البحث

التفاصيل

(الصلاة قوة روحية نفسية)

الرابط المختصر :

(الصلاة قوة روحية نفسية)

 

اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي   (رحمه الله)

الحلقة: السادسة

 

والصلاة الحقيقية التي يريدها الإسلام تمد المؤمن بقوة روحية ونفسية تُعينه على مواجهة متاعب الحياة ومصائب الدنيا، ولذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153]. {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:45-46].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة.

في الصلاة يفضي المؤمن إلى ربه بذات نفسه، ويشكو إليه من بثه وحزنه، ويستفتح باب رحمته، ويستنزل الغيث من عنده: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى:38].

في الصلاة يشعر المؤمن بالسكينة والرضا والطمأنينة، إنه يبدأ صلاته بالتكبير، فيحس أنَّ الله أكبر من كل ما يروعه في هذه الدنيا، ويقرأ فاتحة الكتاب فتغذي لديه الشعور بنعمة الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [االفاتحة:2-3]. وتغذي لديه الشعور بعظمة الله وعدله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [االفاتحة:4]. والشعور بالحاجة إلى الصلة بالله وإلى عونه سبحانه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [االفاتحة:5]، وتغذِّي لديه الشعور بالحاجة إلى هداية الله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [االفاتحة:6].

فلا عجب أن تمد الصلاة المؤمن بحيوية هائلة، وقوة نفسية فيَّاضة، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ الأثر النفسي للصلاة، وما يسبقها من وضوء وذكر لله تعالى، وكيف يستقبل المؤمن المصلي يومه ويبدأ حياته الجديدة كل صباح، فقال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد، يضرب مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلَّت عقدة، فإن توضَّأ، انحلَّت عقدة، فإن صلَّى، انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيِّبَ النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".

وفي عصرنا الحديث نرى من علماء الكون والحياة طبيبًا شهيرًا مثل الدكتور «ألكسيس كاريل» يبيِّن لنا في بحث له مدى هذه القوة التي يكتسبها المؤمن من الصلاة، فيقول:

«لعلَّ الصلاة هي أعظم طاقة مولِّدة للنشاط عرفت إلى يومنا هذا، وقد رأيت بوصفي طبيبًا كثيرًا من المرضى فشلت العقاقير في علاجهم، فلما رفع الطبيب يديه عجزًا وتسليمًا. تدخَّلت الصلاة فأبرأتهم من عللهم. إنَّ الصلاة كمعدن «الراديوم» مصدر للإشعاع، ومولد ذاتي للنشاط. وبالصلاة يسعى الناس إلى استزادة نشاطهم المحدود، حين يخاطبون القوة التي لا يفنى نشاطها.

إننا نربط أنفسنا حين نصلِّي بالقوة العظمى التي تهيمن على الكون، ونسألها ضارعين أن تمنحنا قبسًا نستعين به على معاناة الحياة، بل إن الضراعة وحدها كفيلة بأن تزيد قوتنا ونشاطنا، ولن نجد أحدًا ضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج».

هذا في الصلاة عمومًا، فكيف بصلاة الإسلام؟

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص17-19





التالي
البقعة المباركة في القرآن الكريم

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع