البحث

التفاصيل

القره داغي: ما يذيعه الإعلام لا يمثل 10% من الجرائم في سوريا

الرابط المختصر :

أكد د.علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن ما يحدث من جرائم بسوريا لا يمثل 10% من الذي يحدث والذي تذيعه وكالات الأنباء ووسائل الإعلام.

وقال إن الأمة تحاط بالمؤامرات من الخارج وفي الداخل يضرب بعضنا بعضا، ومن هنا إذا ذكرنا أهم هذه القضايا، فلننظر ماذا يحدث ففي اليمن السعيد خمسة أشهر وحوالي 90 بالمئة من الشعب يصيح ويطلب والامور معطلة والبلاد سيادتها مهددة ويكاد اليمن يتفتت، ولكن شخصا واحد مع كل ما حدث له لا يزال يقول إما أنا أو لا يكون شيء.

وقال إن السبب أنه لا تتعاطى الأمة مع هذه المشكلة وكأنها أمر عادي جدا، كان على الأمة الإسلامية بواجب الآيات القرآنية أن تخرج هذا الشعب من المجاعة.

وأكد أن عدم تدخلنا يجعلنا مسؤولين أمام الله سبحانه وتعالى وسوف نسأل عليها يوم القيامة.. وكذلك بالنسبة ليبيا، والقتال جار ولم يحسم.. بينما يذكر القرآن الكريم "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله" يجب أن تكون هناك قوة لرد الظالم، لأن هذا الرجل لا مانع لديه لقتل نصف شعبه في سبيل بقائه وهو ذكر ذلك بنفسه، ونحن مرة أخرى نسلم الامر الى الغرب، الى الناتو ولكن هل هؤلاء يدافعون عنا بدون مصلحة وحساب وهذا حقهم ولكن أين الأمة الإسلامية وأين الأمة العربية ولو نحن صرفنا الأموال التي في الصفقات لكنا امتلكنا آلاف الطائرات والدبابات للدفاع عن شعوبنا ولكن أين ذهبت هذه الأموال؟

جرائم

وقال إن أحداثاً أصبحت جرائم بكل ما تعنيه هذه الكلمة، والذي تنشره وسائل الإعلام لا يمثل 10% من الجرائم التى تحدث هناك، انظر الى حماة وكأن التاريخ يعيد نفسه، لذلك نحن نوجه من على هذا المنبر خطابنا ونداءنا ومناشدتنا الى أمتنا الاسلامية والعربية، والى قادتنا أن ينهضوا ويقوموا بواجبهم وأن يصلحوا بينهم إن كان هناك صلح وأن يحققوا لهم الخير وأن لا يبقى شعب بهذه الصورة أن يقتل ويذبح. فنوجه هذا الخطاب اليهم ليكون لهم كلمة في هذه القضايا خاصة قضية سوريا فقد سكت عنها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، ومع الأسف يقود المسألة مرة أخرى الغرب، ونريد من تركيا أن تكمل مشوارها وأن لا تتأخر كما أخطأت مع ليبيا وان تقف مع شعب سوريا.

وتحدث عن السودان بقوله: ولننظر الى السودان، بعد أن تركناه، وقد بدأت حكومة الجنوب تشن الهجمات الشديدة على المسلمين، وقتلوا أكبر داعية كان يقوم بالدعوة في الجنوب وسفروا اثنين من كبار الدعاة، وسوف يستمرون في هذا العنف حتى لا يبقى جنوبي مسلم. أين المنظمة الإسلامية نحن 67 دولة إسلامية وأكثر من 170000000 نسمة ليس لهم صوت لا في الامم المتحدة ولا في غيرها.. أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يرد الصوت الحقيقي للأمة من خلال ممثليها الحقيقيين.

وقال إن الله سبحانه وتعالى شرع لقضايا الاسرة وتربية الاولاد، ما يحيط بكل أمورها ومن هنا تضم الآيات القرآنية وكذلك السنة النبوية المشرفة مئات بل آلاف من الآيات القرآنية والاحاديث، الذين هم اليوم أطفال وغدا شباب وبعد ذلك قادة المستقبل.

وأشار الى ان العناية بالأطفال، عناية بالاجيال اللاحقة، عناية بتكوين القيادة الحقيقية لهذه الأمة، عناية بتكوين جيل صالح، عناية بتكوين قادة راشدين لهذه الأمة ولهذا اوجب الله سبحانه وتعالى على الانبياء عليهم السلام وكذلك على الصالحين والدعاة والعلماء أن يورثوا العلوم والأخلاق والعقائد والقيم السامية للجيل الذي يأتي بعدهم بل يكون الجيل اللاحق أفضل من الجيل السابق حتى تبقى القوة داخل الأمة الاسلامية وتكون قادرة على مواجهة التحديات والمشاكل فيقول سبحانه وتعالى: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا" فهذا التوريث للمصطفين أي المختارين، اي للجيل الذي يكون جيلا مختارا، جيلا يكون فيه الاصطفاء والاختيار، أمرا واجبا على الآباء والامهات وعلى الإخوة الكبار بالاضافة الى مسؤولية الأمة والحكام والعلماء والمربين.

تجربة لقمان الحكيم

وقال القره داغي لهذه الاهمية ذكر رب العزة لنا تجربة ناجحة رائدة رائعة في مجال تربية الاولاد وزكّاها، وخلّدها، وجعل للتالي، القارئ لها عشر درجات على كل حرف من حروفها في ثماني آيات عظيمة.. هذه التجربة لم تكن لأحد الانبياء، وإنما لأحد الحكماء الصالحين وهو سيدنا لقمان الحكيم من نوبة مصر والسودان الذي كان عبداً لدى سيده وهو صغير فقال له سيده: أذبح هذه الشاة وآتني بأفضل أجزائها، فذبحها وأتى بقلبها ولسانها، ثم قال له: إذبح شاة أخرى وآتني بأخطر أعضائها وأسوئها، فذبحها لقمان وأتى بقلبها ولسانها، فقال له السيد: كيف يا لقمان أتيت بالقلب واللسان في الحالتين، فقال: يا سيدي: إن القلب واللسان أذا صلحا وأصلحا فهما أحسن وأطيب، وكذلك اذا فسدا فهما أخطر شيء، فأعتقه سيده، فاصبح فعلا لقمان الحكيم.. هذه هو لقمان الحكيم بإيجاز، أما تجربته التي سجلها القرآن فهي هذه التجربة التربوية التي تتكون من مجموعة من الموجهات والمنطلقات، والأهداف والوسائل والأدوات المادية:

موجهات وتربويات

وأبان عن تلك الموجهات بقوله:أما الموجهات والمنطلقات التربوية الناجحة فقد ذكر منها القرآن الكريم في هذا المجال ما يأتي: 

المنطلق الأول: تحبيب المربي والمعلم الى المتربي وتعظيمه من خلال بيان صفاته وهذا ما يفهم من قول تعالى "ولقد آتينا لقمان الحكمة" وكذلك قال تعالى "ووصينا الإنسان بوالديه"، ومن هنا نفشل نحن خاصة في دول الخليج إذا لم نحسن هذه المسألة حينما نقلل من شأن الأساتذة والمدرسين، وحينئذ ينظر أطفالنا لا سمح الله اليهم كأنهم أجراء بينما يأتي هنا القرآن بأن لا بد أن ننظر الى هؤلاء ونعطي لهم موقعا كريما وعظيما، وحتى في حالة الوالدين أنه مهما كان الوالدان حتى في حالة الشرك وما يحدث من كل ذلك عليه أن يعظم هذه المربي وهذا والد وهكذا، ومن هنا حينما يهب شبابنا الى الخارج ولهم فكرة معينة من الجامعات الاوروبية مثل أوكسفورد أو كامبريدج وغيرها ويأخذون بالتقديس الى الجامعة والأساتذة هناك، فمن هنا يتأثرون بهم تأثرا عظيما وهم كذلك يحاولون أن يكونوا على مستوى راق وأن يكون لهم علاقات عظيمة مع هؤلاء الشباب ومن هنا يصبح التلاميذ فعلا بهؤلاء.

وكم من بلادنا أيضا من شباب يقلدون ويمشون على نهج أساتذتهم وكم كان لهؤلاء الاساتذة من تأثير على نفسية هؤلاء المتربين. ونفشل ايضا حينما لا يسوق الاب عظمة الوالدة، الام أو بالعكس، فحينما يقلل الوالد من شأن الام أمام أولاده، إذ أولاده لا يقبلون نصيحة الام، لأنها مبتذلة، أو لأنها مضروبة، لأنها مهانة ولأنها ليست عزيزة فكيف يقبل منها كلام وهي مهانة لا سمح الله وكذلك الامر بالعكس حينما يكون الوالد ليس عزيزا داخل البيت ايضا لا يكون له تأثير، إذ بداية الطريق الصحيح ان الاب يسوق الام لأولاده وبالعكس فهنا تكون الاجواء مهيأة بأن يقبل الاطفال من الوالد والوالدة.

إقناع المتربي

وتابع قائلا: 

المنطلق الثاني: إقناع المتربي بأن فضيلة تربيته لمصلحته فقط، وهذا مأخوذ من قوله تعالى "ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد" إن التربية بالمصلحة ولكن المصلحة ممتدة من الدنيا الى الآخرة وهذا ما ذكره لقمان نفسه حيث قال في بيان خطورة الشرك "إن الشرك لظلم عظيم".

المنطلق الثالث: ربط جميع مفردات التربية بالعلل والحكم، وهذا ما نراه في مجمل الآيات التي ذكرت هنا. والتربية ليست بالكمية ابدا وانما بالكيفية، كلمة واحدة فقط تؤثر على الطفل من ملايين الكلمات التي لا تفيد ولا تؤثر وقد يكون لها آثار سلبية.

المنطلق الرابع: اسلوب التحبب، فالوالد حينما يربي والام حين تربي لا بد أن يحبب نفسه الى الولد أو الطالب بالنسبة للأستاذ وبكل وسائل وبدون محبة لا تكون هناك تربية مؤثرة ابدا، ولذلك يقول لقمان "يا بني" وهو ينادي ابنه ويصاحبه ويربطه بنفسه ويكرمه ويجعله هو يحبه، فالطريق الى القلب بين الناس جميعا وبخاصة الاطفال ليس التعنيف ولا طريق الضرب، فالضرب تدمير لإبداعاته وشخصيته، وان الطريقة الصحيحة هي طريقة المحبة.

فقه الأولويات

المنطلق الخامس: أهمية فقه الأولويات في التربية، حيث بدأ لقمان بالعقيدة وأولاها الكثير من الوقت في آيتين، ثم ضمها في جميع الآيات فقال: "وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"، ربط بالله ربطا عقلانيا حكيما دقيقا، ربطه بالتوحيد وعدم الشرك وكذلك بالقضاء والقدر والإيمان بعلم الله الدقيق وقدرته " يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة.." . وهكذا ربى الرسول صلى الله عليه وسلم رديفه ابن عباس حينما ربطه بالله وقدرته وأصبح ابن عباس حبر الأمة.

وأكد على العبادات بقوله : بعد العقيدة، ركز لقمان على العبادات، ومن العبادات الصلاة " يا بني أقم الصلاة" وإقامة الصلاة غير أداء الصلاة، إقامة الصلاة تعني حضور الجماعة والجمعة بقدر الإمكان للطفل إلى أن يبلغ ويبدأ مرحلة التكليف. ثم بعدها ركز على الاخلاق، وذكر من الاخلاق ثلاثة عناصر اساسية، اصول الاخلاق القولية والفعلية والاشارات. فبالنسبة للصفة القولية قال لقمان: "واغضض من صوتك" وبالنسبة للصفة الفعلية قال "ولا تمشي في الأرض مرحاً" وبالنسبة للإشارات فإن قسائم الوجه والابتسامة مهمة جدا لذا قال: "ولا تصعر خدك للناس" أي لا تتكبر وتشمخ كما تشمخ الناقة حينما تصاب بمرض السعار.

بناء المؤمن القوي

وشرح دور ذلك في بناء الانسان قائلا:وقد ربطت هذه الآيات بمجموعة من الاهداف منها بناء انسان مؤمن قوي، له شخصية قوية من خلال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر "يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور"، تبني شخصيته ولا يرضى له القبول بالباطل وان يكون جاهرا وصادعا بالحق مهما كان وبالتالي يكون قادرا على الكلمة وقول الحق ويكون صابرا.. وأما الأدوات التي استعملها لقمان في تربيته فهي كثيرة منها: الوعظ والترفيق والرقائق "وهو يعظه" والعقل والعلل والحكم حيث تضمنت معظم الآيات ذلك. الوسائل المادية والتصويرية في مسألتين إحداهما في مسألة "ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور" المثال الثاني: "واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير".


: الأوسمة



التالي
عصام البشير: الشباب اعتنوا بالسياسة على حساب العلم الشرعي
السابق
"الخلاوي".. مدارس القرآن في السودان (تحقيق)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع