البحث

التفاصيل

مواعظ العلماء في العـيد وفي آخر رمضان

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم

مواعظ العلماء في العـيد وفي آخر رمضان.

بقـلم: الدكتور أحمد الإدريسي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

كان السلف رضي الله عنهم، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، يقولون لبعضهم بعد انتهاء رمضان: من المحروم في هذا الشهر؟ المحروم من حرم الخير حقاً، المحروم من حرم دوام الطاعة حقا.

كما كانوا يفقهون حقيقة العيد، ويجمعون بين فرحة العيد والإحسان إلى العبيد، والخوف من يوم الوعيد.

أولا: من أقوال العلماء آخر رمضان.

قال بعض السلف: أدركت أقواماً لا يزيد دخول رمضان من أعمالهم شيئاً، ولا ينقص خروجه من أعمالهم شيئا.

- روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزي. [1]

- عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُنَادِي: مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا، وَأَيُّهَا الْمَرْحُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَك[2]

- قال كعبٌ: مَن صامَ رمضانَ وهو يُحدِّثُ نفسَهُ أنَّه إن أفطر رمضانَ أن لا يعصِي اللَّهَ، دخلَ الجنةَ بغيرِ مسألةٍ ولا حساب، ومَن صامَ رمضانَ وهو يحدِّثُ نفسَه أنَّه إذا أفطر عصَى ربَّه، فصيامُه عليه مردود[3].

- قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم[4].

- قال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا[5].

- قال الحسن البصري: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون[6].

- كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُول: يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصُومُوا فِي حَرِّ الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ لِعَظَائِمِ الأُمُو[7].

- عن مفضل بن لاحق أبي بشر، قال: سمعت عدي بن أرطاة، يخطب بعد انقضاء شهر رمضان فيقول: كأن كبدًا لم تظمأ، وكأن عينًا لم تسهر، فقد ذهب الظمأ وأبقى الأجر، فيا ليت شعري! من المقبول منا فنهنئه؟! ومن المردود منا فنعزيه؟! فأما أنت أيها المقبول, فهنيئًا هنيئًا، وأما أنت أيها المردود, فجبر الله مصيبتك. قال: ثم يبكي ويبكي[8].

ثانيا: من أقوال العلماء في العيد.

- خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم[9].

- قال أبو مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْحَرَمِ يَوْمَ الْعِيدِ: لَيْسَ الْعِيدُ لِمَنْ غُـرِفَ لَهُ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ غُفِرَ لَه.

- يقول ابن الجوزي: ليس العيد ثوبا يجر الخيلاء جره، ولا تناول مطعم بكف شره لا يؤمن شره، إنما العيد لبس توبة عاص تائب يسر بقدوم قلب غائب[10].

- يقول ابن رجب:

ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعاته تزيد،

ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب،

في ليلة العيد تفرق خلق العتق والمغفرة على العبيد؛ فمن ناله منها شيء فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد[11].

- قال الحسن البصري: كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد[12].

- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: خَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا غَضُّ الْبَصَر[13].

- رجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت[14].

- كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا؟[15].

- في يوم من أيام العيد جاءت بناتُ عمر بن عبد العزيز، وقُلْنَ له: يا أمير المؤمنين، العيد غدًا، وليس عندنا ثياب جديدة نَلْبَسُها، فنظر إليهنَّ، وقال: يا بناتي، ليس العيد من لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد.

- واشتهر عن سيدنا أنس بن مالك رحمه الله، أنه كان يقول: للمؤمن خمسة أعياد:

كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد.

اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد.

واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد.

واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد.

واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد.

ونختم بموعظة بالغة لسيدنا علي كرم الله وجهه:

دخل رجل على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه يوم عيد الفطر، فوجده يتناول خبزًا فيه خشونة، فقال: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخبز خشن! فقال عليّ: “اليوم عيد مَن قُبِلَ صيامه وقيامه، عيد من غفر ذنبه وشكر سعيه وقبل عمله، اليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد.

وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو لنا عيد".

 

[1] – لطائف المعارف. الصفحة: 210.

[2] – المزوري. مختصر قيام الليل للمروزي. الصفحة: 213.

[3] – لطائف المعارف. الصفحة: 136-137.

[4] – لطائف المعارف. الصفحة: 148.

[5] – لطائف المعارف. الصفحة: 148.

[6] – لطائف المعارف. الصفحة: 210.

[7] – تاريخ دمشق. ج:6 / ص:214.

[8] – الصيام للفريابي، ص95.

[9] – لطائف المعارف. الصفحة: 209.

[10] – ابن الجوزي. التبصرة، الصفحة: 114.

[11] – لطائف المعارف. الصفحة: 277.

[12] – لطائف المعارف. الصفحة: 278.

[13] – ابن الجوزي. التبصرة. الصفحة: 106.

[14] – ابن الجوزي. التبصرة. الصفحة: 106.

- [15] – لطائف المعارف، الصفحة: 209.





التالي
تركيا.. افتتاح جامع السلطان أحمد في إسطنبول بعد عملية ترميم استمرت لسنوات
السابق
تجدد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بعد انتهاء فترة المنع ومجلس الأوقاف الإسلامية يدين هذه الانتهاكات العدوانية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع