البحث

التفاصيل

# حلب_ تحترق وماذا بعد؟!

الرابط المختصر :

للأسف ليست حلب الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يقوم مجرم حرب مثل بشار ومن يعاونه، بإحراق أطفالها وتدمير بنيانها وقتل شبابها ونسائها. حلب تحترق لأن قلوبنا تحجّرت ولم يعد فيها مجال للرحمة والشفقة إلا من رحم. حلب تحترق لأن الحكام العرب والمسلمين أصبحوا دُمًا لا قيمة لهم إلا من رحم، يسيرون ويتكلمون ويتحركون طبقًا لما خطّه لهم المستعمر الأمريكي إلا من رحم. حلب تحترق لأن المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية لا تعرف قيمة إلا للإنسان الغربي والأمريكي، أمّا العربي والمسلم فلا قيمة له، ولا يساوي شيئًا. فهم يتركون الفاسدين والمستبدين ينخرون في عظامنا، ويشعلون الحرائق هنا وهناك تحت مُسمّيات مختلفة، وللأسف قادتنا يسيرون وراءهم ويأتمرون بأمرهم، بحجج واهية مثل "محاربة الإرهاب" الذي هو من صنيعتهم أصلا، ويتركون أمثال بشار والسيسي وغيرهما يجثمون على الصدور ويقتلون ويحرقون، مع استبدادهم، لأنهم في النهاية يحققون مصالحهم.

فكيف نطلب من غير بني جلدتنا نصرة قضايانا؟!

أين الدول الراعية لمفاوضات التسوية السياسية مما يحدث على أرض الواقع، وأينما توافقوا عليه من صفة إنسانية بين الفرقاء المتحاربين، وأين حقوق المدنيين من أبناء الشعب السوري؟! وأين منظمة التعاون الإسلامي من كل ما يحدث؟! بل أين جامعة الدول العربية التي ماتت وتعفنت وتحتاج منّا أن نشيّعها؟! أين العلماء وقادة الرأي والفكر؟! أليس منكم رجل رشيد؟! و الله الذي لا إله إلا هو سوف تُسألون عن كل هذه الدماء التي تُسفك صباح مساء في أرض العرب والمسلمين، وسوف نُسأل جميعًا أفرادًا وجماعات على تقصيرنا تجاه قضايانا المصيرية.

أقول: إن لم نتحرك لإنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ من عبث العابثين، وتجبُّر المتجبرين، فسوف يعمنا الله بعذابه، "وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" (محمد: 38) . فالوقوف ضد بشار الأسد المجرم، الذي يقتل شعبه، واجب شرعي وأخلاقي وإنساني، ومواجهته بكل حسم فريضة الوقت. ألا يكفي مئات الآلاف الذين قُتلوا، والملايين الذي شُردوا؟!

ومن ثمَّ أرى أن هناك أدوارا لكل منّا، فالعلماء وقادة الفكر لهم دور، والإعلام الواعي له دور، وكل فرد من أفراد الأمة له دور. فما هي حقيقة هذه الأدوار؟

أولًا: دور العلماء وقادة الفكر: السعي إلى توحيد صفوف الأمة، وجمع الكلمة ضد العدو الداخلي والخارجي، والتحلي بالشجاعة والإقدام في مواجهة الأمور دون تردد أو خوف، وتثبيت الأمة ودعوتهم إلى الوقوف ضد الباطل وأهله، خصوصا من يسفك الدماء وينتهك الحرمات، والصدع بكلمة الحق في وجه كل ظالم وباغ، سواء كان حاكمًا أو محكومًا حتى يرتدع، وكشف حال أهل الباطل، ونصرة المسلمين بكل ما يستطيعون، وكشف مخططات الأعداء وتحذير الأمة من الارتماء في أحضانهم، وأن يكونوا مرجعًا للأمة في الأزمات.

ثانيًا: دور الإعلام الواعي: تسليط الضوء على ممارسات بشار الإجرامية ومن يعاونه، وكشف حقيقتهم أمام العالم، وتوعية الشعوب العربية والإسلامية بخطورتهم على البشرية، واستنهاض همم الناس للوقوف مع إخوانهم في سوريا بالدعم المالي والمعنوي، والرد على كل من يدعم بشار وأمثاله بالحجج القوية، وتبيين أن هذه الاستكانة ستدمر الجميع وتأتي على الأخضر واليابس إن لم نتحرك لإنقاذ بني جلدتنا من يد هؤلاء الفاشيين المستبدين.

ثالثًا: دور الأفراد: لا يجب أن نكتفي بالدعاء فقط، مع أهميته ودوره الكبير في إنزال رحمات الله، ولكن هناك أدوارا ومهام كثيرة، منها: إيقاظ الوعي بالتحرك بين الناس لتعريفهم بالمخططات التي تحاك بالأمة، والاتصال بالبرامج التي تسمح بالمداخلات وإيصال الرؤية الصحيحة لأكبر عدد ممكن من الجمهور وتصحيح المعلومات الخاطئة التي تنشر في بعض وسائل الإعلام، وفضح الأنظمة التي تقف مع القتلة والمفسدين في وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، وتوتير، واليوتيوب) ، مع الاعتماد على المصادر الموثوقة.

أختم وأقول: لابد من التحرك بكل الوسائل الممكنة لإيقاف المجازر اليومية في سوريا، التي أصبح الإنسان فيها بلا قيمة، وإهدار دمه بلا ثمن. فقد رأينا حينما قُتل ريجيني في مصر توحدت أوروبا، وبعد أن قتل بشار نصف مليون في سوريا نام العرب ولم يفيقوا!


: الأوسمة



التالي
الغنوشي: التاريخ لا يعود للوراء
السابق
تفكيك منظومات الاستبداد (٩)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع