ذهبت عشية الجمعة الرابع من ماي 2012 الى الجامع اللخمي بصفاقس، ودخلت مقصورة الامام رضا الجوادي فوجدت فيها جمعا طيباً من بينهم رجل ما إن رايته حتى عرفت أنه منذ سنوات وهو يدخل بيتي وبيوتكم ليتحدث إلينا ونحن نستمع اليه لا نصافحه بأيدينا ولكننا نصافحه بعيوننا وقلوبنا... في وجهه صفاء كصفاء وبياض لباسه. وفي عينيه نور، ولحيته السوداء الجميلة النظيفة تذكرني وتذكركم بلحية الملك المجاهد المرحوم منصف باي.
هذا الرجل الذي كان وما زال يطل علينا احيانا عبر فضائية الجزيرة في ضوء برنامج الشريعة والحياة هو الدكتور العراقي مولدا والقطري اقامة علي القره داغي.. صافحته أول مرة، وجلست اليه وهو يحدث جلساءه دون كلفة فيشجعهم بذلك على القول على القول وعلى الاضافة اضافة جاء الى صفاقس ضيفا مكرما بمناسبة انعقاد مؤتمر الفقه السياسي.
صلينا جميعا صلاة المغرب، ثم جلس أمام المحراب وتحدث بلغة سهلة يفهمها العامة والخاصة، تحدث عن السماحة في الاسلام دون تكلف لأن السماحة في الاسلام طبيعة من طبائعه وليست مصطنعة من مصانع السياسة.
تحدث عن السماحة في القران والسنة، وعن السماحة في العبادات والمعاملات وعن السماحة في التنفيذ والتطبيق وله في كل قول شهادة ودليل.
تحدث حديث العالم العارف بعيدا عن جفاف العلم والعالم، فقد أروى بيانه من نهر الواقع والوقائع فشد اليه السمع والبصر.
تحدث بالصوت الصادق للحاضرين والحاضرات والغائبين والغائبات فجمع في بيان حديثه بين السنة والشيعة والاباضية والسلفية وأهل الدعوة ودعا الجميع الى الوحدة التي تجمع بينهم كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله ويجمع بينهم جميعا دين الاسلام ورسالة السماء المنزلة على خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.
تحدث الدكتور علي بالصوت الصادق عن الشيوعيين والعلمانيين وعن اليهود والنصارى بكل ادب فدعاهم ودعا المسلمين والمسلمات الى الحوار معهم ومجادلتهم بالحكمة وفتح الابواب في وجوههم لاقترابهم منا واقترابنا منهم بمفتاح (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) واعتقد أن حديثه بصوته الصادق البعيد عن كل تحجر وتعصب لو استمعت اليه كل الفرق والملل والنحل واصحاب المعاصرة والحداثة والايديولوجيات المخالفة لوجدوا أنفسهم يقولون بصوت واحد لهذا الصوت (الله أكبر) وسمعوا الدكتور يقول لكل الدعاة ليس لأحد حق التكفير فأنتم ونحن دعاة ولسنا قضاة.
ما بين المغرب والعشاء ساعة ونصف قدّم فيها محاضرة حول السماحة الحقيقية في الاسلام وأجاب عن أكثر من خمسين سؤالاً اجابات فيها الايجاز والجواب والبيان – وكان في كل اجوبته عارفا بعصره وما في شؤون عصره، وكان في اجوبته ميسراً ومبشراً فهل وصلكم صوته؟ اسأل وأحب أن أفهم.