البحث

التفاصيل

ابتلاء الزلزال وكيفية التعامل معه ...

الرابط المختصر :

خاطرة

ابتلاء الزلزال  وكيفية التعامل معه ...

 بقلم: أ. محمد يتيم

الأبتلاء بالخير والابتلاء بالشر ...اختبار وتمحيص

 

قال تعالى :" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"

البلاء والامتحان  سنة من سنن الله في خلقه .. الأبتلاء بالشر والابتلاء بالخير

والابتلاء اختبار وتمحيص...  اختبار بالنعم واختبار  بالشدائد والأزمات والأمراض والزلازل والفيضانات وغير ذلك من أقدار الله الكونية .. ثم ابتلاء الناس بالنأس  وتسلط بعضهم على بعض حتى أن بعض المفسرين ذهبوا إلى تفسير قوله تعالى :"

لْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ ٱنظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلْايَٰاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ

ما مفاده أن  البلاء النازل هو جور الحكام ..و من تحت الأرجل هو الثورات من العامة  " وأن يلبسكم شيعا. ويذيق بعضكم بأس بعض " هي الفتن والصراعات داخل المجتمع الواحد ومكوناته .... )

الابتلاء  هو تمحيص يعقبه جزاء من رب العالمين حسب العمل والتعامل معه .. اما الابتلاء بالشدة  أو   الأبتلاء بالرخاء والنعم ...

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونبلوكم ) ، يقول : نبتليكم بالشر والخير فتنة ، بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية والهدى والضلال . .

وقوله : ( وإلينا ترجعون ) أي : فنجازيكم بأعمالكم ...

والله تعالى يتصرف في ملكه كيف يشاء وهو رحيم بعباده .. وقد لا يظهر لبادي الرأي الحكمة من الآبتلاء بالشدة ولا بالرخاء  ولكن صاحب الميزان الايماني يدرك أن وراء كل بلاء بالخير أو بلاء  بالضر حكمة ..

.

حكم وراء بلاء الزلزال

 

ولعل أول الحكم هي تذكير الإنسان أنه مخلوق ضعيف أمام قضائه وأقداره وأن الله هو المتصرف الأول في ملكه مشيئته  وأن هذا التصرف منزه عن العبث أو مجرد من الحكمة ..

القضية الثانية وهي أن ما ذكرناه

 لا يتعارض مع مدافعة الأقدار واتخاذ الأسباب من أجل ذلك كما روي عن عمر ابن الخطاب في نازلة طاعون الشام مما يدل على

فقهه في قضية الإيمان بالقضاء والقدر.

تلك القضية التي زلت فيها أقدام، وارتكست فيها أفهام، وتخبطت فيها طوائف، وطاشت فيها عن الصواب عقول.

فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي عنهما أن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خرج إلى الشام حتى إذا كان بِسَرْغٍ، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، فاستشار عمر من معه من المهاجرين والأنصار فاختلفوا، فقال: بعضهم خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رَسُول اللَّهِ ﷺ ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. ثم دعا مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فلم يختلف عليه منهم رجلان؛ فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء،

فنادى عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في الناس: إنَّي مُصَبِّحٌ على ظَهْرٍ، فأَصْبحُوا عليه، قال أبو عبيدة ابن الجراحِ: أفِراراً من قَدَر الله؟  .. فدل ذلك على أن اتخاذ الأسباب لا يتنافى مع الإيمان بالقدر بل هو جزء لا يتجزأ منه

 

مظاهر وأمثلة لدفع قدر الزلزال

 

ومن مدافعة أقدار الزلازل في زمننا هذا  إتقان العلوم ذات الصلة بحركات الأرض وبمسار الزلازل.( علوم الزلازل ).. واستباقها من خلال تجنب البناء في الأماكن المعرضة لها أو من  حيث نوعية البنايات المقاومة لها  في الأماكن التي تقع ضمن خريطتها ... وقد رأينا كيف تعايشت دولة مثل اليابان  مع أقدار الزلازل من خلال نمط الأبنية وردود أفعال المواطنين عند تحرك الأرض  ووضع أنظمة التدخل السريع الإنقاد عند وقوعها وعدم التمكن من التنبؤ بها ...

ومن هذا الباب أيضا  اتخاذ الأسباب للتعامل مع مخلفاتها وآثارها النفسية والاجتماعية والعمرانية ...  وفي عدد من الدول المتقدمة خطط واستراتيجيات وفرق للطوارئ مدربة على التعامل مع الزلازل وآليات وأدوات وكلاب مدربة وأنظمة للطوارئ وهلم جرا

وهذه كلها من القدر الذي ندافع به القدر

وهي أمثلة  يمكن ان نصنع على مثالها ونسير على نهجها..

ويمكن أن نضيف عليها في مجتمعاتها التي لا تزال تعيش  وتتعايش  عدد من الآفات الاجتماعية   تأمين المجتمع من النصابين الذين يستغلون مثل هذه المآسي ووضع أنظمة لجمع التبرعات مأمونة ومضبوطة  خاصة بعد أن تبين مقدار الشعور التضامني بين المواطنين المغاربة والمواطنين في العالم الإسلامي بل ومواطني عدد من دول العالم ..

فضلا عن التطوع بالخبرة أو المهنة أو غير ذلك من أنواع العطاء التي ليس من اللازم أن بكون مساعدة عينية أو مالية ... فالكلمة الطيبة صدقة... والمواساة  ... وتعزية أقارب الضحايا كل ذلك صدقة...

ويفترض أن يكون المسلمون في العالم نموذجا متقدما في الإغاثة والنجدة والحضور في الكوارث الطبيعية التي تحل بالمسلمين وغير المسلمين...

  ولائحة المقترحات تتسع لأكثر مما ذكرنا وإنما التقينا بالإشارة  ..

 وهو عمل يمكن أن يقع بطريقة تضامنية بين الدول الإسلامية وبالتعاون مع دول ومنظمات غير إسلامية..وغير ذلك مما يمكن أن يفصل فيه مختصون ..

 

الخطاب الديني والكوارث الطبيعية

ودون شك وجب النظر أيضا في نوعية الخطاب الديني بالشكل الذي لا ينزلق إلى التألي على الله واعتبارهذا الزلزال أو ذاك عقوبة إلهية .. والأولى -والله أعلم - اعتباره اختبارا يستدعي الاستقامة التي هي مطلوبة عند النعم وعند النقم ...

 و يتعين أن يكون الخطاب الديني خطابا إيجابيا يحث على التعاون والتبرع والنجدة أي يستخث المشاعر والتصرفات الإيجابية....

 خطابا مبشرا  بما لا تزال مجتمعاتنا الإسلامية تزخر به من أخلاق الإيثار والتضحية والنجدة وقيم الوحدة  والتعاون والبذل  والإنفاق  وغيرها من المعاني والحكم التي من شأن الوقوف عندها إبراز  الخير وراء الشر الظاهر والحكمة أو الحكم الخفية وراء الأبتلاء ...

والواقع أن زلزال المغرب  وفيضانات ليبيا كشفت عن مجالات وآليات ووسائل للتضامن الواسع ... ويتعين استثمار هذه الأحداث التي هي في ظاهرها نقمة لاستخراج أكبر قدر من الدروس واكتشاف ما يختفي وراءها من إمكانيات تحولها إذا حسن استثمارها إلى  نعم

فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ

 والله تعالى وأعلم ..





البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع