البحث

التفاصيل

فتوى: ما حكم تباعد المصلين وعدم رص الصفوف بسبب جائحة كورونا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى رقم 15

الجمعة 15 رمضان 1441هـ الموافق ل 08/05/2020م

 

ما حكم تباعد المصلين وعدم رص الصفوف بسبب جائحة كورونا؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،

 أما بعد:

فإنّ صلاة الجماعة من شعائر الإسلام وعباداته الظاهرة، لها مقاصد عظيمة وغايات جليلة وإقامتها من دلائل صلاح الأُمّة وحسن اتباعها لنبيّها صلى الله عليه وسلم ، وقد خصّها الإسلام بأحكام وسنن وآداب تتحقق بها مقاصدها وتجعلها شعارًا لأهل الإسلام في أحسن هيئة وأبهى صورة، ومما سنّه فيها النبي- صلّى الله عليه وسلم- بقوله وفعله الاجتماع على إمام واحد بصفوف متراصّة وأقدام متحاذية وقلوب مجتمعة غير متنافرة.

وهذه الهيئة الشرعيّة المطلوبة قد يطرأ عليها ما ينقص من بعض سننها وآدابها ، ومن ذلك تسوية الصفوف واقتراب المصلين وسدّ الفجوات بينهم بسبب طارئ كوجود السواري والحيطان الفاصلة لضرورة البناء في المساجد، أو بسبب خوف اقتراب المسلم من أخيه خشية انتشار العدوى وانتقال الأمراض – كما هو حال السائل – ونحو ذلك.

وللجواب عن الصورة المسؤول عنها فإننا نذكر بالآتي:

أوّلًا: تأكيد ما اتفقت عليه المجامع والمجالس الفقهيّة واللجان الإفتائيّة من صحّة ترك الجمع والجماعات اتقاءً لضرر وباء كورونا ومنعًا لانتشاره بين الناس، وذلك لأنّ الشريعة المطهّرة مبنية في مصادرها ومواردها على اليسر ورفع الحرج ودفع الضرر والمفاسد الخاصة والعامة، وقد بيّنت الفتاوى السابقة الأدلة التفصيليّة على ذلك.

ثانيًا: الأصل في تقدير المفسدة المترتبة على تجمع الناس في مكان واحد هو للجهات الطبية المختصة المعنية بذلك، وما على المسلمين إلا التقيّد بالتعليمات الصحيّة الصادرة من هذه الجهات مع التذكير بأنّ هذه التعليمات واجبة الاتّباع شرعًا لما يترتّب على مخالفتها من إضرار بالنفوس قد يعرّضها للموت والهلاك، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}]النساء:29[.

ثالثًا: إنّ تسوية الصفوف في الجمع والجماعات وتراصّها وتعديلها وإتمام الصف الأول فالأول وسدّ الفُرَج

والخلل بين المصلين هو من الهدي الثابت عن نبينا- صلى الله عليه وسلم- فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ" رواه البخاري (ح 690) ومسلم (ح433) ،وفي رواية البخاري: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ،  فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ" وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ : "اسْتَوُوا ، وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ" رواه مسلم (432)

وقد حمل جمهور الفقهاء الهدي النبوي في ذلك على أنّه من سنن صلاة الجماعة وآدابها وليس من واجباتها وفرائضها، واتفقوا على أنّ الصلاة لا تبطل بترك تسوية الصفوف وتراصها عمدًا ولا سهوًا.

رابعًا: إنّ حكم صلاة الجماعة والجمعة على الهيئة المذكورة صحيحة.

مع لزوم اتّباع إجراءات الوقاية الصحيّة المطلوبة سواء منها المتعلّقة بسلامة الأفراد من حيث العمر والحالة الصحيّة للمصلّين وخضوعهم للتعقيم قبل دخولهم المساجد، أو المتعلقة بالمكان من حيث التعقيم الصحّي ونحو ذلك،

 وعندئذ لا حرج في تباعد المصلّين في الصف بعضهم عن بعض مسافة كافية للسلامة الصحية، فترك سدّ الفُرَج بين المصلين مكروه عند جماهير العلماء في حالة الاختيار والسعة، أمّا في حالة الحاجة والاضطرار فإنّ هذه الكراهة تسقط عن المكلف لقاعدة سقوط الكراهة عند أدنى حاجة.

وأما من فعل ذلك مع المخالفة للإجراءات المقرّرة من قبل الجهات الصحيّة المعنية القاضية بمنع التجمّعات في المساجد ونحوها، وبعيدًا عن إشرافها وإقرارها لذلك، فإنه آثم ويتحمّل المسؤوليّة الكاملة عن الآثار المترتبة على هذه المخالفة، وذلك من جهة مخالفتهم لما اتفقت عليه فتاوى المجامع والمجالس الفقهية من حرمة هذا الفعل وحرمة تعريض أنفسهم ومجتمعاتهم لخطر انتشار العدوى والمرض. والله ولي التوفيق

والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .

والحمد لله رب العالمين.

 

لجنة الفقه والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الشيخ الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي           رئيسا 

الشيخ الدكتور فضل مراد                                            عضوا ومقررا

الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد جاب الله                        عضوا

 

الشيخ الدكتور سلطان الهاشمي                               عضوا

الشيخ الدكتور أحمد كافي                                             عضوا

الشيخ ونيس المبروك                                                 عضوا

الشيخ سالم الشيخي                                                    عضوا

الشيخ الأستاذ الدكتور صالح الزنكي                         عضوا

الشيخ الدكتور محمد الرايس                                  عضوا

الشيخ الأستاذ الدكتور علي القره داغي                      أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني                       رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

 


: الأوسمة



التالي
الفتوى: السؤال: هل مشاهدة ما يقدمه التليفزيون من برامج وأفلام ومسلسلات يفسد الصوم؟
السابق
يوسف إسلام: روحانيات رمضانية مع BBC

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع