البحث

التفاصيل

بيان بشأن الرسوم الدانمركية الجديدة

بيان

بشأن الرسوم الدانمركية الجديدة

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،

فمنذ نحو عام نشرت إحدى الصحف الدانمركية رسومًا كاريكاتيرية مسيئة إلى المسلمين، ساخرة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد تصدى الاتحاد يومئذ لهذه المسألة بالتعاون مع مختلف المنظمات الرسمية والشعبية في العالم الإسلامي، وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي، والحملة العالمية لمواجهة العدوان، والحملة العالمية لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرها من المنظمات.

ودعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى مقاطعة المنتجات والسلع والنشاطات الثقافية الدانمركية فتجاوب مع هذه الدعوة رجال الأعمال والتجار وأفراد المسلمين وتجمعاتهم في مختلف أنحاء العالم.

ومنذ أيام  قليلة (13من رمضان 1427هـ = 6/10/2006) قام التلفزيون الحكومي الدانمركي ببث شريط فيديو، صُور في معسكر صيفي لشباب حزب الشعب الديمقراطي في الدانمرك، يتضمن صورًا جديدة مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم تناولتها وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم.

وإذ يشعر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالغضب العارم الذي تنامى، بسبب هذه الرسوم، في مختلف أنحاء العالم الإسلامي فإنه يود تنبيه المسلمين إلى الحقائق الآتية:

أولاً: إن الغضب والاستنكار والإدانة والشجب لا تكفي وحدها لتحقيق أي موقف إيجابي في هذه القضية. لذلك فإن الاتحاد يدعو المسلمين مجددًا إلى مقاطعة شاملة اقتصادية وثقافية للدانمرك؛ ويدعو الأحزاب والتجمعات السياسية في العالم الإسلامي كله، بجميع توجهاتها، إلى عدم التعامل مع حزب الشعب الدانمركي بأية صورة من الصور؛ ويدعو المسلمين في الدانمرك إلى عدم الانضمام إلى هذا الحزب، وإلى الاستقالة منه إن كان أحد من المسلمين منضمًا إليه، وإلى عدم التصويت له في أية انتخابات تشريعية أو بلدية أو محلية. وهذا هو أقل ما يجب على كل مسلم عمله إزاء التصرف المؤذي لشعور المسلمين الذي أقدم عليه ذلك الحزب بتنظيم مسابقة أسفرت عن نشر الرسوم المشار إليها.

ثانيا: إن هذا التصرف من جانب حزب الشعب، مقرونًا بما فعلته صحيفة دانمركية في العام الماضي، ومقروءًا في سياق أحداث التحريض على المسلمين والعدوان على دينهم وإهانة مقام نبيهم صلى الله عليه وسلم من مثل موقف بابا الفاتيكان في محاضرته بتاريخ 12/9/2006م، والمقال الذي نشرته جريدة لوفيجارو الفرنسية بعد ذلك بأيام قليلة، وما أعرب عنه سياسيون وإعلاميون في عدد من بلدان أوروبا... هذا كله يدل على أن هؤلاء القوم يصدق فيه قول الله تبارك وتعالى ﴿ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].

ونحن لا ندعو إلى مقابلة البغضاء بالبغضاء، والكراهية بالكراهية، والإساءة بالإساءة؛ ولكننا ندعو إلى الاستمساك باحترام ديننا ونبينا وشعائرنا ومقدساتنا ورموزنا، ومشاعر مليار ونصف المليار مسلم في جميع أنحاء العالم. والذين لا يراعون ذلك يستحقون منا الموقف الاقتصادي والثقافي والسياسي الذي يناسب عدوانهم علينا واستخفافهم بنا.

ثالثا: إن أحد مقاصد هذه الحملة الشعواء على الإسلام ومقدساته هو شغل المسلمين عن القيام بدورهم في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعويق عملهم على إنجاز المشروع الحضاري الإسلامي في بلاد المسلمين لتخليصها من التبعية للغرب التي طغت على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيها. ولذلك فإن الاتحاد يسترعي انتباه المسلمين إلى ضرورة الاشتغال بالعمل البناء الذي يعيد لهم مجدهم التاريخي وينزلهم منزلتهم اللائقة بهم في العالم المعاصر.

رابعًا: إنه من المتوقع أن تتكرر أمثال هذه الحوادث، وأن تزداد وتيرتها، وأن يكثر إبداء الاستهانة بمشاعر المسلمين والاستخفاف بردود أفعالهم.

ولذلك فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يذكر أعضاءه ومناصريه والمتعاطفين معه والمسلمين كافة بان الواجب في هذه الظروف هو العمل بما وصف الله تبارك وتعالى به المؤمنين في قوله: { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55].

خامسًا: إن ما ذكرناه من واجبات على المسلمين أفردًا  وجماعات لا يعفي الحكومات الإسلامية من واجبها في الغضب لدين الله ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتخاذ المواقف السياسية المناسبة التي تملكها الحكومات ولا تملكها الشعوب؛ وبالإصرار على إثارة مسألة العدوان على الأديان والمقدسات في الجمعية العامة للأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية سعيًًا نحو استصدار قرار دولي بمنع الإساءة إلى الأديان والمعتقدات وتجريم أي فعل من هذا القبيل، وإبرام اتفاقات ثنائية مع مختلف دول العالم تمكن من حماية الأديان والمتقدات بصفة تبادلية.

سادسا: ويذكر الاتحاد المسلمين وغير المسلين في العالم كله بأن هذه السخافات التي تصدر من هنا وهناك بين حين وآخر لا تنال من مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رب العالمين، ولا من مكانته في قلوب المسلمين؛ وهي تدفع الناس إلى التعرف على هذا الدين العظيم تعرفًا يؤدي إلى أن يقذف الله نوره في قلوبهم ويهدي به نفوسهم فيخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة والإيمان. فليكن غضبنا لما نشعر به من سوء أدب وفساد ذوق وقبح تصرف في مثل هذه الأحداث كلها مقرونًا بشعورنا بأن الله غالب على أمره ومتم نوره وناصر دينه ولو كره الكافرون.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،

 

 

الأمين العام                                                     رئيس الاتحاد

 

أ.د. محمد سليم العوَّا                                            أ.د. يوسف القرضاوي

 





التالي
بيان حول ما أذيع عن إصدار مذكرة توقيف ضد فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري
السابق
الإسلام دين وحضارة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع