البحث

التفاصيل

العريفي: قرارات الملك سلمان الجريئة جعلت الأمة تتنفس الصعداء

الرابط المختصر :

أجرى الحوار - عبدالحميد قطب - الشرق القطرية

  • قطر تنصر المظلومين وتنشر الخير في العالم أجمع
  • المسلمون مطالبون بالأخذ بالأسباب لأن الحياة ليست مجموعة من الكرامات مخصصة لهم
  • الأمة أشعرت أبناءها بحالة من الذل والتبعية واعتمدت على من لا يدينون بدينها
  • من دخل الإسلام في السنوات العشر الماضية أكثر ممن دخله في السنوات المائة التى مرت
  • الأمة قد تمرض لكنها لا تموت، وقد تصاب في بعض أجزائها لكن الباقي يعمل بشكل جيد
  • لا بأس في تجديد الخطاب الديني بتحديث وسائل طرح الكلام الشرعي واستخدام وسائل التواصل الحديثة
  • لا أظن نهاية الثورة السورية ستكون بسلاسة بل ستنتهي بأمر أكبر بكثير
  • الجرائم التي تحدث ضد "الروهينجا" لو كانت مع مجموعة غير مسلمة لما نام الفاتيكان وما نامت أوروبا حتى تنقذهم
  • القتل والعنف ليسا خاصاً بالأمة الإسلامية وهناك تنظيمات أكثر اعتدالاً من جماعات غربية متطرفة
  • الاستبداد والإرهاب يولد بعضهما الآخر وعدم تمكين الشعوب من العيش الكريم يجلب القهر والظلم
  • الذين ينضمون لداعش شباب مغرر بهم وتقطعت بهم السبل يريدون تفريغ شحنة القهر الموجودة في قلوبهم
  • الجانب الدعوي والإعلامي مهم لمواجهة التمدد الشيعي ومن خلالهما نستطيع قلب الشيعة إلى سنة
  • 119 قناة شيعية تنشر المذهب في العالم وأشهر قناة غير انجليزية يشاهدها الغرب شيعية
  • الله يعد الشام لشيء لا نعلمه نحن وستحدث أشياء ربانية لا أستطيع التنبؤ بها
  • مصر "قلب الأمة" ومن يكيد لها ويشغلها بنفسها يريد تأخر الأمة وإضعافها
  • الثورات لو تُركت دون أن يتعرض لها أحد بالعنف وقابلتها ثورات مضادة لسارت إلى خير كبير
  • أي رجل عنده مروءة لابد أن يتألم عندما يشاهد الفتيات بحجابهن الأبيض يقفن داخل أقفاص السجون المصرية

الداعبة الدكتور محمد العريفي يتحدث لـ "الشرق"

أشاد الداعية الدكتور محمد العريفي - عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - بالدور القطري الرائد في كل مجالات العمل السياسي والدعوي والإنساني، مشيراً إلى انها تقف بقوة في وجه الظلم والظالمين، كما أن أياديها البيضاء تنشر الخير في العالم أجمع ولكل الجنس البشري.

كما أشاد العريفي، في حوار شامل مع "الشرق" حول مختلف قضايا الساحة، بخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقراراته الجريئة بعد توليه القيادة، ووقوفه بحزم في "عاصفة الحزم" اتجاه المد الشيعي في اليمن الشقيق، متوقعا المزيد من النجاحات لخادم الحرمين خلال الأيام المقبلة.

وأكد الشيخ العريفي أن المسلمين مطالبون بالأخذ بالأسباب في كل مناحى الحياة، ونعى على الأمة لإشعارها ابنائها بحالة من الذل والتبعية واعتمادها على من لا يدينون بدينها، مع أن الإسلام ينتشر بقوة الآن أكثر من الـ100 سنة الماضية.

وعن تجديد الخطاب الديني قال إنه لا بأس في تجديد الخطاب الديني بتحديث وسائل طرح الكلام الشرعي واستخدام وسائل التواصل الحديثة، لكن الأخطر هو مَن يقوم بهذا الدور.

وندد بموقف العالم من إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين، فالجرائم التي تحدث ضد "الروهينجا" لو كانت مع مجموعة غير مسلمة لما نام الفاتيكان وما نامت أوروبا حتى تنقذهم، كما أن لدينا تنظيمات أكثر اعتدالاً من جماعات غربية متطرفة.

ولفت العريفي إلى أن الشباب الذين ينضمون لداعش مغرر بهم وتقطعت بهم السبل؛ بسبب الاستبداد من أنظمة تقمع شعوبها ولا تؤمن بالحرية.

وأكد أن نهاية الثورة السورية لن تكون بسلاسة بل ستنتهي بأمر أكبر بكثير، وأن الشام يعد لأمر عظيم لا يستطيع التنبؤ به.

وعن تنازل الرئيس محمد مرسي أكد العريفي أن مرسي اتخذ موقف سيدنا عثمان رافضا التنازل، وأن التخلي عن السلطة خوفاً من إراقة الدماء لا يكون في كل المواقف، موضحا أن الظلم الآن في مصر الانقلاب، أبشع وأوسع انتشارا.

وإلى نص الحوار...

قطر.. ناصرة المظلومين

فضيلة الشيخ محمد كيف تقيّم الدور القطري في خدمة الدعوة ونصرة قضايا المظلومين والمقهورين؟

بكل صراحة قطر في القلب، والله يجزيها خيرًا، على تاريخها العاطر في نصرة الحق والخير، ولقد زرت عدداً كبيراً من الدول، ورأيت أثر قطر الخير فيها، وكذلك الدعم للدعاة والعلماء، ووقوف الاعلام القطري مع قضايا المسلمين والمستضعفين في بقاع الارض، حتى طرحه للقضايا لا تجد فيه معاداة للدين أو استهانة أو تصيدا على العلماء والمشايخ.

كما أن قطر بفضل الله لديها نهضة اقتصادية متطورة في كل المجالات، حتى في الرياضة، وايضا كرمهم الواضح مع شعبهم وسكان أرضهم، فالله يجازي أهل قطر كل خير.

الملك سلمان.. قائد مثقف وشجاع

ماذا تقول عن الملك سلمان بن عبدالعزيز؟

هذا والدنا، ونسأل الله ان يحفظه، فمنذ أن تولى القيادة وقراراته كلها حكيمة وشجاعة، ومنذ مجيئه تنفّست الامة الصعداء، وكذلك اصبحت علاقاته بدول الخليج ودول العالم جيدة، وخاصة علاقته بقطر، والتى صارت متميزة جداً، ونحن فرحون بذلك.

وانا اعرف الملك سلمان منذ اكثر من 20 سنة، عندما كان أميراً للرياض، وكانت علاقاته بالناس متميزة جداً، ومحبا للعلماء والمشايخ، وهو رجل مثقف جداً، ومن اكثر اخوانه ثقافة وخبرة، ومتحدث جيد في المحاضرات، قبل ان يتولى المناصب، كما كان دائما سباقاً في الخير والعمل الانساني، فبمجرد ان يسمع عن شخص مريض يسرع بزيارته فوراً، وانا شخصيا مرضت في مرة واتصل بي للاطمئنان على صحتي.

إضافة طبعا للقرارات الشجاعة فيما يتعلق باليمن ومواجهة الحوثيين، وربما لو تأخر هذا القرار لكان ضررهم اكبر، ليس على المملكة فحسب وانما على المنطقة كلها.

الأخذ بالأسباب

فضيلتكم..لا شك أن الأمة الاسلامية تمر بمرحلة عصيبة يراها البعض مرحلة انكسار، وآخرون يرونها بداية لانتصار.. كيف تنظرون فضيلتكم لوضع الأمة الآن؟

الله تعالى بعث أنبياءه ووعدهم بالنصر جميعا، وأرسل نبيه (صلى الله عليه وسلم) وأبلغه ان دينه هو الحق، وانه سيظهره على الدين كله، كما قال تعالى "هُوَالَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" [التوبة: 33] وقال ايضا "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ" [الصف: 8] وبالتالي فنحن لدينا يقين ان هذا الدين لا بد أنه منتصر، وأن الله سيجعل له الغلبة، لكن جعل لنا أسبابا أمرنا بالأخذ بها وسلوك سبيلها حتى يتحقق لنا النصر، كما جعل اسبابا للشبع وللري بعد العطش، كذلك جعل اسبابا لنصرة المهزوم، وما لم يأخذ الانسان بالاسباب الشرعية والكونية التى جعلها الله تعالى؛ فلن يجني نصرا.

وإذا ما نظرنا الى المسلمين في معركة أُحد، والتى فيها وقع على الصحابة ما وقع، عندما هزموا واستشهد منهم 70، وجرح 214، بعدما تركوا ما أمروا به وطلبوا الغنيمة، فأنزل الله "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْأَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَمِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ" [آلعمران: 165] وكأن الله يقول لهم، انكم لم تخططوا للمعركة تخطيطاً جيدا، ولم تعملوا بالقوانين التى جعلت سير الكون عليها؛ لانكم اذا خالفتم هذه القوانين، فمن الطبيعي ألا تخرق لكم العادة؛ فالحياة ليست مجموعة من الكرامات والعادات، المخصصة للمسلمين فقط، وإنما هى قواعد وقوانين يسيرعليها الجميع، والله عندما يغير ما اعتاد الناس عليه، فيكون ذلك في الضرورات الشديدة، وبعد ان يبذل المسلمون كل ما يستطيعون، وهذا ما حدث مثلا في حنين،"لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْأَ عْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُالْكَافِرِينَ (26)} [التوبة: 25، 26]، فالرسول أخذ بالأسباب وبكل الوسائل، لكن المسلمين اغتروا بكثرة العدد وقالوا لن نهزم اليوم من قلة، ومع ذلك حاصرالكفار المسلمين، عندها انزل الله سكينته على المؤمنين وانزل جنوداً لم تروها.

الأمة إذا نظرت في حال النبي (صلى الله عليه وسلم) وعمله بالقوانين، وانه لم يعتمد فقط على كونه نبيا، فقد خرج الى أُحد لابسا درعا من حديد وفوقه قميص من حديد أيضا، ولم يقل حينذاك انا نبي، وهذه النبوة سيحميني الله بها، وانما أخذ بالاسباب، وعمل بهذه القوانين.

ولذلك انا اقول الامة قصرت في العمل بهذه القوانين، خلال الفترة الماضية، من ناحية الاستعداد العسكري، والثقافي، وتربية ابنائها، على الجدية في العمل بالنهضة والتطوير وغير ذلك، زد على هذا أشعرت ابناءها بحالة من الذل والتبعية، واعتمدت على من لا يدينون بدينها، ولا يتكلمون بلغتها، ولا بينها وبينهم هموم مشتركة، ولا قضايا متفق عليها، وبالتالى اصابها الله تعالى بما اصابها، برغم انه وعدها بالنصر، لكن كما قلت هناك قوانين أراد الله من الامة ان تلتفت وتنتبه اليها، ومع ذلك فانا بفضل الله متفائل بأن الله ناصرها.

مرحلة.. للنهضة

نفهم من كلامك هذا أنها في مرحلة كبوة بسيطة وفي انتظار مرحلة النهضة مرة أخرى؟

يجب أن ننتبه لشيء، وهو ان النبي عليه الصلاة والسلام دعا الله ألا يهلك امته بسنة عامة " يعنى الا يكون البلاء واقعا على الامة كلها، وفي لحظة واحدة".

فبرغم ان محناً كثيرةأصابت الأمة ، ففي حرب التتار التى كانت على أجزاء من الامة الاسلامية، وقتل وقتها الكثير، وهذا قبل 800 سنة، مقارنة بما يحدث الآن، ومع ذلك فإن الاحصائيات تقول ان الـ 10 سنوات الماضية دخلت في الاسلام اعداد كبيرة لم تدخله طوال الـ 100الماضية، وهناك إقبال غير مسبوق على الكتب والمواقع الاسلامية، وايضا مشاهدة هائلة على القنوات الفضائية، فحتى وان كانت المحن والخطوب هائلة، بمعنى ان الامة قد تمرض لكنها لا تموت، وقد تصاب في بعض اجزائها لكن الباقى يعمل بشكل جيد.

فقد يقتل من الأمة 100 ألف، لكن في المقابل يدخل الإسلام أعداد كبيرة، يعوضها بما فقدت، والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم.

الإرهاب.. والإسلام

فضيلتكم.. يتهمنا الغرب بأننا ننتج الارهاب..وأن ديننا الحنيف يحث على العنف والقتل.. برأيك هل (الإرهاب) كما يدعى الغرب متجذر في عقيدتنا أم هو ردة فعل على الاستبداد والقهر والظلم التى تتعرض لها الشعوب الاسلامية والعربية؟

يا أخى الانسان الذى لا يجد عنده الغذاء والماء والدواء، توقع منه أن يفعل أي شيء، ليس فقط الانسان بل الحيوانات ايضا، فالهرة عندما تحاصرها، تستميت وتتحول الى أسد، طالما انها لا تجد امامها الا الموت، وكذلك هو الحاصل اليوم، فانت لا تطالبني باللطف معك، والابتسامة والتحمل، وانت تغتصب اختى، وتقهر أمي، وتقتل أخي، وتأخذ مالى، كيف ذلك؟؟ وهذا يذكرني بالجندي الفرنسي الذى ذبح جزائرياً بالسكين، وبعد أن فرغ قال لقد عضني هذا الجزائري المتوحش وأنا أذبحه.

فعنصر الشباب عند الامة طاقة جبارة، واذا لم يمكن هؤلاء من الطرق الصحيحة لاخذ حقوقهم، والدفاع عن أهاليهم، سوف يسلكون طرقا، مثلما يقال "افتح الباب فالماء لا ينتظر المجرى" كذلك هؤلاء الشباب حماسهم لا ينتظر المجرى، ولا ينتظر أن يأتي العالم ليشرح لهم وينيرهم، بل سيسلكون الطريق من أنفسهم، اذا لم تفتح لهم الطريق.

لكن الأمة وأفرادها متهمون دائماً بالعنف والارهاب.. حتى لو كان دفاعاً عن النفس؟

ربما هذا الامر صحيح، فالامة تدافع عن نفسها وتستخدم الوسائل المتاحة والمباحة، ومع ذلك تُتهم دائما بالتطرف والارهاب، برغم أن هذه الوسائل موجودة في كل الامم، لذا فلا ينبغى عندما يُذكر القتل والعنف أن ينسب هذا الى الاسلام، فما يقع الآن في الروهينجا دليل على أن العنف ليس في الامة الاسلامية فقط، وانا أجزم بأن الروهينجا لو كانوا مجموعة غير مسلمة، لما نام الفاتيكان، وما نامت أوروبا حتى تنقذهم.

وقد تكون هناك بعض التنظيمات مثل" داعش" وغيرها، ترتكب جرائم غير مقبولة، لكن في المقابل هناك التنظيمات الاخرى مثل الاخوان المسلمين والسلفيين لا تجد عندهم هذه الاعمال، لذا فإن القتل والعنف ليس خاصا بالامة الاسلامية فقط.

الإرهاب.. والاستبداد

فضيلة الشيخ أيهما اخطر على الشعوب وعلى الإسلام..الاستبداد أم الارهاب؟

فيما يبدو ان احدهما يولد الآخر، فسلب حقوق الآخرين، وعدم تمكين الشعوب من العيش بالشكل المناسب، هو ما يولد الشعور بالقهر والظلم، والرغبة في الانتقام.

فالوالد عندما يمنع عن اولاده الطعام والشراب، بعضهم يستسلم ويرضى بالواقع، والآخرون يتمردون على هذا العيش، كذلك الشعوب التى تحكمها الانظمة المستبدة، بعضهم يقبل بأي نوع من العيش ويلتزم بسير الحياة، وهناك شعوب اخرى لا ترضى بهذا الامر، لذا فقد تنوعت احاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فبعضها فيه صرامة وحزم، وبعضها يدعو الى الهدوء والرفق، وهذا دليل على انه كان يتعامل بحسب مشاعر الناس الذين يقابلهم.

وإذا ما نظرنا الى مسألة الاعتداء على الآمنين، وسلب اموالهم وهتك اعراضهم، فأعداد من قتلهم بشار، ومن ابادهم المالكي، لا يقارن بما تفعله "داعش"، ومع ذلك فانهم يتساوون في الظلم والجور، فمن يفجر المساجد ويحكم على الناس بالكفر يتساوى مع من يحكم ويقتل.

داعش.. والخلافة الإسلامية

يدعى تنظيم الدولة انه مشروع اسلامي لإقامة الخلافة الاسلامية وهم يستغلون غياب المشروع الموازي لهم.. كيف نفند هذا الادعاء حتى لا يقبل عليه شبابنا؟

للاسف لا توجد طريقة اخرى يقبل عليها شبابنا إلا هذه، فلو كانت هناك دول ترفع راية الخلافة فرضاً، وقالت للناس تعالوا أيها المسلمون، ادخلوا عندنا، لن نقول لكم أين جوازاتكم، ومرحبا بكم، اسكنوا عندنا، لرأيت الدم يتفرق في القبائل، مثلما يقال،لكن للاسف ما في خيار اخر للمقهورين والمشردين في البلدان، غير هذه الجهات.

وانا شخصيا..دخل عليّ في "تويتر " اعضاء في هذا التنظيم يسبونني ويكفرونني، وعندما ادخل معهم في حوار، يتبين لي من خلال الكلام انه شاب سوري يعيش في قرية من القرى، ثم فعل بهم النظام ما فعل، فلم يجد الا الانضمام لداعش، برغم انه لا يحفظ (قل هو الله أحد) وداعش ما علمته شيئا، سوى احكام الكفر والتكفير، وعندما اقنعه بخطأ ما يعتقد، فيقول لي أين اذهب؟؟

وبالتالي ليس هناك خيار آخر، عند عدد من الناس،الذين يستغلونهم لتفريغ شحنة القهر الموجودة في قلوبهم، فالشاب الذى ينظر للصواريخ التى تسقط على البيوت، وتقتل الاطفال والنساء، فيتقطع قلبه، ثم يبحث عن الجهة التى يفرغ فيها شحنته، ولا يجد سوى هذه الجماعة،التى يطول الحديث عنها ومن أين جاءت.

الحشد السني

من المعلوم أن مليشيا "الحشد الشعبي" خرجت بناءً على فتوى من المرجع الشيعي في العراق على السيستاني، واعتبرتها الدولة العراقية كيانا شرعيا.. ومن هنا أسال لماذا لا تكون هناك مرجعية سنية تدعو لتكوين كيان مواز لهذا الكيان؟؟.. ام غابت كما غابت وتراجعت الدول ايضا؟

احسنت في سؤالك وانا معك في هذا،لكنني في الحقيقة ليس عندى جواب على ذلك.

ربما هناك علماء في الخليج وتحديداً من السعودية، لهم مراسلات مع علماء العراق، لا نعلمها، فنحن لا ندري باوضاع اهل العلم في العراق، فكل ادرى بحاله، وقد يكون ليس في الامكان أبدع مما كان.

لكن لك ان تعلم ان العدو اذا تعاملت معه بنفس طريقته انكف عنك، ولذلك النبي عندما اسر أبا عزة الجمحي في معركة بدر، وتوسل للنبي ان يطلق سراحه لحاجة ابنائه اليه، في مقابل ألا يعود للقتال المسلمين مرة اخرى،اطلق النبي سراحه، وعندما جاءت معركة أحد أُسر مرة اخرى، فتوسل للنبي لاطلاق سراحه، فرد عليه والله لا ادعك تمسح عرضيك في مكة، وتقول خدعت محمداً مرة أخرى فامر النبى بقتله.

المد الشيعي

كيف نواجه المد الشيعي في المنطقة..سواءً العسكري او السياسي أو المذهبي؟

من العجيب ان الشيعة برغم قلتهم،التى لا تتجاوز الـ 7 % من تعداد الامة، وأن العاملين على تصدير الثورة من ايران ونشر مذهبهم، قليلون ايضا في مقابل عوامهم الذين نراهم في الحج لا يعلمون شيئاً ولا يريدون أن يتدخلوا في هذه الامور، برغم قلتهم هذه وتلك ينتشرون ويكثفون جهدهم مستغلين طاقة الشباب لديهم، وحاجتهم للمال.

لذا فأقول ان مواجهة الشيعة تكون دعويا وإعلاميا وعبر وسائل الاتصال الحديثة كالتالي:

عبر تكثيف الجانب الدعوي بحيث نستطيع قلب الشيعة الى سُنة، وهذا المحور يكون على من يتبنون المذهب لكنهم لا يقتنعون به، ولقد جربت هذا مع بعضهم وتأثر وتراجع.

وايضا الجانب الإعلامي، فإيران لديها 119 قناة، منوعة البرامج والافكار واللغات، وأشهر قناة غير انجليزية تشاهد في العالم هي قناة شيعية، وبالتالي فان غير المسلم اذا اراد أن يبحث عن الاسلام فإنه لن يجد سوى هذه القناة الشيعية، في مقابل قنوات السنة التى لا تجد من يدعمها.

كما انك اذا اردت أن تبحث في محرك البحث "جوجل" عن بر الوالدين مثلا، فانه سيحولك مباشرة لمواقع شيعية، فاذا كان المسلم او غيره لا يعرف التفريق بين كلام السنة والشيعة، لربما نقل هذا الكلام باعتباره كلامنا.

الثورة السورية

كيف تنظر لحال الشعب السوري بعد ما قتل فيهم النظام بدعم ايران وشرد؟ وما الذى نستطيع ان نقدمه لهم؟

لقد تكلمت في كتابي السابق "نهاية العالم"عن علامات الساعة واشراطها، واحداث اخر الزمن، والكثير من هذه الاحداث التى ذكرها النبي، خاصة المتعلقة بالاحداث الكبرى والقتال هى تتكلم عن "أرض الشام" و"العراق"، يعنى مثلا الدجال يخرج في خلة بين الشام والعراق، والمعركة الكبرى مع الروم هى في "دابق" التى تقع في سوريا، ونزول عيسى عليه السلام سيكون في الشام، وملجأ ما يسمى بالمهدى ايضا في الشام، وغير ذلك من الأحداث الكبرى.

وبالتالى يبدو ان المولى عز وجل يعد الشام لشيء، فكون ثورة سوريا مسلحة عكس ثورة مصر او تونس او اليمن، فهذا يعنى انها تميزت بشيء آخر، وانت ترى الناس يقتلون قتلا ومع ذلك هم صامدون ولا يتغيرون، فيبدو أن الله يعدها لشيء، لا نعلمه نحن، ومجيء الروم الارثوذكس هؤلاء الاشد عنفاً ضد الاسلام، وضربهم المباشر لسوريا، دون انتظار قرارات الامم المتحدة، او غير ذلك،كل ذلك يجعلني أشعر بان الايام القادمة حبلى بأحداث غريبة، أو دعني اسميها بشائر، وستحدث احداث ربانية لا استطيع أن اتنبأ بها.

لذلك لا أظن نهاية الثورة السورية ستكون بسلاسة، وان يسقط بشار برغبته، ويصبح لاجئاً سياسيا في بلد ما، بل ستنتهى بأمر اكبر بكثير، وهم قد عبروا عن ذلك بحرب عالمية وأشياء من هذا القبيل، ونحن نقرأ عن وجود ضباط روس يُقتَلون في سوريا، وهذا دليل على انهم موجودون على الارض.

لكنني مستبشر لان الله وعد هذه الامة بالنصر والتمكين، وأشعر أن الايام القادمة حبلى باشياء كبيرة، او دعنى اسميها بشائر، مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَرْجِعُونَ، حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَدُقُّهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ)، وانا لا اريد أن انزل الاحاديث على الواقع مباشرة، ولكن الاحداث تُنبئ باشياء كبرى ستقع، ولا أظن ان الثورة السورية ستنتهى بهدوء.

السعودية.. والثورة السورية

أعلنت المملكة العربية السعودية عن عزمها التدخل برياً في سوريا .. كيف تنظر إلى هذا الامر؟

إلى الآن ليست عندي تفاصيل بهذا الامر، لان الاعلام لم ينشر عنها الكثير، لكن على وجه العموم هذا الامر يسرني، سواء اكانت عملية "رعد الشمال" او "التحالف الاسلامي" وتحالف الدول الاسلامية، هذه الامور بلا شك تأتي تحت مظلة "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" [المائدة: 2]،وهى أمور تسرنا جميعاً، ونسأل الله ان يطرح في هذه الأعداد الكبيرة البركة.

مصر.. والثورة

في آخر زيارة لك الى مصر وكان ذلك قبل احداث 30 يونيو خطبت في مسجد "عمرو بن العاص" ودعوتَ الناس لنصرة الشعب السوري هذا يجعلني أسالك.. لماذا اخترت مصر.. وكيف تنظر الى حال مصر الآن؟

مصر هى" قلب الامة "، وتأثيرها في الامة كبير، والكيد لمصر هو كيد للامة، وقوتها هى قوة للامة، وضعفها ضعف للامة، واشغال المصريين بأنفسهم هو اشغال لهم عن نصرة الامة، لانه اذا أُشغلت مصر بذاتها، وصار الطبيب والمهندس والمفكر، يُشغل بمعيشته الخاصة، ولم يلتفت الى حال الامة، فان النتيجة تكون كارثية وهو تأخر الامة.

ومع ذلك انا متفائل بمصر، وان الله سيرفع عنها الغمة، برغم الواقع الاقتصادي والامني الذى تعيشه، والذى يهدف كما قلت لاشغالها بنفسها، والا تتعرض للعدو الاسرائيلي بأي اذى،وخلافا للتضييق على الشعب الفلسطيني والمسلمين هى ايضا تضيق على الدعوة الى الله تعالى، وغير ذلك من الافعال التى اصبحت مكشوفة للعيان، لكن بإذن الله من يكيد لمصر ويسرقها في اندحار.

وانت تنظر الى حال مصر الآن وكيف وصلت.. بماذا تشعر؟

برغم أنني متفائل، لكنني دائماً ما اتألم عندما انظر الى الفتيات الصغيرات"14 و15 سنة" المسجونات الآن، وهن في الاقفاص كأنهن افراخ، بحجابهن الابيض، وبتُهم غريبة كالتظاهر او غيره، وما ندرى ما يفعل بهن داخل هذه السجون، فأي رجل عنده نوع من المروءة، ولا اقول عنده خوف من الله مثلا او خشيته، وإنما أتكلم عن المروءة، لا يقبل أن يحدث هذا ابداً، وان يرفض هذه الافعال.

ولكن أقول الظلم مرتعه وخيم،"وَلَاتَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ" [إبراهيم: 42]، ونسأل الله أن يكتب لمصر نصره المبين.

العلماء.. والحكام البغاة

هناك علماء يوالون الحكام وهناك من يعارضهم ويقف ضدهم..لكن هناك من يصمت على الظلم والقهر ومحاربة الاسلام بحجة الخوف من الحاكم.. ما رسالتك لهؤلاء؟

الرازي كان يقول " ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي " فانا لا استطيع ان اقول لاحدهم تكلم، قبل ان اعرف لماذا صمت"،فالامام مالك في اخر حياته كان يصلى في البيت، فقيل له لمَ لا تصلى مع الجماعة؟ فقال ليس كل احد يستطيع أن يتكلم بعذره، ثم عرف بعد ذلك انه كان مريضا بسلس الريح، فالعلماء الذين يسكتون ولهم اعذار شرعية، ولا يستطيعون ان يتكلموا بها،قد سكت قبلهم ايضا علماء اجلاء، فالشافعي سكت في محنة خلق القرآن مثلا.

لذا فانا شخصيا امسك لساني عن اخواني وعلمائي حتى لا يبتليني الله بما ابتلاهم، ثم يقال لي انك سكت عن الحق، لكن من استطاع أن يتكلم فجزاه الله خيراً، والذى صمت ايضا، لكن اللوم على من يصفق للباطل.

الثورات..والدعوة

شيخ محمد البعض يقول ان الثورات العربية اضرت بالدعوة الاسلامية اكثر مما نفعتها، وهناك رأي عكس ذلك..كيف تنظر انت لهذا الثورات وهل نفعت الاسلام ام اضرته؟

الثورات العربية لم يقم بها العلماء الدعاة بل قام بها عوام الناس، ومع ذلك فان العلماء لم يتركوهم وحدهم، بعد ان حصل بينهم وبين السلطة قتل وغيره، فدخلوا لضبط الامور وتوجيهها الى المسار الصحيح.

لكن هذه الثورات لو تُركت دون ان يتعرض لها احد بالعنف، وان تقابلها ثورات مضادة، لسارت الى خير، مثال ثورة مصر وتونس وليبيا واليمن، في بداياتها، فلو ان قادتها بعد ان تركوا السلطة، وتخلوا عن حظوظ انفسهم واستجابوا لمطالب الشباب، وتركوا هذه الثورات لإفادة ابنائها، مثلما فعل الحسن بن علي رضى الله عنه، عندما تنازل لمعاوية،حقناَ للدماء، لكان ذلك في مصلحة هذه البلاد، ولما حصل ما حصل، لكن للاسف الثورات المضادة هى التى تسببت في كل هذه المشاكل.

تنازل الرئيس مرسي

على ذكرك لموقف الحسن بن علي الذى تنازل عن السلطة طواعية حقناً لدماء المسلمين..برأيك هل كان من الافضل للدكتور محمد مرسي ان يحذو حذوه حقناً للدماء؟

ربما لا تكون لدي احاطة بظروف الدكتور محمد مرسي، فك الله اسره، ولا أعلم عن موقفه شيئا، الا بما ينشر في الصحف والقنوات المصرية، والكل يعرف واقع هذه الوسائل، لكن التخلى عن السلطة لعدم اراقة الدماء ليست في كل المواقف، فعثمان بن عفان، رضى الله عنه، قال له النبي عليه الصلاة والسلام ان الله سيقمصك قميصاً، فان ارادوك على نزعه فلا تنزعه، وهذا ما فعله عثمان عندما اجتمعوا حول بيته، وطالبوه بالتخلي عن الخلافة، فرفض ان يتخلى عنها، برغم انه يعرف ان هذا الرفض سيتسبب في اراقة الدماء، لكنه لم يفعل، فقتل على ذلك الموقف.

تجديد الخطاب الديني

فضيلة الشيخ موضوع تجديد الخطاب الديني مطروح حاليا على الساحة بقوة..كيف نجدد خطابنا الديني؟

إذا كان تجديد الخطاب الديني يعنى التحديث في وسائل طرح الكلام الشرعي، وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك الوسائل الحديثة والاتصالات في استعمال الدين، والترجمة لغير العرب بطريقة سلسة، فلا بأس بذلك.

اما اذا كان الهدف من ذلك تغيير الدين، كأن تكيف مبادئ الدين لهوى البشر، او لمستجدات دنيوية، كأن تقول لا نأخذ بآيات من القرآن لان هناك بدائل حديثة صارت، فهذه الامور باطلة، تهدف الى تغييب الدين.

ومن الذي يجدد الخطاب الديني؟

يجدده العلماء، ويحددون ما يطرح وما يقال، أما العامي والسياسي فغير مقبول منه أن يتكلم في الدين.



: الأوسمة



التالي
الاتحاد يحذر الحكومة العراقية من مغبة الاعتداء على المتظاهرين المعتصمين ويدعو الأمة الإسلامية إلى جعل يوم الجمعة القادم يوم نصرة العراق
السابق
القره داغي في الاجتماع التعريفي والاستشاري بالجمعية العالمية لعلماء المسلمين بتركيا

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع