البحث

التفاصيل

هل يجوز عند الدين أن يشرط عليه أن يرده بالدولار أو بالذهب مثلا (فتوى)

الرابط المختصر :

هل يجوز عند الدين أن يشرط عليه أن يرده بالدولار أو بالذهب مثلا (فتوى)

 

الخلاصة: (فتوى المجامع الفقهية على المنع ، وما نراه تفصيلا كالتالي)

السؤال: أحد الإخوة المصريين اقترض مبلغا من شخص بالجنيه المصري، واتفقا على أن يكون المرجع في سداد الدين هو سعر الدولار وقت إعطاء الدين، واتفقا على أن يكون سداد الدين بما يعادله بالدولار الأمريكي أو الريال القطري.

فهل هذا يجوز؟

جزاكم الله خيرا

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على الرسول الكريم وبعد،،

فالذي يظهر لنا من صورة هذه المسألة هي؛ أنه أقرضه بالجنية المصري على أن يرده له بسعر الدولار يوم السداد أو بالريال القطري..

وهذه الصورة جمعت بين المصارفة في يوم الدين بآجل وبين جهالة العملة التي سيقضيه بها لأنه تردد بين الدولار أو الريال القطري

فهذا سببان لمنع هذه الصورة من الدين

وكل سبب قائم بنفسه على الاستقلال

لأن المصارفة في وقت الدين كانت بآجل وهذا لا يجوز لأن المصارفة يجب أن تكون يدا بيد فورا..

كما أن التخيير بين عملتين بديلتين يكون فيه جهالة شديدة قد تؤول إلى الخصومة..

والحاصل أن الصور لهذه المسألة متعددة لكن ما تعلق بالسؤال هنا كالتالي:-

1- أن يتفقا في يوم الدين أن يسدده بعملة أخرى كالدولار مثلا كما هنا فهذا ممنوع لأنه مصارفة بالآجل.. سواء كان بسعر يوم القرض أو بسعر يوم السداد

وفي الحديث الذي رواه مسلم (1578) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه. (الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد...، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)

وفيه ستة عشر حديثا في هذا المعنى..

لذلك فالمصارفة لا تكون إلا ناجزا بناجز يدا بيد هاء وهاء وكل هذه الألفاظ صحت بها النصوص في الصحيحين والسنن والمسانيد..

وهي تدل على وجوب التقابض النهائي والتام في المصارفة في مجلس المصارفة، وعموم هذه النصوص تشمل سائر الصور سواء كانت في مسائل الديون كما في سؤال السائل أو في مسائل المصارفة العادية.

2- أن يتفقا في يوم السداد أن يسدده بعمله أخرى فيجوز في نفس المجلس كما في نص الحديث عند أحمد (6239) وأصحاب السنن الأربع.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال؛ (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) وقد صححه جماعة من العلماء مرفوعا وآخرون موقوفا..

وبهذه الصورة جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 75 (6/8) "يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين، إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم، ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة" انتهى.

قلت وهذا القرار عملا بحديث ابن عمر السابق..

وكأنه استثناء من التقابض الحقيقي للعملتين

والاستثناءات النصية تكون رخصة من الشرع في تلك الصورة..

قال ابن قدامة «المغني لابن قدامة - ت التركي» (6/ 107):

«ويجوز اقتضاء أحد من الآخر، ويكون صرفا بعين وذمة، في قول أكثر أهل العلم، ومنع منه ابن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابن شبرمة، وروى ذلك عن ابن مسعود؛ لأن القبض شرط وقد تخلف»،،

وقد تتبعت المسألة وعللها في المذاهب الفقهية.. ولولا تتابع أقوال العلماء على المنع لكان في القول بالجواز وجها صحيحا قياسا على حديث ابن عمر

لأن التصارف في حديث ابن عمر كان عند التقاضي ومعلوم أن أحد العوضين قد دفع قبل مدة ومع ذلك أجاز الشرع رخصة للناس

فكأن الدين الذي مر عليه زمن في الذمة يعتبر حاضرا حال السداد فيجوز أن يدفع بعملة أخرى..

وما المانع أن تكون هذه الرخصة كذلك في البداية وهي أن يقول له هذا دين بالجنيه المصري ولكني أحسبه عليك الآن بالدولار فهو في ذمتك بالدولار بسعر هذا اليوم..

والمسألة ليست مصارفة بل هو إحسان مقصودة حفظ مال الدائن المحسن..

وما دام أن الشرع عفا عن القبض الحقيقي حال السداد كذلك حال البدء

لأن المصارفة تبعية هنا وليست مقصودة برأسها...

وانظر إلى الحوالة المعاصرة فقد اشتملت على التحويل والمصارفة ومع ذلك فالعمل بذلك مما عمت به البلوى وانتشر بين الخلق..

فلو قيل إنها مصارفة لكانت باطلة لعدم القبض..

وقد حاول بعض أهل العلم تخريجها وتأويلها بما فيه تكلف والشريعة ميسرة سمحة والأمور بمقاصدها..

والدليل أن المصارفة في الحوالة غير معتبرة أن الحوالة إن فشلت أو ألغيت ولم تتم فإن الشركة تعيد المبلغ المحول بنفس العملة وليس مبلغ المصارفة..

ولو كانت عقد مصارفة لأعاد العملة التي صرفت إليها لأنها العقد المتقدم على الحوالة..

وفي الجملة ننصح السائل أن يأخذ بفتوى المجمع المتقدمة احتياطا وهي المنع من الصورة التي سأل عنها السائل في الاستفتاء..

الخلاصة:

هل يجوز اشتراط سداد العملة بعملة الدولار بسعرها يوم الدين؟

الخلاصة أن -المجمع الفقهي يرى المنع-

لكن نظرا لكثرة تكرار المسألة والابتلاء بها وحفظا لأموال الناس وحسما للخلاف ولعدم مقصودية المصارفة استقلالا ارى جواز ذلك في الحالات الضرورية التي قد تفتح خلافا وشرا

بشرط انهما يوم الدين يتفقان على السداد بعملة معينة بسعرها يوم الدين...

راجع الفتوى المفصلة السابقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* بقلم: فضل بن عبد الله مراد - أمين لجنة الفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين





البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع