البحث

التفاصيل

هل يفعلها الإخوان والثوار؟

الرابط المختصر :

لأسباب كثيرة توقفت عن الكتابة في الفترة السابقة ، ولكن حينما تأتي ذكرى مذبحة رابعة فإن الأمر مختلف.

مع أن أحداث تلك المذبحة لم تغب يوما عن ذاكرتنا ، وآثارها لم تغب يوما عن حياتنا، إلا أنها تأتي هذا العام في ظروف مختلفة ، حيث أفشل الله سبحانه المؤامرة على تركيا، والتي كان مخططاً لها أن تكون إعلاناً لوفاة الربيع العربي، ووئد الحركة الإسلامية، وتسليم المنطقة كاملة لمنظومة الاستبداد العالمية، تمزق في المنطقة كيفما تريد.

وجاءت كذلك في وقت يحقق فيه الجهاد في ليبيا واليمن وسوريا نجاحات مبشرة وخطوات موفقة.
وأرى أن جماعة الإخون يمكنها اليوم أن تقدم هدية للأمة في ذكرى رابعة تقوي بها من عزمها، وتشد بها من أزرها، وتنفخ بها روحاً جديدة وانطلاقة سعيدة، وتعيد بها لرابعة مجدها، وللقضية مكانها، وللمعتقلين حقهم، وللشهداء واجبهم، وللمحبين ثقتهم.

نعم إنها فرصة لأن يقدم المختلفون في جماعة الإخوان العريقة في هذه الذكرى هدية تُفرح الأولياء، وتغيظ الأعداء ، ويالها من عبادة وطاعة ، ويالها من قربة وزلفى.
هدية تتمثل في توحيد صفها، والتجرد لدعوتها، وتقديم مصلحة الأمة وومصلحة الدعوة على المصالح الضيقة .

هدية تمتثل لقول الله تعالى ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)..

هدية تنطلق من منهج القران عند وقوع الأزمات (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) ...
ليكون شعار المرحلة ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )
هدية تتمثل في تنازل عن كثير مما كان في وهجة الأزمة، وألم المحنة وزلزلة الصدمة، وحمئة الغضب، والانطلاق بالوطن إلى مستقبل بناء تتوحد فيها الجماعة صفاً واحدا مع كل الأحرار والمخلصين وما أكثرهم.

هدية تعطي فيه القيادة من نفسها القدوة في اتخاذ القرارات المؤلمة، رأبا للصدع، وحماية للصف، وقياماً بالواجب، بأن تجعل من نفسها مفتاحاً للحل، ونموذجاً للتجرد، ومضرب المثل في لين الجانب، وسماحة النفس والتعالي على حظوظ النفس ، لينطلق الصف مقتدياً بها، داعما لتوحيد الجهود ، وتجميع القوي،وتعميق الأخوة .

هدية نعلي بها مباديء الأخوة الإسلامية على لوائح التنظيمات وقوانين العمل، ونستشعر بها واجب الوقت، وخطورة اللحظة، وشراسة العدو وتكالبه على الأمة من كل حدب وصوب.
هدية نُدخل بهم السعادة على عشرات الآلاف من القابعين خلف القضبان ينتظرون إخوانهم الأحرار والثوار والمجاهدين ليفتحوا لهم أبواب الحرية ويفكوا عنهم قيود الاستبداد، وأغلال الطغيان.

هدية تقدم نموذجاً عملياً في حمل الخير للناس، والعمل الجاد لتخليص البلاد والعباد من تلك المنظومة الفاشية، لنعيد بها للأمة الأمل بأن تعود مصر قوية بكل شعبها، ناهضة بكل أهلها، مستوعبة لكل أطيافها،

هل يبسط الكبير يده إلى الصغير معتزاً به، مقدراً لطاقاته وإمكاناته ، وهل يبسط الصغير يده إلى الكبير مقدراً لتاريخه وتضحياته ؟ رافعين شعار المرحلة ومفتاح خيرها ( رب اغفر لي ولأخي، وأدخلنا في رحمتك وأنت الراحمين )

هل يُنقذ الإخوان أنفسهم من وقوع سنة الاستبدال عليهم إن لم يتوبوا من ذنب الافتراق وإثم الاختلاف ، وينطلقوا كما أمرهم الله تعالى : صفاً كانهم بنيان مرصوص.

مازلت آمل في صف فيه عشرات الآلاف الذين أحسبهم من الصادقين والصادقات ، والصابرين والصابرات ، والمجاهدين والمجاهدات أن ينطلق في الحق راشداً، متسلحاً بالإخوة العميقة، والنفوس الراقية، والقلوب الصافية.

وإن كانت هذه رسالتي إلى الإخوان المسلمين قيادة وصفاً خاصة، فهي لكل الأحرار والثوار على أرض مصر الحبيبة عامة، فتوحيد الصفوف على تنوع أفكارها هو أحد الأسس الصلبة التي تحتاجها الثورة، وتحتاجها مصر وتحتاجها الأمة كلها في هذه المرحلة الصعبة.

فهل يفعلها الإخوان، وهل يفعلها الثوار؟!!
اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد...
======================================
د/ جمال عبد الستار محمد
الاستاذ بجامعة الأزهر
والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة.


: الأوسمة



التالي
دعاة يباركون نصر حلب ويبتهلون لله شكرا
السابق
نزول القرآن... دلالات وواجبات 2

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع