البحث

التفاصيل

نيويورك تايمز: بناء مسجد في فرنسا لم يكن سهلا أبدا وقد يصبح أصعب (تقرير)

نيويورك تايمز: بناء مسجد في فرنسا لم يكن سهلا أبدا وقد يصبح أصعب (تقرير)

أشار تقرير في صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) إلى أن بناء مسجد في فرنسا يعتبر مسعى شاقا في أحسن الأحوال، حيث إن رواده يكونون في الغالب أفقر من الفرنسيين الآخرين.

وقالت الصحيفة إن اللجوء إلى التبرعات الخارجية يثير مجموعة من المخاوف داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها، إذ تخضع لتدقيق مكثف مع قانون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجديد الخاص بالمسلمين، والذي من المتوقع أن يحصل على الموافقة النهائية في مجلس الشيوخ في الأسابيع المقبلة.

وأفادت بأن مما يعقّد الأمور بالنسبة للمسلمين هو مبدأ العلمانية في فرنسا الذي أنشأ حاجزا فاصلا بين الدولة والكنيسة. وفي حين أن الحكومة تعتبر نفسها محايدة تماما أمام جميع الأديان، فقد جعل القانون الدولة فعليا أكبر مالك للكنائس في فرنسا، والوصي على الثقافة الرومانية الكاثوليكية.

وبموجب قانون 1905، لا يمكن إنفاق أي أموال عامة لبناء أي مرفق ديني. لكن القانون جعل أيضا جميع المباني الدينية التي شيدت قبل تمرير القانون ملكا للدولة، وهي بالتالي تقوم بصيانتها وتتيح استخدامها مجانا في المراسم الدينية.

واليوم يلاحظ منتقدو هذا النظام أن أموال دافعي الضرائب تدعم بشكل فعال دينا آخذا في التقلص، وهو المسيحية الكاثوليكية، في حين أن النظام يضرّ بالإسلام الأسرع نموا في فرنسا.

وألمح التقرير الذي أعده مراسلان للصحيفة في باريس، إلى أنه بالرغم من أن عدد المسلمين في فرنسا كان قليلا عام 1905، فإنه تزايد بسرعة في السبعينيات، ويعتقد أنه يبلغ الآن نحو 6 ملايين، أي حوالي 10% من إجمالي السكان. ونحو مليونين منهم يمارسون عباداتهم في 2500 مسجد تتلقى القليل من المال العام أو لا تتلقى أي مال على الإطلاق، وفقا لتقرير مجلس الشيوخ لعام 2015.

وعلى النقيض من ذلك، يوجد في فرنسا 3.2 ملايين من الكاثوليك المتدينين، لديهم إمكانية الوصول إلى نحو 45 ألف مبنى كنسي، منها 40 ألفا مملوكة للحكومة وتتم صيانتها بأموال دافعي الضرائب، وفقا للتقرير.

ونبّه التقرير إلى أن التفاوتات تمس أيضا كل شيء، من الإعانات الحكومية إلى المدارس الخاصة إلى الائتمان على الدخل الشخصي للتبرعات، والتي تحابي بشكل كبير الكاثوليك ودافعي الضرائب ذوي الدخل المرتفع.

ويقول التقرير إنه حتى في ظل تعهد ماكرون بتعزيز ما سماه "إسلام فرنسا"، يعاني المسلمون من نقص حاد في المساجد المناسبة في جميع أنحاء البلاد. ونظرا لعدم قدرتهم على تمويل بناء المساجد بأنفسهم، بشكل عام دون مساعدة من الدولة، لجأت المجتمعات الإسلامية إلى الحكومات في الخارج للحصول على المساعدة.

(عدد المسلمين في فرنسا كان ضئيلا عام 1905 ويعتقد أنهم يبلغون الآن نحو 6 ملايين، أي حوالي 10% من إجمالي السكن، ونحو مليونين منهم يمارسون عباداتهم في 2500 مسجد تتلقى القليل من المال العام أو لا تتلقى أي مال على الإطلاق)

 

لكن هذا قد يصبح الآن أكثر صعوبة في ظل قانون ماكرون الجديد الذي يهدف إلى مكافحة "الإسلامية"، من خلال تشديد القواعد على العلمانية والضوابط على المنظمات الدينية، بما في ذلك التشديد على تدفق التبرعات الأجنبية.

وأشار التقرير أيضا إلى ما قالته الحكومة الفرنسية الأسبوع الماضي من أن القانون الجديد سيسمح لها بمعارضة التمويل العام لمسجد كبير في ستراسبوغ، في المنطقة الشرقية من الألزاس، حيث -ولأسباب تاريخية- لا يزال بناء المباني الدينية مؤهلا للحصول على إعانات حكومية.

وحتى قبل صياغة قانون جديد، استخدم مجلس مدينة أنجيه الواقعة في غرب فرنسا، اللوائح العقارية العام الماضي لمنع قادة المساجد من اللجوء إلى المغرب. وسيسمح بند في قانون ماكرون للحكومة الوطنية أيضا بمعارضة بيع المباني الدينية لحكومة أجنبية، إذا اعتبرت السلطات الفرنسية أن البيع يمثل تهديدا.

لكن منتقدين -كما أشار التقرير- يقولون إن القانون يخاطر بالخلط بين من سموهم "الإسلاميين" وبين المسلمين الذين يعترف حتى قادة الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا بأنهم حصروا في وضع مجحف منذ فترة طويلة.

ومن هؤلاء المنتقدين الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي المعروف بعمله في مجال كشف مظاهر اللامساواة، حيث يقول في مقابلة مؤخرا "هناك نفاق فرنسي كبير في هذه النقطة. فنحن نتظاهر بأن الجمهورية لا تدعم أي دين، لكن الحقيقة هي أننا نمول تجديد المباني الدينية التي بنيت قبل قانون 1905، والتي تصادف أن تكون جميعها مبان مسيحية تقريبا".

ومن صور الإجحاف هذه أن مدينة أنجيه تخصص نحو 770 ألف دولار سنويا لصيانة المباني الدينية التي تملكها، والتي تشمل 10 كنائس كاثوليكية وكنيسا يهوديا وكنيسة بروستانتية، وكذلك مبنيين يستخدمهما المسلمون، بما في ذلك مقصب سابق يستخدم مسجدا مؤقتا. والمنظمتان الإسلاميتان اللتان تستخدمان المباني تلقتا نحو 3500 دولار فقط من المدينة العام الماضي، وفقا لقادتها الذين قالوا إن نحو 1500 شخص يحضرون صلاة الجمعة فيها بانتظام.

واختتمت الصحيفة باعتراف سيلفيا كامارا تومبيني عضو المجلس الاشتراكي، بأن الجمعيات الإسلامية في أنجيه وأماكن أخرى في موقف صعب، فبينما لم تتمكن من جمع الأموال بمفردها، كانت فرنسا تصعّب عليها البحث عن مال في الخارج.

المصدر: (نيويورك تايمز + الجزيرة)

 


: الأوسمة



التالي
تدبير المجال الديني في البلدان الإسلامية.. نموذج المغرب
السابق
بهدف تعريف الأوكرانيين بمكانة الرسول ورسالته للبشرية.. حملة واسعة للتعريف بالرسول الكريم في أوكرانيا

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع