البحث

التفاصيل

العوامل السياسية في تشكيل المذهب الحنفي وتكوينه في القرن الثاني الهجري (دراسة تحليلية)

الرابط المختصر :

العوامل السياسية في تشكيل المذهب الحنفي وتكوينه في القرن الثاني الهجري (دراسة تحليلية)

The Political Factors of the 2nd Century AH in The Formation of The Hanafi School “Analytic Research”

İslam Hukuku حقوق الإسلام /

بقلم: محمد أمين الإيغوري

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

ملخص:

قد تكوّن المذهب الحنفي كأقدم المذاهب الفقهية، وتلقى قبوله وانتشاره بين المسلمين. وتشكّله كمذهب فقهي يعود إلى أوائل القرن الثاني الهجري، نسبة إلى الإمام أبو حنيفة عام 120هـ الذي صعد على كرسي الإفتاء والتدريس خلفاً لشيخه حماد بن أبي سليمان. في حين أن لم يكن هناك تفرقة بين علوم رواية الأحاديث والفتاوى والكلام الجدلي (العقيدة). وحُظي المذهب بالانتشار والقبول من قبل الأمة ومركز السلطة المستقر بيد الأمويين ثم العباسيين.

نعتقد أن هناك أسبابا سياسية لعبت دورا هاما في تشكيل المذهب في منهجية موحدة وأساليب منضبطة لكل مدرسة من مدارس الفقه آنذاك. وذلك من خلال مواجهة المذهب الحنفي للتحولات السياسية والعلمية حينها، فلما رأت السلطات السياسية مكانة هذا الصرح العلمي وتأثيره في الناس أرادت استغلاله في ضبط عامة الناس عند الاختلاف في العبادة والمعاملة، والخلافات الاجتماعية والسياسية. كما نرى محاولة السلطات السياسية تقليل خطر نشأة المعارضة بين العلماء وعامة المسلمين على السلطة، وبادرت بتولية الإمام على القضاء لاستغلال مكانته في شرعنة سلطاتها وتكتيم أفواه المعارضين في الحجة والحوار مع أنه رفض ذلك. فهذه الورقة تتناول نبذة من حياة الإمام أبي حنيفة ومكانته الفقهية وموقفه السياسي ثم تتناول العوامل السياسية في تشكيل المذهب الحنفي وأهم أسبابه في تأسيسه داخل المجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري، ثم تتناول عن العوامل السياسية الخارجية في مرحلة تأسيسيه كمذهب فقهي. وتنتهي هذه المرحلة بوفاة الإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت 204 هـ).

الكلمات المفتاحية: أبو حنيفة، المذهب الحنفي، العوامل السياسية، الفقه السياسي، القرن الثاني الهجري.

 

The Political Factors of the 2nd Century AH in The Formation of The Hanafi School “Analytic Research”

Abstract:

The Hanafi school is one of the oldest and most widely accepted schools of Islamic jurisprudence. Its origins date back to Abdullah bin Mesud, a mujtahid sahabi who grew up in the presence of the Prophet of Allah since his youth. He is someone who drank from the fiqh fountain of Faruk Omar (may Allah be pleased with him) after the Messenger of Allah and witnessed the political transformations after the period of the Four Caliphs.

The formation of the Hanafi School as a fiqh school began at the beginning of the second century, especially in 120 AH, when Imam Abu Hanifa sat on the chair of fatwa and teaching after his Sheikh, Hammad bin Abi Suleiman. Its emergence emerged as a fiqh school of fiqh for the first time, at a time when there was no separation between the sciences of Fiqh, Hadith narration, fatwa and kalam debates (akaid). It was accepted and spread on a large scale by the political powers that were accepted by the Hanafi School of the Ummah and first passed into the hands of the Umayyads and then the Abbasids. The beginning of this period was a bond between the period of the Tabins and the era of the Etba'ut-tabiins, a time of networking when the suns of ijtihad shone and jurists and istidlâl figures emerged. Their sources of knowledge were the scholarly circles of the personalities of the Companions (May Allah be pleased with them) such as Abdullah bin Mesud, Abdullah bin Omar, Enes bin Malik and others.

The second century Hijri is a starting point for laying the foundation stones of the sciences of Fiqh, Tafsir and Hadith narration and spreading them to all Islamic towns and cities. There are also the reasons for the emergence of Schools and the reasons that played a role in their emergence. There were also some political events and latent reasons that played an important role in the jurists' attempt to evaluate their fatwas instead of just giving them. The Hanafi School not only focused on and related to hadith texts, but also tried to make them work their minds. They were interested in thinking with a deeper view and conducting ijtihad on the merits of science students who were familiar with the science of fiqh by relying on the texts. Here, we can say that the person who first initiated the importance of this was Imam Abu Hanife Numan bin Sabit (80-150 هـ/699-767م), who divided fiqh into two types. One of the fiqh that he distinguished is Fiqh Akber - "Tawhid", the second is Fiqh Asger - the jurisprudence we know.

After presenting an overview of Imam Abu Hanifa's life, jurisprudence and political position, the reasons for the formation of the Hanafi school, its establishment, and its role in the second century H., then Imam Hassan bin Ziyad al-Lu'lui (d. 204). AH) will focus on the evaluation of the development and development of fiqh in the establishment phase that ends with his death.

Keywords: Abu Hanifa, Hanafi School, Political Factors, Development of Fiqh. Political Jurisprudence, 2nd Century AH.

 

المقدمة:

يعتبر المذهب الحنفي من أقدم المذاهب الفقهية تشكّلاً، وأكثرها قبولا وانتشارا بين المسلمين. وتعود أصوله إلى الصحابي المجتهد عبد الله بن مسعود، الذي حظي بتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم من صغره، ثم روى بفقه الفاروق عمر رضي الله عنهما. وتظهر نشأة تشكّله كمذهب فقهي في أوائل القرن الثاني الهجري، وتحديداً سنة 120 هـ، وذلك يوم أن جلس أبو حنيفة على كرسي الإفتاء والتدريس خلفاً لشيخه حماد بن أبي سليمان. فكان هذا العام شاهداً على نشوء أول مذهب فقهي معتمد. في حين أن لم يكن هناك تفرقة بين علوم رواية الأحاديث والفتاوى والكلام الجدلي (العقيدة). وحُظي بالانتشار والقبول من قبل الأمة ومركز السلطة المستقر بيد العباسيين أولا، ثم الأمويين.

 وكانت بداية هذه الفترة مربطاً لسلسلة بين عصر التابعين وبين عصر أتباع التابعين، والذي بزغت شموس الاجتهاد وأعلام الفقهاء والاستنباط، كالفقهاء السبعة من التابعين، مُنْهلّينَ من ينابع حلقات العلوم لأعلام الصحابة رضوان الله عليهم، كعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين. كما يعتبر القرن الثاني الهجري مقدمةً لوضع أحجار الأسس لكل من الفقه والتفسير ورواية الأحاديث، وبداية لانتشارها من العراق إلى أطراف الرقعة الإسلامية إلى الأمصار والمدن، بعد أن كانت منحصرة في المدينة ومكة والكوفة والبصرة.

كما أن لنشأة الفرق الكلامية لها أغراضاً عقديةً وطائفية أو عوامل سياسية علبت أدواراً في ظهورها، كانت هناك أسباب كامنة وعوامل سياسية لعبت دورا بارزا في تشكيل المذهب الحنفي وتكوينه؛ كبعض الظواهر السياسية والأحداث والوقائع، وظهور الفرق السياسية أو النزعات التي كانت تؤثر في الشؤون السياسية واستقرار السلطة والمجتمع لهذه الفترة. وكذلك مواقف السلاطين من دور العلماء في مواجهة الأزمات السلطوية من الداخل وتعضيد سلطتهم ومشروعيتهم بهم عند الأمة، والتحديات التي تأتي من الخارج إلى عمق المجتمع في هذا العصر.

فأول من فرّع في الفقه وخص به هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى،[1] وقد أقر له بذلك الإمام الشافعي رحمه الله تعالى "الناس كلهم عيال على أبي حنيفة في الفقه"،[2] وبنشأة الفقه كعلم مستقل عن مجمل العلوم الإسلامية في بداية القرن الثاني بادر الفقهاء وخاصة مؤسسوا المذهب الحنفي إلى تشحيذ العقول وهمم التلاميذ الملمين بالفقه في الاستنباط والاجتهاد أكثر من كونها ظواهر حروف النصوص، وذلك في منهجية موحدة وأساليب منضبطة؛ فنستطيع هنا أن نقول إن أول من بادر بأهمية هذه هو الإمام أبو حنيفة نعمان بن ثابت رضي الله عنه الذي قسم الفقه إلى نوعين، أولهما الفقه الأكبر -وهو التوحيد أو العقيدة- والثاني الفقه الأصغر وهو الفقه الذي نعرفه.

وفي حين كانت  الأمور تدور حول تداول متون الأحاديث ومناقشات التفاسير وحدود حروف النصوص؛ تتناول هذه الدراسة العوامل والأدوار التي لعبت دورا في تشكيل المذهب الحنفي كمذهب فقهي، ومبادرة الفقهاء إلى مراجعة فتاواهم حسب المنازعات السياسية والفرق المتعارضة، والعوامل التي دفعتهم إلى التعمق في فهم لب أدلة الأحكام الشرعية والاستدلال بها، وليست بمجرد وقوفهم عليها عند إصدار فتواهم. وقد تبرز هذه الدراسة دور المذهب الحنفي السياسي في القرن الثاني الهجري من خلال تناول العوامل السياسية الداخلية والخارجية في تكوينه وتشكيله، استعراضا لبعض أهم التحولات السياسية التي لعب الأحناف دورا فيها.

 

أولا: الإمام أبي حنيفة مؤسس المذهب الحنفي وفقهه السياسي

في هذا القسم، وبعد إلقاء نظرة عامة على حياة الإمام أبو حنيفة، ومكانته العلمية والفقهية ومواقفه السياسية، سنعرض لمحة موجزة عن الظروف الاجتماعية والسياسية في عصره.

  1. حياة الإمام أبي حنيفة وعلم الفقه

ولد الأمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى في عام 80هــ في مدينة الكوفة في أسرة ذات أصول فارسية على أرجح الأقوال،[3] في أيام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/685-705م). ونشأ الإمام في الكوفة وتربى بها وعاش أكثر حياته متعلما ومجادلا ومعلما. وعندما ننظر في ظروف أسرته، قد يستفاد أنهم من أهل اليسار، وكان أبوه تاجرا متدينا من أهل الثروات يحترف التجارة،[4] ولذلك توجه الإمام إلى حفظ القرآن في سنه المبكر.

وأدرك جماعة من صغار الصحابة رضوان الله عليهم، كأنس بن مالك (ت93هـ) وعامر بن الطفيل (102هـ) وعبد بن الحارث بن جزء الزبيدي (توفي سنة بضع وثمانين من الهجرةــ) وسهل بن سعد الساعدي (ت/91/88هــ). ونشأ في عهد التابعين، وتفقه وأفتى معهم،[5] بتوفيق من الله له حظي بأصحاب اجتمعوا له كأبي يوسف بن إبراهيم الأنصاري (113-182هــ)[6] المقدم في علم الأخبار والحسن بن زياد اللؤلؤي (116-204هـــ) المقدم في السؤال والتفريع وزفر بن الهزيل (110-158هـــ) المقدم في القياس ومحمد بن الحسن الشيباني (132-189هــ) المقدم في الفطنة وعلم الإعراب والنحو والحساب.[7]

وقد كانت الكوفة معقل للملل والنحل المتضاربة والأهواء –والعراق عموما-، وتعيش فيه مدنيات قديمة أخرى وقد أنشأت مدارسها قبل الإسلام، ومازالت تدرس فيها فلسفة اليونان والنصرانية تتجادل عقائد الإسلام. كما كانت في العراق حينها آراء تتضارب في السياسة وأصول العقائد وفي باديته الخوارج والشيعة؛ فرأى الإمام هذه الأجناس والآراء وابتدأ يجادل مع المجادلين ونازل بعض أصحاب هذه الأهواء بما توحي به السليقة المستقيمة. ومع ذلك تعارف الإمام على الثقافة الإسلامية التي كانت في عصره، فضلا عن حفظه القرآن ومعرفته من الحديث وقدراً من النحو والأدب والشعر. وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد وناقشها معهم بأسلوبه الذي صارت له بعد ذلك طريقة في فهم أصول الدين.

ولكنه كان مشتغلا بمهنة التجارة في الأسواق لا في حلقات العلماء إلا قليلا، حتى لاح لبعض العلماء،[8] ما فيه من ذكاء فطني وعقل علمي وقوة فكرية؛ فأوصاه بمجالسة العلماء، وأن يختلف إليهم كما يختلف إلى الأسواق. وقد لازم الإمام حمادا ثمانية عشر سنة. ومات حماد وهو في الأربعين. وقد نجد أنه يكثر رحلة الحج ويلاقي في مكة ومدينة العلماء، فلا شك في أن تكون في هذه القاءات مذاكرة علمية ومدارسة فقهية. يقول الشيخ محمد أبو زهرة: "ممن روى عنهم ومن دارسهم كانوا من الفرق الضالة؛ فلقد ثبت أنه دارس زيد بن علي زين العابدين، وجعفر الصادق من أئمة الشيعة، وعبد الله بن حسن بن حسن بن أبي محمد النفس الزكية..."،[9] وبذلك تعرّف على الفرق الكلامية والسياسية.

  1. تـأسيس المذهب الفقهي (الحنفي)

مع ملازمة الإمام أستاذه حماد بن أبي سليمان ولقياه من الفقهاء والمحدثين وتتبعه التابعين أينما كانوا وأينما ثقفوا وخصوصا التابعين الذين اتصلوا بالصحابة كانوا ممتازين في الفقه والاجتهاد، وأصبح يملك ملكة فقهية واجتهادية، وحتى قوله: "تلقيت فقه عمر وفقه علي وفقه عبد الله بن مسعود وفقه عبد الله بن عباس عن أصحابهم"، يثبت الحجة المذكورة أعلاه.[10] يصادف بداية بروز المذهب الحنفي لحين ورث أبو حنيفة –رحمه الله تعالى- منصة التدريس والتلقين والإفتاء من أستاذه حماد بن أبي سليمان (ت120هــ)[11] وهو عن إبراهيم النخعي (ت96هـ)[12] وعلقمة (ت61) والأسود (ت75هــ) ومسروق (ت62هــ)، وهم أخذوا العلم عن فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.[13] وبهذه السلسلة العلمية زاع صيته إلى الأطراف وتلقى القبول من عامة المسلمين.

 

  1. سياسة عصر الإمام أبي حنيفة

كانت فترة بني أمية قد واجهت العديد من المشاكل من الداخل والخارج، بدءاً من أيام عبد الملك بن مروان بن الحكم عام 65هـــ. ومع ذلك، سيطر الأمويون على نصف العالم أو أكثر. كان الحكام الآخرون يخافون من الدولة الأموية وكان عليهم أن يأخذوها في الاعتبار عند اتخاذ خطواتهم. إذ إنها كانت قوية بما يكفي للسيطرة على العالم كله لولا بعض الانتفاضات من الداخل. هذه الثورات هي سبب عدم تمكن الأمويين من السيطرة على العالم.[14] كما كانت هناك انتفاضات عديدة ضد مروان. نتيجة لانتفاضة ابن الزبير بدعوى الخلافة، بقيت منطقة الحجاز تحت سيطرته تسع سنوات، ويمكن أن تنتهي سيطرته بصراع طويل وموت آلاف الناس.[15]

فلما رأت السلطات السياسية حينئذ مكانته العلمية وتأثيره في الناس أرادت ضبط السلطة السياسية وإخماد المعارضة باستغلال مكانته لشرعنة سلطاتها وتكتيم أفواه المعارضين في الحجة والحوار. كما استغلت منه في محاولة توحيد عامة الناس في العبادة والمعاملة، وتقليل خطر اختلاف علماء المسلمين وعامتهم. ومن ثم بدأت تبرز شخصيات الإمام الأعظم وأتباعه في الساحات السياسية، كما في حلقات وكراسي العلم. وشرع بجرأته في تشغيل العقل السليم في الاجتهاد والاستنباط، وبمواقفه الجادة مع السلطات الظالمة من جهة، والحوار والمناظرة مع بعض الفرق المنحرفة من جهة أخرى.

وقد نلاحظ معايشة الإمام وأصحابه مع المجتمع: كان يُتابِعُ أخبار الحياة السياسيّة في عصره، ولم يتغافل عمّا يحدث في مختلف بلاد العالم الإسلاميّ، وهذا ما ينبغي على العالم في كلّ زمان، ألاّ ينعزلَ عن المجتمع من حولِهِ بحجّة اشتغاله بعلوم الشرع، فرعايتُهُ لحقوق الأمّة أولى من رعايتِهِ لحقّ علمِهِ عليه، أو لحقّ طلاب العلم عليه.

فإنّ الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه قد عاصر لفترة طويلة الحكمَ الأمويّ كما عاصرَ فترةً من الحكم العبّاسيّ، وقد كان فيما بينهما جملةٌ من الظواهر السياسيّة والانقلابات والثورات أدّت إلى تغيّر واجهة الحكمِ من الدولة الأمويّة إلى الدولة العبّاسيّة. وشهدَ الإمامُ خلال تلك المدّة تغيّرات عدد من الأمراء والدول والخلفاء. وكانت له معهم مواقف تستحقّ أن تُدرس لنتعرّف من خلالها إلى الفقه السياسي عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى. فاقتفاءاً بالإمام أبي حنيفة قد ظهرت أنشطة أصحابه في السلطة والعمل بولاية القضاء، كأبي يوسف وغيره.

 

ثانيا: العوامل السياسية الداخلية في تشكيل المذب الحنفي

قد يمكننا النظر في عوامل التشكيل أو التشكّل الداخلية للمذهب الحنفي من عدة نواحي، ولا يمكن الحصر فيها، فنقول: من ضمن هذه العوامل:

      1. الصراعات الداخلية وكثرة المعارضة السياسية: قد يرى المتأمّل فيما سجله المؤرّخون حول تاريخ تلك الفترة من الزمان أنّ الأحداث السياسية لم تكن صغيرة الحجم، بل كثرت الوقائع واختلاف الأجناس بين القوميات حديث العهد بالإسلام. كما يمكن أن نرى، أن كانت السنوات الأولى للإمام أبي حنيفة رحمه الله فترة انتفاضات وصراعات. وبهذه الصراعات قد تراجعت الفتوحات الإسلامية والإنجازات العسكرية التي توسعت إلى بلاد الأتراك من الشرق وإلى بلاد البزنطيين والأرمن من الشمال وحتى إلى بلاد الأندلس من جهة الغرب. وقد التحمت الفوضى السياسية داخل المجتمع بين أطراف القوى المتنازعة للسلطة وبين الفرق العقدية التي تحاول تفكيك شمل الدولة ووحدة الأمة المتشكلة لفترة مدتها حوالي مئاة سنة، ابتداءاً من نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.
  1. العامل الاجتماعي السياسي في المجتمع: ساد المجتمع انتشار البدع في الاعتقاد التي بدأت من أواخر عهد الخلفاء الراشدين، حتى حملت بعض السلطات الناس على هذه البدع في تلك الفترة. كما قال ابن عبد الحكم: "سمعت الشافعيّ يقول: لمّا وليَ يزيد بن الوليد دعا الناس إلى القدر وحملهم عليه"،[16] فدعت الحاجة الاجتماعية إلى فكرة جامعة تجمع أغلبية الأمة؛ فظهور شخصيات الفقهاء بمواقفهم السياسية والاجتماعية في السلطة والمجتمع أدى إلى تشكّل المذهب الحنفي كاتجاه فقهي، لتنزيل النصوص الشرعية على الواقع السياسي والاجتماعي بدون إعاقة أو ميوعة، وانفتاح سليم عبر التقارب بين الفرق المتخاصمة بأسلوب الجدل والمناظرات المتجاديلين والرأي والاجتهاد للمستفتين. كما جدد ظهور المذهب الحنفي المراجعة إلى الأدلة التي تستند  عليها كل فرقة أو طائفة لشرعنة تحركاتها السياسية.[17] واستقل توجه هذا التأسيس العلمي كفرع مستقل من العلوم الإسلامية ويختلف عما سبقه من التفرقة الطوائفية والتفرقة الدينية. ومن ثم يتبين أمامنا خصائص المذهب في حل مشاكل نازلة في واقع تلك الفترة الحساسة سياسيا، وليكسب شعبيته بين السلطات والرعايا، فمجملها كالتالي:
  1. المرونة والسلاسة في فهم النصوص الشرعية، على عكس أغلب فقهاء أهل الحجاز.
  2. الانفتاح للمناظرة والحوار العلمي نحو الفرق الضالة والمضلة، كالخوارج والمرجئة والجهمية والقدرية وغيرها.
  3. كونه مذهب جماعة ودولة، وليس مذهب فرد: إذ كان له نفوذ قوي في دوائر الدولة.
  4. تدريب الإمام أصحابه على استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، ونضجت مهارة وعقول أصحابه المجتهدين في الأحكام ومشروعيتهم من قبل الناس.
  5. شدة المنافسة بين المدرستين، الرأي والاجتهاد التي يمثلها أهل العراق، والجمهور التي يمثلها أهل الحجاز.
  1. استقامة المواقف السياسية للإمام أبي حنيفة كممثل لمذهبه في شؤون الدولة السياسة: ربما هذا من أكثر ما نجده في روايات كتب التاريخ والسير التي سجلت مواقف الإمام أبي حنيفة السياسية. قد يمكن لنا تلخيص أهم ما يتعلق بموضوعنا  هنا، وينبغي وقوفنا عندها بالفقرة الآتية:
  1. إنّ الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى لم تظهر مواقفهُ المضادة للأمويّين بشكلٍ جليٍّ إلا بعد ثورةِ زيدِ بن عليٍّ رضي الله عنه، كما ذكر في الفقرة السابقة. وفي هذا إشارةٌ إلى أنّه لم يكن منهجه أن يُنازِعَ الأمرَ أهلَهُ، لكن حين يصيرُ الخيارُ متاحًا بين اثنين، حاكم ظالمٍ لا يُنكَرُ ظلمُهُ، وحاكمٍ يُرجى عدلُهُ فإنّ العاقل الموفّق من يميل إلى العادل وينأى بنفسِه عن مناصرة الظالم أو الوقوف في صفّه. كما جاء "أنّ الإمام زيد بن عليٍّ أرسل إلى الإمام أبي حنيفة يدعوه إلى مساندته".[18]
  2. ورع الإمام من توافد أبواب السلاطين، بمعنى أنه امتنع رحمه الله تعالى من وظيفة الختّام (صاحب الخاتم) لابن هبيرة (ت 107هــ) والي الكوفة في زمن بني أمية أبرز شخصياته وأشهر صيته إلى الآفاق؛[19] حيث قال: "لو أراد أن أعد له أبواب واسط  لم أدخل في ذلك، فكبف هو يريد مني أن يكتب دم رجل يضرب عنقه وأختم أنا على الكتاب؟، فوالله لا أدخل في ذلك أبداً.."، ثم هروبه إلى مكة حتى تصير السلطة إلى العباسيين.[20]
  3. توتر السلطة الأموية ربما يعد من الفرص السانحة لشجاعة الإمام أبي حنيفة في النقد وإيصال فكرته إلى نطاق أوسع، لأنّ الحكّام والأمراء لم يستطيعوا إيذاء أبي حنيفة مع اشتهار دعمِهِ للثورات، وذلك بسبب تضعضع الدولةِ الأمويّة في ذلك الوقت. كما يقول الدكتور أيمن الجمال: "ولعلّ أبا حنيفة رضي الله عنه بنى موقفَهُ في دعم الإمام زيدٍ على هذا الأمر، فلمّا رآه من تخلخل أمور الحكم أيّد حاكمًا جديدًا يضبطُ أمورَ البلاد والعباد".[21]
  4. إلمام الإمام أبي حنيفة وأصحابه بالفقه والاستدلال بالنصوص الشرعية قد تجنبهم من وقوعهم في الفتن ومنازعات السلطة السياسية إلا بعد الحسم السياسي وضبط السلطة للحكام؛ فهذا مما أدى إلى إتقان فتاواهم السياسية وإقناع الخلق الكثير في المجتمع؛ إذ أنّ الإمام أبا حنيفة لم يشترك فعلاً بـــ(حمل السيف) في القتال مع المقاتلين، وكان أصحابه يشغل باستنباط الأحكام وتلقين الدروس وترويج الحلقات العلمية والاستفتائية للعموم، كما اشتغل الإمام محمد بإنجاز مهمات التدوين لتلك الفتاوى والاستنتاجات العلمية.[22]
  5. حنكة الإمام أبي حنيفة وأصحابه في سياسات متقلبة للسلطة الأموية والعباسية وريادتهم في منصب القضاء والخطابة: وهذا أيضاً لعب دورا هاما في تشكل المذهب الحنفي. كما نرى مواقف الإمام ضد الظلم والطغيان تارة، وبدعوته إلى تماسك المجتمع بطاعة ولي الأمر تارة أخرى. على سبيل المثال: لم يكن موقفه معارضاً صريحا للعابسيين كعموم مؤسسي المذهب، رغم جرأة الإمام أبي حنيفة في نقد أصحاب السلطة العباسيين وموقفه مع أبي جعفر المنصور برفضه منصب القضاء له؛ فإنه ارتاح في هذا العهد بالنسبة إلى العهد الأموي. حتى نرى من خلال خطبه العلنية ودروسه تحريضا في الطاعة وملازمة الجماعة. فأما محنته من قبل المنصور ربما كان لانحياده للثورات المعارضة من عائلة علي رضي الله عنه وعدم ملائمته لسياسة أبي جعفر المنصور المترصدة لمواقف العلماء.
  1. نفوذ المذهب الحنفي السياسي في السلطة السياسية؛ قد برز هذا كعامل أساسي في تمكن وترسخ المذهب الحنفي في المجتمع ودوائر السلطة الحاكمة، وذلك من خلال إقدام الإمام أبي حنيفة إلى الفتاوى السياسية عبر منابر الحلقات العلمية والخطب الجمعة. كما لا يفوتنا تولية الخلفاء العباسيين الثلاثة؛ المهدي والهادي والرشيد الإمام أبي يوسف على منصب القضاء ومشاركته في السلطة التشريعية للدولة؛ ومن ثم أصبح إصدار فتوى منه أو حكم قضائي له كلسان الدولة الذي يصل إلى جميع أطرافها. بالإضافة إلى نفوذه وسلطاته في تولية قضاة على الولايات وعلى كل أقطار الخلافة العباسية. كما يقال في هذا المقام إن الإمام أبا يوسف "لا يولي إلا أصحابه المنتسبين إلى مذهبه".[23]
  2. نشاط التدوين الفقهي: وهو سبب رئيسي آخر لتمكين المذهب الحنفي في التأسيس وانتشاره إلى الآفاق، لأن فقه أبي حنيفة وأصحابه بدأ يتجمع من زمانهم المبكر، واستمر هذا النشاط بشكل متزايد فيما بعد.[24] وإن لم تبد هنا لهذا النشاط علاقة بالسياسة قد نفترض أن هذه الأنشطة التدوينية كانت أيضاً تحت إشراف ساسة الدولة وسياسة السلطة الحاكمة، وخاصة تأليف الإمام أبي يوسف كتابه "الخراج" وتأليف الإمام محمد كتابه "السير" تصدّر بالسياسة بمعناها التام.

 

ثالثا: العوامل السياسية الخارجية في تشكيل المذهب الحنفي

من البديهي أن كانت هناك عوامل خاجية أخرى عكست في تشكيل المذهب الحنفي أو أثرت في تطوره من الخارج،كما لعبت العوامل السياسية في تشكل المذهب الحنفي في داخل الدولة. ومن خلال الاستقراء في الموضوع قد نستطيع إيجاز الكلام هنا كالآتي:

  1. إن اتساع الرقعة الإسلامية وكثرة الثقافات الدخيلة: كما أشرنا في الفقرة السابقة إلى أن الفتوحات الإسلامية قد توسعت شرقا وغربا في بداية عصر الإمام أبي حنيفة ثم تراجعت بسبب الأزمات السياسية في مركز السلطة السياسية، وهذا أدى إلى تذبذبات في مجتمعات لحقت برقعة الجغرافية الإسلامية، من ناحية السياسية والعقيدة وفهم النصوص الشرعية. فشهد المذهب الحنفي على مداخلات أجنبية كاللغات من الفارسية والتركية وغيرها، أو الثقافات الدخيلة من العادات والعرف التي أعطى له أوائل المذهب مكانة واعتبارات لم يكن مثلها سابقاً.[25] كما من الممكن إقامة علاقة بين فهم الحنفية في فهمهم للإجماع السكوتي ودليل العرف العام، من الممكن أيضاً رؤية آثار العادات العراقية في تشكيل المصادر الفقهية للمذهب، وخاصة آثار عرف وعادات ما وراء النهر في فترة المشايخ. على سبيل المثال، عندهم مفهوم "تخصيص العام بالعرف، وتوزيع العادات والعامة، وفهمهم للولاية في الزواج، ورؤية العقل كتجمع اجتماعي مهني، وجعلهم ذوي الأرحام ورثةً، وسلوكهم بمساواة أكثر في تثبيت حقوق الأقليات، فهي حقائق اجتماعية ونتيجة لما أعطوهم من أهمية لعادات المنطقة.[26] وقد أثرت هذه المداخلة في استدلالاتهم بالإجماع والقياس والقول الصحابي، خاصة في اهتمامهم وترسيخهم للاستحسان كأحد أدلة الأحكام.
  2. أنشطة حركة الترجمة وحركة الاتصال بالفلسفة في عهد أبي جعفر المنصور (754-775): قد تعتبر هذه الحركة من أبرز العوامل السياسية التي أثرت في تشكيل المذهب الحنفي.كما أن اكتسبت حركة الترجمة التي بدأت ببعض الجهود الشخصية في العصر الأموي سرعة بالغة في عهد المنصور، وهو الخليفة العباسي الثاني الذي أسس بغداد، هو أيضًا المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، بمعنى أنه هو الذي وضع أسس السياسات التي ضمنت بقاء الخلافة العباسية على المدى الطويل، فجمع الكُتّاب العرب باللغة العربية لجعل مدينة بغداد الجديدة مركزا للعلم، وشرعت حركة الترجمة في أخذ مكانتها من هذه السياسة. وقد حظي المذهب بشكل عام مما حظيت به المعرفة الإسلامية، والانفتاح إلى مناقشة الحضارة اليونانية وتطويره للتدوين الفقهي بشكل كبير كبقية العلوم الإسلامية.
  3. تأثير الديانات الأخرى في تشكيل المذهب الحنفي: كما ذكرناه في مقدمة البحث إن العراق كانت منبعاً للنحل والملل، وظلت حينها ذات الثقافات المتعددة التي أثرت في نضج الحوار العلمي بين الإمام أبي حنيفة وممثلي الفرق الأخرى؛ كانت هذه العوامل تؤثر في تشكيل المذهب الحنفي، كتأثير الديانات الأخرى من الخارج. وقد أثرت إثارة اليهودية والمسيحية والمجوسية لتساؤلات عقدية وأخرى في الأحكام الشرعية، وإغارتها لعقول العامة نحو الشكوك في أحكام أهل الذمة والخراج والعلاقات الدولية في عمق المجتمع أدى إلى مقاومة علمية وبقوة ناعمة تستند على مبادئ الشريعة. كما لا يستبعد اتصال أصول الطائفة الشيعية ذات طابع سياسي على الأرجح بالمجوسية الفارسية،[27] وهي التي أتعبت السلطات السياسية والعلماء والفقهاء في ذلك العصر. فمبادرة أئمة الأحناف على رأسها الإمام أبو حنيفة بالرد المناسب في جميع المسائل المطروحة أو الافتراضية؛ قد أضفى في شرعنة المذهب الحنفي المجتمع ذاك. كذلك تبرز حقيقة هذا التاثير في تسامح الأحناف في العلاقات مع الأديان في ماوراء النهر وبلاد الأتراك التي تتمسك حينها بديانة البوذية والمانية. ويُعد هذا أيضا مما أبرز القدرة العلمية والاجتهادية ومهارتهم وإتقانهم في استنباط الأحكام الشرعية لمؤسسي المذهب الحنفي بالنسبة على غرار ممثلي تلك الديانات المغايرة للإسلام في القرن الثاني الهجري.

 

الخلاصة:

من الطبيعي، تزامن ظهور المذهب الحنفي مع التحولات السياسية والعلمية عندما ورث الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- عن حماد بن سليمان منصة التربية والتلقين والفتوى. لذلك سرعان ما نال قبول المسلمين وانتشر نفوذه وشهرته. وعندما رأت السلطات السياسية مكانة وتأثير هذه الهيئة العلمية الجديدة على الناس، أرادوا الاستفادة منها للسيطرة على عامة الناس عندما يتعلق الأمر بالاختلافات في العبادة والمعاملة والاختلافات الاجتماعية والسياسية. كما لا يتم تجاهل أن هدف السلطات السياسية من هذا هو تقليل مخاطر معارضة السلطة من جهة العلماء وعامة السكان المسلمين. كأحد الأمثلة على ذلك: هو محاولة االخليفة أبي جعفر المنصور تعيين الإمام أبي حنيفة في منصب قاضي، رغم رفضه، لاستخدام منصبه لإضفاء الشرعية على سلطته، وإسكات أفواه المعارضين في النقاش والحوار. بعد ذلك الرفض العنيف منه بدأت شخصيته -رحمه الله- في الصدارة في مجالات العلم، ومن جهة جرأته على ممارسة العقل في الاجتهاد والاستدلال، ومن جهة أخرى جادته في المواقف والحوارات مع السلطات الظالمة. من ناحية أخرى، نرى أن النقاشات والمناقشات مع بعض الجماعات المنحرفة وروادها أعطت فرصة في اشتهار المذهب الحنفي وتأثيرًا في ازدياد نفوذه بين النخبة العلمية وعامة المسلمين؛ فبدأوا يبرزون على مستويات عليا في المجتمع والسياسة. وهذه عوامل سياسية داخلية في تكوين وتشكيل المذهب الحنفي.

وأما إذا نظرنا في تشكيلها من الجانب الخارجي، قد نستخلص مما سبق في السطور السابقة أن تراجع إنجازات الفتوحات الإسلامية بسبب الأزمات السياسية في مركز السلطة السياسية، بعد أن توسعت شرقا وغربا في بداية عصر الإمام أبي حنيفة؛ أدى إلى تذبذبات في مجتمعات جديدة، من ناحية السياسية والعقيدة وفهم النصوص الشرعية. وإنجاز المذهب الحنفي في مواجهته على مداخلات أجنبية كاللغات من الفارسية والتركية وغيرها، أو الثقافات الدخيلة من العادات والعرف التي أعطى له أوائل المذهب مكانة واعتبارات لم يكن مثلها سابقاً. وكل هذه العوامل لعبت أدواراً هامة في تأسيسه وتكوينه وتمكينه في القرن الثاني الهجري.

من الجدير ذكره أن تعتبر حركة الترجمة من أبرز العوامل السياسية التي أثرت في تشكيل المذهب الحنفي؛ بمعنى أن السلطة العباسية وضعتها في ضمن أسس السياسات التي ضمنت بقاء الخلافة العباسية على المدى الطويل، لتطوير مستويات المجتمع الإسلامي وإنهاض الدولة ازدهاراً علمياً؛ جمع الكُتّابَ العربَ باللغة العربية. وقد حظي المذهب الحنفي نصيبه مما حظيت به المعرفة الإسلامية، والانفتاح إلى مناقشة الحضارة اليونانية وتطور التدوين الفقهي بشكل كبير كبقية العلوم الإسلامية.

كما يلاحظ أيضا التأثير البالغ لتحريض الديانات الأخرى الناس كاليهودية والمسيحية والمجوسية على تساؤلات عقدية فلسفية تشكك الناس في إيمانهم وأخرى في الأحكام الشرعية، كأحكام أهل الذمة والخراج والعلاقات الدولية في عمق المجتمع؛ أدى إلى مقاومة علمية وبقوة ناعمة تستند على مبادئ الشريعة؛ فبادرت في هذه المهمة جبهة الأئمة الأحناف، على رأسها الإمام أبو حنيفة، بالرد المناسب في جميع المسائل المطروحة أو الافتراضية. إضافة إلى ذلك تسامح الأحناف في العلاقات مع الأديان في ماوراء النهر وبلاد الأتراك التي تتمسك حينها بديانة البوذية والمانية من الدوافع التي لعبت دورا هاما في تمكين المذهب الحنفي، وتلقي الاعتراف والقبول للقدرة العلمية والاجتهادية والمهارة والإتقان في استنباط الأحكام الشرعية لمؤسسي المذهب الحنفي، وحتى بالنسبة إلى ممثلي تلك الديانات المغايرة للإسلام في القرن الثاني الهجري.

 

المصادر والمراجع:

 ابن الحنائي، علاء الدين علي بن أمر الله الحميدي. طبقات الحنفية، المجلد الأول،  

  أبو زهرة محمد. أبو حنيفة؛ حياته وعصره- آراؤه وفقهه، ط الثانية. دار الفكر العربي، القاهرة، مصر. 1948م.

  الأصبهانيّ، أبو الفرج عليّ بن الحسين بن محمّد بن أحمد بن الهيثم المروانيّ القرشيّ، مقاتل الطالبيّين، تحقيق: السيّد أحمد صقر، ط1، دار المعرفة، بيروت.

الجمال، محمد أيمن، الإمام أبو حنبفة وفقه الثورة، المجلس الإسلامي السوري، 2020. تاريخ الحصول: 3ديسمبر 2021. موقع الويب: https://sy-sic.com/?p=7860

الدينوري، أبو الحسن. مناقب الإمام أبي حنيفة، تحقيق شعبان كوتوك. مجلة تحقيق مخطوطات العلوم الإسلامية والنشر، العدد 3/2، ديسمبر 2020.

  الذهبي، أبي عبد الله، شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبيّ، (ت 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيّات المشاهير والأعلام، بتحقيق: عمر عبد السلام التدمريّ، دار الكتاب العربيّ، ط2،  (1413 هـ – 1993 م).

  الذهبي، مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، تحقيق الكوثري والأفغاني،

الشافعي، الحسن. المدخل إلى دراسة علم الكلام، ط4، مكتبة وهبة، القاهرة، 2013.

 القاسمي مجاهد الإسلام، دراسات فقهية وعلمية، شخصية أبي حنيفة رحمه الله تعالى، دون ط، مجمع الفقه الإسلامي الهند. دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان. دون تاريخ.

محمد إبراهيم أحمد على؛ علي بن محمد بن عبد العزيز الحنبلي. المذهب عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، تحقيق محمد حامد النصر، مجلة الوعي الإسلامي الكويتي، الإصدار الخامس والأربعون. 2017م/ 1438هــــ.

 الموفق. مناقب أبي حنيفة وصاحبيه، طبعة لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدرآباد بمطابع مكتبة إمداديو ملتان باكستان.

النقيب، أحمد بن محمد نصر الدين. المذهب الحنفي؛ مراحله وطبقاته، ضوابطه ومصطلحاته، خصائصه ومؤلفاته، مكتبة الرشد، الرياض. 

Türkçe Kaynaklar المراجع التركية:

Bardakoğlu, Ali. Hanefi Mezhebi, TDV İslâm Ansiklopedisi, 16. İstanbul 1997.

Kütük, Şaban. “Ebu’l-Hasen ed-Dîneverî’nin Menâkıbu Ebî Hanîfe Adlı Eserinin Tahkik ve Değerlendirmesi Tahkik İslami İlimler Araştırma ve Neşir Dergisi 3/2 (Aralık/December 2020): 1-110. Dumlupınar Üniversitesi, İslami İlimler Fakültesi (ÖYP/İstanbul Üniversitesi İlahiyat Fakültesi).

Maksut Çetin. İmam Ebû Hanîfe’nin Siyaset Anlayışı Ve Siyasî Tutumu. IBAD Sosyal Bilimler Dergisi, (Özel Sayı), 2019.

 

[1]  ابن الحنائي، الحميدي، علاء الدين علي بن أمر الله. طبقات الحنفية، المجلد الأول، ص160-161.

[2] ينظر الذهبي، مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، تحقيق الكوثري والأفغاني، ص 17-18. مناقب أبي حنيفة للموفق ص284.

[3] ينظر أبو زهرة محمد. أبو حنيفة؛ حياته وعصره- آراؤه وفقهه، ص 15، ط الثانية. دار الفكر العربي، القاهرة، مصر. 1948م.

[4] ينظر المرجع السابق.

[5] هناك آراء في عدم لقياه بالصحابة مع أنه عاش في زمنهم، ولكن الثابت بروايات عديدة موثقة أنه لقي جماعة منهم وروى عنهم. لمزيد من التفاصيل ينظر مناقب أبي حنيفة وصاحبيه، طبعة لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدرآباد بمطابع مكتبة إمداديو ملتان باكستان، ص708. وفي طبقات الحنفية، ص162.

[6] الإمام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري قاضي القضاة، ولد سنة 113هــ، حدث عن هشام بن عروة ويحيى بن شعيد الأنصاري وعطاء بن السائب والأعمش وأبي حنيفة ولزمه وتفقه به وهو أنبل تلامذته وأعلمهم. وأخذ عنه العلم محمد بن الحسن ومعلى بن منصور وهلال الرأي وابن سماعة وغيرهم. وحدث عنه يحيى بن معين أحمد حنبل وغيرهم. ومن مؤلفاته الخراج والمبسوط وأدب القاصي. توفي سنة 182هــ.

[7] طبقات الحنفية، ج1، ص160.

[8] يذكر أن الإمام الشعبي -ويقال إنه حماد بن أبي سليمان- أوصى لأبي حنيفة أن يتجه إلى العلم والاشتغال به دون أن يغرق في التجارة، فقبل نصيحته بقدر اكتفائه لاستقامة حياته. لمزيذ من التفاصيل ينظر كتاب المذهب الحنفي؛ مراحله وطبقاته، ضوابطه ومصطلحاته، خصائصه ومؤلفاته، لأحمد بن محمد نصر الدين النقيب، ص 48. مكتبة الرشد، الرياض. وينظر الكتاب أبو حنيفة؛ حياته وعصره- آراؤه وفقهه، ص 21-23.

[9] ينظر الكتاب أبو حنيفة؛ حياته وعصره- آراؤه وفقهه، ص 27.

[10] ينظر القاسمي مجاهذ الإسلام، دراسات فقهية وعلمية، شخصية أبي حنيفة رحمه الله تعالى، ص 203، دون ط، مجمع الفقه الإسلاميو الهند. دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان. دون تاريخ.

[11] حماد بن أبي سليمان الكوفي أحد أئمة الفقهاء،

[12] الإمام الحافظ أبو عمران إبراهيم بن يزيد قيس، أحد أعلام الحديث والفقه. روى عن كبار التابعين، وكان مفتي الكوفة.

[13] طبقات الحنفية، ص171.

[14] Maksut Çetin. İmam Ebû Hanîfe’nin Siyaset Anlayışı Ve Siyasî Tutumu. IBAD Sosyal Bilimler Dergisi, (Özel Sayı), s30, 2019.

[15] A.g.e. s31.

[16] الذهبي، أبي عبد الله، شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبيّ، (ت 748 هـ)، تاريخ الإسلام ووفيّات المشاهير والأعلام، بتحقيق: عمر عبد السلام التدمريّ، ج8، ص312، دار الكتاب العربيّ، ط2،  (1413 هـ – 1993 م).

[17] اكتفيت بالإشارة إلى أحسن ما جاء في هذا المقام هو ما ذكره الإمام محمد أبو زهرة في كتابة  أبو حنيفة؛ حياته وعصره- آراؤه وفقهه، ص 407-410.

[18] إلى مزيد من التفاصيل ينظر أبي زهرة، أبو حنيفة؛ حياته وعصره، آراءه وفقهه، ص32.

[19] لمزيد من التفاصيل في الموضوعل ينظر الدينوري، أبو الحسن. مناقب الإمام أبي حنيفة، تحقيق شعبان كوتوك. مجلة تحقيق مخطوطات العلوم الإسلامية والنشر، ج1، ص110، العدد 3/2، ديسمبر 2020.

Kütük, Şaban. “Ebu’l-Hasen ed-Dîneverî’nin Menâkıbu Ebî Hanîfe Adlı Eserinin Tahkik ve Değerlendirmesi Tahkik İslami İlimler Araştırma ve Neşir Dergisi 3/2 (Aralık/December 2020): 1-110. Dumlupınar Üniversitesi, İslami İlimler Fakültesi (ÖYP/İstanbul Üniversitesi İlahiyat Fakültesi), [email protected]. Geliş Tarihi: 01.11.2020 Kabul Tarihi: 22.12.2020 DOI: 10.5281/zenodo.4394244 ORCID: orcid.org/ 0000-0002-6467-2282.

[20] ولتفاصيل القصة ينظر المرجع السابق.

[21] الجمال، محمد أيمن، الإمام أبو حنبفة وفقه الثورة، المجلس الإسلامي السوري، 2020. تاريخ الحصول: 3ديسمبر 2021.

موقع الويب: https://sy-sic.com/?p=7860

[22] أبو الفرج الأصبهانيّ، عليّ بن الحسين بن محمّد بن أحمد بن الهيثم المروانيّ القرشيّ (ت 356 هـ)، مقاتل الطالبيّين، تحقيق: السيّد أحمد صقر، ص141، ط1، دار المعرفة، بيروت.

[23] محمد إبراهيم أحمد على؛ علي بن محمد بن عبد العزيز الحنبلي. المذهب عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، تحقيق محمد حامد النصر، مجلة الوعي الإسلامي الكويتي، الإصدار الخامس والأربعون، ص26. 2017م/ 1438هــــ.

[24] Bardakoğlu, Ali. Hanefi Mezhebi, TDV İslâm Ansiklopedisi, 16. cildinde, s 21-27. İstanbul 1997.

[25] Bardakoğlu, Ali. Hanefi Mezhebi, TDV İslâm Ansiklopedisi, 16. cildinde, s 21-27. İstanbul 1997.

[26] المرجع السابق.

[27] كما يقول الدكتور الحسن الشافعي: "وإن ادعى معظم المتكلمين في نشأة الفرق السياسية والكلامية في أنها النتاج الخالص للمسلمين، ومما لا فيه أن المتكلمين في وسط فلسفي وأمام هجمات فلسفية من أديان مختلفة...". لمزيذ من التفاصل ينظر الشافعي، الحسن. المدخل إلى دراسة علم الكلام، ط4، ص50، مكتبة وهبة، القاهرة، 2013.





التالي
الخِطبة والعقد والزّواج بين العيدين.. هل هي مكروهة؟ وما أصلُ التّشاؤم بها؟
السابق
الفرق بين الفقير والمسكين وبين أولي القربى وذوي القربى وبين صدقة الإسلام وصدقة الإيمان

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع