البحث

التفاصيل

كيف نطالع كتب علل الحديث؟

الرابط المختصر :

كيف نطالع كتب علل الحديث؟

بقلم: د. محمد أكرم الندوي – عضو الاتحاد

 

كتب إلي الأخ فضل الرحمن محمود من إسلام آباد بباكستان، وهو طالب في الدكتوراة، وقد انتهى أخيرا من تخريج ثلاثمائة حديث، يسألني أن أشرح له كيف يطالع كتب الحديث؟

فأجبته بما يلي:

تمهيد:

لقد أعجبني اهتمامك بالحديث النبوي الشريف، ولا يطمح إليه إلا ذوو همم عالية وعقول متميزة، لأنه جمع بين التاريخ والفلسفة، أي الحديث يعني دراسة الأخبار والآثار مع حفظ لها ووعي أولا، وتحليلها ونقدها نقدا علميا في يقظة تامة واستشعار للمسؤولية ثانيا.

أربع مراحل:

هذا، وإن لمطالعة كتب العلل أربع مراحل:

 

الأولى: أن تبدأ بدراسة كتب الحديث، وأفضلها: الموطأ، والأصول الستة، وسنن الدارمي، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، وسنن الدارقطني، وشرح معاني الآثار للطحاوي، والسنن الكبرى للبيهقي.

 

والثانية: أن تتفهم كتب مصطلحات الحديث وأصوله، وأجودها: نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني، والموقظة للإمام الذهبي، ومقدمة ابن الصلاح، والكفاية للخطيب،

ومعرفة علوم الحديث للحاكم، ومقدمة صحيح الإمام مسلم، وفصول من الرسالة للإمام الشافعي.

 

والثالثة: أن تطلع على كتب الرجال، وأحسنها تذكرة الحفاظ للذهبي، وسير أعلام النبلاء له، وتهذيب الكمال لأبي الحجاج المزي، ثم كتب البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في التاريخ.

 

والرابعة: أن تنظر في كتب العلل نظرة باحث متفحص، مراعيا للترتيب، فتبدأ بكتابي العلل للإمام الترمذي، ثم ميزان الاعتدال للذهبي، ثم العلل لابن أبي حاتم الرازي، والعلل للدارقطني.

 

طريقة مطالعة كتب العلل: إنك حين تقبل على مطالعة كتب العلل تأخذك دهشة، وتقع في حيرة، فما تمر بحديث إلا وفيه علة أو أكثر،

حتى الأحاديث التي أخرجها الشيخان البخاري وسلم قلما تخلو من علة،

فإياك إياك أن تزل قدماك بعد ثبوتهما،

وحذار أن تدخلك الريب والشكوك بعد الإيمان والاطمئنان،

وعليك أن تسلك منهج العلماء المحققين، الباحثين عن الصدق والسلامة،

وذلك يتضمن معرفة خمسة أمور:

 

الأمر الأول: أن تعرف الفرق بين العلة الظاهرة، والعلة الخفية،

فالأولى لا تقدح في صحة الحديث،

والثانية تقدح إذا تأكد عدم سلامة الحديث منها،

والعلة الظاهرة يطلع عليها كل عالم، مثلا حديث «أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا» وارد في شأن زينب بنت جحش رضي الله عنها،

وقد تبدل اسمها باسم سودة بنت زمعة رضي الله عنها في بعض الأخبار، فهو خطأ واضح.

 

والأمر الثاني: أن الحديث المعلل يعنون به كثيرا بعض طرق الحديث، فمثلا يقول أبو حاتم: هذا باطل، أو هذا لا أصل له،

فلا يعني ذلك أن الحديث باطل، وإنما معناه طريق خاص من طرقه، وهذا أمر قد يخفى على بعض المبتدئين، فانتبه له.

 

والأمر الثالث: قد يذكر الدارقطني وغيره عللا لبعض الحديث، ولا يهتمون بالكشف عن تلك العلل، فيظن الطلاب أن الحديث معلول، وليس الأمر كذلك،

بل الحديث صحيح، وغاية ما يريدون هو التنبيه على كلام العلماء في الحديث، ومثل هذا الحديث موجود في الصحيحين.

 

والأمر الرابع: قد يكون هناك اختلاف في الأمر، لأن الإعلال فيه مجال واسع للاجتهاد، فإذا كان مثل هذا في الصحيحين، عذرنا الشيخين،

فإنهما من الأئمة المجتهدين في هذا الشأن، والأغلب أن الصواب معهما.

 

والأمر الخامس: أن العلة إذا بانت في حديث مع اتفاق عامة الحفاظ عليها، وجب الأخذ بها، فإنهم الحذاق، ولا عبرة هنا بقول غيرهم.

وأسأل الله التوفيق لي ولك بالسداد والاستقامة.





التالي
خطاب إلى ابن باديس: في عيد نوفمبر النفيس
السابق
"اختيارًا للروح والقلب والعقل".. مارين الحيمر نجمة تلفزيون الواقع في فرنسا تعلن إسلامها

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع