جستجو برای

التفاصيل

مركز الزيتونة يفتتح مؤتمره "الإسلاميون في العالم العربي والقضية الفلسطينية في ضوء التغيرات والثورات العربية"

افتُتحت يوم الأربعاء 28/11/2012 أعمال مؤتمر "الإسلاميون في العالم العربي والقضية الفلسطينية في ضوء التغيرات والثورات العربية" الذي يعقده مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في فندق كراون بلازا في بيروت. ويتضمن المؤتمر، الذي يتابع أعماله يوم غدٍ الخميس، نحو عشرين ورقة عمل يقدمها عدد من قيادات الحركات الإسلامية في الدول العربية، وخصوصاً من دول الطوق ودول الربيع العربي، بالإضافة إلى مجموعة متميزة من الباحثين والأكاديميين. ويشارك في المؤتمر شخصيات وقيادات سياسية وأكاديمية من فلسطين ومصر وتونس والأردن وسورية ولبنان والجزائر والمغرب واليمن والسعودية وباقي بلدان الخليج وتركيا وإيران... وغيرها.

ويسلط المؤتمر الضوء على الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة العربية، وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، ويحاول التعرف على حقيقة مواقف التيارات الإسلامية من قضية فلسطين، خصوصاً تلك التي صعدت إلى السلطة؛ وعلى أولوية فلسطين في مشاريعها وبرامجها. كما يحاول التعرف على أبرز التحديات التي يواجهها المشروع الإسلامي لفلسطين، وأبرز الفرص التي تتيحها عملية التغيير في العالم العربي. ويسعى للوصول إلى التصور الأفضل للتعامل مع القضية الفلسطينية، ومواجهة المشروع الصهيوني في ضوء التغيرات والثورات في العالم العربي.

الافتتاح والجلسة الأولى

وقد افتتح اليوم الأول من المؤتمر بكلمة لمدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات د. محسن صالح، رحب فيها بالحضور، واستعرض أبرز النقاط التي سيتناولها برنامج المؤتمر، مشيراً إلى أن قضية فلسطين تحظى باهتمام كبير لدى الحركات الإسلامية، وهي بالنسبة لبعض هذه التيارات القضية المركزية للعالم الإسلامي، وذكر أن الشعوب العربية ترى أن التحرر من الهيمنة والاستبداد والتبعية ونهضته ووحدته تكمن في مواجهة المشروع الصهيوني، وفي تحرير فلسطين، وأشار صالح إلى أن التيارات الإسلامية برزت في صدارة المشهد السياسي، وأصبحت تواجه تحديات مرتبطة بتحديد سلم الأولويات.

   
 وفي ظل هذه الأوضاع ذكر صالح أن هذه التيارات بدأت تطرح بشكل واسع أسئلة حول مكانة فلسطين في برامجها، وكيف ستكون آليات تعاملها مع مشاريع التسوية ومعاهداتها، ومع قوى المقاومة، ومع الوضع الداخلي الفلسطيني، وكيف سيواجهون الغطرسة الصهيوينة، والتهويد.

وذكر صالح أن مركز الزيتونة -وقد أنهى عامه الثامن، وأصبح ذا مكانة متقدمة ورئيسية في الدراسات المتعلقة في الشأن الفلسطيني- يعدّ نفسه مظلة للجميع، بتنوع آراءهم واختلافها، ومكاناً يجتمع فيه كل ما يمكن أن يدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام، مشيراً إلى أن المؤتمر اكتفى بالنقاش حول الإسلاميين في العالم العربي، وتحديداً بلدان الثورات، مع عدم الانتقاص من دور عدد من التجارب الرائدة التيتستحق الدراسة. لافتاً النظر إلى أن أوراق هذا المؤتمر تركز على خطين: الأول؛ من خلال تقديم أوراق عمل خصوصاً من الاتجاهات أو الأحزاب الإسلامية البارزة في بلدان الثورات أو التغيير أو بلدان الطوق، والثاني؛ تقديم أوراق عمل ذات طبيعة أكاديمية.

وفي كلمته، أكد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، د. محمد بديع، والتي ألقاها نيابة عنه أ. حسام ميرغني تاج الدين، رئيس القسم السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، أن جماعة الإخوان المسلمين حملت همّ الأمة كي تنهض من سباتها منذ سقوط الخلافة الإسلامية، مروراً بمخططات الأعداء التي لم تقف على مرّ السنين كي تنقض على مقدرات أمتنا الإسلامية وتنهب ثرواتها ولم يزل جرح فلسطين ينزف دماً ويسقط شهداء منذ سنة 1948 وحتى الآن. 
   
 وقال إننا نوقن أن العدو الصهيوني هو رأس الحربة أمام مشروعنا الإسلامي لتحرير أمتنا العربية والإسلامية وأن معركتنا الأساسية هي مع هذا العدو، وإننا نؤمن بأن دعمنا للمقاومة بكل أشكالها في فلسطين هو خط الدفاع الأساسي عن مشروعنا وأمننا القومي.

وقال: "نحن من جانبنا نؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين لا تقبل بأي حال من الأحوال التفريط في أي شبر من أرض فلسطين، وأن الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين الحبيبة حتماً إلى زوال، نؤكد لكم ثبات موقفنا أننا لم ولن نعترف بالكيان الإسرائيلي". وأكد أن "مشروعنا لتحقيق النهضة لأمتنا العربية والإسلامية أمامه تحديات كبير ومهمة فهذا العدو هو الداعم لكل استبداد وقهر ويتحالف معه كل كاره للحرية والعدالة، ومع ذلك فالأهم أن نعد أنفسنا وكوادرنا لكي نقود أمتنا في هذه المعركة وأن نحقق العدالة والحرية".

وشدد المرشد، في كلمته، على  أن "العدو بات يوقن ويعلم أن الربيع العربي بات يهدد وجوده وأن الأمة قد انتفضت باحثة عن حريتها وكرامتها، وأن راية الإسلام هي السائدة بإذن الله، لذا فقد تحرك محاولاً وأد هذا الربيع، ومحاصراً لآثاره ولكننا واعون لذلك، واثقون أولاً وأخيراً في نصر الله، متأكدون من فشله وهزيمته"، وأكد على ضرورة "استثمار حالة الربيع العربي التي ترفرف على أوطان الأمة العربية...، وتعظيم القواسم المشتركة فيما بينا وأن نعمل جاهدين على توحيد الصف العربي والإسلامي لنكون نسيجاً قوياً متكاملاً متحداً، يسعى لحل مشكلات أمتنا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".

ومن جانبه ذكر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أ. خالد مشعل، أن أهمية المؤتمر تكمن في تزامنه مع الربيع العربي، وتقدم الحركات الإسلامية، وفي ظل تعاظم دور الحركات المقاومة، وتراجع المشروع الصهيوني. وقال مشعل إن الورقة التي يقدمها تمثل رؤية حماس، فهي تعدّ فلسطين أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر ومن الشمال إلى الجنوب، وهي أرض الشعب الفلسطيني، ولا يمكن التنازل عنها، وهي أرض عربية إسلامية، وهي مهد الأديان، وتحريرها واجب وطني وقومي وإسلامي وإنساني. 
   
 وأكد أن حركته لن تعترف بشرعية الاحتلال، وبالتالي لن تعترف بـ"إسرائيل"، فالمشروع الصهيوني مشروع إرهابي، وعدو للشعب الفلسطيني، ويمثل خطراً يهدد الإنسانية، وذكر مشعل أن المقاومة هي وسيلة وليست غاية، فحماس لا تقاتل اليهود لأنهم يهود، بل لاحتلالهم الأراضي الفلسطينية.

وشدد مشعل على تمسك حركته بالقدس، كل القدس، والتمسك بحق عودة اللاجين الفلسطينيين والنازحين والمبعدين، ورفض كل مشاريع التوطين أو الوطن البديل. وذكر أن حماس ترى أن فلسطين أرض واحدة، وجزء لا يتجزأ، ولا ينفصل واحد على الآخر، مشدداً على وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة النظام السياسي، من خلال منظمة التحرير، مشيراً إلى أن الانقسام استثنائي، وطالب مشعل ببناء المؤسسات والمرجعيات على أسس ديموقراطي. وأكد مشعل على أن التحرير يكون أولاً ثم التحرير، فالدولة الحقيقية هي ثمرة التحرير.

وأكد مشعل أن المقاومة خيار استراتيجي لحماس، وأن غياب المقاومة عن الضفة الغربية هو ضرورة وأمر واقع، وأن دخول حركته السلطة الفلسطينية كان نتيجة ضرورية، فحماس تجمع السلطة والمقاومة، مشدداً على أن الموافقة على دولة على حدود 1967 لا يلفت حركته عن هدف تحرير كامل فلسطين. وفيما يتعلق بالانقسام الفلسطيني أكد مشعل أن حركته سعت منذ اللحظة الأولى للانقسام في حزيران/ يونيو 2007 إلى إنهائه.

وفي كلمته ذكر مشعل أن الربيع العربي أحدث تطوراً استراتيجياً على طريق تحرير فلسطين، ومواجهة المشروع الصهيوني، كما أسهمت الثورات بزيادة القلق الإسرائيلي، لافتاً النظر إلى أن الربيع العربي غير في خريطة حماس السياسية، مؤكداً أن حماس لم تنتقل من محور المقاومة إلى محور آخر، ففلسطين هي محور المقاومة.

وختام كلمته عدد مشعل أبرز تحديات وإشكالات الربيع العربي، ومنها ضرورة التوازن بين أولويات الداخلية وأولويات الأمة، وبناء استراتيجية عربية واحدة، وإدارة العلاقة مع الغرب يحب ألا تكون على حساب قضية فلسطين، وطالب برفع سقف الموقف العربي، والتخلص من معاهدات السلام مع "إسرائيل"، مؤكداً أن وصول الحركات الإسلامية للحكم لا يعني أن قضية فلسطين تحتاجهم فقط، بل بحاجة إلى جميع القوى السياسية.


وفي كلمته، ذكر أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، د. رمضان شلّح أن تزامن هذا المؤتمر يتزامن مع انتصار غزة، مؤكداً أن ما حصل في غزة محطة فارقة في تاريخ الصراع مع العدو، وأن قرار "إسرائيل" باغتيال أحمد الجعبري أخطأت في قراءة المقاومة. وشدد على أن ثوابت القضية من وجهة نظر الحركات الإسلامية تتلخص بـ"فلسطين آية من كتاب"، وفلسطين شعب واحد، وقضية واحدة، وهدف واحد، وبرنامج واحد. وشدد على أن الكيان المقام على أرض فلسطين كيان باطل، في كل قراراته ومعاهداته، والصراع معه صراع حضاري شامل، وأن القدس عنوان القضية الفلسطينية، وأن حق عودة اللاجئين الفلسطينين مقدس، مؤكداً رفض تقسيم الأرض وتجزئة القضية.  
   
 ورأى شلّح أن فلسطين تعني الكثير، فهي قضية مركزية للأمة، وذلك يعني أن الأمة لن تقوم لها قائمة طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.وشدد أن الهدف هو تحرير فلسطين، كل فلسطين، من المقاومة والجهاد والإعداد، وأن باب الصراع مفتوح حتى يهيئ الله النصر للأمة لاستعادة فلسطين.

ورفض شلّح التعاطي مع الملف السياسي مع مصطلح "التسوية" لأن الشعب اعتاد سياسة المقاومة، مشدداً على أنه لم يعد هناك رهان على التسوية السلمية، ولن تعود فلسطين إلا عبر المقاومة، لافتاً النظر إلى أنه لم يولد الفلسطيتي الذي يمكن أن يقدم تنازلات أكثر مما قدمت السلطة الفلسطينية.

وفي ختام كلمته أكد شلّح أن حركات المقاومة كانت أسعد الناس بالربيع العربي، لأنها تعبر عن إرادة الشعوب، لأن حرية الإنسان هي مقدمة لتحرير الأرض والأوطان. وشدد على ضرورة اهتمام دول الربيع العربي بالاهتمام بالشأن الداخلي والخارجي بالتوازي، مع التشديد على أن فلسطين حاضرة عاطفياً في الوجدان العربي، وذكر شلّح أن قطاع غزة يمثل حاجزاً بشرياً لحماية مصر. كما طالب شلّح دول الربيع العربي بالتخفيف من الخطابات التي تؤكد على الالتزام بمعاهدات السلام، مشيراً إلى أن هناك محاولة لايجاد عدو جديد، هو إيران. وحذر من حالة الاستقطاب في مجتمعات الربيع العربي.

ثم ركزت الجلسة الأولى، التي أدارها د. جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في عمّان، على الحديث عن الإسلاميين في تونس وليبيا والمغرب، وتحدّث خلالها أ. رياض الشعيبي، عضو المكتب السياسي في حركة النهضة التونسية، وأ. ونيس المبروك، عضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس الهيئة العمومية لاتحاد ثوار ليبيا، وأ. عبد الرحيم شيخي، مستشار رئيس الحكومة المغربية، والمنسق العام لمجلس الشورى لحركة التوحيد والإصلاح المغربية. 
    
في بداية الجلسة، ذكر أ. رياض الشعيبي أن حضور القضية الفلسطينية في النضال السياسي التونسي يعود إلى وعد بلفور، مشدداً على أنها القضية المركزية في فكر الحركة الإسلامية بتونس وثقافتها منذ نشأتها، وأشار إلى أنها عامل تجميع لمختلف القوى السياسية في تونس، وتحدث عن مشاركة الشباب التونسي في عمليات المقاومة الفلسطينية. وعن رؤية حركة النهضة للقضية الفلسطينية، قال الشعيبي إن البيان الختامي للمؤتمر التاسع للحركة جاء فيه: "تعتبر حركة النهضة أن القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمة وتقف بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير أرضه مع تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني"، مؤكداً أن ثوابت حركة النهضة تؤمن بتحرير كل فلسطين، وباستعادة كل الحقوق الفلسطينية. وذكر أن تحقيق الحرية والكرامة لشعوب الربيع العربي يعدّ الخطوة الأولى لتحرير فلسطين، مشدداً على أن الثورات العربية جاءت بحكومات جديدة لن تتأخر عن مساندة الشعب الفلسطيني لمقاومة العدوان.
    
بدوره رأى أ. ونيس المبروك أن ليبيا، وعلى الرغم مما كانت تعانيه الدولة الوليدة، إلا أنها أولت عناية كبيرة بالقضية الفلسطينية. وبين المبروك أن الرئيس السابق معمر القذافي لم يكن يوماً مناصراً لقضية فلسطين، ولكنه سعى، كغيره من الحكام العرب، لتوظيف هذه القضية لتبرير وتمرير جرائمه الداخلية والخارجية، ولتقوية وزنه السياسي في المشهد الإقليمي والعالمي. وأوضح المبروك أن فلسطين ومعاناة أهلها كانت حاضرة في الخطاب الإعلامي والتعبوي لثورة 17 فبراير. وعن تعامل الإسلاميين في ليبيا على وجه الخصوص مع القضية الفلسطينية أكد المبروك أن القضية الفلسطينية تتبوأ المكانة الأسمى في نفوس شباب هذه التجمعات، وتعدّ ثابتاً من ثوابتها الفكرية، ويعود الفضل في ذلك إلى عدة دوافع، وأسباب، ودلل على ذلك بمجموعة من الشواهد. 
   
 وأكد على أن سائر المكونات السياسية وبخاصة الإسلامية منها، تعدّ الظهير الأكبر لملف هذه القضية، مما يؤسس لجملة من التوقعات أهمها، حصول نقلة نوعية على صعيد اهتمام الدولة الليبية الحديثة بالملف الفلسطيني، في شقه الحقوقي والقانوني والإنساني، وبالصراع العربي الإسلامي الصهيوني في شق السياسات الإقليمية والدولية.

ومن جانبه قال أ. عبد الرحيم شيخي إن قضية فلسطين في المغرب تحظى باهتمام كبير من طرف كافة التيارات السياسية الوطنية والإسلامية، وتعتبرها أدبيات العديد من هذه التيارات "قضية وطنية"، مما جعل منها قضية لتجميع جهود مختلف تيارات الشعب المغربي لمواجهة العدوان الصهيوني على فلسطين ومناهضة التطبيع.

وعن دور حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يقود تحالفاً حكومياً مشكلاً من أربعة أحزاب تمثل الأغلبية في مجلس النواب المغربي، تجاه القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة قال: فيما يخص الحزب لم تعرف مواقفه من القضية الفلسطينية أي تغير، أما فيما يخص الحكومة التي يقودها الحزب فإن عمله فيها مؤطر بالصلاحيات المخولة لها طبقاً للدستور الجديد وبميثاق الأغلبية الموقع بين الأحزاب الأربعة المشكلة للتحالف، وبالبرنامج الحكومي الذي عرض على أنظار المؤسسة التشريعية وتم على أساسه تنصيب هذه الحكومة. " 
   
 وقال: نص برنامج الحزب الحكومي على أن الحكومة "ستواصل دعمها القوي والمتواصل للقضية الفلسطينية من أجل إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.


الجلسة الثانية

تناولت الجلسة الثانية، التي أدارها د. محمد أكرم العدلوني، الخبير الإداري والتربوي، والخبير في شؤون القدس، الحديث عن الإسلاميين في مصر، وتحدّث خلالها كل من د. حازم فاروق، القيادي في حزب الحرية والعدالة المصري، وأ. نشأت أحمد، من قيادات وعلماء التيار الإسلامي السلفي في مصر.
   
 
وبدأ د. حازم فاروق الجلسة بالإشارة إلى أن المصريين يعرفون أن أمنهم القومي يبدأ من هضبة الجولان إلى الحبشة وصولاً إلى الدار البيضاء، وذكر أن القضية الفلسطينية متأصلة في أدبيات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، مشيراً إلى دور الإخوان في حرب 1984، والتي شدد على أنها كانت واحدة من أخطر ثلاثة قرارات اتخذها الجماعة.

وذكر فاروق أن الدولة الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية، وتحرير أرض فلسطين، ومعاهدة كامب ديفيد، فكرة مفهومة وواضحة لدى الإخوان المسلمين وذراعه السياسي، حزب الحرية والعدالة، حيث شدد على وحدة أرض فلسطين، وحماية المقدسات، ورفض التطبيع مع "إسرائيل"، ودعم المقاومة... مشدداً على أن قضية فلسطين قضية عقيدة ولسيت قضية حدود، وأكد أن تحرير فلسطين يبدأ من الداخل، ويأتي جيش التحرير من الخارج.
   
 وقال إن الإخوان يعملون على اعداد الحضن الداعم للمقاومة، وحمايتها، مشيراً إلى أن الحديث عن التوطين فلسطينيين في سيناء هو كلام "فاضي"، وذكر أن أعمال التخريب في سيناء يتم بتمويل إسرائيلي خليجي.

من جهته أشار أ. نشأت أحمد في ورقته إلى أن قضية فلسطين هي قضية محورية لأن مصر الحاضن للأرض، مشدداً على أن مصر ربت أجيالها على حب القضية الفلسطينية. وشدد على أن قضية فلسطين هي قضية عقيدة وإيمان وتشريع وحدود وأرحام، قضية حياة أو موت، قضية وجود أو عدم وجود، وأكد أن القدس جزء من العقيدية، وحمايتها فريضة شرعية، كما بيّن أحمد خطر اليهود على الأمة.

وفي كلمته ذكر أحمد أن لمصر تاريخ طويل مع القضية الفلسطينية، حيث عانى الشعب المصري الكثير في سبيل القضية الفلسطينية، من سجن وتعذيب، ومع ذلك لم يتوقف عطاء المصريين لفلسطين. وقال إن الهدف في هذه المرحلة يعمل على عودة الأمة إلى سابق عهدها لتحرير بيت المقدس، ليتحقق وعد الله.

الجلسة الثالثة

واستهلت الجلسة الثالثة والأخيرة من اليوم الأول من المؤتمر، والتي أدارها أ.د. طلال عتريسي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية والخبير في شؤون العالم الإسلامي، بورقة تحدث فيها أمين علي أمين القراعي، أحد قيادات التجمع اليمني للإصلاح، وتلاها ورقة قدمها د. عبد الرزاق مقري، نائب رئيس حركة مجتمع السّلم الجزائرية. واختتمت الجلسة بورقة ثالثة قدمها أ. عبد الرحمن فرحانة، الباحث المتخصص في الشؤون الفلسطينية، عن انعكاسات صعود الإسلاميين في العالم العربي على الوضع الداخلي الفلسطيني.

بداية، ذكر أ. أمين علي أمين القراعي أن التجمع اليمني للإصلاح يرى بأن ما يجري على أرض فلسطين ليس موجهاً ضد الفلسطينيين فقط بل هو موجه ضد كل الأمة العربية والإسلامية. مؤكداً أن النظام الأساسي للتجمع اليمني للإصلاح نص في فصله الخامس على أن القضية الفلسطينية في سلم الأولويات للسياسة الخارجية، وعلى حق الفلسطينيين في إنشاء الدولة على كامل الأراضي الفلسطينية. وبيّن أن ثوابت حزب الإصلاح تجاه القضية الفلسطينية هي الثوابت ذاتها التي أقرتها "وثيقة الثوابت الفلسطينية"، كما أقرتها حركة حماس.

وقال أمين: استطاع التجمع اليمني للإصلاح في اليمن التحرك في مسارين متوازيين لنصرة القضية الفلسطينية، الأول من خلال علاقاته بمؤسسات الدولة المختلفة، حيث وظف تلك العلاقة لخدمة القضية الفلسطينية، والثاني هو المسار الشعبي، وذلك من خلال الدعم المعنوي والمادي.
   
 وأشار إلى أن التجمع اليمني للإصلاح يرى أن ثورات الربيع العربي كانت بمثابة مقدمة ضرورية للتهيئة والإعداد النفسي والسياسي لتحرير فلسطين وكل الأراضي العربية المحتلة. وختم أمين بخلاصة بيّن فيها دور التجمع اليمني للإصلاح في دعم القضية الفلسطينية.

ثم ألقى د. عبد الرزاق مقري كلمة أشار فيه إلى أن الموقف الرسمي الجزائري يعتبر تاريخياً من أكثر المواقف الرسمية العربية دعماً للقضية الفلسطينية، وإن موقف الحركة الإسلامية من القضية الفلسطينية يعتبر قضية مبدئية باعتبار ارتباط الموقف بكل الأبعاد التي تشكل القضية الفلسطينية وعلى رأسها البعد الديني الذي ظهر جلياً في مواقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وشدد على أنه من قبل التأسيس الرسمي لحركة مجتمع السّلم الجزائرية إلى اليوم ما تزال عبارة القضية المركزية متضمنة في كل لوائح وأدبيات الحركة وجارية على ألسنة كل أفرادها. وتعني هذه العبارة بالنسبة للحركة أن كل قضايانا الوطنية والقومية والدولية تعود للقضية الفلسطينية، فمهما كانت الجهود التي نبذلها لتنمية وطننا وإصلاحه في مختلف الجوانب لن نبلغ المدى الذي نرجوه إلا بتحرير فلسطين، وإن كل جهد نبذله لمناصرة القضية الفلسطينية هو جهد في مركز الاهتمام وليس على هامشه بل لا بدّ للقضية الفلسطينية أن تكون حاضرة في المناهج التربوية والبرامج العملية بشكل دائم على مستوى مختلف الشرائح الشبابية والطلابية والنسوية والعمالية وغيرها وفي مختلف الأنشطة الدعوية والسياسية والإعلامية والفكرية والثقافية والاجتماعية وفي العلاقات الداخلية والخارجية، ومشيراً إلى أن الشيخ محفوظ نحناح أسهم كثيراً في محاضراته ودروسه عبر السنين في الحثّ على دعم القضية الفلسطينية، ومن العبارات المحفوظة عنه في هذا الموضوع: "فلسطين قضية عقيدة ودين وليست قضية تراب وطين".

استهل أ. عبد الرحمن فرحانة حديثه بعرض سياق تاريخي لدور التيار الإسلامي في الصراع في فلسطين، ثمّ بيّن الآفاق المستقبلية لصعود الإسلاميين وعلاقة ذلك مع الربيع العربي. وقال إن المشهد الفلسطيني يبدو جامداَ وغير متفاعل مع الربيع العربي، وقد أثار ذلك تساؤلات جادة، خاصة أن الوضع الفلسطيني معني بالثورة أكثر. وأوضح أن لذلك عدة عوامل منها أن السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية عمدت في إيجاد نمط استهلاكي في الوسط الفلسطيني، وأغرقت المواطن في الديون لإشغاله، مما أسهم في ضمور الروح الوطنية، وأن الإجراءات الأمنية الصارمة الفلسطينية والإسرائيلية شاركت في لجم التحركات الشعبية، وقتل أية محاولات للتحرك في مهدها، ومنها خشية الفلسطينيين من أن لا تؤتي الانتفاضة الجديدة ثمارها، والانقسام الفلسطيني الداخلي الذي أسهم في تعطيل تكتل القوى الوطنية على أجندة وطنية واحدة، وشغل الناس عن الاحتلال بمناكفات داخلية.

وقال إنه بالرغم من التقدير الذي يحظى بتأييد كثير من الباحثين ويشير إلى أن مخرجات الربيع العربي على المديين المتوسط والبعيد ستكون إيجابية لصالح القضية الفلسطينية، إلا أن المرحلة الانتقالية الحالية في المدى القريب تُوجد إشكالات كثيرة تؤثر سلباً على الداخل الفلسطيني منها: انشغال دول الربيع العربي بشؤونها الداخلية، وأن الربيع العربي أسهم في تغيير ميزان القوة في الحركة الوطنية بين فتح وحماس، و استغلت "إسرائيل" انشغال دول الربيع العربي بشؤونها الداخلية، فسارعت في تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك، وزادت من وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية.

 

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 29/11/2012


: برچسب ها



جستجو در وب سایت

آخرین توییت ها

آخرین پست ها

شعب اتحادیه