البحث

التفاصيل

المالكي يقود العراق إلى الانهيار

الرابط المختصر :

مضى ما يزيد عن عشر سنوات على الاحتلال الأمريكي للعراق، وما تحصده بلاد الرافدين اليوم هو نتيجة مباشرة لهذا الغزو المشئوم، الذي كان من بين أهدافه تدمير قدرات هذا البلد الكبير الذي يهدد الكيان الصهيوني .. وتسهيل الاستيلاء على نفطه ثم تفتيته .. خصمًا من رصيد القوة العربية، ومثالاً لما يمكن أن يحدث في بلدان عربية أخرى.

 

وكان من نتائج الغزو الأمريكي المشئوم أن سيطرت الطائفية البغيضة على الأمور في العراق، وأصبح القادة الجدد للعراق هم متطرفي الشيعة، الذين يرون أن كعبة المسلمين في كربلاء وليست في مكة المكرمة، كما صرح المالكي بذلك مؤخرًا. ولأن نظام المالكي نظامًا طائفيًا بامتياز، فإنه يقود مسلسل اغتيال أهل السنة في العراق، هذا المسلسل الذي بدأ منذ الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين، ولم تتوقف آلة القتل حتى الآن، حيث تواصل حكومة المالكي الطائفية هذا المسلسل الدنيء، فلا يكاد يمر أسبوع، إلا ونسمع عن اغتيال عالم من العلماء، أو إمام من الأئمة، أو داعية من الدعاة من أهل السنة في العراق، أمام منزله أو وهو خارج من مسجده، أو وهو عائد من عمله. العقلية الطائفية، التي يمثلها المالكي وحزبه، تستهدف سنة العراق بشكل مباشر، وترتكب المذابح ضدهم، وتعمل على تهميشهم وإخراجهم تمامًا من العملية السياسية. إزاء هذا المشروع الطائفي الذي يقوده المالكي، وفي ظل التأزم السياسي، انتفض سنة العراق منذ حوالي عام، وخرجوا إلى الشوارع والميادين في مظاهرات واعتصامات مستمرة، في قراهم ومدنهم السنية، تمثل ثورة تاريخية حقيقية، للمطالبة بحقوق السنة في بلادهم، وكذلك إسقاط المشروع الطائفي البغيض.

 

يومًا بعد يوم، تكشف التقارير الإخبارية العالمية، حقائق مذهلة عن الوضع البائس للعراق، هذا الوضع الذي يتجاوز مظالم السنة إلى عملية فساد وإفساد لم يعرف لها التاريخ مثيلا، وتؤكد هذه التقارير أن شعور الشيعة بالحاجة إلى السيطرة على العراق، واعتقادهم بوجود من يتربصون بهذه السيطرة، دفعهم إلى التسامح مع دكتاتور فاسد، وتشبث هو بخطاب طائفي من أجل تجييش الناس من حوله، بينما كان يرتكب جريمة كبرى بحق سائر العراقيين، وإن خصّ فئة منهم بمظالم أكبر. إن سجل الفشل الذريع لعراق ما بعد صدام يثير العجب بسبب الثروة النفطية التي يملكها والتي بلغت عائداتها مائة مليار دولار، إذ لا بنايات جديدة في أكبر المدن العراقية، باستثناء المواقع العسكرية والأمنية المحصنة. والأموال الكثيرة التي أنفقت على إصلاح شبكات الصرف الصحي، إما أنها صرفت على مشاريع لم تتحقق أو بنيت بطريقة مغشوشة،

 

وكل هذا مرتبط بالفساد، السر الذي يعرفه الجميع، والذي يأكل مقدرات البلاد، ويعني عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل الطاقة الكهربائية والمياه الصحية. في هذا السياق تسمع العجب في بلد تعرض لأكبر عملية نهب تولى كبرها المالكي والعصابة التي تحيط به، والتي تحوّل أعضاؤها من فقراء كان بعضهم يتلقى المعونات الحكومية في الدول الغربية، إلى أثرياء يملكون عشرات ومئات الملايين. وبالنسبة للوضع الأمني، فلا تزال بغداد ومعها وسط العراق، من أخطر المناطق على وجه الأرض من ناحية التفجيرات والاغتيالات وعمليات الخطف التي يطال أكثرُها المدنيين. والعنف في العراق الآن ليس عنفا سياسيا فقط، إذ أدى تفكك المجتمع المدني إلى عودة الناس إلى تسوية حساباتهم من خلال قانون القبيلة، ونوري المالكي الذي يحكم منذ عام 2006م، تحول نظامه إلى دكتاتورية تستخدم أدوات قمع متطورة مثل السجون السرية والتعذيب، ويضاف إلى هذا احتكاره للسلطة والسيطرة على الجيش والأمن وميزانية البلاد، بحيث يحصل هو ومؤيدوه على نصيب الأسد من العقود والوظائف.

 

 وهكذا، فإنه لولا الحشد الطائفي الذي يغطي على عورات المالكي لثار الجميع ضده، وفي مقدمتهم الشيعة وليس العرب السنة وحدهم، فالجميع يعانون أشد المعاناة من فساد نظامه الذي يستند إلى أنه نتاج تعددية سياسية، ناسيًا أنها عملية سياسية مغشوشة وفاسدة ومفروضة من الغزاة الأمريكيين. وقد قام السنة العراقيون بواجبهم التاريخي، فأشعلوها ثورة في مواجهة المشروع الطائفي للمالكي، لكن النظام الموالي لأمريكا وإيران، سحق هذه الثورة التي تمثل خطرًا كبيرًا عليه. ولا ينسى العراقيون والعالم كله المذبحة التي ارتكبها جيش المالكي الطائفي بحق هذه الثورة السنية، فقد قتل نحو خمسين شخصا، يوم 24 أبريل الماضي، وأصيب 150 آخرين في هجوم للجيش العراقي على معتصمين في ساحة الحويجة، جنوب غربي كركوك، تلته هجمات انتقامية على حواجز أمنية وعسكرية، وخلال هذه المذبحة الطائفية البشعة، سحبت القوات العراقية جثث القتلى من الساحة ونقلتها إلى مكان مجهول بعدما اقتحمتها فجرًا, وأطلقت النار على المعتصمين، الذين استخدموا فقط العصي والحجارة لمواجهة القوات المقتحمة التي استعانت بمروحيات.

 

وما لبثت الأوضاع أن توترت في ساحات المدن السنية مؤخرًا، بعد أن قامت قوة مشتركة من الجيش العراقي وقوات الطوارئ، باعتقال النائب السني في القائمة العراقية أحمد العلواني، بعد أن اشتبكت مع حراسه لأكثر من ساعة، أدت إلى مقتل شقيقه وجرح ابن عمه و15 آخرين من حراسه وأفراد أسرته. وعلى إثر الاعتقال أعلنت عشائر محافظة الأنبار تتقدمها عشيرة البوعلوان التي ينتمي إليها العلواني، إعطاء مهلة 12 ساعة للسلطات لإطلاق سراحه. السبب الحقيقي في اعتقال العلواني أنه كان من أبرز المساندين لاعتصام نظمه نشطاء في الرمادي، احتجاجا على تهميش للعراقيين السنة من قبل حكومة المالكي، كما يأتي اعتقاله العلواني في خضم تصاعد النزاع الطائفي في العراق، إذ بلغت أعمال العنف وتيرة لم تبلغها منذ عام 2008م. وبعد أن انتهت المهلة التي حددتها العشائر للإفراج عن العلاوي، فرضت السلطات العراقية حظر تجول في محافظتي الأنبار وصلاح الدين، وبدأت دبابات الجيش والمركبات المدرعة في الانتشار بالأنبار، وتم فرض حظر تجول أيضا في محافظة صلاح الدين، غير إن العشرات من أبناء العشائر المحتجين على قرار الاعتقال خرجوا إلى الشوارع حاملين أسلحة نارية متحدين حظر. في هذه الأجواء، لم تلجأ الحكومة الطائفية إلى الحوار وإعمال الآليات السياسية لامتصاص غضب المتظاهرين، ولكن لأنها حكومة مفروضة من أمريكا وإيران وليس لها قاعدة شعبية ولا تعبر عن العراقيين وأمانيهم الوطنية، فقد فكرت فقط في الخيار العسكري، فتدخل الجيش العراقي الطائفي ومعه قوات الأمن، عصر 30 ديسمبر، وأزالوا خيم الاعتصام المناهض للحكومة في محافظة الأنبار، وفتحوا الطريق الذي بقي مغلقا مدة عام، وكانت حصيلة فض الاعتصام عشرة قتلى وعشرين جريحًا. هذه هي الحقائق المؤكدة على الأرض، وحسب وكالات الأنباء، أما نظام المالكي فله رأي آخر أعلنه المستشار الإعلامي للمالكي، الذي قال إن العملية جرت "دون أي خسائر، بعد فرار القاعدة وعناصرها من الخيم إلى المدينة وتجري ملاحقتهم حاليا".

 

 وهو بذلك قد كذب كذبتين: الأولى أنه أنكر وقوع هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى، والثانية أنه أقحم تنظيم "القاعدة" في الأمر، ليغطي على الجريمة، رغم إن العالم كله يعلم أن الحراك السني الذي ملأ الميادين منذ حوالي عام، إنما هو حراك سلمي لعامة الشعب العراقي من السنة، وليس لـ"القاعدة" دخل به، فهي تنظيم له طابعه الخاص وممارساته معروفة للكافة.

 

الكذبة الثالثة التي روجها المستشار الإعلامي للمالكي هي الادعاء بأن العملية العسكرية التي تمت في الأنبار اشتركت فيها الشرطة المحلية والعشائر وبالتنسيق مع الحكومة المحلية في الأنبار. فالجميع يدرك أن العشائر السنية مشتركة في الحراك السلمي وفي المظاهرات وفي الاعتصام، فكيف تخون أهلها المناضلين وتنضم لعملية حكومية دموية ومشبوهة؟.


: الأوسمة



التالي
شاعر البلاط
السابق
قرارات حظر الأموال .. ودلالتها على قرب كسر الانقلاب !

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع