البحث

التفاصيل

بين الجفري الواعظ والقرضاوي العالم (وليد أبو النجا)

الرابط المختصر :

فيحسن بي أن أطمأنك إلى أن رسالتك وصلت بحمد الله، ولكن ليس لفضيلة الشيخ القرضاوي، فربما ضاق وقته عن مطالعتها، ولكنها وصلت لتلاميذه، وكما انْتُدبتَ لكتابة هذا المقال، فقد انتدب تلاميذ الشيخ واحدا من عُرضهم، ليس أكثرهم علما، ولا أعلاهم شأنا، ولا أكثرهم ذكاء، ليردَّ عليك، وفيه الكفاية إن شاء الله، ليعلِّمك ما لم تكن تعلم، فليس في العلم كبير، ولا تلازم بين الشهرة، وتصدر المجالس، وتكوير العمامة، وبين العلم والفقه في دين الله سبحانه.


أما ما استنكرته من النصيحة بالتعريض، فهو ألطف ألوان التوجيه على الملأ، وقد استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم، في مواضع عدة، وهو يقول على منبره: "ما بال أقوام يفعلون كذا". وفي هذا الأسلوب ما فيه من التلطف بالمخطئ بعدم الإفصاح عنه، وتوجيهه، وتنبيه غيره على خطأه. وليس فيه تعديا لا صارخا ولا هامسا كما تظن.


وأما ما ذكرتموه من تصريح الشيخ في برنامج" الشريعة والحياة "، فمن يصرح إذا لم يصرح الشيخ القرضاوي بخطأ كبير وقع فيه مسلم سواء كان حاكما أو محكوما؟!!


أما النصيحة التي وسطتم أقران الشيخ في نقلها له ، فمرحبا بالناصح أبد الدهر، ولست في حاجة إلى توسيط أحد، بل يمكن أن تحمل نصيحتك حين تأتي طالبا مقابلة الشيخ القرضاوي.


وأما ما زعمت أنه تجنٍّ ظالم، فهل ما قاله الشيخ القرضاوي حق أم باطل؟ وهل تجرؤ يا شيخ جفري أن تتأكد من صحته بنفسك؟ أو تسأل عنه أولي الأمر الذين تكثرت بمعرفتهم، والجلوس معهم؟!


وليست المسالة مسالة شخصية، فالشيخ يحل كل من وقع في شخصه من التَّبعة في الدنيا قبل الآخرة، كما أحلَّك من الكلام المسف الذي أدليت به على التلفزيون المصري الرسمي إبان الثورة المصرية، يوم وقفت تدافع عن الظالم وتتهم المظلوم - لعلك تذكره وتتمنى أن تنساه وينساه الناس - ولو كانت المسالة شخصية لوجدت الشيخ يهاجم من تدافع عنهم لمقامك عندهم منذ مُنع من الدخول إلى أرضها بعد 11 سبتمبر، بعد أن كان مكرّما مرحّبا به من رجال الحكم في الإمارات كما ذكرت، ولكن الشيخ كما قال الشاعر:


ولا أحمل الحقد القديم عليهم * فإن كبير القوم لا يحمل الحقد


أما ما ذكرتموه من مسألة التكريم، فقد قال الشيخ في هذه الحفلة، وفي كل مناسبة كُرِّم فيها: إنه يعدُّ هذا التكريم تكريما لتيار الوسطية الإسلامية الذي يمثله، ويدعو إليه. ولعلك علمت وقتها - وكنت ما زلت شابا – أن الشيخ تبرع بكامل مبلغ الجائزة للعمل الإسلامي.


أما موضوع الإخوة السوريين فقد أخبر به رئيس المجلس الوطني السوري بنفسه، الدكتور برهان غليون، وعدد من أعضاء المجلس كذلك، طالبين من الشيخ التحرك، وإن كانت الضغوط قد دفعت رئيس المجلس بعد ذلك إلى الإنكار ، ونحن نتفهم موقفه، وإن كنا لا نرضاه.


أما مسألة الاستعانة بالأجنبي، فتلك مسألة طويلة الذيول، وبكلمة مختصرة: الأصل فيها المنع، وإن جازت فبشروط، وقد أشار الشيخ القرضاوي بكل شجاعة في كتابه الفتاوى الشاذة (ص124) إلى أن الفتوى التي تجيز للجندي الأمريكي المسلم المشاركة في الحرب على أفغانستان، قد تدخل في باب الفتاوى الشاذة ، وأنها لم توجه إليه ولم يكتبها، وإنما وافق عليها في الجملة مع عدد من العلماء وعدل بعض عباراتها، وأن السائل صور الواقع على غير حقيقته بصورة ما.


ثم دعك من رأي فضيلة الشيخ القرضاوي، وقل لنا رأيك في الموضوع، خاصة فيما يخص (مالي) وتمويل حملتها وما يتعلق به.


على أن الشيخ لا يدافع عن تنظيم - كما تزعم - وإنما يدافع عن حقوق الإنسان في العيش بكرامة وحرية، ولعلك سمعت الشيخ وهو يناشد بنجلاديش العفو عن غلام أعظم، وهو بالتأكيد ليس من الإخوان. كما لم يصدر عنه بيان ولا تصريح يتهم المعارضة المصرية فيه بالخيانة، وإنما استنكر فعل الذين ينتهجون العنف، ويلقون المولوتوف والحجارة، ويخربون المباني، ويحرقون المنشآت. هذا مع إقرارنا بمشروعية التعبير السلمي عن الرأي. فهل ترى يا طالب العلم مشروعية لترويع الآمنين، والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة في أي مذهب من مذاهب العلم، أو رأي لعالم معاصر أو قديم يجيز ذلك.


وتاريخ الشيخ شاهد عليه، فليس ممن يفصل الفتاوى حسب التوجهات والمصالح، وإن كان غيره يفعل.


أما حديثكم عن فضل الإمارات، والشيخ زايد وإخوانه من حكام الإمارات، فهي بلد عربي أصيل، لها مواقف مشهودة، وليس معنى انتقاد الشيخ لسياسة من سياساتها، تجاهل مواقفها الخيرة من قبل فليس هذا من العدل ولا الإنصاف، وقد ذكر الشيخ بعضا من ذلك في كلامه.


على أنك أوردت أمورا تفصيلية أخرى لا علاقة لها بالغرض الأساسي الذي انتدبتم أنفسكم لكتابة المقال من أجله، أعرض عنها كراهة للتطويل، وعذركم بقصور الفهم عن إدراكها مقبول.


وإننا لنحمل الشيخ الجفري أمانة أن ينتهج ما يريد من المناهج، وأن يتلطف مع أولي الأمر في البلد الذي يقيم فيه، كما هو معروف عنه، وأن يتحقق بنفسه مما ذكره الشيخ في كلامه. فلعله يأت بما لم تستطعه الأوائل، وحينها إنا لفضله شاكرون.


: الأوسمة



التالي
وصف مصر بعد الثورة (فهمي هويدي)
السابق
مفارقات بين ربيع الأول والربيع العربي (صلاح سلطان)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع