البحث

التفاصيل

الأستاذ بديع الزمان النورسي (المكتوبات 506)

الرابط المختصر :

الأستاذ بديع الزمان النورسي (المكتوبات 506) 
مواصلة لسلسلة النكات الدقيقة والمسائل اللطيفة لبعض احكام شهر رمضان المبارك، واليوم نواصل في النكتة الخامسة.

إن لصوم رمضان حِكماً كثيرة من حيث توجهه إلى تهذب النفس الأمارة بالسوء، وتقويم أخلاقها وجعلها تتخلى عن تصرفاتها العشوائية. نذكر منها واحدة: 
إنّ النفس الإنسانية تنسى ذاتَها بالغفلة، ولا ترى ما في ماهيتها من عجز غير محدود، ومن فقر لا يتناهى، ومن تقصيرات بالغة، بل لا تريد أن ترى هذه الأمور الكامنة في ماهيتها، فلا تفكر في غاية ضعفها ومدى تعرّضها للزوال ومدى استهداف المصائب لها، كما تنسى كونها من لحم وعظم يتحللان ويفسدان بسرعة، فتتصرف واهمة كأن وجودها من فولاذ وأنها منزّهة عن الموت والزوال، وأنها خالدة أبدية، فتراها تنقضّ على الدنيا وترمي نفسها في أحضانها حاملة حرصاً شديداً وطمعاً هائلاً وترتبط بعلاقة حميمة ومحبة عارمة معها، وتشد قبضتها على كل ما هو لذيذ ومفيد، ومن ثم تنسى خالقها الذي يربّيها بكمال الشفقة والرأفة فتهوي في هاوية الأخلاق الرديئة ناسية عاقبة أمرها وعقبى حياتها وحياة أخراها.
ولكن صوم رمضان يُشعر أشد الناس غفلة وأعتاهم تمرداً بضعفهم وعجزهم وفقرهم، فبوساطة الجوع يفكر كلٌ منهم في نفسه وفي معدته الخاوية ويدرك الحاجة التي في معدته فيتذكر مدى ضعفه، ومدى حاجته إلى الرحمة الإلهية ورأفتها، فيشعر في أعماقه توقاً إلى طرق باب المغفرة الربانية بعجز كامل وفقر ظاهر متخلياً عن فرعنة النفس متهيئاً بذلك لطرق باب الرحمة الإلهية بيد الشكر المعنوي (إن لم تُفسد الغفلةُ بصيرتَه).
وإلى الملتقى .. تقبل الله منا ومنكم.


: الأوسمة



التالي
ز ما ورد عن فضيلة الدكتور علي الصلابي في الحلقة الواحد والعشرون من "برنامج سيرة المصطفى" بالموسم الثاني -يوم الأحد- 21 رمضان
السابق
شائعات اعدام بعض علماء الفكر الوسطي بالمملكة العربية السعودي

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع