البحث

التفاصيل

اليوم العالمي للمرأة بين قيم الغرب وموقفه من المرأة الفلسطينية

الرابط المختصر :

اليوم العالمي للمرأة بين قيم الغرب وموقفه من المرأة الفلسطينية

الكاتب: وصفي عاشور أبو زيد

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

اعتاد العالم أن يقيم يوما عالميا للمرأة في الثامن مارس (آذار) من كل عام، وبعض الدول كالصين وكوبا وروسيا تمنح المرأة إجازة في هذا اليوم من عملها، تقديرا لإنجازاتها في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وقد أقيم أول احتفال بيوم المرأة والذي أطلق عليه (اليوم الوطني للمرأة) في 28 فبراير 1909 في مدينة نيويورك، ونظمه الحزب الاشتراكي الأميركي بناء على اقتراح من الناشطة "تيريزا مالكيل"؛ حيث ظهرت ادعاءات بأن هذا اليوم كان إحياء لذكرى احتجاج العاملات في مصانع الملابس في نيويورك في 8 مارس (آذار) 1857، لكن الباحثين أنكروا هذه الإدعاءات، وقالوا إنها تهدف إلى فصل يوم المرأة العالمي عن أصله الاشتراكي.

ومن العجيب أن الحزب الاشتراكي الذي يقيم هذه الفعالية هو الحزب الذي حكم الناس بالحديد والنار، في الصين مثلا وروسيا، وصدروا هذا الحكم لبلادنا العربية في مصر في العهد الناصري، وفي العراق في العهد الصدامي، وفي ليبيا في العهد القذافي، ورأينا كيف كانت هذه الديكتاتوريات تحكم على الرجال والنساء سواء بسواء، إذا تكلم أحد بما ينتقد السلطة أو يعارضها.

في هذا اليوم العالمي للمرأة الذي أطلقه الغرب والشرق الاشتراكيان بمؤسساته الحقوقية، نجده يدافع عن العري والتبرج وحرية المرأة في التصرف بجسدها، والزواج المثلي والشذوذ، وتقوم قيامة هذا الغرب إذا تعرضت أي امرأة غير مسلمة في أي مكان في العالم لأي أذى أو أي مساس بحرية جسدها أو عوراتها المكشوفة، المغلظة منها وغير المغلظة.

أقامت هذه المؤسسات الدنيا ولم تقعدها على مسائل جزئية، على سبيل المثال مسألة "الختان" التي رأت هذه المؤسسات الممولة غربيا أن هذا اعتداء على جسد المرأة، وانتهاك لحرمتها، وتعد على كيانها الخاص وخصوصيتها، لكن هذا "الغرب" المجرم لا ينبس ببنت شفة أمام يجري من قتل بالجملة لنساء المسلمين في كل مكان.

 

وقد أقام هذا الغرب مؤسسات وهيئات للمرأة والمطالبة بحقوقها، والسعي لمصلحتها كما يراها هذا "الغرب"، وأنشأ لها الدساتير والقوانين، وكتب المواثيق المتعلقة بها وبالطفل.

وقد رأينا كم أقامت هذه المؤسسات الدنيا ولم تقعدها على مسائل جزئية، على سبيل المثال مسألة "الختان" التي رأت هذه المؤسسات الممولة غربيا أن هذا اعتداء على جسد المرأة، وانتهاك لحرمتها، وتعد على كيانها الخاص وخصوصيتها، لكن هذا "الغرب" المجرم لا ينبس ببنت شفة أمام يجري من قتل بالجملة لنساء المسلمين في كل مكان، أو اغتصابهم في عدد وافر من دول المسلمين عبر العقود القريبة الماضية على الأقل؛ فلا تسمع لهم أي كلمة، أو ترى لهم أي موقف حين تُغتصب امرأة مسلمة أو تقتل بغير ذنب في أي مكان في العالم.

ولقد كشفت البوسنة والهرسك ونساؤها اللائي اغتصبن في مطالع التسعينيات من القرن العشرين، عورة هذا الغرب، وتناقض قيمه الزائفة؛ حيث لم نسمع من أي مؤسسة أو هيئة من هذه الهيئات المشبوهة أي استنكار لهذه الجرائم والاعتداءات الوحشية على المرأة.

كشفت فلسطين وغزة الأبية عورة هذا العالم الغربي بمؤسساته المتحيزة لغير المسلمات والتي تقوم بالتمييز ضد المسلمات، كما كشفت عورة الغرب وهبوط قيمه، وسقوط مشروعه الفكري والسياسي المتهاوي قيميا والساقط أخلاقيا.

كما كشفت المعتقلات السرية ومعكسرات الاعتقال للأويغور من قبل السلطات الصينية "الشيوعية" عوار هذه الحكومات التي تعطي للمرأة إجازة رسمية في اليوم العالمي للمرأة تقديرا لها، لكنها تقوم باغتصاب نساء تركستان الشرقية من الأويغور حين يتعارض ذلك مع أهوائهم وأنظمتهم.

ولقد كشف ما يجري الآن في السودان العورة ذاتها؛ حيث إن قوات الدعم السريع، وعصابات البلطجية من المرتزقة اغتصبت من النساء ما لا يحصى، وأصبحت هؤلاء النساء حوامل اليوم، دون نكير من هذا العالم الغربي الزائف، الذي لا يدافع إلا عن مصالحه الخاصة، ونسائه اللائي يعجبنه، أما نساء المسلمين فلا كرامة لهن، ولا حقوق لهن!

وأما الفضيحة الكبرى لهذا الغرب المتناقض، والساقط قيميا وأخلاقيا؛ فهو ما يجري لنساء فلسطين، وأطفال فلسطين خلال أكثر من 150 يوما من معركة طوفان الأقصى التي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023م. لقد كشفت فلسطين وغزة الأبية عورة هذا العالم الغربي بمؤسساته المتحيزة لغير المسلمات والتي تقوم بالتمييز ضد المسلمات، كما كشفت عورة الغرب وهبوط قيمه، وسقوط مشروعه الفكري والسياسي المتهاوي قيميا والساقط أخلاقيا.

إن العالم الغربي، ومؤسسات حقوق المرأة والطفل لا نسمع لها صوتا، ولو حتى على طريق الحياء والاستحياء ينكر هذه الجرائم الإبادية الجماعية، ولا يتحرك لتهجير المرأة الفلسطينية من بيتها ولا تجويعها، ولا تنكر أن تجرجر المرأة على الأرض وهي مرابطة في المسجد الأقصى من قبل قوات الشرطة الصهيونية، بل نجد دولا كبرى بل الدولة الكبرى "أميركا" تقدم الدعم اللازم، والمساعدات اللازمة، والعدد والعتاد، والطائرات والأغذية والأدوية، ويقوم الرئيس الأميركي ووزير خارجيته بالزيارات اللازمة والداعمة لهذا الكيان للقيام بجرائمه والاستمرار فيها.

هذا الغرب عداؤه لنا سافر، وقتاله لنا ظاهر، وسعيه لمحونا من الوجود تاريخي، وهو ما يدعونا إلى الوعي بحقيقة هذا الغرب.

أما الطفل الفلسطيني فحدث ولا حرج، فهاهم نراهم على الشاشات يموتون جوعا، وتتحول أجسادهم بعد أن كانوا أقمارا مشرقة إلى هياكل عظمية يلتصق الجلد فيها على العظم، ثم يسلمون الأرواح إلى بارئها، في ظل صمت مريب ومنكر من هذه الأنظمة التي تتشدق بحقوق النساء، والمؤسسات التي تأسست لرعاية حقوق المرأة وحفظ حقوق الطفل.

إننا أمام هذا الهزل، بل هذا التآمر والعدوان السافر على القيم والأخلاق التي تجسدت في القتل الجماعي والتهجير الجماعي والتجويع للجماعي لا سيما للنساء والأطفال لا نملك إلا أن نعود لعقيدتنا، ونعتز بشريعتنا التي تدخل الناس النار في هرة يحبسونها، وتدخلهم الجنة في كلب يسقونه، أما هذا الغرب فعداؤه لنا سافر، وقتاله لنا ظاهر، وسعيه لمحونا من الوجود تاريخي، وهو ما يدعونا إلى الوعي بحقيقة هذا الغرب، والتفقه فيما عندنا من مصادر الوحي الشريف التي علمت الدينا قرونا من الزمان كيف تكون القيم، وكيف تكون الأخلاق.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.





التالي
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو للتبرعات في رمضان لدعم أطفال ونساء غزة
السابق
أفغانستان على وشْك تحقيق نهضة تنموية شاملة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع