البحث

التفاصيل

د. أحمد زايد يكتب: معالم التجديد في فكر الإمام القرضاوي «1»

د. أحمد زايد يكتب: معالم التجديد في فكر الإمام القرضاوي «1»

 

أولا: المقدمة

أحب في المقدمة أن أذكر عدة أمور:

1- أنني منذ ربع قرن تقريبا أو يزيد أتابع ما يصدر عن الإمام القرضاوي مكتوبا أو مسموعا أو مرئيا، وفي صباي كنا في المعهد الأزهري نردد في طابور الصباح اليومي أنشودة ظللنا نرددها ثلاثة عشر عاما من الصف الأول الابتدائي إلى الصفوف الإعدادية إلى أن وصلنا إلى مرحلة الشباب في الثانوية الأزهرية،

هذه الأنشودة هي إحدى قصائد الإمام مطلعها:

مسلمون مسلمون مسلمون  **  حيث كان الحق والعدل نكون

نرتضي الموت ونأبى أن نهون  **  في سبيل الله ما أحلى المنون

 نرددها يوميا، وكانت هي نشيد الصباح أو نشيد الطابور الصباحي، كنا نرددها كطلاب المعهد الأزهري بقريتنا «أويش الحجر» التي يعرفها الإمام جيدا،

وله منها أصدقاء منهم الراحل المرحوم بإذن الله فضيلة الشيخ عبد اللطيف زايد،

ومنهم شيخ معهدنا الذي قرر هذا النشيد طيلة توليه مشيخة المعهد فضيلة الشيخ الراحل عبد الغني النجولي الجمل رحمه الله.

كنا نردد القصيدة ولا نعلم قائلها حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية والتحقت بركب العمل الإسلامي واستمعنا إلى نفس «مسلمون» بصوت المنشد الإسلامي «أبو مازن» وعرفنا بعد ذلك أن تلك القصيدة لفضيلة شيخنا العلامة القرضاوي، ثم تتابعت القراءة والاطلاع على فكر الشيخ وإنتاجه العلمي الغزير،

ومرت سنوات نتابع فيها البرامج الفضائية للشيخ ونقرأ ما يكتبه من بحوث في المؤتمرات ثم تابعت بكثافة موقع «إسلام أون لاين» وجهد الشيخ فيه وكنا نقتني كل كتب الشيخ ونطالعها بل ندرسها في حلقات ومعاهد علمية ودورات في مصر وخارجها،

وقد أكرمني الله تعالى بزيارة شيخنا الحبيب في منزله بالقاهرة مرة سنة 2000، والأخرى 2001م ولا زلت أتابع كل ما يكتبه الشيخ إلى يومنا هذا.

جانب التجديد

2- الحديث عن جانب التجديد حديث واسع الجنبات وقد كتبت فيه بحوث جامعية، فقد كتب الشيخ إبراهيم التركاوي رسالته في الماجستير بعنوان؛ «جهود التجديد الديني عند الشيخ يوسف القرضاوي دراسة تحليلة مقارنة» سنة 2006م في كلية دار العلوم، ولم يتسن لي الاطلاع عليها، وقد قرأت فهرسها المنشور على الإنترنت.

وكتبت مقالات هنا وهناك في الموضوع لكن يبقى الموضوع بكرا يحتاج إلى بحث ودراسة ليستفيد أهل العلم من جوانب التجديد في فكر الإمام – رحمه الله-.

 3- كتبت البحث معتمدا -بعد الله تعالى- على أمرين هما: طول المعايشة الزمنية لإنتاج الشيخ والخبرة في استيعاب منهجه، ثم الكتب والمصنفات التي دونها الشيخ ببراعة.

 وفي ختام المقدمة أتضرع إلى ربي سبحانه أن يتقبل مني هذه السطور

وأن ينفع بها كل ناظر فيها وأن يرحم شيخنا. والحمد لله رب العالمين.

ثانياً: أضواء على حديث التجديد

نص الحديث:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ﷺ «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».

تخريج الحديث:

الحديث صحيح رواه أبو داوود في سننه عن أبي هريرة وإسناده كما قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود الشهري

أخبرنا ابن وهب الحيرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله ﷺ.

وأخرجه كذلك الحاكم والطبراني في الأوسط وغيرهم من طريق ابن وهب ـوهو عبد الله- به، وصححه الحافظ العراقي، وقواه الحافظ ابن حجر، وصححه كذلك الشيخ الألباني في السلسلة لصحيحة). انظر حديث رقم: 1874 في صحيح الجامع.

فالحديث صحيح والحمد لله وله تخريجات أخرى لم أرد التطويل بسردها.

مكانة الحديث وأهميته للأمة:

حديث صحيح شريف يبعث الأمل في النفوس، وقد قال الشيخ القرضاوي عن مكانة هذا الحديث وأهميته: هذا الحديث الذي رواه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، والطبراني في الأوسط:

يمد الأمة بشعاع قوي من الأمل، يطرد عنها ظلام اليأس،

ويبعث فيها الروح والأمل في أن الله لا يدعها طويلاً لأنياب الضعف حتى تفترسها، ولا لدخان الهمود حتى يخنقها،

ولا لمخالب التمزق حتى تقتلعها، بل يهيئ لها بين قرن وآخر، من يجمعها من شتات، ويحييها من موات، ويوقظها من سبات،

وهذا بعض معاني التجديد، فهو يجددها بالدين ويجدد بها الدين.

المراد بالتجديد:

والتجديد كما قال العلماء ليس إتيانا بدين جديد، وإنما هو عمل مشرعي له صور منها:

1- العودة بالإسلام والمسلمين إلى المنابع الصافية (القرآن والسنة) بعيدا عن كلام البشر وتشقيقاتهم التي أبعدتهم عن صفاء المصدر ونقاء النبع الرباني.

2- تجديد الفهم للدين بتصحيح مفاهيمه وبيان صورته الصحيحة.

3- تجديد العمل به من خلال بيان محاسنه وفضائله وخصائصه ودفع الناس إلى التمسك بأحكامه.

4- إزالة ما علق به من شبهات وما لحق به من بدع وخرافات.

5- تجديد تنزيله في الوقائع المتجددة والحوادث المتغيرة بحيث يظل الدين مهيمنا وحاكما على الحياة.

6- نشر العلم وتعليمه وتقليل الجهل وتحجيمه.

7- محاربة البدعة وأهلها ونصرة السنة وأهلها.

ومعلوم أن المجدد

قد يكون فردا وقد يكون جماعة أو مؤسسة أو حركة، ومجالات التجديد أو مساحاته كثيرة شاملة، بحيث يكون في جوانب الإسلام المتعددة فهناك تجديد في جانب العقيدة،

وفي جانب التعبد الروحانية، وفي مجالات المعاملة والاقتصاد، وجوانب العمل والاتباع، ومجال الدعوة والحركة والجهاد،

إنه تجديد شامل للدين الشامل، بحيث يظل الدين محفوظا قائما حيا لا تخفى حججه ولا يزول سلطانه إلى يوم الدين.

فما نصيب شيخنا القرضاوي من هذا الحديث الشريف، هذا ما سيظهر جليا إن شاء الله تعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* د. أحمد زايد؛ أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين





التالي
شاهد.. كيف تضامنت جماهير نادي سلتيك الأسكتلندي مع فلسطين ونابلس؟؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع