البحث

التفاصيل

في وداع الجبل الأشم والداعية الرباني الشيخ عصام العطار

الرابط المختصر :

في وداع الجبل الأشم والداعية الرباني الشيخ عصام العطار

بقلم: د. ونيس المبروك

الأمين المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

وَداعاً وَداعاً يا إخوَتي وأخَواتي وأبنائي

وبناتي وأهلي وبَني وَطَنِي

أستودِعُكُمُ اللهَ الذي لا تَضيعُ وَدائِعُه، وأستودِعُ اللهَ دينَكم وأمانتَكم وخواتيمَ أعمالِكُم، وأسألُ اللهَ تَعالَى لَكُمُ العونَ على كُلِّ واجبٍ وخير، والوِقايَةَ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وشَرّ، والفرجَ مِنْ كُلِّ شِدَّةٍ وبَلاءٍ وكَرْب

سامِحوني سامِحوني واسْأَلوا اللهَ تعالى لِيَ المغفِرَةَ وحُسْنَ الخِتام

شكراً لَكُم شكراً

جَزاكُمُ الله خيراً

أخوكم عصام العطار

***************

بهذه الكلمات التي تشع نورا، وبهذا الوداع الذي يفيض تواضعا ورحمة، ودّعَنا الشيخ عصام العطار؛ بقية جيل العظماء من رجال الدعوة الإسلامية المعاصرة، بعد مسيرة طويلة كانت مليئة بالعطاء والكفاح والصبر،

حاول الطغاة والحواة، أن ينالوا من عزيمته، ويخمدوا صوته، ويحجبوا نوره ، فاغتالوا رفيقةَ دربه، وأحب الناس إلى قلبه؛ زوجته أم  ايمن الشهيدة بنان الطنطاوي ، برصاصات الغدر ، فما لانت له قناة، وما ذل لغير مولاه، بل زاد من بذله وجهده، وقدم  كل ما يملك من وقت ومال وجهد، في سبيل دعوة الإسلام ومجد هذه الأمة.

جمعني الله به في أوقات عديدة ، وزرته في محل إقامته، فانتفعت بعلمه ونصحه، وإرشاده وسمته، وتعجبت من فيض عاطفته، وروعة بيانه، وصدق لسانه، وقرب دمعته عند ذكر أم أيمن رحمهم الله جميعا.

ومن وصاياه رحمه الله، قوله: "قد يفقد الإنسان منصبه ، أو يفقد ماله ، أو يفقد عزيزاً عليه ، ويبقى الإنسان في جوهره شقياً كان أو سعيداً ، غنياً كان أو فقيراً ، هو الإنسان ، أما إذا فقد ذاتيته وشخصيته ومبادئه ، فقد فقدَ وجوده نفسه ، ولم يبق منه شيء".

قال لنا يوما، إني وأهلي وأحفادي كثيرا ما نردد أبيات بن كنيف النبهاني، حتى اتخذناها شعارا في حياتنا لمواجهة الصعاب، وهي قوله:

إن تكن الأيام فينا تبدَّلت  ***  بِبُؤْسَى ونُعمَى والحوادثُ تفعَلُ

فما ليَّنتْ منا قناةٌ صَلِيبَةٌ  ***  ولا ذلَّلتْنَا للتي ليس تجمل

ولكن رحلناها نفوساً كريمةً  ***   تُحمَّل ما لا يُستطاع فَتحمِلُ

وقَيْنَا بحُسْنِ الصبر منا نفوسَنا  ***  فصحَّتْ لنا الأعراضُ والناسُ هُزَّلُ

كان من أشد الناس رفضا للذل والعبودية، ومن مقولاته: "بعض الناس فقدوا نعمة الحرية، والشوق إليها ، والقدرة على الحياة بها ، فهم يتنقلون من سيد إلى سيد ومن نير إلى نير.. سيد يسخرهم بالخوف والسوط ، وسيد يسخرهم بالطمع والفتات،... وهم عبيد ، بل شرّ من العبيد، في كلتا الحالتين".

للأستاذ الجيل كتيبات ومقالات كثيرة، منها كتاب مذكرات في جزئين، وكتاب من بقايا الأيام، وكتاب التبعية للشرق والغرب، وكتاب أزمة روحية،.. ومن أراد أن يتعرف على طرف من مسيرته فليشاهد اللقاءات التي أجرتها معه قناة الحوار في برنامج مراجعات.

رحم الله شيخنا الجليل ابا أيمن، ورفع مقامه في عليين، وأثابه أجر الصابرين المحتسبين ، وجمعه بسيده وحبيبه سيد المرسلين ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء ، وحسن أولئك رفيقا.

إنا لله وإنا إليه راجعون.





التالي
ضعف الإنسان وتَبَدُّل أحواله
السابق
الاتحاد يعزي في وفاة الداعية والمفكر الإسلامي والمراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا الأستاذ عصام العطار

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع