جستجو برای

التفاصيل

القيم الاقتصادية زمن وباء كورونا وما بعده

بسم الله الرحمن الرحيم

القيم الاقتصادية زمن وباء كورونا وما بعده

بقلم: الدكتور أحمد الإدريـــسي (عضو الاتحاد)

مقدمة:

         أصبح وباء كورونا موضوع بحث ودراسات وتحاليل وندوات علمية لمراكز البحوث ولقادة الفكر الإستراتيجي، وخبراء الاقتصاد، من أجل بيان التحولات المحتملة وآثارها على العلاقات الدولية والنظام العالمي. لكن البعد الأخلاقي يبقى العامل الأساس، والمعيار لقياس قيمة الدول والمجتمعات في مثل هذه الأزمات.

      وتعتبر الأخلاق والقيم روح الدين والاقتصاد والاجتماع والسياسة، وهي عنوان الشعوب، كما يقال، وهي موضوع كل الثقافات، وفي مختلف المذاهب والفلسفات، في الفلسفة اليونانية، مثلا، مع سقراط وأرسطو وأفلاطون، وفي الفلسفة الغربية مع ديكارت الذي اعتبر الأخلاق أم العلوم. ويؤكد خبراء الاقتصاد على أنه في الوقت الذي تتعامل فيه الشركات مع احتمال حدوث توقف مفاجئ لتدفقاتها النقدية، سيكون جيل جديد نسبيا من الشركات التي تكافح لسداد القروض المتراكمة بذمتها أشد تأثرا بهذه الأزمة، على غرار شركات "الزومبي" (شركات تعيش على الديون) العاجزة حتى عن دفع أقساط الفائدة على ديونها، فضلا عن التداعيات الخطيرة للمطارات المهجورة والقطارات الفارغة والمطاعم شبه الفارغة على النشاط الاقتصادي.

      وقد تبين من خلال هذا الوباء أن مجموعة من الدول أولت أهمية مبالغ فيها للاقتصاد على حساب الأخلاق والقيم والنفع العام، وأظهرت عن الأنانية والجشع، والنفاق السياسي، كما تبين أن الاقتصاد الناجح في العالم هو الاقتصاد المنتج الذي يسعى إلى التنمية، اقتصاد القيم والأخلاق. لذا سأناقش في هذا المقال موضوع "القيم الاقتصادية زمن وباء كورونا وما بعده"، في أربعة محاور، وهي:

- الأخلاق والقيم ميزة المجتمع المسلم:

- القيم الاقتصادية زمن كورونا:

- الاقتصاد والضوابط الإيمانية:

- القيم والأخلاق الاقتصادية ما بعد كورونا:

ثم أختم بخلاصة جامعة للموضوع.

 

المحور الأول: الأخلاق والقيم ميزة المجتمع المسلم.

أولا: أهمية الأخلاق والقيم في بناء المجتمع؛

        الأخلاق جمع خُلُق: وهو حالّ للنفْس رَاسِخَةٌ تصدر عنها الأفعالُ من خيرٍ أو شرٍّ من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويَّةٍ. وهي قيم راسخة في النفس، تنمُّ عنها الأفعال، ويوصف الشخص بأنه حَسَن الباطن والظّاهر إن كان حَسَن الخُلُق والخَلْق.

      والأفعال قد تكون محمودةً فيكون الخُلُق حَسَناً، أو قد تكون مذمومةً فيكون الخُلُق سيّئاً، ومن يتحلى بالقيم الفاضلة يألف الناس ويألفه، وإذا أحسن العبد خلقه مع الناس أحبّه الله وأحبه الناس، وحسن الخلق يدل على سماحة النفس وكرم الطبع، فحسن الخلق أمر مطلوب وواجب على المؤمن، فتجنب أخلاق السوء أمر لازم مؤكد. كما أن حسن الخلق يورث الراحة والطمأنينة، فإذا خالطت أحدا فخالط حسن الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى خير، وصاحبه منه في راحة، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله.

       والقيم لها أهمية بالغة في بناء المجتمعات. وما جاء به الإسلام من قيم وأخلاق إنّما جاء بحسب ما يُوافق العقل البشريّ والفطرة السّليمة، وهي تتناسب مع جميع الأمكنة والأزمنة، ولا تناقض العقل والمنطق والأعراف والعادات مُطلقاً. ومن جهة أخرى فإن الأخلاق والقيم الإسلامية مرتبطة بالجانب العملي لحياة الإنسان، حيث إن جميع التكاليف قد دعت بمُفردها ومُجملها إلى مجموعة من القيم والأخلاق والآداب، وبها يكمل الإيمان، فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَكمَلُ المؤمنينَ إيماناً أَحسَنُهم أَخلاقاً)[1]. والأخلاق لا توزن بميزان كمي، ولكنها تنعكس كماً وكيفاً على الحياة البشرية. وأسس القيم والأخلاق قد تكون وضعية أو إلهية لا ينسلخ فيها الفكر الاقتصادي عن مرجعيته المذهبية. والإسلام؛ "لا يبغي مجرّد قيام السّباق الاقتصاديّ في الحياة الاجتماعيّة على أساس تكافؤ الفرص وعدم التّمييز فحسب, ولكنّه يريد ألّا يكون المتسابقون متظالمين متقاطعين، إنّ عليهم أن يكونوا متعاطفين متعاونين"[2].

ثانيا: عودة القيم إلى المجتمعات أثناء الأوبئة والأزمات.

     الأصل أن تستمر القيم والأخلاق، وأن تسود في كل مكونات المجتمع، لكن الإنسان ينسى ويتخلى هن مبادئه شيئا فشيئا،  وقد يطغى بما عنده من مال وجاه وغيرهما من النعم، قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)[3]. أي أن رأى نفسه فاستغنى؛ حين صار ذا مال وثروة، فطغى بهذا المال وهذه الثروة، واستغنى عن ربه، ثم استغنى عن قيمه ومبادئه. وعادة ما تكشف الأزمات حاجة الإنسان إلى أخيه الإنسان، وتعم مظاهر التضامن ومشاعر الإنسانية، فالأزمات عادة ما تحيي قيم التضامن والتضحية ونكران الذات لدى بعض الفئات المجتمعية، من قبيل الأطباء والممرضين وغيرهم، وربما يكون ذلك بداية لعودة الشعور بالحاجة إلى الانتماء الاجتماعي والتضامن الإنساني العالمي.

        وعموما تعود القيم والأخلاق الاجتماعية خاصة، في مجال التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وتُـبتكر مبادرات في مجالات التضامن دون حساسيات، ولا عنصرية. ففي أوقات الشدة، وفي حالة الضعف، يحس الناس بالحاجة إلى القوة الإلهية المحيطة بكل شيء، ولا يزيد التقدمُ العلمي الإنساني هذه الحقيقةَ إلا تأكيدا. ذلك أن طريقة انتشار كورونا واستخدامه للإنسان، والانتقال عبره متخذا جسمَ الإنسان حاضنا وناقلا؛ يجعله أشد على شعور البشر من الكوارث الطبيعية.

ثالثا: ظهور قيم إيجابية وأخرى سلبية زمن كورونا.

      لقد كشف هذا الوباء عن انهيار منظومات الحماية الصحية والاجتماعية، ونموذج دولة الرفاه الاجتماعي في دول كان يُضرب بها المثل في ذلك؛ حتى إننا لم نعد نميز بين هشاشة تلك المنظومة في هذه الدول ونظائرها بعض دول الجنوب. وما يبين ذلك أن دولا عظمى عجزت عن ذلك الرأسمالية في صيغتها الأكثر تطرفا ممثلة بالولايات المتحدة، والأنظمة الديمقراطية الاجتماعية المبنية على الحرية الفردية، والتي يتمرد فيها الفرد على التحكم السلطوي، بسبب تكوينه الثقافي. إلى أن اكتشفت مؤخرا، وبشكل متأخر أهمية التضامن العالمي، فجاء اجتماع قمة دول العشرين الافتراضي وتعهدت فيه بضخ خمسة تريليونات دولار. لكنها بقيت على غيها، وكبريائها، فلم تصدر قرارات عملية للتعاون أو التضامن مع الدول والشعوب الأكثر فقراً. وهذا ليس غريبا عنا، فقد قامت فلسفة النهضة على إعادة الاعتبار للإنسان في بعده الفردي، وعلى تمجيد العقلانية المجردة التي ترى الإنسانَ الفردَ مقياسا لكل شيء، أما الجماعة والدولة فليستا إلا فضاء لممارسة الفرد لحريته المطلقة ما لم تمس بالآخرين.

       لكن في المقابل نلحظ أن الأزمات والأوبئة غالبا ما تضطر الإنسان سوي الطبع، سليم الذوق إلى العودة إلى رُشده، ومنها فيروس كورونا المتجدد، فهذه الجائحة تحيي مخزون القيم الدينية والاجتماعية في مجال التضامن الاجتماعي وخاصة التضامن الأسري والعائلي، وخلق مبادرات المجتمع القَبَــلي والسياسي في مجالات التضامن دون هواجس أو حساسيات. إضافة إلى أداء الواجبات. وقد ذهب العديد من المفكرين إلى القول بأن العالم زمن كورونا وما بعده، هو عالم ما بعد الحداثة ولن يكون إلا عالم القيم والأخلاق بامتياز، فقد كشف هذا الوباء ضرورة التضامن، والرجوع إلى دفء الأسرة، وبدأ نوع من رشد العقل البشري واهتدائه الفطري، ورجوعه إلى أصوله، ومن ذلك صور التضامن مع الشعب الإيطالي وإيفاد عدد من الأطباء والمعدات إلا وجه من هذه الصورة المضيئة، هذا فضلا عن صور الكفاح والمرابطة التي أظهرتها الأطر الطبية وغيرها، إلى درجة تعريض أفرادها أنفسَهم لمخاطرة من درجة عالية.

       وفي هذا السياق يقول الفيلسوف الفرنسي إدغار موران: (ها نحن نجد أنفسنا اليوم، من نيجيريا إلى نيوزيلندا، محاصرين في بيوتنا. وينبغي أن ندرك أن مصائرنا متشابكة، شئنا أم أبينا. وسيكون هذا هو الوقت المناسب لإحياء مشاعرنا الإنسانية، لأننا إذا لم ننظر إلى البشرية كأسرة واحدة، لن نستطيع الضغط على من يحكموننا لكي يتصرفوا بشكل جيد ومتجدد)[4].  وقال آنيت في توصيته: "وعلينـا أن نسـتعيد الجانب الأخلاقـي للفكر الاقتصادي، وأن نركز عملية صنع السياسات مجددا علـى مفهـوم المصلحـة العامـة، وأن نعـاود تدريس الأخلاقيات كجزء من برامج الاقتصـاد وإدارة الأعمـال، فقـد نشأ علم الاقتصـاد كفـرع جانبـي للفلسـفة الأخلاقيـة، ويجـب أن يعـود إلى جذوره"[5].

المحور الثاني: القيم الاقتصادية زمن كورونا.

أولا: مفهوم القيمُ الاقتصادية.

      القيمُ الاقتصادية هي مجموعة مِن الضوابطِ والأدبيات الأخلاقيَّة التي توجِّه الاقتصادَ والسياساتِ الماليَّة. وفي المقابل الاقتصاد الشَّرِس هو الاقتصادُ الذي لا يأخُذ بالاعتبارِ تلك الضوابطَ والأدبياتِ والأخلاقياتِ، وهو سبب الأزمات الإنسانية والبيئية المختلِفة. ولا ينبغي للاقتصاد أن يدمّر ويخرّب ويهمّش، باسمِ العِلم، والمنهجيّة العلميّة. فحاجة العِلم إلى الأخلاق والقِيَم الفاضِلة حاجةٌ ضروريّة وملحّة، وما أفسدَ العلومَ والمناهجَ إلا بُعدُها عن القِيم والأخلاق والأدَب والفضيلة. ولا تناقُض بيْن العلوم والأخلاق، فهما وجهان لعملة واحدة. ومِن أمثلةِ القِيم الاقتصاديَّة:

• التوسُّطُ والاعتدال في النَّفقات.

• الحكامة الرَّشيدة في استغلالِ الثروات.

• التكافُل الاجتماعِي.

• حُسن التدبير.

• العدْلُ في توزيعِ الثروات.

       فالواجب أن يَخدم الاقتصاد الإنسانَ والبيئةَ والكون، بأن يسعى لإسعاد البشرية، وتحقيق التنمية المستدامة، ويحافظ على البيئة. فلا فصل إذن بين الاقتصاد والقيم والأخلاق، يقول الدكتور يوسف القرضاوي: (ممَّا يميِّز نظامَ الإسلام عن الأنظمة المادية الأُخرى، أنَّه لا يَفصِل بيْن الاقتصاد والأخلاق، كما أنَّه لم يفصلْ بيْن العِلم والأخلاق، ولا بيْن السياسة والأخلاق، ولا بيْن الحرْب والأخلاق، فالأخلاقُ لُحْمةُ الحياة الإسلاميَّة وسُداها؛ ذلك لأنَّ الإسلام رسالةٌ أخلاقيَّة)[6].

        وينبغي تضمين القوانين لهذه القيم الاقتصادية وغيرها، فإن المجتمعات الإنسانية "في أمس الحاجة إلى الضوابط والقواعد الإسلامية لتنظيم النشاط التجاري والاستثماري والتصدي للممارسات الاحتكارية الضارة بالمجتمع، فالضوابط والقواعد التي جاء بها الإسلام لتنظيم الأسواق ضوابط وقواعد واقعية ومثالية، وينبغي صياغتها في صورة قوانين وتشريعات وإجراءات تنظيمية لمنع الظلم بكل أشكاله وصوره وضمان حرية المنافسة في الأسواق)[7].

ثانـيا: كورونا وسقوط القيم والأخلاق.

      تسبب وباء كورونا وسرعة انتشاره في الخسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة، وغير متوقعة، وكذا اضطرابات ترتبت عنها، والتي ستؤدي لا محالة إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين. إضافة إلى تعطيل جل النشاطات الاقتصادية، مما ترتب عنه فقدان ملايين العمال والموظفين لموارد رزقهم، وانكفاء دول ومجتمعات على ذاتها بإغلاق الحدود لمنع انتشار هذا الوباء. وقد بين باحثون وخبراء الاقتصاد أنه في ظل استمرار التوسع الاقتصادي، تزايد التراخي في التعامل مع المقرضين، وتقديم قروض بخسة لشركات ذات تمويل مشكوك فيه. كل ذلك زاد من تفاقم الأزمة، يقول المحلل الاقتصادي والمستثمر الهندي روتشير شارما: (في الوقت الراهن، وصل عبء الديون العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث بلغ مستوى الديون في قطاع الشركات الأميركية 75% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، محطما الرقم القياسي السابق الذي سجل عام 2008). وأوضح أيضا أن؛ "الضغوط تضاعفت جراء تراكم الديون لدى الصناعات التي تأثرت بفيروس كورونا، بما في ذلك النقل والترفيه وقطاع السيارات، وربما الأسوأ من ذلك كله، تأثر قطاع النفط".

      وورد في تقرير بصحيفة نيويورك تايمز إن فيروس كورونا يهدد بإحداث عدوى مالية في اقتصاد عالمي يعاني من نقاط ضعف مختلفة تماما عمّا كان يعانيه العالم قبيل الأزمة المالية 2008، حيث أضحى العالم مثقلا بالديون بشكل كبير أكثر مما كان عليه الحال حين اندلعت الأزمة المالية الأخيرة. وأضاف التقرير للكاتب والمستثمر الهندي روتشير شارما "تحولت أضخم الديون وأخطرها من تداعياتها على العائلات والبنوك في الولايات المتحدة التي كانت مقيدة من قبل الجهات التنظيمية بعد الأزمة، لتصل إلى الشركات في مختلف أنحاء العالم".

      لقد تلاشت المبادئ الإنسانية والكونية التي يتشدَّق بها النظام العالمي، أمام أزمة وبائية كشفت زيف ما سُمي بمبادئ التضامن العالمي، وبيَّنت الفرق الشاسع بين الخطاب في زمن الرخاء والفعل في وقت الأزمة، إذ وجد الأطباء ومقدّمو الرعاية الصحية بدول الغرب أنفسَهم تحت ضغط نقص المساحة والمعدات، أمام اختيار صعب ومأساوي، أدى بهم إلى اللامساواة بين مرضاهم وفق معايير غير أخلاقية.

       ولعل أخطر تداعيات هذا الوباء، هو السقوط الأخلاقي، الذي ظهر في العلاقات الاقتصادية الدولية، عندما أغلقت دولٌ كبرى حدودها على نفسها، وامتنعت حكوماتها ليس فقط عن تقديم المساعدة والدعم إلى دولٍ كانت في أمسّ الحاجة إلى العون الطبي، بل امتنعت حتى عن بيع أو تصدير معدات طبية إليها، بدعوى إثارة مواطنيها على مواطني دول أخرى. وما زاد الأمر قُـبحا؛ قرصنة طلبيات بعضها من معدّات وتحويل مسارها إيثاراً للنفس أولاً، وقلب كل القيم والمعايير التي قام عليها مفهوم العلاقات الدولية، وأظهر الأنانية المستعلية للدول، وأحيى بعض النظريات والإيديولوجيات العنصرية؛ التي تقوم على مبدأ الاستهتار بالآخر، وبحياة الفقراء وذوي الدخل المحدود، ودفعهم إلى المهالك لكي تبقى الرأسمالية المتوحشة هي السائدة والمتحكمة في مصائر الشعوب.

      وللتذكير، ليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها سقوط الأخلاق والقيم المالية والاقتصادية في دول تعتبر نفسها ديمقراطية متقدمة، فقد ظهر -في القرن السابع عشر- الاقتصادي البريطاني توماس مالتوسفي بنظرية تقوم على أساس أن عدد السكان في العالم يزدادون بمتوالية هندسية، بينما الخيرات المادية من غذاء وكساء، ومأكل ومشرب ودواء، ووسائل معيشة تزداد بمتوالية حسابية، مما يؤدي دائما إلى وجود نقص في وسائل المعيشة، وبالتالي إلى حدوث توترات وصراعات طبقية تهدد أمن واستقرار الأنظمة الرأسمالية، الأمر الذي يتطلب تخفيض عدد السكان بشتى الطرق حتى لو كانت إجرامية وغير أخلاقية.

ثالثا: من مظاهر الاقتصاديات المتوحشة:

      الدول المتحكمة في الاقتصاد العالمي، ومعهم الحكام المتسلطون، ينفقون أموالا طائلة على أمور تحسينية، ومنها ما ينفق على أغراضهم الشخصية، وعلى الترفيه والبروتوكولات، ويتناسوا الضروريات والكماليات لملايين المستضعفين. ومن أهم المظاهر التي تميز الاقتصاد المتوحش:

* السعي إلى تحقيق الربح الفاحش بكلِّ الوسائل؛ المشروعة وغير المشروعة.

* الشراهة والتهافُت المُفْضي إلى تضييعِ الحقوق؛ بحيث لا تُوجَد قوانين منظمة للاقتصاد، وإن وجدت فإنه يُتحايل عليها مِن قِبل بعض الشرهين، فيسيطرون ويحترَّكون.

* تَرويج بعض المنتجاتِ بغضِّ النظر عن مفاسدِها الصحيَّة والاجتماعيَّة،

* استنزافِ الثروات البرية والبحريّة، متذرعا  وراء "الإصلاح" و"التنمية".

* افتعال الحروب لبيعِ السِّلاح.

      إن منع الإنسان من تناول حاجياتهم المعاشية، هو تعطيل لمقصد من مقاصد الشريعة وهو حفظ النفس والعقل. ولعل الاحتكار من أرذل القيم الاقتصادية، فهو آفة اقتصادية على المجتمع، فمن حارب الأمة في ضروريات معاشها وحاجياته ومحسناته كمن حاربها في سائر شؤون دينها. والاحتكار جريمة اقتصادية بعرف القانون الوضعي، لكنه في نظر الإسلام إثـم وذنب عظيم. ولا يُـنتظر من ذلك إلا نتائج وخيمة، منها مثلا:

• اقتصاد مبنيٌّ على المعاملات المحرّمة،

• الاغتناءُ على حساب استنزاف ثروات البلاد.

• طبقة غنية جدًّا، وطبقة فقيرة جدًّا.

       والريع أيضا من الاقتصاديات المتوحشة؛ فهو يتسبب في استنزاف موارد الدولة المحدودة في نفقات وهمية أو غير مجدية بدل صرفها للوفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين. وحرمان الخزينة العامة من الرسوم التي يجب أن تستخلص عن الأرباح الخيالية المحققة من المستفيدين من المزايا والتسهيلات الممنوحة من طرف الدولة. ويؤدي بالتالي إلى "نقص إمكانيات توفير الحاجيات وتنفيذ المشاريع إذ يهتمُّ الريع في الحصول على إيراداته من الأسواق الخارجية"[8].

المحور الثالث: الاقتصاد والضوابط الإيمانية.

أولا: ضوابط إيمانية للاقتصاد.

     من أهم الضوابط الإيمانية للاقتصاد؛ تحديد ضوابط الحرية الاقتصادية ورعايتها؛ لتكون منضبطة بأخلاق الإسلام وليست مصلحية طاغية، فعن أبي السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه)[9]. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)[10]. وقد وجّـه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه رسالة إلى عامله الأشتر، ومما جاء فيها: (واعلم مع ذلك أن في كثير منهم – يقصد التجار وأصحاب الصناعات- ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكما في البياعات. وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة. فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله منع منه. وليكن البيع سمحا، بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع)[11].   

 

     والعلماء يذكّرون دائما الأفراد والدول بضوابط إيمانية للاقتصاد والسوق، وللعلامة أبي طالب المكي كلام نفيس عن هذه الضوابط، يقول رحمه الله،: (وليجتنب هذا السوقي البيوع الفاسدة، مثل: بيع الغرر والخطر والمجهول. ومثل: بيعتين في بيعة، إحداهما مصارفة ومشاطرة. ولا يبيع ما ليس عنده، ولا ما اشتراه حتى يبدو صلاحها، ويؤمن عليها العاهة». ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش. وهو أن يعطي بسلعة شيئا وهو لا يريد أن يشتريها بشيء ليغر غيره).

       وقد ظهرت مع مرور السنين، وعند تمحيص هذا الإنسان، "أهمية الأخلاق للنشاط الاقتصادي من إنتاج وتوزيع وتجارة واستهلاك مهمة للغاية، فهذا النشاط هو سلوك إنساني ولو تركت الحرية المنفلتة لكل شخص فإنه يوف يطغى ويظلم الآخرين الذين يتعامل معهم، ولقد ثبت أن القواعد القانونية قاصرة عن تحقيق التوازن بين المتعاملين، وتمكن الكثير من الناس من الاختفاء عن أعين الأجهزة الرقابية والإفلات من العقاب القانوني، لذلك لابد أن يكون له من نفسه رقيبا على تصرفاتهن وهذا لا يكون إلا بالأخلاق الفاضلة"[12].

ثانيا: محاربة الجشع الاقتصادي.

         من الجرائم الاقتصادية التي يرتكبها الإنسان، أكله أموال الآخرين بالبطل، وقد يدفعه جشعه وأنانيته إلى قتل أخيه الإنسان حسا، أو معنى، يقول الشيخ أبو طالب المكي رحمه الله: (ومن أكل الحرام فقد قتل نفسه وقتل أخاه، لأنه أطعمه إياه. قال الله تعالى: ولا تَأْكلُواْ أَموالَكم بـَيـْنَكم بِالْبَاطل"[13]. وقال تعالى: "ولَا تـَقتـُلُواْ أَنفسكم"[14].

     كما حذر خبراء الاقتصاد من تنافس الأغنياء على الكماليات والتحكم في السوق بما يخدم رغباتهم، يقول السيد محمد باقر الصدر: (ولما كانت الطلبات التي تتمتع بالقوة الشرائية الضخمة قادرة على جلب كلّ السلع الضرورية والكمالية، وأدوات اللهو ووسائل الترف من السوق الرأسمالية، بينما تعجز الطلبات الفقيرة عن جلب السلع الضرورية بصورة كاملة، فسوف يؤدي ذلك إلى تجنيد المشاريع الرأسمالية كلّ طاقاتها لإشباع تلك الطلبات المترفة والرغبات النهمة، التي لا تكف عن التفنن في إشباع نهمها)[15].

     ومن الحلول المقترحة؛ منع الاحتكار وتقنينه، مثل احتكار الموقع أو احتكار الملكيّة، وتجعل جميعها المالك يفرض شروطه على استخدام ملكيته ضمن الاحتكار، فمثلاً؛ “يشكل الريع العقاريّ دخلاً لمالك الأرض؛ لذلك لا يسمح لمن يعملون فيها بالاستفادة من هذا الريع؛ إلّا بعد تقديم بدلٍ معين يعتمد على تقييم طبيعة الأرض[16].

ثالثا: اقتصاد عادل.

     يجب على التجمعات الاقتصادية أن تجمع بين الإنسانية والمصلحة، فالمصالح المادية ليست مقصودة لذاتها، ولكنها تُحتَرم بقدر حفاظها على كرامة الإنسان. المجتمع الإنساني ينبغي أن يكون وحدة متكاملة، متضامنة، كما يقول الدكتور غازي عناية: (وضمن مبادئ العمومية للعدالة والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد، سواسية تنتفي معها ظواهر المجافاة، والظلم، والتعسف، والحرمان. فالمجتمع الإسلامي وحدة واحدة، متكافلة متضامنة، لا فضل لغني على فقير، وحق فقيرها على غنيها. قال تعالى: "وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ". والمال لله، وليس للاستحواذ)[17]. فمن لوازم الاقتصاد العادل، تقريب الهوة بين الأغنياء والفقراء، والعدل في تقسيم خيرات البلاد، 

      ومن واجب الدولة إذن، أن تسعى لتحقيق العدل في القسمة محل احتكار الأغنياء، وظلمهم، وتبذير السفهاء، فالعدل يضمن الحد الأدنى الضروري، يتناول مجال الضروريات والحاجيات. والزكاة عماد من أعمدة هذه القسمة العادلة. وأهم ما يجب أن تتصدى له الدولة الإسلامية تحقيق العدل، وهدم الحواجز الطبقية، وتقريب الشقة بين الأغنياء والفقراء في اتجاه أكبر قدر ممكن من المساواة في القسمة. هذا الهدف الاجتماعي مرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد وتنظيمه وازدهاره، وتوزيع الأرزاق بواسطته.

المحور الرابع: القيم والأخلاق الاقتصادية ما بعد كورونا.

أولا: المنظمات الدولية ودورها الإيجابي بعد كرونا.

       لقد أدى تفشى فيروس "كورونا" إلى العديد من التطورات وإلى تغيير العديد من القواعد الدولية في المرحلة الراهنة، يبدو أن المنظمات الدولية هي الأخرى ليست ببعيدة تماما، عما يمكننا تسميته بحالة "الحراك" الدولي الراهن، حيث يمكن أن تشهد فترة ما بعد كورونا انهيار منظمة التجارة العالمية، بسبب ما سينتاب كثيرا من الدول بالاتجاه نحو حماية التجارة، لمعالجة اختلالات اقتصادية واجتماعية، وهو ما يعني المرور بفترة انتقالية ليست قليلة للوصول مرة أخرى إلى نظام عالمي تجاري جديد، يحد من الاحتكارات والقهر، ويحقق التبادل التجاري العادل.

       كما أفلتت مؤسسات مالية ضخمة عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكان من أهم المطالب التي طالبت بها الدول النامية والصاعدة؛ "إعادة النظر في دور وسياسات هذه المؤسسات"، وانتهى الأمر إلى مجرد وعود، بينما بقي الأمر بعد ذلك على ما هو عليه من سيطرة أميركا وأوروبا على هذه المؤسسات. ومن جهة أخرى لن ينسى العالم ما بدر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سعيه لاحتكار بعض الأمصال والأدوية التي أعلن عن التوصل إليها في ألمانيا. ويمثل التلويح الأمريكي بسحب التمويل الذي تمنحه واشنطن للمنظمات الدولية وهذا ليس بالأمر الجديد، والأمر لم يقتصر على التهديد، حيث سبق للولايات المتحدة الانسحاب فعليا من منظمات تابعة للأمم المتحدة، وعلى رأسها منظمة اليونيسكو، على خلفية انتقادات وجهتها المنظمة لإسرائيل، اعتبرتها الدولة العبرية بمثابة سياسة معادية لها، كما انسحبت من مجلس حقوق الإنسان الدولي تحت نفس الذريعة.

        لذلك وجب على المنظمات الدولية إعادة النظر في اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، والتي أعطت سلطات كبيرة للشركات المتعدية الجنسية والدول المتقدمة في احتكار الدواء، وهي قضية مهمة قد تؤدي إلى انهيار منظمة التجارة العالمية مستقبلا، ما لم تُراعَ فيها قواعد احترام الإنسان وحقه في الدواء، أيا كان موقعه في العالم النامي أو المتقدم.

     وفي المقابل لاحظنا مواقف عبرت عنها مكونات سياسية واجتماعية في عدد من الدول بإصدارها خطابات إيجابية، وهي مكونات كانت تصنَّف تقليديا في خانة الرفض، وكان البعض يتوقع أن تنتهز فرصة هذه الجائحة لكي توجه سهام نقدها للدولة والمؤسسات وتشمت في الجميع، لكنها كانت إيجابية في تعاملها مع الأزمة. ومن تفاؤلها، أن هناك أمل في أن يكون عهد ما بعد جائحة كورونا مختلفا عن عهد ما قبلها، وأن نقول ونحن نتحدث بلغة الذكرى المفزعة: رُبَّ ضارة نافعة.

       وجب إذن على الجميع أن يعيدوا حساباتهم في السياسات الاقتصادية التي التزموا بها تبعا لسياسات البنك والصندوق الدوليين، وأدت إلى ضعف الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وأوجدت مؤسسات هشة، فضلا عن انهيار المؤسسات التعليمية والعلمية ودورانها في فلك الرأسمالية، واحتكارات الشركات المتعددة الجنسية. والأهم من كل ذلك أن تجمع المنظمات الدولية، والتجمعات الاقتصادية بين الإنسانية والمصلحة، فالمصالح المادية ليست مقصودة لذاتها، ولكنها تُحتَرم بقدر حفاظها على كرامة الإنسان.

      إن أزمة "كورونا" الراهنة تمثل فرصة جديدة لإعادة هيكلة المنظمات الدولية، بالشكل الذي يروق لنظام دولي جديد، في الوقت الذي تسعى فيه المنظمات نحو البحث عن بدائل، يمكن الاستناد عليهم في المرحلة المقبلة للحفاظ على بقائهم في مواجهة الهجمات السياسية والاقتصادية من خصومهم.

ثانيا: توجيه الإسلام للقيم والأخلاق المالية والاقتصادية.

      جاءت الشريعة الإسلاميّة لتُصحِّح الأخلاق التي كانت سائدةً في المُجتمعات الإنسانية وتضبطها بضابط التديُّن، وتدعو وتجمع ما لم يكن موجوداً في تلك المرحلة، فكانت الأخلاق الإسلاميّة شاملةً مُتكاملةً، فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)[18].

       وقد حرم الإسلام مجموعة من المعاملات المالية، لبناء قِيم اقتصاديَّة نبيلة، تحقيق العدل، والكرامة، وتحفظ للناس حقوقهم، وعهودهم، وفي السنة أحاديث جامعة لهذه المنهيات. ومن ذلك:

• تحريم الغشِّ والتدليس.

• تحريم الغرر.  

• نهى عن تلقي الركبان.

• تحريم بيْع الإنسانِ ما لا يَملِك.

* تحريم التعاملات الرِّبويَّة والاحتكار.

        إن الهدف من تحكيم هذه القيم هو منع الاحتكار، والجشع، وتزييف الحسابات، وغش المعامل، وترويج البضاعة بالكذب، واللعب بالأسعار، وسائر أنواع الظلم والفساد الاقتصادي. وقد وضح الخبير الاقتصادي "محمد عمر شابْـرا" دور الأخلاق والقيم في توجيه الاقتصاد بقوله: (من غير الحكمة التقليل من قدرة المعتقدات ومعايير السلوك في تحويل البشر وحفزهم على التصرف بطريقة تنم عن الشعور بالمسئولية الاجتماعية. وفي واقع الأمر، لا يمكن لأي نظام أن يُـقدّر له البقاء بدون تلك المعتقدات والقواعد السلوكية)[19].

خــاتمـة:

      لا شك أن الموضوع يتداخل فيه السياسي بالاقتصادي، والاجتماعي بالثقافي، والفلسفة بالإعلام، والصحي بالفكري. لكن يظل البعد الأخلاقي العامل الأساس، خاصة في الأزمات الإنسانية. وأحد أكبر الأسئلة التي تتطلب إجابة صريحة. ثم إن مكارم الأخلاق غاية من أسمى الغايات الإنسانية، ومن أعظم المقومات للحضارة الإنسانية، لا يمكن الاستغناء عنها لأي مجتمع من المجتمعات الإنسانية، ومع أي نوع من الأنواع البشرية، من أجل ذلك منذ أول وجود المجتمع الإنساني كانت المهمة الأخلاقية من أجـلّ المهمات لسائر الأديان والمذاهب، بما فيها المذاهب الاقتصادية. ثم إن المبادئ الأخلاقية ضرورة في بناء المجتمعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، كما أنها محاور فكرية متباينة مستنيرة ترسي دعائم قيام المجتمع الإنساني.

      كما إن تـردي القيم والأخلاق الاقتصادية يكرس الطبقية، وتُبقي الدول العظمى -والحكومات التي تسايرها- على موازين القوى على حالها دون العمل على تطويرها بحيث تبقى العلاقات بين أفراد المجتمع؛ هي علاقات؛ “قدرة من يملك ويعطي” و”من ينتظر المنح والهبات” وهذا يؤدي إلى تعظيم ثقافة الاستكانة على حساب ثقافة التحدي والاعتماد على النفس، وروح المبادرة. كما يسبب الاضطرابات الاجتماعية ويؤذن الخراب ، بتعبير ابن خلدون حين فقال: (ويكون صاحب الدولة في هذا الطور مُتلفـا لما جمع أوَّلـوه في سبيل الشهوات والملاذّ ... فيكون مخرِّبا لما كان سلفه يؤسسون، وهادما لما كانوا يبنون)[20].

       إن مسألة التفاوت بين الناس في أموالهم وأرزاقهم إنما هو مرتبط بتوفيق الله تعالى، وبمقدار ما يبذله كل فرد من جهد وما يملكه من مواهب ومهارات وقُـدرات. إلا أن التفاوت الفحش الذي تستأثر به فئة قليلة من الناس بأموال طائلة مقابل طبقة عريضة من المعوزين، أمر لا يقره الإسلام؛ لأنه مدخل إلى الكراهية والحسد بين هاتين الطبقتين، وإلى الصراع بين طبقات المجتمع، لذلك حث الإسلام على التكافل الاجتماعي والإنفاق في وجوه الخير، وأعطى الإسلام للحاكم الحق في حفظ التوازنات الاقتصادية في حقها بأخذ الزكاة من أموال الأغناء وإعطائها لمستحقيها، وباتخاذ أي إجراءات –بعد الشورى مع ذوي الرأي والخبرة- تكفل تقريب الفوارق دون ضرر ولا ضرار.

       إن من أهم مقاصد الشريعة حفظ المال، وخلق التوازن الاقتصادي، ورعاية التكافل الاجتماعي، لذا وجب على الدولة الإسلامية، من باب الاتخاذ بالأسباب، أن تتخلص من الاقتصاد الهش ومن كل الأمراض الاقتصادية، وأن تسعى لتصنف مع الدول الصناعية، المنتجة. ولـتكون من أبرز المنتجين والمستثمرين الإيجابيين. مع السعي الجاد إلى بناء اقتصاد منتج، وقوي وأخلاقي؛ لا يتم إنتاج السلعة وجني أرباحها فقط ولكن أيضا يتم بناء القيم الاقتصادية والاجتماعية للدولة حيث ثقافة العمل والإنتاج ميزة فريدة للمجتمع المسلم.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

 

 


[1] -  رواه الإمام الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

[2]- أبو الأعلى المودودي، النّظام الاقتصادي في الإسلام، الصفحة: 22. (لجنة مسجد جامعة دمشق- قسم النشر 65).

[3] - الأعلى : 6-7.

[4] - أنظر: موقع لكم، حوار مع إدغار موران ترجمة أحمد ابن الصديق، تاريخ النشر: السبت 11 أبريل 2020.

[5] - مجلة التمويل والتنمية التي تصدر عن صندوق النقد الدولي، عدد: مارس/آذار 2019.

[6] - الدكتور يوسف القَرضاوي، "دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي"، (الناشر: مكتبة وهبة -القاهرة). الصفحة: 27.

[7]- الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أخلاقيات الإسلام تحمي الأسواق من الاستغلال والعبث، (مجلة الاقتصاد الإسلامي،  العدد 280، صفر 1425 هـ - يناير 2004م). الصفحة: 59.

[8] - جناحي، عبد الله، “المجتمع الأهلي في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها الأسرة البحرينية”، صحيفة الوسط البحرينية، العدد: 4209.

[9]- رواه الإمام أحمد في مسنده، حديث رقم: 15455.

[10]- رواه الإمام مسلم في صحيحه. باب: تَحْرِيمِ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، حديث رقم: 289.

[11]- من كتاب وجهه سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى عامله الأشتر النخعي. الإمام علي بن أبي طالب، نهج البلاغة، جمع وتنسيق: الشريف الرضا، (مؤسسة المعارف –بيروت، الطبعة الأولى: 1424هـ/2004م). الصفحة: 404.

[12]- الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أخلاقيات الإسلام تحمي الأسواق من الاستغلال والعبث، (مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 371، صفر 1437 هـ - يناير 2016م). الصفحة: 11.

[13] - البقرة : 188.

[14] - النساء : 29.

[15]- محمد باقر الصدر، اقتصادنا، (دار التعارف للمطبوعات- بيروت، الطبعة العشرون: 1408هـ - 1987م). الصفحة: 653.

[16] - الموسوي، واثق علي، “الاستقرار الاقتصادي: الصناديق السيادية، الريع، الموازنة العامة، السوق”،

(دار الأيام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى). ج: 1/ ص: 55. (بتصرف).

[17]- غازي عناية، أصول المالية العامة الإسلامية، (دار ابن حزم، الطبعة الأولى: 1414-1992). الصفحة: 44.

[18] - رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، قال ابن عبد البر: هذا الحديث يتصل من طرق صحاح عن أبي هريرة.

[19]- البروفسور محمد عمر شابْـرا. الإسلام والتحدي الاقتصادي، ترجمة: د. محمد زهير السمهوري، الصفحة: 288.

[20]- ابن خلدون عبد الرحمان، المقدمة، (دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى: 1413 - 1993). الصفحة: 139.

 


: برچسب ها



جستجو در وب سایت

آخرین توییت ها

آخرین پست ها

شعب اتحادیه