البحث

التفاصيل

العلامة القرضاوي وقوائم الإرهاب!!

الرابط المختصر :

 ويستطيع أي راصد لعطاء القرضاوي الفكري والعلمي أن يجد موقفه من الإرهاب والعنف والتطرف مبثوثا في كتبه

 هذه ليست نكتة سخيفة صدرت عن إنسان مهزار، احتسى أكثر من كأس كي يصل لهذه المرحلة من التخريف والهلوسة، ولكنها سماجة فجة قامت بها مخابرات دولة معينة، موحية بذلك إلى دول دول أخرى كي تضع العلامة القرضاوي على قائمة الإرهاب، القرضاوي الذي لو جمع جهد هذه الدول الأربعة في مواجهة التطرف والإرهاب والعنف، ووضع في كفة، ووضع جهد القرضاوي العلمي والعملي في كفة قبالتهم لرجحت كفة القرضاوي، من حيث السبق في مواجهة التشدد والتطرف، ومن حيث الأثر المقبول لدى الجميع، ومن حيث الاتزان في الطرح، كل ذلك يصب في صالح العلامة القرضاوي في موقفه من الإرهاب والعنف والتطرف، مقارنا بجهد مشايخ السلطة في هذه البلدان الأربعة، والسلطة نفسها، فتاريخ القرضاوي العلمي والدعوي حافل بهذا الجهد الذي يشهد به القاصي والداني، ولو قام مساعد باحث صغير في دولة من هذه الدول بعمل ببلوجرافيا لمقالات وبحوث وكتب القرضاوي التي تناولت وعالجت وبينت الموقف من الإرهاب والعنف، لاكتشفوا كما هائلا من الفكر والبحث لا يتوافر عند عالم آخر، ولا يدانيه في ذلك إلا أستاذه العلامة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، والذي يأتي بعده من حيث ترتيب الكم. وكلاهما من مدرسة فكرية واحدة، تعاديها هذه الدول.

البداية
بدأ القرضاوي مسيرته العلمية كتابة وتأليفا سنة 1960م، بكتابه: (الحلال والحرام في الإسلام) والذي هاجمه المتشددون بسبب تبنيه منهج التيسير لا التشدد، وأطلقوا عليه اسم: (الحلال والحلال في الإسلام)! أما كتب الشيخ التي تناولت التحذير من العنف والإرهاب والتطرف، فهي كثيرة جدا، وأبرز ما يميزها أنها لم تكن ككتب شيوخ السلطة في هذه البلدان وغيرها، والتي تركز على عنف الأفراد ضد الحكومات، مغفلة عن عمد عنف الأنظمة ضد الشعوب، وهو عنف أخطر وأشد أثرا من عنف الأفراد، رغم تحريم الإسلام لكليهما، لكن محاسبة الأفراد يختلف عن محاسبة الأنظمة التي من المفترض أنها موجودة لحماية الإنسان، ومنع الاعتداء عليه، فما بالنا وهي التي تمارسه، ويلوذ المشايخ بالصمت نحوهم، ترهيبا أو ترغيبا، وهو ما لم يحدث من القرضاوي حفظه الله.

كما أن القرضاوي كتب مواقفه العلمية انطلاقا من إيمانه بذلك، وقناعته بهذا الفهم عن الإسلام، بخلاف من يكتبون من مشايخ السلطة ومفكريها، بأمر الحاكم، أينما توجه كان معه، وهو فرق منهجي كبير، ففرق بين من منطلقه الإسلام، وتبليغ رسالة الله، خشية له وحده، وبين من يدفعه لذلك بطش حاكم، أو إغراؤه له، وبين من يتبع الدليل الشرعي أيا كان المخطئ، ويقولها من دون وجل ولا خوف على رزق أو عمر، متخذا قوله تعالى: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا) الأحزاب: 39، شعارا ومنهاجا.

عنف الأنظمة ضد الشعوب:
لقد كتب القرضاوي في أكثر من كتاب يحذر من استبداد السلطة، وعنفها ضد الشعوب، ففي كتابه: (فتاوى معاصرة) الجزء الثاني فتوى مفصلة عن الديمقراطية، وهل هي كفر، يبين فيها حملة القرآن الكريم على الحكام الظلمة، والفراعين المعاصرة والسابقة، وعلى الاستبداد بوجه عام. وفتاوى أخرى عن التعذيب، وحكم العمل في هذه المؤسسات التي تمارس التعذيب ضد المواطن.

وفي موسوعته: (فقه الجهاد) تناول عنف الأنظمة ضد الشعوب، وفي كتابه: (من فقه الدولة في الإسلام) عند حديثه عن خصائص الدولة التي يبنيها الإسلام، وأنها دولة هداية لا دولة جباية، لا تعنى بحلب أموال الناس، وابتزازهم، ولا بتعذيبهم.

موقف القرضاوي من التطرف والتكفير:
موقف القرضاوي من التطرف الديني والتكفير مبكر جدا، فمن أولى الرسائل التي ألفها، رسالته: (ظاهرة الغلو في التكفير)، وفتاوى عن التكفير واعتزال المجتمع، تراها مبثوثة في مجلدات الفتاوى الأربعة للقرضاوي، ثم كتابه الذي أصدرته مجلة (الأمة) القطرية، بعنوان: الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف، وقد ناقش فيه بإنصاف أسباب التطرف، ما هو عائد للأفراد، وما هو سبب رئيس فيه سببه الأنظمة الفاسدة المستبدة، وما هو سبب فيه تقصير العلماء نحو الشباب. في طرح شامل ومتزن وعاقل، مستند للكتاب والسنة، وصحيح الفقه المستند على الأثر والنظر.

العنف ضد غير المسلمين في بلادنا والغرب:
وكتب القرضاوي في أكثر من كتاب له يشن حملة على ممارسة الإرهاب والعنف ضد غير المسلمين، سواء كانوا أقلية في بلادنا، أو كانوا أكثرية في بلدانهم الغربية، فكتب كتابه: (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي) هذا عن الأقلية غير المسلمة في بلاد المسلمين، وحقوقهم، وواجباتهم، وتحريم وتجريم الاعتداء على أموالهم، أو دمائهم، أو أعراضهم، في بيان واضح، وحجة ناصعة، لا التواء فيها ولا مداراة، ولا مجاملة. أما عن موقفه من العنف والإرهاب في بلاد غير المسلمين، والتي يكون فيها المسلمون أقلية، والأغلبية غير مسلمة، وهي التي تحكم، كبلاد الغرب، فقد بين في أكثر من موقف، وأكثر من كتاب موقفه من العنف في هذه البلاد، ورفضه التام له، وتجريمه له، ومن ذلك كتابه: (الإسلام والغرب)، و(الإسلام والعنف.. نظرات تأصيلية)، و(فقه الجهاد) و(في فقه الأقليات المسلمة).

أما جهده العملي في ذلك، فقد كان مع مجموعة من العلماء الذين شاركوا بتأسيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وهو رئيسه، وهو مجلس معني بالبحث والإفتاء في قضايا المسلمين في الغرب، والعمل على دمجهم في المجتمع الأوروبي دمجا يجمع بين التمسك بالدين، والتفاعل مع المجتمع، وفق قاعدة سعى والمجلس لتنفيذها مفادها: تمسك بلا انغلاق، واندماج بلا ذوبان. أي العمل على تمسك المسلم بدينه دون أن يكون منغلقا أو جامدا، وأن يندمج مع المجتع والناس دون التفريط في مسلّمات دينه، وهو مجلس قام بعمل توازن فكري وفقهي للمسلمين في الغرب، وتصحيح مفاهيمهم من حيث العمل السلمي والمواطنة الصالحة.

العنف ضد السياح:
وكتب القرضاوي أكثر من فتوى في ذلك، ومفصلا في أكثر من كتاب، وأكثر من خطبة على منبر مسجد (عمر بن الخطاب) بالدوحة، وعندما حدثت حادثة (مذبحة الأقصر) مع سياح أجانب في مصر، خطب خطبة عصماء استنكر فيها ذلك، وجرم وحرم الفعل، وقتها تحدث صفوت الشريف وزير الإعلام المصري في عهد مبارك، مع الأستاذ الإعلامي الراحل أحمد فراج، أنه سمع الخطبة وهي رائعة، وأنه مستعد لشرائها بمليون جنيه، فقال له فراج: الأمر سهل، نستضيف القرضاوي في هذا الموضوع وهو يرحب، فرفض صفوت، لأنه يعلم أن القرضاوي الذي يستنكر مذبحة الأقصر، يستنكر في الوقت ذاته مذبحة الأقصى، والأول محبوب لدى السلطة في مصر ومرحب به، لكن الأخرى مرفوضة، وتحرجهم مع الكيان الصهيوني.

أشهر برنامج ديني ضد العنف والإرهاب:
وكان برنامجه الأشهر في العالم الإسلامي كله (الشريعة والحياة)، عشرات الحلقات تناولت كل هذه المحاور من الموقف من الإرهاب والعنف، بل كانت أولى حلقات الدكتور حامد المرواني مع الشيخ بعد انتقال الأستاذ أحمد منصور من البرنامج لبرنامجه: (بلا حدود) و(شاهد على العصر)، كانت حلقات عن الإسلام والعنف والإرهاب والموقف منه، وفي فترة إعداد الدكتور معتز الخطيب للبرنامج، نوقش الموضوع مرات عديدة، في أكثر من محور، وأكثر من مناسبة. بداية بكل أحداث العنف في البلاد العربية، ومرورا بأحداث سبتمبر في أمريكا، وانتهاء بآخر أحداث عنف.

إضافة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي قام القرضاوي بأسيسه في يوليو سنة 2004م، ومنذ تأسيسه لا يترك حدثا إلا ويعلق عليه، وبخاصة أحداث العنف والإرهاب، وموقع الاتحاد مدون عليه كل هذه البيانات، وهي ناطقة نطقا عمليا بموقف الاتحاد ومؤسسه ورئيسه الشيخ القرضاوي من العنف والإرهاب.

مؤلفات للقرضاوي ضد العنف والإرهاب:
ويستطيع أي راصد لعطاء القرضاوي الفكري والعلمي أن يجد موقفه من الإرهاب والعنف والتطرف مبثوثا في كتبه التالية: الحل الإسلامي فريضة وضرورة. التطرف العلماني والإسلام.. نموذج تركيا وتونس. الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف. الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد. ظاهرة الغلو في التكفير. فتاوى معاصرة. الإسلام والعنف نظرات تأصيلية. الإسلام والغرب. غير المسلمين في المجتع الإسلامي. من فقه الدولة في الإسلام. فقه الجهاد. خطابنا الإسلامي في عصر العولمة. الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي. الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم. من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا. أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة. في فقه الأولويات. الإسلام والعلمانية وجهًا لوجه. التطرف العلماني في مواجهة الإسلام. ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. في فقه الأقليات المسلمة. وخطب الشيخ القرضاوي. ومحاضرات الشيخ القرضاوي. كل هذه كتب تناول فيها القرضاوي موقف الإسلام من الإرهاب والعنف، ما بين إيجاز وتفصيل، وهو عطاء علمي كبير يحتاج إلى رسالة ماجستير على الأقل لإبرازه ومناقشته علميا.

إن موقف القرضاوي من الإرهاب والتطرف والعنف، موقف بين واضح لكل ذي عينين، ولكنه يبدو كما قال الشاعر:

قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم

ولكن ما حيلة القرضاوي مع عميان البصائر، ومرضى القلوب والنفوس، وقد أصبح لسان حاله ما قاله الشاعر:

لي حيلة فيمن ينُمُّ وليس في الكذاب حيلة

فما بالنا بمن يكذب وينم معا؟!! وصار المثل المعبر عن موقفه مع هؤلاء، المثل المصري: العين لا تكره إلا من هو أعلى منها.


: الأوسمة



التالي
نشطاء: اعتقال ابنة الإمام القرضاوي انعدام رجولة فاقت أفعال قريش
السابق
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينعي الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور محمد أديب الصالح رحمه الله

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع