البحث

التفاصيل

العالم الداعية عبد الله بن تركي السبيعي

الرابط المختصر :

العالم الداعية عبد الله بن تركي السبيعي
أول مفتش للعلوم الشرعية في دولة قطر
(1318 - 1388هـ = 1897 - 1968م)

عبد الله بن تركي السبيعي، رائد من رواد النهضة التعليمية في دولة قطر، وعالم من علماء الشريعة المرموقين، وأحد العبادلة الثلاثة من أهل العلم الديني في قطر: أولهم عبد الله بن زيد المحمود قاضي المحكمة الشرعية. وثانيهم: عبد الله الأنصاري، مدير مدرسة صلاح الدين، وهو ثالثهم. وكلهم كانوا يخطبون في المساجد، ويعلمون أحكام الشريعة، ومكارم الأخلاق.

رائد نهضة التعليم الديني في قطر:
قال الشيخ رحمه الله في مجلة الدوحة- وهي مجلة مدرسية صدرت في خمسينيات القرن الماضي- مبينا دوره في نهضة التعليم الديني في قطر: (لقد بدأت النهضة التعليمية في قطر منذ عشر سنوات، ولكنها لم تأخذ مجراها الطبيعي، وتؤدي ثمارها الطيبة، إلا منذ أن تولى زمامها وقيادتها سمو الشيخ خليفة بن حمد عام 1956م، وقد انتدبني سمو الشيخ خليفة لأشرف على النهضة، من حيث التعليم الديني. وحين قمت بجولة في المدارس، متفقدًا حالتها، ساءني أمر مناهج العلوم الشرعية، فلم تكن أمرًا ذا بال، وكانت من القِصَر والضيق بحيث لا تُعدُّ شيئًا يُذكر، فاستخرت الله، وقمت بإعداد منهج شامل، تُدرس فيه عقيدة السلف، وتفسير القرآن الكريم، ويتعرف الطالب في الوقت نفسه على سيرة النبي الكريم، وصحبه الأبرار، وطرف من الحديث النبوى الشريف، ويأخذ بعد ذلك الفقه الإسلامي من كتب مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، ولم نقف عند هذا الحد، بل جئنا بالآداب الدينية والاجتماعية، ليكون الطالب على بصيرة من التقاليد الكريمة التي يجب اتباعها).
وكان لا بد للشيخ أن يوفر المعلمين المؤهلين الأكفاء القادرين على تعليم هذا المنهج، وبث روحه في تلاميذهم وعيًا وفكرًا وسلوكًا، فلم يجد سوى الأزهر الشريف المورد العذب لعلوم الشريعة عبر العصور، وبموافقة المسؤولين في الدولة، أُذن للشيخ أن يسافر للقاهرة.
وكان من مآثر الشيخ ابن تركي أنه هو الذي سعى بجد وحرص لجلب علماء الأزهر من مصر لتدريس العلوم الشرعية، وكان يعتز بذلك ويفتخر به.
أول لقاء بيني وبين الشيخ ابن تركي:
وفي عام 1957 وكنت أخطب في مسجد الزمالك، زار الشيخ عبد الله بن تركي السبيعي مصر، وكان وقتها مفتش العلوم الشرعية بوزارة المعارف، والمسؤول عن التعاقد مع علماء الأزهر وغيرهم لتدريس العلوم الشرعية في مدارس قطر.
وكان يصحبه من أبناء الأزهر أخونا الشيخ يوسف عبد المقصود، الذي ذهب إلى قطر من قديم، وعمل في مدارسها، قبل أن يحصل على الشهادة العالمية. وقد اصطحب أخونا يوسف الشيخَ ابن تركي، ليصلي الجمعة في مسجد الزمالك، واستمع إلى خطبتي، وأنا لا أعلم، وشاء الله أن يعجب بها، ثم صافحني بعد الصلاة، وعرفني به الأخ يوسف. وطلب مني أن أزوره في الفندق الذي يقيم فيه (جراند أوتيل) في وسط القاهرة.
وقد زرت الشيخ، وتبادلنا الحديث في علوم الشرع، وعلم الإمامين ابن تيمية وابن القيم، وغير ذلك، مما شد الشيخ إليّ، وزاده ثقة بي، واطمئنانًا إليّ، وودعته، وشكرت له، وحييته.
ولما رجع الشيخ إلى قطر، أرسل كتابًا إلى الشيخ الباقوري وزير الأوقاف يطلب منه إعارتي إلى قطر، ولم يعرف ابن تركي أن وزير الأوقاف لا يملك أن يعيرني إلى قطر؛ لأني لست موظَّفًا عاديًّا كسائر الناس، بل كنت مُعَيَّنًا على مسؤولية الباقوري استثناء. وحتى لو كنت موظفًا عاديًّا، فلا بد أن تمر عليّ ثلاث سنوات حتى أعار إلى خارج مصر، فاعتذر وزير الأوقاف إليه. ولكن اسمي ظل محفورًا في ذاكرة الشيخ، حتى آن الأوان بعد ذلك لإعارتي إلى قطر.
وبعد مضي السنوات الثلاث بعد مضي ثلاث سنوات علينا في العمل: أن نتقدم بطلب ليكون لنا حق الابتعاث أو الإعارة لبعض البلاد العربية التي تطلب مدرسين لمدارسها أو معاهدها.
وما إن اكتملت لنا مدة السنوات الثلاث -منذ بدء تعيينا في الأوقاف- حتى تقدمنا بهذا الطلب، لنلحق بالمعارين إلى السعودية والكويت وغيرهما. وبخاصة أننا قد تأخرنا في التعيين، وفي حاجة ماسة إلى سند مادي يشد ظهرنا في مواجهة مطالب الحياة، وكل منا يريد أن يكون له بيت يملكه، لا مجرد شقة يستأجرها، وأن يكون له قدر من المال يدخره لمفاجآت الحياة.
ولأن عدد المتقدمين للإعارة يكون دائما أكبر من الفرص المتاحة، فكان الأزهر يجرى للمتقدمين (امتحانًا شفهيًّا) تقوم به لجنة من العلماء المرموقين، ويرشح منهم الناجحون الأول فالأول.
ويسر الله سبحانه، وكنت أول المتقدمين من علماء الأزهر في هذا الامتحان. ومن ثَم كان من حقي أن أختار أي بلد أحب من البلاد التي يبعث إليها الأزهريون. وكان أفضل بلد يختاره الأزهريون عادة هو (الكويت) فقد كانت الكويت تعطي أعلى الرواتب للمعارين إليها.
ولكني لم أختر الكويت، بل اخترت "قطر" ولم يكن لقطر شهرة في ذلك الوقت، ولا يرغب المعارون فيها كغيرها، فقد كانت تخطو الخطوات الأولى في سلم الترقي الحضاري، وكانت رواتبها أقل من غيرها.
ولكن لأن الشيخ عبد الله بن تركي المسؤول عن العلوم الشرعية فيها كان قد طلبني من قبل من وزارة الأوقاف، ولا يزال حريصًا على استقدامي إلى قطر، فكان من الواجب أن أبادله ودًّا بود، وأقابل تحيته بمثلها أو أحسن منها.
ومضينا نتخذ الإجراءات للبعثة، ونهيئ الأسباب للسفر القريب، واستخرجت جواز السفر لي وللعائلة، ولكني فوجئت بما لم يكن في الحسبان، فقد مضت أمور أخي العسال بلا عقبات ولا اعتراض من أحد، أما أنا فقالوا: إن جهات الأمن معترضة عليك.
وسألنا عن سبب الاعتراض، فلم نجد جوابًا، وطلبت من الدكتور البهي أن يسأل مكتب السيد كمال رفعت، ومديره السيد علي إمبابي الذي كان دائم الصلة بمكتب الدكتور البهي، وكانت إشارته حكمًا، وطاعته غنمًا، وتوجيهاته لا ترد ولا تناقش، وكل هذا لم يجدِ شيئًا.
وظل الشيخ عبد الله بن تركي يرسل البرقيات تلو البرقيات لتسهيل إعارتي إلى حكومة قطر، ولا من سميع أو مجيب.

اللقاء الثاني: 
ولقد حضر إلى مصر في الإجازة الصيفية الشيخ عبد الله بن تركي من قطر، وقابلته أنا والأخ أحمد العسال، وكان لقاء علميًّا حيًّا، طرقنا فيه موضوعات في العقيدة والفقه والتربية، وسر به الشيخ ابن تركي، وطلبني رسميًّا من الأزهر.
وفي خلال هذه السنة الدراسية (1960-1961) لم تنقطع رسائل وزارة المعارف في قطر عن طلبي من الحكومة المصرية، وبخاصة أن فضيلة الشيخ عبد الله بن تركي مسؤول العلوم الشرعية في المعارف، والمسؤول عن التعاقد مع علماء الأزهر في مصر، لم يكف عن إرسال البرقيات إلى الأزهر، وإلى السيد حسين الشافعي عضو مجلس الثورة، والمشرف على الأزهر في ذلك الوقت، يطلب فيها (فك الحظر) عني والسماح لي بالسفر إلى قطر.
ونظرًا لكثرة البرقيات وإلحاحها: شرع مكتب حسين الشافعي يحقق في أمر منعي وأسبابه، وانتهى إلى إلغاء قرار المنع والسماح لي بالسفر إلى قطر، ابتداء من العام الدراسي القادم 1961، 1962.
وكان اتفاق الشيخ ابن تركي معي، على أن أتسلم إدارة المعهد الديني الثانوي في قطر، خلفا عن مديره السابق فضيلة الشيخ الدكتور عبد الغني الراجحي الذي تسلم إدارته لسنة واحدة، هي كل عمر المعهد الناشئ.
كان الشيخ ابن تركي نعم العون لي:
كان الشيخ نعم العون لي في كل ما يخص المعهد الديني، وكانت أولى العقبات التي قابلتني في إدارتي للمعهد الديني بعيد وصولي لقطر، أني لم أجد طالبا واحدا تقدم للالتحاق بالصف الأول بالمعهد. كل ما هنالك أن طالبا لم يدخل الامتحان في العام الماضي فأعاد السنة، فهذا هو الاسم الوحيد الموجود على قائمة الصف الأول.
ومر يوم واثنان وثلاثة، وبقية الأسبوع، فلم يتقدم إلينا أحد، ومعنى هذا: أن المعهد يصفي نفسه من أول يوم. إذا لا معنى لمعهد لا يأتيه طلاب جدد، والطلاب القدامى كأنما فُرضوا عليه، أو فُرض عليهم فرضا. وبدأت أتهيأ لمواجهة هذه المشكلة العاجلة. فكتبت نشرة توزع على نطاق واسع في المساجد، تبين أهمية الدراسة الدينية والتفقه في الدين، وأنه واجب على كل مجتمع أن يهيئ من أبنائه فئة تتفقه في الدين، حتى إذا سئلوا أفتوا بعلم، وإذا قضوا قضوا بحق، وإذا دعوا إلى الله دعوا على بصيرة، {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122].
وفي يوم الجمعة، تحدثت بعد خطبة الشيخ ابن تركي في الجامع الكبير المعروف باسم "جامع الشيوخ" حديثا عن طلب العلم، وأهمية علم الدين... إلخ.. فبدأ يجيئنا طالب بعد آخر، حتى اكتمل الصف الأول ثمانية طلاب. وقلنا: فيهم بركة، وربنا يبعث المزيد، وكان هذا أول درس ديني ألقيه في قطر.
 المشكلة الثانية: كان التلاميذ يأخذون جميعًا رواتب من الحكومة، ترغيبًا لهم في الالتحاق بالمدارس، وكان جميع التلاميذ يأخذون هذه الرواتب- أو المعاشات كما يسمونها- ولكن في السنة التي وصلت فيها: اتخذت الحكومة قرارًا جديدًا، وهو قصر الرواتب على التلاميذ القطريين وحدهم، أما غير القطريين فلا يصرف لهم شيء. وكان في المعهد الديني عدد من الطلاب من غير القطريين، بعضهم من الإمارات، مثل: الطالب أحمد عبد الله عسكر من خور فكَّان، والطالب محمد عبد الرحمن البكر من رأس الخيمة، والطالب محمود هزاع من اليمن، وغيرهم. وتحدثت مع الشيخ عبد الله بن تركي عن هذه القضية، وقلت له: يجب أن يستثنى طلاب المعهد الديني من قرار قصر الراتب على القطريين، تشجيعًا للتعليم الديني، فقال لي: إن هذا الأمر بيد الشيخ خليفة، وأنا أرى أن نذهب معًا لزيارته، ليتعرف عليك، ولتحدثه في هذا الأمر بنفسك، وأعتقد أنه سيقتنع بمنطقك.
وفعلا ذهبت مع الشيخ ابن تركي إلى الشيخ خليفة، فحيَّاني الرجل، ورحَّب بي، وقال لي: سمعنا عنك قبل قدومك، وأرجو أن تجد في قطر وطنك الثاني. وشكرته على المجاملة الطيبة. وقلت له: يا طويل العمر، أريد أن أشرح لكم موقف المسلمين من العلم الديني طوال العصور الماضية، فقد وقفوا عليه الأوقاف، والصدقات الجارية، ليستمر علم الشرع موصولًا متوارثًا، جيلًا بعد جيل، فهو فرض كفاية على الأمة، إذا قام به عدد كاف يلبي الحاجة، رفع الحرج عن الأمة، وإلا أثمت الأمة كلها. وقد جرت عادة أهل الخير من المسلمين أن يخصوا الطلبة الغرباء بعناية أكبر من غيرهم، لشدة حاجتهم في غربتهم، وتشجيعًا لهم أن يتفقهوا في الدين، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم. ونحن- طلبة الأزهر المصريين- في كلياتنا، لا يعطى لنا شيء، على حين يعطى طالب البعوث الإسلامية قدرًا من المعونة يساعده على معيشته، وبعضهم يأخذها رغم أنه يسكن في مدينة البعوث الإسلامية التي خصصها لهم الأزهر. وهذا امتداد لنظام الأروقة" الذي كان متبعا في الأزهر من قديم، فهناك في مباني الأزهر نفسه: رواق للمغاربة، ورواق للأكراد، ورواق للشوام، وهكذا. وأنا لا أطالب سموكم بإعطاء الطلبة الغرباء، وحرمان القطريين.. بل أريد التسوية بين الجميع في ذلك، وتكون هذه ميزة لطلبة المعهد الديني. وتفهم الرجل قصدي، واستجاب له في الحال. بل ظلت هذه الميزة لطلاب المعهد مستمرة، حتى بعد أن ألغيت الرواتب من الطلاب القطريين أنفسهم بعد ذلك.
ومما أعانني فيه الشيخ ابن تركي أنه قد بدا لي أن أقسم المعهد إلى مرحلتين: إعدادية وثانوية. كل مرحلة منهما ثلاث سنوات، مثل مراحل التعليم العام. يدرس الطالب في المرحلتين ما يدرسه الطالب في التعليم العام تقريبًا، إلا ما لا ضرورة إليه مما يوفِّر لنا بعض الحصص.. وتدرس نفس الكتب المقررة على الإعدادي والثانوي في العلوم والرياضيات والمواد الاجتماعية، واللغة الإنجليزية ونحوها. وفي الثانوي تدرس مناهج القسم الأدبي. على أن نزيد الجرعات التي يأخذها الطالب من العلوم الشرعية والعربية. وهنا لا بد أن نبذل جهدا في تيسير هذه العلوم وتقريبها، بحيث لا نرهق الطالب بتعقيداتها. ولا بد من تقرير الكتب المناسبة لذلك. وقد يضطرنا هذا أن نزيد حصتين في الخطة الدراسية.
ومعنى هذا: أن علينا أن نهيئ الطالب في الصف الثالث بالمعهد هذا العام لامتحان الشهادة الإعدادية. وحصول الطالب على هذه الشهادة سيشعره بأنه قطع مرحلة دراسية مهمة، وحصل على شهادتها. وكلمت الشيخ عبد الله بن تركي في هذا التغيير، ورحب به جدًّا، ووافقني عليه، وقال: علينا أن نقابل مدير المعارف وتقنعه بهذا الأمر. وكان مدير المعارف حينئذ، هو الأستاذ عبد الرحمن عطبة. وكان مفتشا للغة العربية، وأبدى نشاطًا ملحوظًا، فعيَّنه الشيخ قاسم مديرًا للمعارف، وكنت قد لقيته في القاهرة في الصيف لقاء عابرًا، وكان الأستاذ محمد المبارك أوصاه بي. فذهبت إليه، وشرحت له فكرتي، فشد على يدي، وشجعني على سرعة التنفيذ.

من السنن الحسنة التي سنها رحمه الله:
ومن السنن الحسنة التي سنها الشيخ ابن تركي في كل رمضان، أن يرسل العلماء الأزهريين الذين يدرِّسون العلوم الشرعية، إلى مساجد الدوحة وضواحيها، ومساجد القرى، ليلقوا فيها دروسًا، إما بعد العصر، وهو الغالب، أو بعد العشاء. ويوزع جدولًا في كل رمضان بالمدرسين ومساجدهم.
ومن السنن الحميدة التي سنتها وزارة التربية والتعليم في قطر -باقتراح من فضيلة الشيخ عبد الله بن تركي رئيس تفتيش العلوم الشرعية- إقامة مسابقة في حفظ القرآن وتلاوته، مفتوحة لجميع الطلاب والطالبات في جميع مدارس قطر بالدوحة، وغيرها من مناطق قطر. وكان الفائزون الأوائل الثلاثة في كل فصل يأخذون جوائز نقدية تشجيعية، وكانت المدارس تتنافس في ذلك، كما يتنافس الأبناء والبنات في حفظ كتاب الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].
وقد أدى ذلك إلى تسابق كثير من الطلاب والطالبات في حفظ القرآن، وأن تجد البيوت قبيل الامتحان مشغولة بالقرآن. كما فتحت الوزارة -جزاها الله خيرا- باب التسابق للطلاب ولغير الطلاب في حفظ القرآن كله، أو نصفه، أو أجزاء منه، ويعطَى الحافظ جائزة قيمة على قوة حفظه وحسن تلاوته. وكانت بناتي إلهام وسهام وعلا ثم أسماء بعد يدخلن كل عام هذه المسابقة ويفزن فيها، ويحصلن على جائزتها. بل دخلت إلهام هذه المسابقة في الأجزاء الخمسة الأخيرة، ونجحت فيها، وحصلت على جائزتها، ودخلت سهام في ثلاثة أجزاء، وأسماء في جزأين.
ومن هذه السنن أيضا: (تعليم البنات)، فقد نادى الشيخ ابن تركي بحق الفتاة القطرية في التعليم، في وقت كان يرى فيه كثير من الناس أن تعليم الفتاة وصمة قد تنتهي بالفتاة إلى عزوف الرجال عن الزواج منها، بل إن بعض فئات المجتمع كانت تعد تعليم الفتاة منكرًا يحرمه الدين، ولكن الشيخ عبد الله سار متحملًا في ذلك العبء الأكبر، استطاع بقوة منطقه، ورجاحة رأيه، وحسن فهمه لدينه: أن يقنع الكثيرين من المتحفظين المنكرين لتعليم الفتاة، ونادى الشيخ الجليل بهذا الرأي ضاربا المثل بما كانت عليه المسلمات الأوليات من فقه في الدين وعلم بشؤون الحياة وتفريق القرآن الكريم بين من يعملون ومن لا يعملون { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] ودعوته إلى القرأءة { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [العلق: 1]. وشجعه سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني (ولي العهد إذاك)، فوضع بتوجيه من سموه لتعليم الفتاة نظاما وترتيبا يحافظ على صونها وعفافها، ويمنع اختلاطها بغيرها، وتم افتتاح مدارس البنات. ومن الغريب أن الشيخ عبد الله بن زيد المحمود، صاحب الفتاوى الجريئة في الحج وغيره، كان في ذلك الوقت من أنصار التضييق والتشديد في تعليم المرأة، وإن كان قد تغير رأيه بعد ذلك، والحمد لله.
وكان الشيخان: ابن تركي والأنصاري من القائلين بإتاحة الفرصة لتتعلم كل علم نافع تريده وتقدر عليه. 
وفاته: 
وبعد حياة مليئة بالحيوية والمعرفة، والكفاح في مجالي الدعوة والتعليم، توفي الشيخ يوم السبت العشرين من شهر رجب عام 1388 هـ الموافق 12 أكتوبر 1968م وشيعه إلى مثواه الأخير آلاف المحبين له، والعارفين بفضله، والمقدرين لجهاده في موكب مهيب.
رحم الله الشيخ عبد الله بن تركي السبيعي، وجزاه على ما قدم من عمل نافع للعلوم الشرعية وتعليمها، خير ما يجزي به العاملين الصالحين من عباده.


: الأوسمة



التالي
-أعظم آية في كتاب الله -آية الكرسي
السابق
مرحباً بالقادم العزيز

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع