البحث

التفاصيل

التضامن الإسلامي

الرابط المختصر :

التضامن الإسلامي

بقلم: محمد وثيق الندوي

 

إن التضامن والارتباط بين أعضاء الأسرة الإسلامية، وروح الانتماء الذي يبعث على وحدة الانفعال في السرور والحزن، والاطمئنان والقلق، والسعادة والشقاء، شارة تمتاز بها الأمة المسلمة من بين الأمم الأخرى، وكلما قوي هذا التضامن الارتباط، قوت الأمة الإسلامية وغلبت وسادت، وكلما ضعف هذا الارتباط وغاب هذا التضامن ضعفت الأمة الإسلامية واستكانت، وصارت غرضاً للأعداء ووقعت في الذلة والمسكنة.

فإن الأخوة الإسلامية أقوى رابطة من بين الروابط الأخرى لأن هذه الرابطة تقوم على شعور قلبي، والشعور لا يتغلب عليه، وقد أكد الإسلام على هذه الرابطة، تأكيداً جوهرياً، واعتبرها من حسن إسلام المرء، وفي بعض المواضع جعلها شرطاً للإيمان.

فقد ورد في الحديث النبوي الشريف:" المؤمن للمؤمن كالبيان؛ يشد بعضه بعضاً". و "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد لا سهر والحمى". و"المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة". و"المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، التقوى ههنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم". و "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً". و "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

وإن الأخوة بين مسلم ومسلم أقوى من صلة القرابة، والرحم، ويقدم التاريخ الإسلامي شواهد على تجسيد التضامن الإسلامي بأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان بشد بعضه بعضاً، وكالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" فكان المؤمن قوياً رغم ضعفه واستكانته في الظاهر، لأنه كان عضواً لأسرة قوية، وكان دينه وثقافته عزيزة لأن له أعواناً وأنصاراً، واستمسك المسلمون بهذه الآصرة الأخوية زمنا فعزوا وسادوا وكان لهم رعب وهيبة.

ولقد تجلى هذا الشعور بالإخاء والتضامن الإسلامي في أروع مظاهره في مختلف فترات التاريخ الإسلامي فقد قام المسلمون في الشرق لنصرة المسلمين في الغرب، كما قام الأخ العربي لنجدة الأخ العجمي والأخ العجمي لنصرة الأخ العربي، وتجلى هذا التضامن والارتباط لدى كل محنة، وفي كل كارثة ومأساة، وله أمثلة كثيرة في التاريخ الماضي والتاريخ المعاصر.

وبفضل هذا التضامن واصل العمل الإسلامي مسيرته، ورفع صوت المسلمين المضطهدين والمستضعفين في المنابر الدولية، وأدركت القوى العالمية الحاقدة على الإسلام أنه لا يمكن القضاء عليه، لأن العالم الإسلامي كالبحر إذا ألقيت فيه حصاة ثارت دائرة.

فمن هناك عملت القوى المعادية للإسلام والمسلمين لإضعاف روح الإخاء والتضامن الإسلامي وأحدثت نزاعات واختلافات بين المسلمين على أساس اللغة، والقومية والجنسية واللون والوطنية حتى بدأت الحكومات الإسلامية تخجل في إظهار انتمائها إلى الإسلام وإقامة روابط على هذا الأساس. فضعف الإخاء والتضامن الإسلامي، وبفقدان الشعور بالإخاء الإسلامي وغياب التضامن الإسلامي وقع المسلمون في قضايا ومشاكل وقضايا إسلامية أخرى على الصعيد المحلي والعالمي.

فإن الأوضاع التي يعيشها المسلمون في العالم العربي والإسلامي اليوم تتطلب هذا التضامن الإسلامي للخروج من المشاكل والمآزق ولإزالة العقبات والعراقيل الموضوعة في سبيلهم، ولِم لا يستطيع المسلمون حكومات وشعوباً نصرة الإسلام والمسلمين و إيجاد الإخاء الإسلامي والتضامن الإسلامي وتعزيزه ليكون صوت الإسلام أرفع ومكانة المسلمين أعز وأقوى كما تفعل الأمم الأخرى من اليهود والنصارى والهندوس؟.

إن تغييراً بسيطاً في موقف الحكومات الإسلامية وشجاعة قليلة في مواقفها وعدم ترددها في التعبير عن شعورها الأخوي إزاء المسلمين في العالم واهتمامها بنشر الإسلام بحكمة وموعظة حسنة سيكون له تأثير جوهري في سياسة العالم، ولا يمكن كل ذلك إلا بالتضامن الإسلامي، فإن المسلمين اليوم بأشد حاجة إلى إيجاد التضامن والإخاء والتعاطف، فهل من مجيب؟.





التالي
ما هي الأسباب العميقة وراء الإصرار على رفع شارات “المثليّة” وراياتها؟
السابق
"الشيخ القرضاوي مدرسة متكاملة".. الإمام يوسف القرضاوي رحمه الله وجهوده في خدمة القدس والأقصى (فيديو)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع