البحث

التفاصيل

كلمة الأمين العام في مؤتمر سمات الخطاب الإسلامي – القاهرة

كلمة الأمين العام في مؤتمر سمات الخطاب الإسلامي – القاهرة



الحمد لله:


أصحاب الفضيلة والسماحة والسعادة والفكر إخواني وأخواتي الحضور الكرام أحييكم بتحية الإسلام حاملا تحيات شيخنا العلامة الشيخ يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، حفظه الله حيث حال دون حضوره وعكة صحية ألمت به ونسأل الله تعالى له الشفاء، وكذلك تحيات مجلس الأستاذ والمكتب التنفيذي والأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذى يسعد بتنظيم هذا المؤتمر تحت شعار "سمات الخطاب الإسلامي" تحت رعاية جامع الأزهر الشريف الذى نعتز بالانتماء إليه وتحت رعاية شيخه الأكبر أ.د: أحمد الطيب  حفظه الله، لا وشاء الله تعالى أن يعقد الاتحاد هذا المؤتمر في ظل الربيع العربي ونجاح ثورتي تونس ومصر وبقية الثورات التي ننتظرها ونتمنى لها النجاح وأن ينعقد هذا البلد العظيم بأهله العريق بالحضارة الاصيل بقيمة الإسلامية والعربية الرائدة في العلوم والفنون القائد وتضحياته الجسيمة على مر التاريخ.
والمبدع في ثورته شعبا وجيشا، مصر الحبيبة العظيمة العزيزة، كنانة الله في أرضه مصر الحضارة، والمثل العليا في التناغم بين المسلمين والمسيحيين، مصر العروبة والاسلام، مصر الأزهر الشريف، مصر صلاح الدين الأيوبي الذي حرر الشام والقدس الشريف من الفرنجة الغاصبين، مصر قطز صاحب الاستغاثة المعروفة (وا إسلاماه) حيث التف حوله جيش مصر في ذلك الزمن و هزموا المغول والتتار بعد سنين من سقوط الخلافة العباسية ببغداد.
   
نحن نعقد مؤتمرنا هذا ونرفرف بأرواحنا عبق هذا التاريخ العظيم ونسترجع هذه المآثر لذلك كلنا أمل في نجاح هذا المؤتمر وتحقيق غاياته ومقاصده وأهدافه في أن يكون لمصر دورها الحضاري والريادي والقيادي لتقود الأمة الإسلامية والعربية نحو العزة والكرامة والقوة الشاملة في العلوم والاقتصاد والسياسة وتحقيق التنمية الشاملة وإعطاء نموذج رائد في الحضارة والقيام لتعود إلى أمتنا الإسلامية وحدتها ومكانتها ولتعود أرضنا المحتلة في فلسطين والقدس الشريف وغيرهما .


ايها السادة الكرام


إن الخطاب الإسلامي هو رسالة الإسلام إلى الإنسان مسلما أو غيره ليس خاصا بأسلوب الدعوة فقط وإنما هو شامل لكل ما نقدمه وهو كلمة الله تعالى الموجه للبشرية وعصرنة الاسلام الى ان انتاب من سياسة واقتصاد واجتماع والخطاب الإسلامي هو السعي الجاد لوضع هذا الخطاب في اطارة الصحيح المؤثر من خلال الاستفادة من مقتضيات العصر وتجلياته وأدواته ووسائله ومن حيث الأسلوب والصياغة والمحتوى ومن حيث المخاطب والزمان والمكان كما أشار إلى ذلك الرسول ( ص ) في حديث معاذ حينما أرسله إلى اليمن فقال ( إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله ) قال الحافظ ابن حجر في تعليل البدء بهذه الكلمة " هي كالتوطئة للوصية ليستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة فلا تكون العناية في مخاطبتهم  كمخاطبة الجهال  من عبدة الأوثان....


فعصرنة الخطاب الإسلامي هو الاستفادة من كل مؤتمرات العصر ليكون مقبولا ومؤثرا يؤدى دورة ويفعل فعلته في القوب والنفوس قال تعالا "كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها ف السماء وتؤتى أكلها كل حين" وكذلك ينبغي ان لا يبقى الخطاب على حالته السابقة بل يعتبر اقوى دليل على تغير الخطاب بتغير ملابساته وموجباته هو القران ذاته فقد رأينا خطاب القران المكي (أي قبل الهجرة الى المدينة) غير خطاب القران المدني وهو أمر معروف ومقرر لدى دارسي القران ويلحظه كل من يقرأ القران ويعرف السور المكية فيه من المدنية فموضوعات القران المدني تختلف عن موضوعات القران المكي في الجملة واسلوب القران المدني يختلف عن اسلوب القران المكي في الجملة وموضوعات القران المكي تدور اساسا حول ترسيخ العقيدة من التوحيد بأقسامه المختلفة واثبات النبوة والجزاء في الاخرة والايمان بالغيب والدعوة الى العمل الصالح ومكارم الاخلاق وما يؤيد ذلك من قصص الرسل والمؤمنين والرد على المخالفين وموضوعات القران المدني تدور حول اقامة المجتمع المؤمن والتشريع لة ولذا لم ينزل في مكة يا ايها الذين ءامنوا فكل ما يحتاج الية المجتمع من عبادات ومعاملات وتشريعات تجده في الصور المدنية , أما اسلوب القران المكي غير أسلوب المدني ف الجملة ايضا فالأسلوب المكي تغلب علية الشدة والحرارة والنبرة السريعة وتكرار بعض اللوازم كما في سورة الشعراء وسورة القمر وسورة الرحمن وسورة المرسلات :يخاطب القلوب ويثير المشاعر ويجابه المكابر ويفحم المعارض.


بخلاف الأسلوب المدني فإنه أسلوب تعليمي وتشريعي هادئ النفس وهادئ النبرة يخاطب العقول أولا وان لم يخلو من مخاطبة القلوب لأن موضوعة التشريع والتعليم
.................
أيها الاخوة والاخوات إذا تدبرنا في القرآن الكريم والسنة المطهرة لوجدنا أن الطريق إلى أن يكون الخطاب مؤثرا هو توافر أربعة شروط أساسية:

 

  1.  أن يكون قائما على بصيرة أي على التخطيط الاستراتيجي فقال تعالى (ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن)
  2. الحكمة إلى استعمال العقل والاستفادة من جميع التجارب والعلوم والفنون المؤثرة فقال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وقال تعالى ( ويؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
  3. الموعظة الحسنة فقال تعالى ( والموعظة الحسنة ) أي الاستفادة من العواطف
  4.  والحوار بالتي هي أحسن فقال تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) وفي آية أخرى ( ولا تجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن ) وجمع هذه الأمور الثلاثة في آية واحدة فقال ( ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) وبواو الجمع يقتضي مراعاة هذه الأمور كلها من خلال منهج وسط، فلذلك فلا يكون من الحكمة تضييع العواطف دون سبب معقول ولا إثارة الغير من غير المسلمين فلننظر إلى هذا الخطاب الجميل الحكيم الموجز من احد فرعي المدرسة النبوية : حيث قال ربعي بن عامر لرستم : ( إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

  5.  ونحن اليوم أمام خطابين كلاهما ضار بالأمة،  خطاب الغلو والعنف والتشدد الذي أضر بالأمة اضرارا كبيرا وخطاب الانفلات والانسلاب الحضاري وما لا يلتزم بالنص الشرعي ولا يحترم الأئمة الكرام الذي يدعو إلى تغيير ديننا وجلدنا وقيمنا لذلك يجب علينا ابراز معالم المنهج الوسط في خطابنا
  6. وان يكون بلسان قومه قال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )
  7. أن يدخل البيوت من أبوابها ( واتوا البيوت من ابوابها )
  8. أن يراعي فقه الأولويات والموازنات
  9. أن يراعى التجديد
  10. أن يتسم دائما بالإصلاح والعلم ( ان اردت الا الاصلاح ما استطعت)
  11. أن يكون ثابتا وحاسما في الأصول والثوابت مرنا في المتغيرات .

    الإسلام كما أوضحه شيخ الوسطية في عصرنا الحاضر أن ينتقل الخطاب :
  1. من الشكل والمنظر إلى الحقيقة والجوهر
  2. من الكلام والجدل إلى العطاء والعمل
  3.  من العاطفة والغوغائية إلى العقلانية والعلمية
  4.  من الفروع والذيول إلى الرؤوس والأصول
  5. من التعسير والتنفير إلى التيسير والتبشير
  6.  من الجمود والتقليد إلى الاجتهاد والتجديد
  7. من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق
  8. من الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال
  9. من العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة
  10. من الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن

وهذه المعالم العشرة تؤكد الآية الكريمة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)


فلذلك فنحن نحتاج في خطابنا الإسلامي الداخلي للمسلمين والحركات والجماعات الإسلامية والمذاهب والطوابق بمختلف مشاربها وأطيافها الى خطاب يجمعنا على الثوابت ولا يفرقنا على الجزئيات فكما ذكر الإمام السيد رشيد رضا وأكده الإمام البنا رحمه الله القاعدة الذهبية (أن نتعاون على ما اتفقنا عليه وأن يعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا عليه أو يتسامح بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه)


فإن أعداء الإسلام قد استعملوا أفكار القومية المتطرفة لضرب الوحدة الاسلامية القرن الماضي واليوم يحاولون ضرب وحدتنا الاسلامية من خلال اثارة النعرات الطائفية التي يغديها البعض مع الأسف الشديد بدافع تغيير مذهب

 ....
ولذلك نحن في الاتحاد حذرنا ونحذر كل من تسول له نفسه أن يلعب بهذه النار نار الفتنة لتشغلنا عن قضايانا الأساسية فقضيتنا الأولى قضية فلسطين والقدس الشريف المحتلة في عالمنا الإسلامي ومن قضايا التنمية الشاملة والتعمير والأخذ بزمام العلم وأسباب الحضارة والتقدم والازدهار والرقي

 أيها الاخوة الكرام
وفي الختام:
نريد في هذا المؤتمر ان نصل الى وضع ثوابت تطبق في مصرنا الحبيبة حتى لا تسرق ثورتها من خلال تجميع جميع المصريين مسلمين ومسيحين على كلمة سواء وعلى الثوابت الوطنية والدينية..........
 
وأمامنا في هذا المؤتمر وبعد أفاق رحبة من خلال عقيدتنا وسيادتنا وهويتنا ومن خلال برنامج شامل يتضمن هذه الثوابت التي لا أشك في أنها تجمع المصريين دون تعارض مع الشرع الحنيف لأن ديننا دين الرحمة للجميع ومن خلال مصالحة شاملة والانطلاق من قوة الذات المصرية للذات ومن خلال وضع برنامج علمي , فمصر كانت في عصر محمد على وما بعده "
ومن خلال البرنامج للتعامل مع الغرب هذا ما سنتحدث عنة وبرنامج نموي واقتصادي





التالي
العصمة صفة من صفات الأنبياء والمرسلين
السابق
وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يختتم زيارة ناجحة إلى داغستان

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع