جستجو برای

التفاصيل

أم الهزائم العربية وانتفاضة الربيع الأمريكية

أم الهزائم العربية وانتفاضة الربيع الأمريكية

بقلم: أ. د. عبدالرزاق قسوم

 

في عالم هزته -من الهلع – أشباح الفيروسات الكورونية، وأطاحت بكبرياء دوله هجمة الجائحة العابرة للقارات الوبائية.

إنه العالم المثقلة، سماؤه، بتتابع الهزائم العربية، منذ النكبة إلى النكسة، ومن حكم العسكر، إلى طموحات المشير حفتر..
في هذا الجو الملبّد مناخه بتصاعد الإرهاب، وظلم الاستبداد، والاغتصاب، وتعفير وجه إنسانه بالتراب، يُطلّ على الكون، نوع آخر من الاضطراب، إنّه الربيع الأمريكي، الصخاب، الذي كان يبدو، بمثابة السراب في أعين الأعراب، والأغراب.

سبحانك –اللهم – سلّطت على الدول العظمى أغرب وباء، فشلّ خبراتها، وعدّد أمواتها، وحطم أقواتها، وبعثر قواتها.
وها أنت –يا رب – تشغل الأقوياء بربيع الضعفاء، الذين حطموا القيد، وأفشلوا الكيد، وهاهم ينشرون الخراب والدمار، ويمسحون ذلّ الاستعباد، وغطرسة الاستكبار.
فلئن، أظلتنا، سحب الخامس من يونيو، المذلة للكبرياء، المجسّدة لهزيمة الزعماء، فإنّها تمثل السياط، الذي أيقظ ضمائر الشعوب العربية الهوجاء، وبعث بها في رحلة جديدة، نحو فضاء العزّة والإباء، والبحث لها عن فضاء يطبعه الوعي والإخاء، والانتفاضة على كلّ الغرباء، والدخلاء، والعملاء.
وها هي ذي ثورة المعذبين الملونين والأحرار الشرفاء، في أمريكا، تأتي لتدقّ ناقوس الخطر، على المتغطرسين الجبناء، في ربيع أمريكي خاص، أقضّ مضاجع حكامه، وألقى بهم في جحور ما تحت الأرض، خوفا من ثورة الماردين، وزمجرة المستضعفين، العازمين على استئصال شأفة العنصريين، والإلقاء بهم في مزبلة المنبوذين.
هذه هي خريطة العالم اليوم كما تبدو للناظرين، كروب وحروب، وثورات شعوب، وإعصار في كلّ الدروب، ومن يزرع الشوك يجني الجراح.
ليت شعري، هل يدرك الإنسان العربي –اليوم – كم جنى على نفسه بممارسته للخيانة وتضييعه للأمانة، وبعده عن القيم والديانة؟.
وهل يدرك حكام الأمة العربية ما جنوه على شعوبهم، منذ النكبة إلى النكسة، بمركوبيتهم للصهيونية، وعمالتهم للإمبريالية، وتقديمهم لخيرات الأوطان، في تخاذل واستذلال كهدية؟
ألا يخاف حكامنا، يوم يقوم النّاس لرب العالمين، فيسألهم رب العزة، عن دماء أريقت، وجموع إلى الحروب قد سيقت، وأسلحة فتاكة، بذممهم قد انبطت؟
ألا يدرك هؤلاء جميعا، أنّ للظلم حدود، وأنّ للعدل الإلهي وجود، وأن الحق –دوما – للعلا في صعود؟
إنّ أصوات الثكالى، والمعذبين في العراق، وسوريا، وفي اليمن، وليبيا، وفي كلّ الأوطان، من الخرطوم، والقاهرة، إلى ليبيا، كلها تتصاعد إلى عنان السماء، نشكو إلى الله الظلم والاعتداء؟.
وهل دقّت ساعة إدراك المتسلطين أن الوباء الكوروني، والربيع الأمريكي الصهيوني، إن هما إلاّ نذير، لمن طغوا، وجاروا، وتفننوا في ظلم العباد والبلاد، وطاروا، وقد آن الأوان، ليذوقوا سوط عذاب، وإن ربك بالمرصاد؟.
إنّ الله يمهل ولا يهمل، وإنّ دولة الظلم ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، فليدرك الجميع أنّ عصر الهزائم العربية قد ولى، وأنّ الشعوب العربية بوعيها وشعبها، تلقى دروسها، وقل للحكام يحسنون الإصغاء، ويستخلصون الدروس من محن الابتلاء.
لقد كتب لعصر الشعوب المظلومة أن ينتصر، وللحقوق المهضومة أن تعلوا وأن تنتشر، ولا يدوم على الظلم والاستبداد حال.
إنّنا ونحن نحيي ذكرى أم الهزائم التي تصادف الخامس من يونيو، نذكر معها شهداءنا وأسرانا في فلسطين وكلّ الضحايا، والمظلومين من أدلب إلى القيروان، ومن عدن إلى أم درمان، ومن طرابلس إلى أسوان، ومن غرة إلى أفغانستان.. إنّها قضايا الحق والعدل، وإن باعدت بينها جغرافية البلدان، فقد وحدت بينها حقوق الإنسان والأوطان، وما تعانيه هذه الأناسي وهذه الأوطان من تعسف وهوان، وقد آن الأوان، أن يدور الزمان، ويثبت الحق دوره بالحجة والبرهان.
إنّ أعراض سقوط قياصرة الظلم والاستبداد، قد لاحت في الأفق، وما هذه المحاكمات، والمتابعات، والاتهامات التي تطال رموز الفساد والاستبداد، إلاّ علامات قيام الساعة، بالنسبة للمجرمين، والمتسلطين، الخائفين من شعوبهم.
سيطل فجر الحرية، بعد كلّ هذه النّكبات، والنّكسات، والهزائم والمظالم، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[سورة المجادلة، الآية 21].
فيا أبناء وطني، ويا شعوب أمتي، إنّه بعد الليل الطويل لابد من طلوع الفجر، وبعد محنة العسر لابد من اليسر، فصبرا! صبرا!.
يا أمتي، إنّ الربيع الأمريكي سيزهر، بالقضاء على أوراق الخريف، وإنّ وباء الكورونا، وعلقم الهزائم، ستتلوه انتصارات، هي انتصارات العدل، والحق، والنصر، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ..﴾[سورة الروم، الآيتين4/5].
لقد علمنا الإسلام، ونحن الأمة الشاهدة، أنّ الكلمة الأخيرة لنا، لأنّها كلمة الله، ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾[سورة التوبة، الآية 40]، وتلك هي سنة الله، ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [سورة الأحزاب، الآية 62].

 


: برچسب ها



جستجو در وب سایت

آخرین توییت ها

آخرین پست ها

شعب اتحادیه