البحث

التفاصيل

مرسي لا يحاور نفسه (عمرو محمد)

الرابط المختصر :

في ظل حملات التشويه الذي يتعرض له الرئيس المصري محمد مرسي أشاع الإعلام الذي يبحث عن الفتنة بشأن الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس مرسي وما يزال يتواصل على مدى تسع جلسات؛ أن الرئيس يحاور نفسه، في إشارة من هذا الإعلام إلى أن هذا الحوار ليس فيه سوى من يتفقون مع مرسي في مختلف التوجهات، مما يجعله حوارًا من طرف واحد، ولا يضفي عليه أهمية.

غير أنه وبمتابعة الجلسة الأخيرة من الحوار الوطني -والتي ارتبطت ببحث ضمانات نزاهة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراء أولى مراحلها يومي 22 و23 أبريل المقبل- يلاحظ ثمة نبرة معارضة في جلسته، على نحو ما فعل حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، مما دفع برئيسه يونس مخيون إلى التهديد بالانسحاب، وعدم التوقيع على البيان الختامي لهذا الحوار.

وفي هذه الجلسة -وما بين اعتذارات ومقاطعة- عقد الحوار جولة جديدة، فيما سبقها اعتذار لممثلي الكنائس الثلاث، ومقاطعة من الأحزاب والقوى الممثلة لما يسمى بـ"جبهة الإنقاذ".

وخلال الحوار الذي عقد بالقصر الرئاسي، تحت حصار من يدعون الدفاع عن ثورة 25 يناير، تعهد مرسي بتحمل مسئوليته السياسية لضمان نزاهة الانتخابات على أعلى درجة من الشفافية والحيادية، مؤكدًا أنها ستُجرى تحت مسمع ومرأى من العالم كله، بعد موافقة اللجنة العليا للانتخابات لنحو 50 منظمة وهيئة وجهة لمراقبة الانتخابات، منها 45 مصرية و5 جهات دولية، مثل مركز "كارتر" و"الاتحاد الأوروبي" و"منظمة الأمم المتحدة". وأكد أن هناك عدوًّا يتربص بمصر لإجهاض ثورتها، مؤكدًا أنه لا يقصد بالعدو من داخل مصر ومن بين أبنائها، ولكن من خارجها.

واعتبر الرئيس مرسي الانتخابات بمثابة استحقاق دستوري لا ينبغي إغفاله، وهو الاستحقاق السادس منذ ثورة 25 يناير، معربًا عن أمله في أن تخرج الانتخابات معبرة عن رُوح المصريين، لرغبة المصريين في أن يمتلك مجلس النواب سلطة التشريع.

ورفض مرسي ما يتردد عن انفصال الرئاسة عن بقية مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن الرئاسة ليست طرفًا مقابل مؤسسات أخرى في الدولة، وأنه ليست هناك مشكلة بين الرئاسة والقوات المسلحة أو مع وزارة الداخلية على سبيل المثال، فالجميع يعمل في إطار من العمل المؤسسي، مؤكدًا أنه لا يوجد أي خلاف بين مكونات الدولة بمختلف أبعادها، مطمئنا جميع المصريين بتأمين سير العملية الانتخابية، كما أن القوات المسلحة نفسها ليس لديها مانع في تأمين الانتخابات، كما أنه سبق لمجلس الشورى أن منحها حق الضبطية القضائية إلى حين إجراء الانتخابات التشريعية.

وبخلاف ما يتردد من أن مرسي يحاور نفسه، فإن ما شاهده المصريون على الهواء مباشرة من تهديد رئيس حزب النور، بالانسحاب من الجلسة عند محاولة رفع الجلسة الأولى للاستراحة، قبل إعطائه حق المداخلة، مما دفع بالرئيس مرسي إلى التدخل مرجئًا رفعها إلى حين إلقاء "مخيون" لكلمته؛ يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن مرسي لم يكن يحاور نفسه، بل إن هناك تنوعًا في الآراء -مما يكشف زيف ادعاء إعلام "بني علمان"- على نحو ما دعا نائب رئيس حزب غد الثورة، محمد محيي الدين، إلى ضرورة إجراء تغيير الحكومة الحالية لإرسال طمأنة للجميع بتولي حكومة إنقاذ وطني تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، وهو الأمر الذي رفضه نائب رئيس حزب الحضارة حاتم عزام، معتبرًا ذلك نوعًا من الخلط السياسي. وشاركه الرأي رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني، الذي رفض تغيير الحكومة، معتبرًا أن الحضور المكثف من الناخبين يعد أكبر ضمانة لنزاهة الانتخابات، كما أن الحكومة ذاتها ليس لها أي دخل بسير العملية الانتخابية، والتي ستُجرى بإشراف قضائي كامل.

وشدد حضور اللقاء على ضرورة إخضاع العملية الانتخابية بكاملها للرقابة من قبل منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية، محذرين من خطورة سيطرة المال السياسي عليها وتوظيف دور العبادة المختلفة في الدعاية الانتخابية. ومن ذلك ما قاله الكاتب وائل قنديل: "فمصر الجديدة بعد الثورة لا ينبغي أن يهيمن عليها المال السياسي، وخاصة في العملية الانتخابية، والتي ستكون مدخلاً لسن تشريعات تتوافق مع الدستور الجديد". وأيضًا ما أضافه رئيس حزب البناء والتنمية، د.نصر عبد السلام، عندما طالب بضرورة حظر توظيف دور العبادة المختلفة في أي من مراحل العملية الانتخابية، بالإضافة إلى السماح لجميع المنظمات المحلية والدولية لمراقبة الانتخابات، ووضع ميثاق شرف ملزم لجميع الفضائيات من أجل تغطية إعلامية مهنية وموضوعية، وتحديد الصمت الانتخابي وَفقًا لكل منطقة جغرافية، والتزام القضاة بإبراز بطاقات هيئاتهم تأكيدًا على الإشراف القضائي الكامل، وتخصيص عدد من القضاة الاحتياط للدفع بهم عند حدوث أية طوارئ.

وطغت مقاطعة بعض الأحزاب، وخاصة ما يسمى "جبهة الإنقاذ" على أعمال الحوار؛ إذ دعا رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، إلى ضرورة إعطاء القوى الرافضة للحوار فرصة للمشاركة في الجولات اللاحقة للحوار، وهو ما أكد عليه مرسي بأن الجميع مدعوون للحوار في الجولات التالية وإبداء ملاحظاتهم على ما يدور بشأن العملية الانتخابية.

وفيما تدخل حاتم عزام مطالبًا بتشكيل لجنة منبثقة عن الحوار الوطني لمقابلة القوى الرافضة له، أبدى مرسي عدم ممانعته من ذلك، مبديًا استعداده للاتصال شخصيًّا بجميع الأطراف والجهات الرافضة للحوار.

ورفض محمد محيي الدين ما يتردد من أن مقاطعة بعض القوى للحوار تعني أن الرئيس يحاور نفسه، مؤكدًا أن هناك بعض الأحزاب والقوى التي تقف في صفوف المعارضة ومنها حزبه. وهو ما علق عليه مرسي بأنه لا يحاور نفسه، مستشهدًا بأن من يجلسون على طاولة الحوار يُبدون آراء مختلفة.

ومن جانبه، طالب رجل الأعمال رامي لكح بضرورة تأجيل إحدى جولات الانتخابات، وخاصة التي تقع في نطاقها محافظة بورسعيد، لما تشهده من اضطرابات، داعيًا إلى إعادة تقديم قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية، تلافيًا للطعن عليه بعدم الدستورية، فيما أكد مرسي أن مجلس الشورى التزم بكافة التعديلات التي دعت إليها المحكمة.

وشاركه البرلماني السابق محمود الخضيري بأن الدستور لا يُلزم بعودة القوانين إلى المحكمة بعد إجراء تعديلاتها، بعدما أقر الدستور الرقابة السابقة على القوانين، بدلاً من اللاحقة.

وشدد عضو جبهة الضمير السفير إبراهيم يسري على ضرورة حث المعارضة على المشاركة بالعملية الانتخابية، لإثراء التجربة الديمقراطية، لأنه لا يمكن أن يكون هناك نظام حكم قوي من دون معارضة قوية.

وفيما سبق يبدو جليًّا أن مرسي لم يكن يحاور مرسي على نحو ما يحلو لإعلام "بني علمان" الترديد، ليبدو ما يزعمونه هو التشويه بعينه، وأن هذا الإعلام لا يعرف للحقيقة طريقًا، ولا للمهنية سبيلاً.


: الأوسمة



التالي
إسلاميو بنجلادش.. محاكمات استثنائية أو الرصاص في سويداء القلب (مصطفى رياض)
السابق
ذابت المساحيق وظهر الوجه القبيح لحزب الله

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع