الرابط المختصر :
لا أحسن البقاء في المنطقة الرمادية
الشيخ سالم الشيخي
ياصديقي أنا لا أستطيع أن أكون حبيبًا للجميع: للظالم والمظلوم معًا، ولا أطلب مرضاة الجميع من كان منهم على الحق أو كان على الباطل ، ولا أحسن البقاء في المواقف العامّة المتعلقة بتدافع الأمّة مع خصومها من الظلمة والمتجبرين في المساحات التي لا تغضب أحدًا ، ولا أحسن أن أمسك العصا من المنتصف لأقنع نفسي عند النوم أنّ الجميع راضٍ عمّا أقول، ولا أحسن استخدام اللّغة العامة الفضفاضة التي لا تغني وتسمن من جوع، أي لا تنكر باطلًا معيّنًا وإنّما تتحدّث عن قيم عامّة تسع الجميع ولا تغضبهم.
أنا مسلم يدفعني لكل ذلك آيات محكمات ، ويكفيني منها قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } ، وتدفعني سنّة المصطفى صلّى الله عليه وسلم ويكفيني منها قوله صلّى الله عليه وسلم : ما من نبيّ يبعثه الله في أمّة قبلي إلّا كان له من أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثمّ إنّها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .
أنا مسلم استيقظت في هذه الدنيا على سيرة جدّي عبد الله بن حسن الشيخي الذي سجنه الاحتلال الإيطالي في شيشيلا ، وعلى حديث جدّتي آمنة محمد الجيلاني، التي عاشت على عبير تاريخ الجهاد، فجدّها عبد الله شيخ الزاوية السنوسية في توكرة وشهيد معركة بنينة، ووالدها رفيق عمر المختار وعمّتها أخت أبيها هي السيدة ونيسة عبدالله الجيلاني زوجة عمر المختار، وهي أمّ الشيخ محمد عمر المختار - رحمه الله - يعني مواجهة الباطل وكشف زيف الخداع اللّفظي هو أمر عشته طفلًا وتربّيت عليه في أحضان جماعة الإخوان المسلمين شابًّا عندما كنت أردّد معهم أناشيد العزة والبطولة، ورأيته في جمع من الأصحاب قالوا كلمة الحق في وجه السلطان الجائر وأقصد بهم علي العشيبي وأصحابي من شهداء عام 1987م . فلا تنتظر مني - بإذن الله تعالى- غير ذلك، وعندما أتأخر فاعلم أن ذلك لتقدير موقف شرعي يتناسب مع مقاصد الشريعة ومراعاة المصالح العامة، والله الموفق للصواب ولاحول ولاقوة إلّا بالله وحسبي الله ونعم الوكيل