البحث

التفاصيل

هل من أفق جديد؟

هل من أفق جديد؟
الشيخ الدكتور عمار طالبي
  اشك أن عهد الاستبداد قد أخذ يرحل، والفساد الفظيع أخذت أيديه تكبل في الأغلال وتأخذ مصيرها إلى المحاكمة، فيجري القانون مجراه بلا تلفون يرن، ولا أمر يصدر يمنع المفسدين من الإفلات، إنه يوم الحق، والوعد الصادق يصدق على المفسدين قوله تعالى:{أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} إنه أتاهم يومهم فلا صارف له عنهم، ولا منجاة من تحقيق الحق، ودفع الباطل.

لقد نهبت أموال الأمة، ودمر اقتصادها، وهربت خيراتها بلا مبالاة ولا ضمير، انتفخت بطون المفسدين، وملئت حساباتهم المصرفية، ونسيت نفوسهم يوم الحساب، ومصيرهم إلى العقاب، حسبوا أنفسهم بمنجاة من القانون، وأن لهم حماة يحمونهم فهيهات هيهات {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.

إنهم استخفوا بعقول الشعب، وظنوا أنه لا وعي له، ولا فطنة، ولا شعور بما يجري، فعميت أبصار هؤاء، بل عميت قلوبهم: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.

ها إنهم اليوم في ذلة واحتقار، وحسرة وآلام، يذوقون وبال أمرهم، ويتجرعون كؤوسا مرة، وحنظلا أشد مرارة وأنكى، فلا يلومون إلا أنفسهم.

سلط الله عليهم من يحفظ سجلات أعمالهم، وملفات مخالفاتهم، وتلك هي الحجة عليهم، والبينة الواضحة الشاهدة على إجرامهم.

إن القضاة اليوم لا يحتكمون إلا إلى القانون وضمائرهم المهنية، فيحكمون باسم الشعب، وبفضل حراكه الذي حررهم، وجعلهم في استقلال تام عن السلطة التنفيذية.

إننا نستبشر بعهد جديد، وآفاق واسعة من الحرية، والفصل بين السلطات، وتداول السلطة. قد غاب هذا مدة طويلة فتحكمت الأهواء وشهوة السلطة، وحب المال، ونهبه، وكتم الأصوات، وقمع كل رأي يعارض الفساد، واستكان بعض الأحزاب وبعض الإعلاميين والمثقفين إلى هؤلاء المفسدين وأصبحوا لهم أعوانا يزينون لهم أعمالهم، ويمدحونها ويشيدون بمنجزاتهم جهرة بلا حياء ولا ضمير متناسين أياما مثل هذه الأيام، وثورة شعبية مثل هذه الثورة.

إن للتاريخ عواصف وإن للشعوب لزلزالا، يأتي على قواعد الاستبداد، وبؤر الفساد، وها هو الشعب الجزائري يزمجر ويرعد، وينادي بكنس المفسدين، ومحو آثارهم من وطنه.

لم ينس الشعب الجزائري في ثورته هذه إخوانه الذين يعانون في فلسطين وغيرها، وتفطن إلى ما يمكن أن يتسرب إليه من تدخلات أجنبية معادية للثورات، حفاظا على مصالحهم مع الاستبداد، فحذر من أي تدخل أجنبي من قريب أو بعيد، وشدد التحذير أيما تشديد، بوعي تام، ولحد اليوم بقي محافظا على فطنته، وسلمه، وحذره من كل ما يشق صفه أو يثلم من وحدته، فمنع كل من تحدثه نفسه أن يشير إلى تقسيمه أو يظهر شيئا يدل على ذلك، إنه مكسب عظيم، وكان جيشنا الشعبي الوطني أشد حرصا على هذه الوحدة، وأقوى حارس لها، وللقانون أن يجري مجراه، فوعد وعدا صادقا بمرافقته للأمة إلى أن تنال مطالبها، وصرح أنه ليس له طموح سياسي، فإن الشعب لا يقبل استبدادا عسكريا، ولا يرضاه أبدا.

فنحن نحيي الحراك والجيش على موقفه الرشيد.


: الأوسمة



التالي
وداعاً… يا أهرام مصر!
السابق
الشيخ سيد سابق

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع