البحث

التفاصيل

الحق فى التعبير عن الرأي

الرابط المختصر :

إن الإسلام يربي أتباعه على حرية التفكير، وإبداء الرأي، ومناقشة الأقوال، والأخذ منها والرد عليها، وقبولها أو رفضها ما دامت ضمن الإطار المسموح به في ممارسة الحرية دون تجاوز .


لقد بلغ حق حرية التفكير والرأي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مبلغًا يفوق الوصف، بتشجيع منه صلى الله عليه وسلم وكان يهيئ لهم المناخ الآمن لممارستهم حقهم في ذلك بحرية تامة وصراحة لا نظير لها. وقد كان في ذلك كله يميز دائمًا بين مكانته الشخصية ومكانته النبوية في معاملاته لهم، وتصرفاته معهم. وكيف كان يخولهم الحرية التامة في الرأي والتفكير ويحفزهم على الاختلاف معه في آرائه الصادرة عن مكانته الشخصية مع جعله إياهم يطيعونه طاعة غير محدودة على المنشط والمكره وفي اليسر والعسر في جوانبه النبوية كما يقول الشيخ أبو الأعلى المودودى .


وكتب السنة والسيرة مليئة بتقرير ذلك ، وما رأي الحباب بن المنذر بتغيير مكان معسكر الجيش في غزوة بدر ونزول النبي صلى الله عليه وسلم على رأيه، وما مخالفة عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في شأن أسرى بدر، وكذلك ما واقعة تأبير النخل التي أشار فيها النبي صلى الله عليه وسلم برأيه الشخصي ولم يكن هو الأولى، وما نزوله صلى الله عليه وسلم على رأي أصحابه في غزوة أحد بالخروج من المدينة لملاقاة العدو،. وما استشارة السعدين – سعد بن معاذ وسعد بن عبادة - في غزوة بني قريظة في الصلح مع بني غطفان على ثلث ثمار المدينة ورفضهما لذلك ونزوله صلى الله عليه وسلم على رأيهما. ما هذا كله عنا ببعيد، وماكان ذلك إلا ممارسة عملية، وتطبيقًا واقعيًا، لحرية الرأي والفكر والتعبير عن الرأى حتى وإن جاءت نتيجة هذه الممارسة لهذا الحق مخالفة لرأي النبي صلى الله عليه وسلم الشخصي .


هذه الأحداث وغيرها من ممارسات الصحابة لهذا الحق الأصيل في واقعهم وأحوالهم جعلت البعض يصقهم بأنهم أسبق الناس اتباعًا لأحكام الله تعالى، وأشد الناس تمسكًا بالحرية الفكرية وأكثر الناس حبًا للديمقراطية .


ومما لا يحتاج إلى تدليل أنه لم تكن هناك فئة من المسلمين تستحق التبجيل والإجلال والتوقير أكثر مما يستحقه الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ ومن غير المنكور أنه لم يكن هناك أحد يضارع التابعين في حبهم وإجلالهم وتوقيرهم. ولكن هذا كله شيء، وحرية موافقتهم أو مخالفتهم فيما صدر عنهم من آراء شخصية أو اجتهادية شيء آخر. وهذا ما يقرره الشيخ أبو الأعلى المودودى حين يقول: اقلب نظرك في كتب التاريخ تجد بأي حرية كان التابعون ينتقدون الصحابة ويغربلون آراءهم، ويميزون أقوالهم، ويميلون من رأي أحدهم إلى رأي غيره منهم.


يقول الإمام مالك بن أنس بصدد ما يوجد من الاختلاف في آراء الصحابة بصراحة متناهية: "خطأ وصواب فانظر في ذلك". ويقول الإمام أبو حنيفة: " أحد القولين خطأ والمأثم فيه موضوع". أي لابد من خطأ أحد القولين من أقوال الصحابة إذا تعارضا .


ومايزال قول مالك :"كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب الروضة المعصوم صلى الله عليه وسلم " عنوانا لهذه الحقيقة.


: الأوسمة



التالي
شقيقتي!
السابق
الأخلاق في الطب .. تأسيس مقاصدي - الحلقة الأولى

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع