البحث

التفاصيل

أكثر من 60 يومًا من القصف.. «دير الزور» تفقد كل الأرواح والدواء والطعام

الرابط المختصر :

القيامة، هولوكوست دير الزور، أعنف هجوم في سوريا، كلمات حاول باستخدامها النشطاء السوريون إيصال حقيقة ما يحدث في محافظة «دير الزور»، لكن ما يحدث في تلك المحافظة من الصعب إيصاله بالكلمات، فمدن المحافظة شبه خالية من سكانها، وحال النازحين النيام في العراء يزداد سوءًا، فهم جياع لا يجدون طعامًا ولا دواءً، يستمر ذلك بينما يجتمع سلاح جميع الأطراف المشاركة في الحرب السورية، على سكان دير الزور، بغية تحقيق مصالح تحت ذريعة طرد «تنظيم الدولة».

«دير الزور» السكان فقدوا كل شيء

25 مجزرة، ويزيد الرقم كلما شنت المزيد من الغارات الجوية، والبراميل المتفجّرة، والقنابل العنقودية والفسفورية، والصواريخ البالستية على محافظة دير الزور، الواقعة شرقي سوريا.
في مدن المحافظة ورغم موجات النزوح الضخمة يعيش مئات الآلاف من المدنيين مأساة إنسانية مفجعة، يتعرضون لقصف عشوائي مكثف، أفقدهم أرواح المئات منهم، وأتى على كل مقومات الحياة من  الرعاية الطبية، وإمدادات المياه، والغذاء، والضربات الجوية المباشرة تستهدف المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس والنازحين.
يقول المدير التنفيذي لـ«شبكة دير الزور 24»، عمر أبو ليلى أن مدينة الميادين التي تعد العاصمة الأمنية والاقتصادية لـ«تنظيم الدولة»: «أصبحت مدينة أشباح بالكامل والقصف الجوي العنيف جعل سكانها يهربون منها، إضافة أن هناك قتلى لا يزالون تحت الأنقاض، منذ أيام ولا أحد ينقذهم لانعدام وجود الدفاع المدني، وهناك نسبة لا تتجاوز واحدًا بالمائة اليوم من أهالي الميادين موجودة في المدينة»، ويضيف في حديثه لـ«عربي 21»: «التحالف الدولي لا يهتم للقتلى المدنيين في الرقة، فهو ارتكب مجازر عدة فيها والذريعة كلها محاربة الإرهاب».
ويؤكد نشطاء حملة «هولوكوست دير الزور» في بيان لهم أنه خلال: «60 يومًا من القصف المستمر والحملة العسكرية على محافظة دير الزور شرق، لم يترك سلاحًا لم يُجرب فيها، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم الدولة»، ويشير البيان إلى أن معدل النيران والقوة المفرطة التي استخدمت من جميع الأطراف لا تستطيع مدينة تبلغ مساحتها 33 ألف كم) تحمله، وحسب البيان الذي صدر قبل يومين فإنه: «خلال 60 يومًا تعرضت دير الزور لأكثر من 1000 غارة جوية، نتج عنها ما يقارب 600 قتيل وأكثر 1500 جريح نصفهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى تدمير 500 منزل فوق رؤوس سكانها ونزوح 250 ألف مدني من منازلهم ليناموا في العراء».

نازحو دير الزور إلى جحيم آخر

«اضطررنا لقطع طريقٍ طويلة ومحفوفة بمخاطر القصف من الأعلى، والألغام المزروعة أرضًا، علاوة على جشع المهرّب الذي تقاضى مني مبلغًا كبيرًا»، شهادة رب أسرة مكونة من عشرة أفراد يدعى «أبو حميد»، بعد أن نزح من قرية حطلة، الواقعة في ريف دير الزور الشرقي.

تحت وطأة الغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية والنظام السوري من جهة، وتلك التي تنفذها طائرات التحالف الدولي من جهة أخرى، اضطر أكثر 180 ألف مدني دير الزور للنزوح، حتى باتت مناطق في المحافظة لا يوجد فيها أية من السكان، ويسجل خروج أكثر من 1000 امرأة ومسن يوميًا كنازحين من دير الزور، حيث يلجأ هؤلاء إلى القرى الجنوبية في ريف الحسكة، حيث يسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بينما يبقى بعض النازحين عالقين في بادية الـذرو، فأقاموا خيمًا بدائـية، واستـخدموا السـيارات للمبـيت، ويذهب آخرون إلى مخيم «السد» الذي يفتقر كليًا إلى مقومات الحياة، ولذلك يقدر الصحفي «سامر العاني» الذي يقطن دير الزور وصول عدد سكان المحافظة الآن إلى نحو 970 ألفا حتى منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أن كان عددهم قبل الأزمة نحو 1.6 مليون نسمة.

ويعيش النازحون في مخيمات تفتقر إلى أدني مقومات الحياة، وظروفهم غاية في الصعوبة بسبب غياب دور المنظمات الإنسانية، فالشريحة الأوسع هم من الأطفال والمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية صحية وغذائية خاصة،حيث لا توجد جهات مختصة لتأمين الاحتياجات الأولية على الأقل لهم.

وفي ريفي الرقة والحسكة حيث المخيمات التي تسيطر عليها (قسد) يعاني النازحون من ظروف معيشية صعبة، يقول أبو حميد لـ«الأناضول» عن المخيم الذي وصل إليه في محافظة الحسكة: «ما اكتشفته كان أكثر مهانة مما كنت عليه، لم نجد فراشًا ولا أغطية ولا حتى ماء للشرب، فيما يغيب الغذاء والدواء نهائيًا عن المكان، بالإضافة لافتقاره لدورات مياهٍ لجميع هؤلاء الناس».

وتضيق الميليشيات الكردية على النازحين، فتمنعهم من الخروج من المخيمات إلا وفق شروط تفرضها عليهم، وتنشر  الحواجز على الطرق الفرعية والرئيسية لمنع وصل المزيد من النازحين، كما تفرض عليهم ما تسميه بـ«كفالة» في محاولة لتعجيزهم عن الدخول للمخيمات.

المؤسسات الدولية يقلقها دموية الوضع في دير الزور

«ينقل زملائي قصصًا مروعة مثل عائلة تضم 13 فردًا فرت من مدينة دير الزور فقدت عشرة من أفرادها في ضربات جوية وانفجار عبوات ناسفة على الطريق»، جزء مما قالته رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا «ماريان جاسر».

وبسبب معارك دير الزور وصف منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بـالأكثر دموية في سوريا خلال العام 2017،أما منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة الإنسانية «بانوس مومتزيس» فأكد على: «أن الضربات الجوية المباشرة استهدفت المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس والنازحين الفارين من العنف، مما أدى إلى مقتل وإصابة المدنيين الأبرياء».

وقال «متزيس» في بيان صحافي: «أن شهر سبتمبر (أيلول) كان الأكثر دموية في عام 2017 بالنسبة للمدنيين، حيث وردت تقارير يومية عن وقوع هجمات على مناطق سكنية أسفرت عن مئات الوفيات والإصابات»، وفي 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، تمكنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين من إيصال أول قافلة مساعدات دولية عن طريق البر إلى مدينة دير الزور، وذلك بعد أن اقتصرت في إيصال مساعدتها على عمليات الإسقاط الجوي خلال شهور الماضية، ويقول  المتحدث باسم المفوضية، أندريه ماهيسيتش : «قامت شاحناتنا بجلب المساعدات من مستودعنا في حمص، وبالطبع مع استمرار القتال العنيف حول دير الزور والرقة، نكرر دعوتنا إلى حماية السكان المدنيين وتأمين ممر آمن لهم من مناطق الصراع واحترام مبادئ القانون الإنساني الدولي».

ولم يستمر الوضع كثيرًا، لتعلن المفوضية خلال الأيام القليلة الماضية على عدم قدرتها على إيصال مساعدات إنسانية إلى محافظة دير الزور السورية بعد قطع القتال لطرق تستخدم في الإمدادات التجارية والإنسانية، وقد وصل الأمر لصعوبة إيصال المساعدات حتى إلى مناطق نزوح سكان دير الزور.

سباق محموم يفضح مطامع القوى الدولية في سوريا

تُشن الآن أعنف حملة قصف جوي على مناطق سيطرة «تنظيم الدولة» في سوريا، فتدك دير الزور من حملتين عسكريتين متزامنتين، الحملة الأولى، تقوم بها القوات الروسية وقوات النظام السوري والميلشيات الإيرانية، والثانية التحالف الدولي، وميليشيا (قسد).

فقبل انتهاء معركة «الرقة»، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن بدء حملة عسكرية تدعهما قوات أمريكية في محافظة دير الزور تحت اسم «عاصفة الجزيرة»، للتحرك من الجانب الآخر قوات النظام وحلفائها، وتستمر معركة تلك الأطراف بينما يقع سكان دير الزور، تحت جحيم المجازر والعوز والنزوح.

في الحقيقة، فدافع انتزاع المحافظة من قبضة «تنظيم الدولة» ليس هو المحرك الأساسي لذلك الصراع، فالسباق الدولي القائم يهدف إلى تحقيق سيطرة على المحافظة التي تضم أهم حقول النفط والغاز في سوريا، وهو سباق محموم سيعيد تشكيل خارطة القوى الدولية من جديد، فواشنطن وحلفاؤها تريد الوصول إلى تلك الحقول قبل وصول الروس وقوات النظام، أما موسكو التي تولي أهمية كبيرة لهذه المنطقة، فهي مصرة على حسم المعركة لصالحها، لتقوية نفوذها، الذي تظهره زيارة العاهل السعودي «سلمان بن عبد العزيز» لموسكو، والذي وصف بأنه «موافقة ضمنية» من السعودية على بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة.

ولا تبعد إيران عن هذا الصراع، فهي لن تتخلى عن أحلامها في المنطقة، وتنقل شبكة «أورينت نت» عن ناشطين من دير الزور قولهم إن : «حجم القصف العشوائي الذي يستهدف المناطق السكنية والمراكز الطبية يُمثّل رسالة واضحة من النظام وروسيا بأنه عليكم مغادرة المحافظة»، وذلك في ظل انتشار الميليشيات الإيرانية في أحياء القصور والجورة التي لم تخف سرًا أنها تريد احتلال كامل دير الزور وتحقيق الحلم الإيراني بفتح طريق من رأس الناقورة في لبنان إلى قم مرورًا بسوريا والعراق، حسب تقرير الشبكة.

ساسة بوست


: الأوسمة



التالي
عبر أثير إذاعة القرآن الكريم.. أخلاقيات التعامل مع الآخرين ببرنامج "كيف أصبحت"
السابق
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينعى فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبد الرزاق الكبيسي رحمه الله

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع