البحث

التفاصيل

لماذا ضمر الفكر الوحدوي في أمة الإسلام؟

لماذا ضمر الفكر الوحدوي في أمة الإسلام؟

بقلم: د. محمد بولوز - عضو الاتحاد

 

لماذا يا ترى ضمر الفكر الوحدوي في الأمة ربما حتى في الطموح والآمال والاحلام؟..

أقصد أحلام اليقظة.. ضمر في حياة الافراد والمؤسسات والجماعات والحركات.. فالوحدة من حق الصيني والهندي والروسي والاوروبي والامريكي ، اما نحن المسلمين فيبدو انه ليس من حقنا حتى مجرد الحلم بها، كنا نتفهم استصعاب فكرة الخلافة وامكان عودتها للملابسات التاريخية المعروفة، لكن ان ترحل الفكرة تماما ربما حتى من وجدان الأجيال ، فهذا غريب في أمة، (وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ).

والحال أن أدميين من مختلف القوميات والأديان والحضارات حققوا أشكالا من الوحدة مكنتهم من التواجد على الساحة الدولية ومكنتهم من الريادة، وبقينا نحن استثناء مع من يشبهنا، أليس من حقنا أن نحلم بما حققه الناس في أرض واقعهم؟ فتكون لنا مثلا ولايات متحدة إسلامية.

نعم هي بالتأكيد فكرة مرفوضة محليا ودوليا، ورعب "حضاري للآخرين" وكابوس رهيب للكثيرين إذا بدأنا مجرد بداية في التفكير فيه، ولكن متى رحب الناس بطموح أخرين في التوحد؟ فأي وحدة غالبا ستمس حتما مصالح قوم آخرين كل أمالهم أن يستمروا في سيادتهم على متفرقين.

 فإلى متى نؤجل مجرد التفكير في هذا المشروع الحيوي الهام؟ وأظن أن مجرد اقتناع النخبة في الأمة بهذه الفكرة، ومباشرتها التحسيس بها في عالمنا الاسلامي، وبداية تشرب النفوس لها وتحرك العقول والقلوب لها سيكون انجازا عظيما له ما بعده،

ألسنا نقول ونكرر أننا في زمن العولمة، وأننا في قرية كبيرة تجمعنا، أليس قد سهل وتيسر التواصل العالمي والإنساني بما يسهل طرح الأفكار الكبيرة والطموحات الكبيرة التي يلتف حولها الخيرون في العالم، ومن باب أولى المسلمون الرساليون في الدنيا، يكون تواصل وتعارف معمق وثقة ثم تعاون وبذل وجهد وتضحية، وإرادة وتخطيط وعزم وتنفيذ وتدبير وتقويم وتصحيح ثم تخطيط جديد بإحكام أكبر وهكذا.

فوالله أننا الآن من جهة التواصل مثلا في نعمة لا تقدر بثمن، فأن تطلق صرخة في منتدى للتواصل من المغرب الأقصى وتجد أذنا تصغي لها في العراق أو كردستان أو غيرها، وتطرح فكرة من أخ ليبي فيجد تجاوبا من فلسطين وأرض الشام أو تركيا أو الجزائر أو اليمن أو أرض الكنانة او حتى من أفغانستان.. أليس يمكن أن نجسد قول نبينا في المومن للمومن كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ونبدأ بالحوار الفكري والنقاش العلمي الهادئ وكل منا يجعل الأصل في حسن النية وحسن الكلام والنصح أيضا وقد ينتهي ذلك بما يحقق مزيدا من النفع العملي والصالح العام. في أفق حلم يقظتنا، حلم ولايات متحدة إسلامية أو حتى مجرد تعاون مثمر بين أفراد صالحين مصلحين في أنحاء المعمور.

فكم من الأمور العظيمة والمشاريع الضخمة بدأت أفكارا وطموحات وأحلام يقظة، وتشبث بها أصحابها وأرقتهم حتى خططوا لها وشرعوا في تنزيل خطواتها لبنة لبنة ومرحلة مرحلة حتى أضحت واقعا يراه الناس، ولربما انشغال الناس بفكرة كبيرة وخوضهم معركة ضخمة مثل أمر الولايات المتحدة الإسلامية سيجعل المعارك الصغيرة تتوارى، وحتى الويلات في الولايات المحلية ستقل وتضعف وربما تزول، لابد من حلم يضخ دماء جديدة في جسم الأمة المخدر، ويحرك الماء الراكد، ويجدد الحماس، ويجمع المشاعر ثم الطاقات والجهود، يبدأ كل واحد حيث هو في معركة الصلاح والإصلاح، معركة محلية من أجل ترسيخ عرى الإسلام وقيمه ومبادئه، معركة لتثبيت الهوية الحضارية والأصالة التاريخية للبلد، ومعركة من أجل الشورى والديموقراطية الحق، حتى تفرز في كل قطر أجود الرجال والنساء والقرارات، ومعركة العدل والعدالة الاجتماعية، ومعركة التنمية والنهوض، وكل هذا في اطار طموح وحدوي، وحيث قلب المناضل الوحدوي وعقله ووجدانه لا يفارق المشروع، مشروع الولايات المتحدة الإسلامية، ليكون لنا وجود في المستقبل وتكون لنا عزة وكرامة وسؤدد، فلا مستقبل للدولة القطرية مهما بلغت، ولو وصلت إلى ما بلغ العراق في قصف تل ابيب بالعباس وغيره من الصواريخ وكان ماله ما راينا ونرى. فالباطل المنظم الموحد والمتحد، لن يواجه إلا بحق منظم موحد متحد.





التالي
توضيحات من الدكتور أحمد الريسوني حول تصريحاته الأخيرة عن الصحراء والعلاقات المغاربية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع