البحث

التفاصيل

إجراءات التحكير المتبعة في المحاكم الشرعية

الرابط المختصر :

إجراءات التحكير المتبعة في المحاكم الشرعية

بقلم: الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي – عضو الاتحاد

 

 تجري المحكمة الشرعية عقد التحكير على النحو التالي:-

1- يتحقق المتولي من توفر شروط التحكير.

2- يتم تحديد مساحة الأرض المحكرة بموجب مخطط مساحة ينظّم من قبل مساح مرخص حسب الأصول.

3- يقوم المتولي أو من ينتدبهم من نظار الوقف بالكشف على الأرض المراد تحكيرها للتأكد من تحقق شروط صحة التحكير ، ثم يقوم بعد ذلك بتدقيق مخطط المساحة وبتقدير أجرة المثل (الإجارة المعجلة والإجارة الطويلة) مستعيناً بخبراء ثقات أمناء عدول.

4- يرفع المتولي الأمر للقاضي الشرعي لاستصدار الإذن الشرعي بالتحكير.

5- يقوم القاضي الشرعي بالكشف على الأرض المراد تحكيرها للتحقق من شروط صحة التحكير مع خبراء ينتخبهم من الرجال الثقات الأمناء العدول من غير الذين استعان بهم المتولي، حيث يدقق مساحة الأرض وحدودها ويستعين بهم للتحقق من صحة تقدير أجرة المثل (الأجرة المعجلة والأجرة الطويلة) ، فإذا توفرت المسوغات الشرعية يصدر القاضي الشرعي إذناً للمتولي بالتحكير.

6- يستوفي المتولي أجرة المثل (المعجلة والطويلة) ثم يسجل التحكير في دائرة المساحة والأراضي.

7- على المتولي والنظار جباية الأجرة الطويلة سنوياً عن الأرض المحكرة ، فإذا لم يدفع المحتكر الأجرة السنوية مدة ثلاث سنوات متتالية يرفع المتولي الأمر للقاضي الشرعي لفسخ عقد التحكير حسب الفقرة 1 من  المادة 1259 من القانون المدني الأردني المؤقت.

عقد الإجارتين

الأصل أن عقارات الوقف تؤجر بمعرفة المتولي بطريقة الإجارة الواحدة، وتصرف أجرتها على مصالح الوقف وترميم ما خرب منه وتجديد ما تهدم أو ما احترق. ولكن للضرورة استحدثت عقود الإجارتين على المباني والأراضي الموقوفة ، فإذا خرب عقار من المسقفات الموقوفة وتحقق عدم وجود غلة بالوقف تفي بعمارته ، ولم يظهر راغب يستأجره بإجارة واحدة لعمارته من أجرته ، وتبيَّن أن إيجاره بالإجارتين أنفع لجهة الوقف ، فبناء على طلب من المتولي وبعد تحقق مصلحة الوقف يصدر القاضي الشرعي الإذن بتحويل عقار الوقف إلى الإجارتين، فيؤخذ من طالب استئجاره نقداً مبلغ يقارب قيمة عقار الوقف المؤجر باسم إجارة معجلة ، ويرتب مبلغ آخر جزئي يؤخذ من المستأجر كل سنة باسم إجارة مؤجلة. ولهذا سميت باسم الإجارتين..

ويصرف المتولي المبلغ الأول على عمارة الوقف ، ثم يسلم الوقف للمستأجر بالإجارتين ، ويكون تخصيص المبلغ السنوي باسم الإجارة المؤجلة وأخذها من المستأجر كل سنة بهدف إعلام الناس بأن المأجور عائد للوقف فلا مجال للادعاء بملكيته ، ولأن دفعها سنوياً يمثل تجديداً للعقد ، فلا سبيل للاعتراض بعدم صحة الإجارة لأنها طويلة.

وحفظاً لهذين الهدفين فإذا امتنع المستأجر عن دفع الإجارة المؤجلة مدة طويلة فللمتولي فسخ العقد، وإذا توفي  المتصرف في عقار الوقف بالإجارتين وليس له وارث انحل العقد وعاد العقار إلى الوقف وهو عامر ، ويؤجر بإجارة واحدة لا بالإجارتين لأن عقد الإجارتين إنما تقرر للضرورة لعمارة الوقف وما جاز لضرورة يزول بزوالها.

 وطبيعة عقد الإجارتين أنه خاص قائم بذاته ، فلا هو من قبيل حق الانتفاع ولا هو عقد إيجار ، لأن صاحب الحق بالإجارتين يتمتع بالعقار بصورة دائمة ما دام يدفع الأجرة السنوية الدائمة،،

ويعتبر عقد الإجارتين من أنواع الحكر المستحدثة التي يمكن أن يطبق في إعادة إعمار قلب مدينة الخليل - البلدة القديمة - بشكل يحقق مصلحة الوقف والموقوف عليهم والمحتكر نظراً لأحكامه المرنة.

المنفعة

التحكير تصرف مشروع بالوقف كما ذكرتُ في المقال السابق يؤمّن لكل مسلم فرصة الانتفاع بالوقف ، وكنتُ قد أشرتُ في مقال الاستحقاق في وقف تميم قبل عدة أسابيع إلى أن جميع أبناء محافظة الخليل ينتفعون بكل مناطق ومكونات وقف سيدنا تميم الداري رضي الله عنه ويستغلونها استثماراً وزراعة وسكناً وإسكاناً وتأجيراً واستئجاراً ، وعلى ذلك يكون حق المنفعة من أبرز آثار عقد التحكير، نصت المادة 349 من قانون العدل والإنصاف على [ حق الانتفاع هو استبقاء عينٍ من أعيان الوقف لمدة معينة بعقد بأجرة معجلة أو مؤجلة].

وتكون مصاريف حفظ وصيانة عين الوقف هذه على من امتلك حق المنفعة، نصت المادة 350 من قانون العدل والإنصاف على [المصاريف اللازمة لمؤنة العين المنتفع بها وحفظها تلزم صاحب المنفعة]، ولكن إذا قصَّر مالك حق المنفعة هذا في صيانة عين الوقف فإنه يتحمل ذلك بسبب تفريطه فيها ، نصت المادة 356 من قانون العدل والإنصاف على [إذا تلف المأجور أو نقصت قيمته بتعدي المستأجر أو تقصيره في المحافظة أو بفعله فعلاً فوق المعتاد فعليه الضمان وجبر النقصان]،،

ويجوز لمالك حق المنفعة هذا تمليكها لغيره، نصت المادة 352 من قانون العدل والإنصاف على [يجوز لمستأجر دار الوقف للسكنى أن يُسكن غيره وإذا رمَّها أو أصلح منها شيئاً جاز له أن يؤجرها بأكثر، ويجوز له أن يعمل فيها كل ما لا يوجب الضرر والوهن للبناء، وتكون الزيادة له لا للوقف].  

خلو الانتفاع

وهو متعارف عليه عند التجار، وله معان متعددة وإطلاقات مختلفة: فيطلق على استحقاق المستأجر وضع يده على الحانوت بحيث لا ينزع منه ما دام يدفع أجرة مثله في مقابل الدراهم التي دفعها لمالك الحانوت أو متولي الوقف. ويطلق أيضاً على هذه الدراهم ذاتها. ويطلق على ما يحدثه المستأجر في الحانوت بإذن المتولي من البناء ونحوه مما يوضع على وجه القرار والبقاء فيه. ويطلق أيضاً على ما يحدثه المستأجر بالحانوت لما يتصل به لا على وجه القرار والبقاء كرفوف البضاعة، نصت المادة 360 من قانون العدل والإنصاف على [الخلو هو عبارة عن القدمية ووضع اليد لمجرد الانتفاع في مقابل قدر يدفع للواقف أو للناظر للاستعانة به على عمارة الوقف].

ولا يملك المتولي إخراج الشاغل (الساكن) الذي يثبت له الخلو ولا إجارتها لغيره ، جاء في المادة رقم 361 من قانون العدل والإنصاف [لا يصح بيع الخلو ، ويثبت لصاحب الخلو حق القرار وله الفراغ عن حق خلوه لمن أحب واختار بإذن الناظر ويقوم الثاني مقامه ، ولا يؤجر لغيره بشرط أن يدفع أجر المثل بالغاً ما بلغ ، والخلو اسم معنوي يملكه دافع الدراهم من المنفعة التي دفع الدراهم في مقابلتها لمصلحة الوقف ، ويكون لصاحب الخلو حق القرار في خلوه ويورث الخلو عن صاحبه وله التصرف ما دام يدفع أجر المثل فلا يستأجر العقار لغيره وإن أُخْرج فله طلب الخلو الذي دفعه]

خامساً: المزارعة والمساقاة في أرض الوقف

من صور التصرف المشروعة بالوقف المزارعة والمساقاة، فالمزارعة هي دفع الأرض إلى من يزرعها ببعض الخارج منها، أما المساقاة فهي دفع الشجر وما في معناه إلى من يتعهده بجزء من الثمر. نصت المادة رقم 185 من قانون العدل والإنصاف على [يجوز للقيّم أن يدفع أرض الوقف مزارعة مدة معلومة لمن يريد أن يزرعها بالبذر على أن يكون له حصة وللوقف حصة مما يخرج منها ، وله أن يدفع الأرض والبذر مزارعة بالحصة إن لم يكن فيه محاباة بأكثر مما يتعاطى الناس فيه، ولا بأس بأن تكون مدة المزارعة أكثر من ثلاث سنين إن كان ذلك أنفع وأصلح للوقف]، ونصت المادة 292 من قانون العدل والإنصاف على [تصح المزارعة في أرض الوقف بحصة من المحصول الخارج من الزراعة بشرط بيان مدة المزارعة ومقدار الحصة ومراعاة سائر شروط المزارعة] ، ونصت المادة 310 من قانون العدل والإنصاف على [ تصح المساقاة بشروطها على أشجار الوقف ونخيله وكرومه بحصة معلومة للمساقي].

وتنطبق أحكام المزارعة والمساقاة العامة في الأراضي العادية على المزارعة والمساقاة في أرض الوقف من حيث الصحة والفساد والشروط والأحكام، لكن يشترط فيهما أن يكونا أنفع للوقف من زراعة المتولي الأرض بنفسه أو إيجارها، وألاَّ يكون فيهما غبن فاحش على الوقف.

ولا تنفسخ المزارعة والمساقاة في أرض الوقف بموت القيم أو الناظر لأنه لم يعقدها لنفسه وإنما عقدها للوقف، ولكنهما ينفسخان بموت المزارع والمساقي. نصت المادة رقم 324 من كتاب العدل والإنصاف [إذا مات القيم فلا تبطل المساقاة ولا المزارعة وإن مات المزارع أو المساقي بطلت].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي: عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقاضي قضاة فلسطين، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً، وأمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس





التالي
ندوة عُلمائية بعنوان "بلاد الشام الكبرى.. المصير الواحد والمستقبل الواعد"
السابق
الاتحاد ينعي العالم الفلكي الكويتي الدكتور صالح محمد صالح العجيري رحمه الله

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع