البحث

التفاصيل

الدولة وفق اجتهادنا

الدولة (وفق اجتهادنا) : مدنية، وتقوم على المؤسسات، والشورى فيها هي آلية اتخاذ القرارات في جميع مؤسساتها، والأمة فيها هي مصدر السلطات [..]، وتعتمد التعددية

د . محمد عمارة

فـ :

أ- أمَّا إنها "مدنية" :

فلأن النُّظُم والمؤسسات والآليات فيها تصنعها الأمة، وتطورها وتغيرها بواسطة ممثليها، حتى تحقق أقصى قدر ممكن من الشورى والعدل والمصالح المعتبرة (التي هي متغيرة ومتطورة دائماً وأبداً).

ب- وأمَّا إنها "مؤسساتية  :

فلأن الإسلام يرفض الفردية والديكتاتورية والاستبداد، فكنت القيادة فيه والسلطة جماعية (ولهذه الحكمة السامية لم يَرِد في القرآن الكريم مصطلح "ولي الأمر"، وإنما "أولو الأمر")، ومن ثم، في عصرنا، مؤسسية [..]،

ولأن فرائض العدل والمعروف ومختلف التكاليف الاجتماعية والسياسية : لا يمكن إقامتها في الواقع المعاصر إلا بواسطة المؤسسات [..]، والمؤسسية مبدأ تستدعيه وتؤكد عليه التعقيدات التي طرأت على نُظُم الحُكم في العصر الحديث [..].

ج- وأمَّا إن "الشورى فيها هي آلية اتخاذ القرارات:

فلأن الانفراد بالسلطة هو بابٌ واسعٌ من أبواب الاستبداد والطغيان (انظر : العلق 6- 7) [..]،

ولأن القرآن قد مَدَحَ مَلِكة سبأ لأنها تحكم بشورى الملأ (انظر : النمل 32)،

ولأنه ذَمَّ فرعون لتفرده بالسلطة (انظر : غافر 29)

ولأن الشورى، في القرآن الكريم، من صفات المؤمنين، في كل ميادين الاجتماع في الإسلام، أسرةً ومجتمعاً وسلطةً (.. إلخ)، (انظر : البقرة 233، الشورى 36- 39، آل عمران 159، على الترتيب) [..]،

ومن ثم، فهي "فريضة إلهية" و"تكليف سماوي"، و"ضرورة من ضرورات الاجتماع الإنساني"، معاً [..].

د- وأمَّا إن "الأمة فيها هي مصدر السلطات :

فلأنه لا كهانة في الإسلام، فالحُكَّام نُوابٌ عن الأمة وليس عن الله، والأمة هي التي تختارهم وتراقبهم وتحاسبهم وتعزلهم عند الاقتضاء [..]،

ولأنَّ حقَّ السلطة في التزام الأمة بنُظُمها وقوانينها مشروطٌ باستقامة السلطة في أداء المهام المُفَوَّضَةِ إليها من الأمة [..]،

ولأن سلطة الأمة (التي تمارسها بواسطة ممثليها الذين تختارهم بإرادتها الحرة) لا يحدها إلا مبادئ الشريعة والمصلحة المعتبرة التي تلخصها قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" [..]، ومن ثم، فإن "التشريع" تتولاه "المؤسسة التشريعية"، التي اختارتها الأمة، في إطار مبادئ الشريعة وقواعدها [..] ومنظومة القيم التي اعتمدت عليها جميع الرسالات السماوية [..].

هـ - وأما إنها "تعددية" تعتمد التعددية الدينية والفكرية والسياسية الموجودة في الأمة

فلأن اعتماد هذه التعددية، بمختلف أنواعها هذه :

ليس باعتبارها فقط تجلياً من تجليات الحرية وحقاً من حقوق الإنسان،

وإنما باعتبار هذه التعددية - فوق ذلك- سنةً وقانوناً كونياً واجتماعياً لا تبديل له ولا تحويل؛ لأن الواحدية والأحدية هي فقط للخالق سبحانه، وأما ما عداه ومَن عداه - في عوالِم الخَلْق- فقائم على سنة التعدد والتمايز والاختلاف [..]،

ولهذا، على سبيل المثال لا الحصر، لغير المسلمين كامل حقوق المواطنة، وعليهم كامل واجباتها، مثلهم في ذلك مثل المسلمين؛ فـ "وحدة الأمة" و"المساواة في المواطنة" لا يتأثران باختلاف العقائد الدينية (التي مَرَدُّها وحسابُها إلى الله سبحانه يومَ الدين) [..].

2- ولأن "الانفراد بالسلطة" هو بابٌ واسعٌ من أبواب الاستبداد والطغيان (كما سبق أن ذكرنا) : كان "تبادل السلطة" بين مختلف تيارات السياسة والفكر في المجتمع، بالرجوع إلى الأمة (مصدر السلطات)، هو المحقق لـ "تجدد" الحياة السياسية، والحائل دون الاستبداد والطغيان.

3- ولأن "التوازنَ" هو سر الحياة والعاصم من الانحراف : كان "تعدد" السلطات (تشريعية، رقابية، تنفيذية، قضائية) والمؤسسات و"توازنها" هو السبيل المحقق لأقصى قدر ممكن من العدل (في المجتمع والدولة) الذي تبتغيه الأمة من وراء قيام هذه السلطات والمؤسسات [..].

4- [وختاماً]، السياسة (في رؤيتنا واجتهادنا) ليست من العقائد الدينية، وإنما من الفروع والفقهيات [..]، ولذلك فإن الاختلافَ فيها معاييره "الصواب" و"الخطأ"، و"النفع" و"الضرر"، وليس "الإيمان" و"الكفر".


: الأوسمة



التالي
طبيعة الرسالة المحمدية الخاتمة للرسالات
السابق
المنتدى العلمي الخاص بلجنة الأسرة والمرأة بالاتحاد العاملي لعلماء المسلمين

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع