البحث

التفاصيل

محطات ومواقف لا تُنسى من زيارة وفد الاتحاد إلى نيوزيلندا

الرابط المختصر :

محطات ومواقف لا تُنسى من زيارة وفد الاتحاد إلى نيوزيلندا
من محاسن الصدف وجميل الأقدار أن تم اختياري للمشاركة في وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور علي محي الدين القرة داغي الأمين العام للاتحاد، وعضوية المدير التنفيذي للاتحاد المهندس وليد الحيدري، على أن يلتحق بالوفد علماء أستراليا على رأسهم مفتي أستراليا ونيوزلندا الدكتور ابراهيم أبو محمد والدكتور عزالدين أبو سردانة ومن يحضر من أعضاء الاتحاد هناك؛  وذلك لمواساة إخواننا المسلمين الذين تعرضوا للهجوم الإرهابي الشنيع  في مسجدي النور وحمزة بن عبد المطلب أثناء أدائهم صلاة الجمعة، ولتقبُّل العزاء نيابة عن المسلمين متمثلة في علماء الأمة الإسلامية، خاصة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم في عضويته أكثر من 95000 عالم وكثير من الهيئات والمؤسسات الشرعية من مختلف أنحاء العالم، وكذلك لشكر الحكومة والشعب النيوزيلنديين على وقوفهم الشجاع في الانتصار للمظلومين..
ورغم إكبارنا لمواقف الكرم والحفاوة التي قُوبلنا بها من قبل مسلمي نيوزلندا وأستراليا؛ لكنها لم تفاجئنا من إخوة مسلمين رحبوا بمن جاء يواسيهم من مكان بعيد، لكن الذي أبهرنا هو ما لمسناه بأيدينا وشاهدناه بأعيننا من كرم وعاطفة جياشة، تجاوزت حدود التعاطف من جميع سكان نيوزيلندا؛ مسلمين وغيرهم ومن هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر:
* حفاوة الاستقبال عند وصولنا نيوزلندا كانت من المطار مباشرة حيث كان في استقبالنا عدد من مشايخ نيوزلندا وأستراليا، وكان من محاسن الصدف أن التقينا سعادة السيد سعد بن عبدالله آل محمود، سفير دولة قطر في أستراليا أثناء مرورنا (ترانزيت) في مطار سدني الاسترالي، حيث تقدم إلينا مرحبا بنا ومعرفا بنفسه، وأخبرنا أنه ذاهب إلى نيوزلندا لنفس الهدف، وسافرنا معا بنفس الطائرة إلى نيوزلندا.
* عند زيارتنا لمكان غسل وحفظ جثامين الشهداء وجدنا عددا كبيرا من الشباب المسلم من الجالية المسلمة في نيوزلندا وأستراليا وأغلبهم أطباء من أصول مختلفة كالهندية والباكستانية والمصرية وغيرها.... وأجلسونا في صالة جانبية، وطلبوا منا الانتظار لحين الانتهاء من غسل شهيدين من أصول أفغانية، وبعد فترة قصيرة ألبسونا لباسا صحيا ودخلنا إلى مغسلة الموتى، ورأينا جثمان الشهيد الأفغاني وبالقرب منه جثمان ابنه الشاب، وكأنهما نائمان، ورأينا خياطات الأطباء لأماكن الطلقات النارية على جثتيهما، وأخبرنا الأطباء أنهم عندما استخرجوا الرصاص وجدوا أن الدماء لازالت تسيل رغم مرور خمسة أيام على حادثة الهجوم.
* وفي يوم الجمعة أقيمت الصلاة في حديقة عامة، واجتمعت أعداد كبيرة من النيوزلنديين حول مصلى الجمعة الذي امتلئ بالمسلمين، والغريب أن كل النساء النيوزيلنديات لبسن الحجاب الإسلامي ابتداء من رئيسة الوزراء وانتهاء بالشرطية التابعة للأمن، وقبل خطبة الجمعة وصلت رئيسة الوزراء جاسيندا اردرن وألقت كلمة هي عبارة عن حديث نبوي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ثم اعتلى إمام وخطيب مسجد النور منبر الجمعة، وألقى خطبة مؤثرة جدا، حيث كان تصفيق النيوزيلنديين- غير المسلمين- مستمرا خلال الخطبة "قلوبنا محطمة لكننا لم ننكسر، نحن على قد الحياة، نحن معاً وكلنا تصميم على ألا نسمح لأحد أن يقسمنا" وقال "لأسر الضحايا أقول أحباؤكم لم يموتوا سدى، فدماؤهم روت بذور الأمل"."
* وفي يوم السبت ذهبنا لصلاة الجنازة في مقبرة المدينة، حيث خصصت مساحة خاصة للمسلمين، والتقينا هناك بالمفتي العام لأستراليا ونيوزيلندا الدكتور إبراهيم أبو محمد وعدد من العلماء، ثم حضرنا وليمة غداء أقامها المفتي، ثم اجتمعنا بعلماء أستراليا وعلى رأسهم فضيلة المفتي ورئيس مجلس الأئمة وعدد من العلماء الكرام.

 * موقف آخر حدث معنا خلال زيارتنا للمصابين في مستشفى CDHB، حيث جئنا فجأة إذ لم نكن نعلم أنه يجب أن يكون هناك موعد، وعند قدومنا التقينا المديرة وكانت إنسانة طيبه، أخبرناها أننا جئنا من قطر نمثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكنا قد اتفقنا على أن نشتري بعض الزهور لنتميز عن باقي الوفود، أعجبت بذلك، ورحبت بنا وأخبرتنا أنه لا يمكننا تسليم الزهور للمرضى خوفا من التلوث فارتأينا أن نوزعها على العاملين ففرحوا بها كثيرا وكانت لفته إيجابية جميله. دخلنا جميع الغرف ودعونا للمصابين وكانت فرصة عظيمة.   
* قامت ديبورا مانينيج المحامية المدافعة عن حقوق المسلمين بزيارتنا في الفندق برفقه عدد من الدعاة حيث قابلت الوفد وأبدت استعدادها لتبني الدفاع عن المظلومين من المسلمين..
* التقينا برجل مسن مع أولاده وأحفاده في الشارع المقابل لمسجد حمزة بن عبدالمطلب يوزع المياه الباردة وبعض المأكولات والمشروبات الخفيفة، وكان الجو حارا شيئا ما، أخبرنا هذا الرجل أنه من سكان نيوزيلاندا وأن لديه شركة خاصه تقدم تبرعات منه ومن أولاده للمسلمين، وقال لنا أيضا نحن لسنا منهم نريد أن ندافع عن أنفسنا ومن قام بهذا العمل لا يمثل النيوزلنديين، وغمرنا حقيقة بمشاعر جياشة بدموعه، وكان يوزع بعض الأشياء التي تعلق على صدر الجاكيت وقال بأنه عمل كميات كبيره على حسابه الخاص ووزعها.
* ذهبت لمراجعة أحد المستشفيات مع ممثل السفارة القطرية ورافقني مشكورا الدكتور عزالدين أبو سردانة، تفاجأت بامرأة خمسينية تجلس القرفصاء بجانب الكرسي الذي أجلس عليه، وقالت لن أنهض حتى تعفو عني - تعبيرا عن المبالغة في الاعتذار عما حدث من هجوم على المسلمين في المسجدين، وقالت: نحن مسؤولون عن ما حدث، وأعربت عن رغبتها في دفع فاتورة العلاج، شكرتُها بدوري وطلبت منها عدم الاكتفاء بما يسمع عن الإسلام والمسلمين، بل الاطلاع على المراجع الإسلامية المعتمدة، حتى تكتمل الصورة الحقيقية للإسلام لديهم، فالإسلام دين شامل، دين حب ومحبة .
 فقامت تجاه المحاسب تريد أن تدفع لنا تكلفة المستشفى، فشكرتها وقلت لها تكفينا مشاعركم الجياشة، ثم سألتها عن اسمها، وقالت اسمي ليندا أدمز وأعمل محامية، ورغم أنني رفضت أن تدفع عني تكلفة المستشفى، حيث ظننت أن مندوب السفارة هو من دفع المبلغ، إلا أنني تفاجأت بعد يومين عندما أخبرني الدكتور عزالدين ابو سردانة أنها هي من دفعت تكلفة زيارة الطبيب.
* وفي نهاية زيارتنا لنيوزيلندا، وعندما هممنا بالمغادرة نصحنا مرافقنا عدنان السغافين وهو من سكان نيوزلندا أن نأخذ عسلا نيوزلنديا جيدًا اسمه مالوكا، ذهبنا إلى مكان التوزيع كان مكانا جميلا جدا وقابلنا مدير المحل بعد أن علم أننا مسلمين فرحب بنا واعتذر لنا هو الآخر، وشرح لنا بإسهاب أنواع العسل كما دخل مكتبه وأخرج بعض الهدايا وزعها على أعضاء الوفد وطلب التقاط صور تذكارية معنا، والكل يقول سامحونا، وبعد مغادرتنا المكان وتدقيق الفاتورة لاحظتُ أن السيدة المحاسبة أخطأت في الحساب، حيث دفعنا نصف السعر المتفق عليه، فأخبرت الشيخ على القرة داغي بذلك وقررنا الرجوع إلى المحل، فرجعنا لندفع الفرق فقالت المحاسبة: "أنا على دراية بذلك، المبلغ خصم كهدية لكم من مدير المحل"، فاختلط الشعور بين التعجب والسرور .
 تلك البلاد وشعبها تحتاج لمن يهتم بها لأن معظم أهلها لا يزالون على فطرتهم السليمة، وسيكون لمعرفتهم الصورة الحقيقية للإسلام الأثر الكبير في حياتهم.
كتبه:
د. محمد بن سالم اليافعي مدير فرع الاتحاد بقطر


: الأوسمة



التالي
في قاعة المحكمة ...
السابق
معاني الصوم وذكرياته

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع