج الحوار والتعاون مع المؤسسات والهيئات العاملة في هذا الإطار، مع الاجتهاد والتجديد فيما يحتاج إلى ذلك من مستجدات..

 والاتحاد باعتباره جسماً يضم عدداً كبيراً من علماء الأمة الإسلامية يهدف إلى بيان موقف العلماء من الأحداث المهمّة والاستحقاقات التي قد تطرأ في العالم، ومن أجل ذلك فقد وضع لنفسه محدداتٍ منهجيةً ومعالمَ يحافظ فيها على التوازن والموضوعية والمصداقية والاستقلالية فيما يصدر عنه، ويضمن قبوله مرجعيةً يعتمد عليها المسلمون في النوازل. وكان من هذه المحددات والمعالم:

  • تكوين مظلة علمائية مرجعية جامعة للأمة دون إقصاء أو تمييز، متوازناً في علاقاته معها، داعياً إلى السّلم والوفاق، ومن أجل ذلك فقد احتضن مدارس متنوعة في تشكيله.
  •  التركيز على تقويم السياسيات والسلوكيات ونقد الأخطاء، وتحاشي تجريح الهيئات أو الأشخاص، أو الدخول في النيات غير المعلنة.
  • نبذ التعصب لاعتبارات عرقية، أو إقليمية، أو مذهبية، وبيان الحق وفق القيم التي أكدتها الشريعة الإسلامية من العدل، والإنصاف، والتجرد للحق، التي هي قيم مشتركة بين الأمم والحضارات.
  •  بيان المواقف المبنية على تصورات صحيحة، وفق أسس موضوعية علمية بيّنها ديننا الحنيف مبنية على التثبت في النقل، ومراعاة الأحوال والظروف.
  • التمسك بثوابت الإسلام، وبالنظرة المقاصدية والرسالية؛ تأصيلاً وتنزيلاً.
  • التحلي بروح المسؤولية والموضوعية والنزاهة، بعيداً عن أي انحياز أو تعصب، والتجرد عن أي انتماء قد يؤثر على الوصول لموقف صحيح فيه نصيحة للأمة.
  • الدعوة إلى إصلاح ذات البين، وحل النزاعات بالحسنى والاجتماع على كلمة سواء، وله في ذلك جهود مقدرة يشهد بها الواقع.
  • التأييد المبدئي لحق الشعوب في الإصلاح والنهوض والترقي، وفي حرية التعبير عن مواقفها وتطلعاتها وتظلماتها، في نطاق سلمي حضاري تُحفظ به المصالح العامة، والسلم الأهلي.
  • الحرص على الحفاظ على العلاقات الطيبة وروح التعاون مع المجتمعات الأخرى، والاهتمام بالشأن الإنساني العام في العالم، والمشاركة في مساعدة الشعوب لما يحقق كرامة الإنسان.

والاتحاد إذ يبين هذه المحددات فإنه يتمثل قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]، وقوله سبحانه: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} [الأنعام: 152].

  ويؤكد أنه جهة علمية شرعية مستقلة لا يمكن اختزالها في حزب أو جماعة أو مذهب أو دولة من الدول، وقد بيّن ذلك في ميثاقه العام، وجسده في سياساته المنهجية، وبياناته الصادرة عنه، ومواقفه التي اتخذها عَبْر مسيرته منذ تأسيسه حتى الآن.

وفي الختام فإن الاتحاد إذ يعبر عن شكره وتقديره لكافة الدول التي تعاملت معه بشكل إيجابي وقانوني، وخاصة في مراحل التأسيس والانطلاق؛ كبريطانيا وإيرلندا الشمالية وقطر وتركيا وتونس وماليزيا، فإنه يؤكد تطلعه واستعداده للتعامل والتعاون مع كافة الدول والمنظمات، وفي مقدمتها الدول والمؤسسات الإسلامية.