البحث

التفاصيل

إنك لا تزال عنيفا

الرابط المختصر :

إنك لا تزال عنيفا...!
فضيلة الشيخ : محمد #الغزالى 
اطلع بعض الصحاب على نبذ من كتابي " الاستعمار أحقاد وأطماع " ، ثم قالوا: إنك لا تزال عنيفا...! ففزعت لهذا الاتهام، وتحيرت فى بواعثه وشواهده!.
إن العنف خليقة مرذولة ما أحب أبدا أن أتصف بها.ثم إن العنف أول مظاهر العدوان، ولست أضيق بشىء فى حياتى كما أضيق بالمعتدين وسيرتهم. لوددت أن الأرض تصفر منهم، وتخلو من أشباحهم، حتى تهدأ الحياة، ويستريح الأحياء...
لكن لماذا اتهم بالعنف؟ أو أنسب إلى خُلق أبغضه؟ هل شدة السخط على الباطل، ورفع العقيرة فى استنكاره يعدان عنفا؟ ما أظن ذلك حقا!
إن المستقيم مع طبائع الأشياء أن تغضب إذا وجدت حقا ينهب أو حقيقة تغير. والمستقيم مع طبائع الأشياء أن يشتد غضبك إذا وجدت الناهبين والمغيرين يمضون فى طريق الحياة، وكأنهم لم يصنعوا شيئا يؤاخذون به!!
فإذا بلغ الجور على الحقوق، وبلغ التحريف للحقائق مرحلة أنكى وأحرج فماذا تصنع؟ ماذا تصنع؟ إذا استحر القتلى فى المدافعين عن أوطانهم وعقائدهم واعتبروا مجرمين؟واعتبرت قضاياهم ليست أهلا للنظر فيها؟ وذلك فى الوقت الذى يتبجح فيه القتلة، ويلبسون شارات العدالة والرقى؟؟
ماذا تصنع إذا تواطأت عشرات الدول على إبقاء السجين يرسف فى قيوده، والبرىء يتشحط فى دمه، والأحرار المكافحين يتساقطون لفيفا بعد لفيف، واللاجئين المطرودين يهلكون فوجا بعد فوج؟؟.
ماذا تصنع إذا رأيت الخناصر قد انعقدت على محو رسالة كبيرة كالإسلام، و إهانة أمم شتى لأنها تعتنق الدين الحنيف؟ والضن عليها بالحياة ما لم تنحرف عن شرائعه، وتتنكر لتعاليمه!
فإذا بدا أنها مستمسكة به، أو أن الأحوال فيها تؤذن ببقائه، أو بعض الوفاء له، شنت عليها الحروب حامية وباردة!!
ماذا تصنع والحالة هذه؟ أتبتسم ابتسامة الرضا، أو ابتسامة المداهنة؟
إن اللطف ـ مع هذه المآسى ـ مرض ينبغى علاجه!! والعنف فى التعبير أقل شىء يقدمه كاتب فى فؤاده غيرة على الحقائق التى يجب أن تعرف، والحقوق التى يجب أن تصان..!
إن الاستعمار هو طارد المسلمين من فلسطين وواهبها لليهود. وهو طارد المسلمين من الجزائر وواهبها لفرنسا. وهو كاسر جناح المسلمين فى لبنان والحبشة مع كثرتهم .
وهو الذى يرهب اليوم الشعوب المتحررة، ويراودها عن عقائدها وشرفها... وهو الذى يبسط يده بالأذى حينا، وبالرشوة حينا، ليقيم حجابا بين حاضر المسلمين وماضيهم، فأما عاشوا مرتدين أتباعا لغيرهم.. وأما.. فلا حق لهم فى الحياة!.
أهذا وضع يقبله كريم، أو يرتضيه إنسان ما؟!
لقد بنينا فى الماضى حضارة من أزكى الحضارات التى عرفتها الدنيا، أو ذاك ما نزعمه على الأقل فيما لدينا، وفيما صنع أسلافنا!!. فمن العبث فتنتنا عن مواريثنا المقدسة بالقسر.
وقد حكى التاريخ قصة صراع طويل دام بيننا وبين غيرنا، فهل من الحكمة استدامة هذا النزاع، واستبقاء ثاراته، تهيج الأحقاد، وتقطع الأكباد؟
إن السياسة التى رسمتها دول معروفة لاجتياح الإسلام، وفض مجامعه، واجتثاث جذوره من أرضه، هذه السياسة لن تنتج إلا البلاء لأصحابها، فإن الإسلام لن يموت، وأهله الذين يبادون تارة، ويطردون من مدنهم وقراهم تارة أخرى، سوف ينسلون من يغضب لهم يوما ومن لا يتهم بعنف إذا ملأ يديه بالقصاص الرهيب!!
إن مستقبل العالم يكتنفه الشؤم من كل ناحية، ما بقى الاستعمار ماضيا فى خطته الآثمة: يسترق العباد، ويستغل البلاد. وما بقى على الخصوص فى بلاد المسلمين، يجتهد فى تمزيق أوصالهم، وافساد ضمائرهم وأفكارهم، وتقديم حقوقهم هدايا للطامعين والجائعين!!.
والكاتب المسلم لا يلام إذا غدا أو راح وهو يهدر ويزمجر مشيرا بيديه كلتيهما إلى وجوه البغاة يستنزل عليها اللعنة، ومستفزا قومه كى يرجعوها وعليها صفرة الخزى، إن لم يرجعوها وعليها لطمات القمع والتأديب...
أهذا هو العنف الذى يلاحظ على؟ ليكن، فما يستحب العنف فى موطن استحبابه فى هذه المواطن!
إنني أريد أن ترسخ فى الأذهان هذه الكلمة: " إن الاستعمار أحقاد وأطماع! وأن مستقبلنا لن يضىء إلا إذا نجا من حقد الحاقدين، وطمع الطامعين ".
من كتابه #الاستعمار_أحقاد_وأطماع


: الأوسمة



السابق
الاتحاد ينعي العالم المربي الدكتور عبداللطيف عربيات رئيس مجلس النواب الأسبق، رحمه الله.

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع