البحث

التفاصيل

الميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الرابط المختصر :

العبادات

  • الميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

نؤمن بأن الله تعالى قد خلق المكلفين ليقوموا بحق عبادته سبحانه، باعتباره هو الخالق لهم، والمنعم عليهم بالنعم الكبرى: نعمة الحياة، ونعمة العقل، ونعمة البيان، ونعمة تسخير الكون كله لمنفعة الناس، ونعمة إرسال الرسل إليهم، وإنزال الكتب عليهم، وكل النعم التي يحيا في ظلها الخلق من الله جل شأنه }وما بكم من نعمة فمن الله {... [النحل 16/53] }وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها{... [إبراهيم14/34] و [النحل 16/18].

لهذا كان من حق هذا الرب الأعلى }الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى{ [الأعلى87/2-3] أن يتوجه الناس إليه بالعبادة التي جعلها الله تعالى الغاية من خلقهم }وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون{  [الذاريات 51/56].

وللعبادات أهداف:

الأول: تحقيق العبودية بين العبد وربه،

والثاني: تقوية الرحمة بين العبد والناس جميعاً حتى المخلوقات،

والثالث: تقوية التزكية بين العبد وشهوات نفسه، ولا يفترق هدف عن آخر.

والعبادات منها ما هو فرض، ومنها ما هو نافلة، ومنها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن.

 

وأهم العبادات المفروضة الظاهرة، هي العبادات الشعائرية الكبرى، التي عدت من أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهي: الصلاة والزكاة والصيام، وحج بيت الله الحرام. فمن أنكر فرضيتها أو استخف بحرمتها، فقد خرج من الإسلام.

ومن هذه العبادات ما هو بدني محض كالصلاة والصيام، وإن كانت الصلاة تقوم على الفعل، والصيام يقوم على الترك، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة، ومنها ما يجمع بينهما كالحج والعمرة، فهو عبادة بدنية ومالية معاً.

وهناك عبادات أخرى من النوافل ملحقة بهذه العبادات، فهناك صلاة النافلة، وصدقة النافلة، وصوم النافلة، وحج النافلة.

وهناك عبادات تطوعية أخرى، مثل: تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار، والصلاة على النبي وآله.

وهناك عبادات باطنة لها منزلتها في الدين ، ومقامها عند الله، مثل: إخلاص النية له، والتوبة إليه، والحياء منه، والخشية له، والتوكل عليه، والشكر على نعمائه، والصبر على بلائه، والرضا بقضائه، والمحبة له، والمحبة فيه، والرجاء في رحمته، والخوف من عذابه، مراقبته في كل أمر.

وهناك من العبادات غير الشعائرية وأغلبها لتقوية الرحمة بين العبد والناس جميعاً حتى الإحسان إلى جميع المخلوقات من حيوان ونبات وأرض مثل : بر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان إلى الجيران، والبر بالضعفاء، وإغاثة الملهوفين، وتفريج كربة المكروبين، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، والنصيحة في الدين، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والتواصي بالمرحمة،  وإكرام اليتيم، والحض على طعام المسكين، ومقاومة الظلم والفساد، وتغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب، وذلك أضعف الإيمان، والجهاد باليد، أو بالمال، أو باللسان. وكل خير يقدمه المسلم للناس، ولو بابتسامة حلوة، أو كلمة طيبة، أو إماطة الأذى عن الطريق.

كل هذا داخل في العبادات ، لأن العبادة اسم لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأعمال ، سواء كانت من أعمال الجوارح أم من أعمال القلوب .

بل إن سعي المرء على معاشه، إذا صحّت معه نيته، والتزم فيه حدود الله، وراعى حقوق الناس، من أفضل ما يتقرب به إلى الله.

وهناك من العبادات ما تقوي التزكية بين العبد وشهوات نفسه ، وقضاء المرء شهوته إذا كان في حلال، ومعه نية صالحة: يُعد من العبادة لله تعالى، كما جاء في الحديث: « وفي بُضْع أحدكم صدقة ، قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر» ([i]).

وبهذا تتسع العبادة لتشمل الحياة كلها، وتشمل أعمال الإنسان كلها ظاهرة وباطنة. ويستطيع المسلم بسلامة وجهته، وصدق نيته: أن يُحَوِّل العادات والمباحات في حياته إلى عبادات وقربات لربه. وفي الحديث الصحيح: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ([ii]).

وبهذا تصبح الأرض كلها محرابا ومسجدا للمسلم، يعبد الله فيه بكل ما يقدمه من سعي ونشاط. فالزارع يعبد الله بالإحسان في زراعته، والصانع يعبده بالإحسان في صناعته، والتاجر يعبده بالإحسان في تجارته، والموظف يعبده بالإحسان في وظيفته، والطالب يعبده بالإحسان في دراسته، وهكذا كل إنسان يعبد ربه بإحسان ما وكل إليه، وائتمن عليه. وبهذا تسمو الحياة، ويتزكى الإنسان، وترقى الأمم حقاً إذا وضعت أيديها في يد الله، وعندئذٍ يخرج الشيطان من ساحتها مهزوماً مدحوراً.

 


3- صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، رقم: (1674) عن أبي ذر. وسنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الضحى، رقم (1093) ، ومسند أحمد، كتاب مسند الأنصار، باب حديث أبي ذر الغفاري، رقم (20496).

4- متفق عليه، صحيح البخاري: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم (1) عن عمر بن الخطابt، وكذلك كتاب الإيمان والنذور، باب النية في الإيمان، رقم (6195). وصحيح مسلم: كتاب الإمارة، باب قوله إنما الأعمال بالنيات، رقم (3530) عن عمر بن الخطابt.

 


: الأوسمة



التالي
إعادة إنتاج مفهوم “الولاء والبراء”
السابق
رسائل مهمة لشباب الأمة (ندوة)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع