البحث

التفاصيل

مراجعات فقهية بفهم الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين

الحلقة الثانية ( الجن وما يتعلق بهم من الرؤية والتلبس وحدود تأثيرهم)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله 
قال الامام مالك ( يُنهى الذي يزعم أنه يعالج المجانين بالقرآن؛ لأن الجان من الأمور الغائبة، ولا يعلم الغيب إلا الله) رحم الله امام دار الهحرة.
الجن عالم من عوالم الغيب ولم يطلعنا الله تعالى على جميع الحقائق المتعلقة بهذا العالم بل على بعضها ومن النصوص المحكمة الصريحة التي نؤسس عليها معالم مراجعتنا هذه قوله تعالى (انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) اي اننا لا نرى الجن وقوله تعالى(ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) وقوله تعالى حكاية عن حوار ابليس مع من أغواهم ( وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي ) وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح على شرط الشيخين ( الحمد لله الذي لم يقدر منكم الا على الوسوسة) وفي لفظ (رد كيده الى الوسوسة) مسند أحمد (351/3) فليس للشيطان سلطان ولا حظ من ابن آدم الا الوسوسة .. أما السلطان على الارواح والقلوب فلله وحده سبحانه.
وقد ارشدنا القرآن ان نهتدي بهدي الانبياء والرسل ومنهم سيدنا سليمان الذي سخر الله له الجن ومع ذلك لم يغفل العنصر البشري بل ان طاقات الانسان العلمية في عصره فاقت قدرات الجن وذلك واضح من عرض الجن لخدماته ثم عرض الرجل العالم لقدراته التي فاقت قدرات الجن (قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) ولكن المتمكنين من العلم من بني البشر في زمانه فاقوا وارتقوا كما في الاية التي بعدها ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) وقال الامام المفسر الطاهر بن عاشور رحمه الله :( أَيْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مُكْتَسَبٌ مِنَ الْكُتُبِ أيْ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةَ )التحرير والتنوير" (19/ 271) 
ولكن الآية انقلبت اليوم فقد استغل المشعوذون كلام بعض العلماء الافاضل وادخلوا الناس في متاهات  حتى تصور الناس انهم مطاردون من قبل الجن وان الجن قد سكنوا اجسادهم وركبوا رؤوسهم و سيطروا على قلوبهم وسيروا عقولهم وارواحهم .. وفتح بعض المشعوذين مشافي  لجلد ظهور المرضى نفسيا كي يخرجوا الجن من اجسادهم تماما كما يفعل المشعوذون في الهند ولكن بمسميات اخرى.... سبحان الله اين مراد الله ومقصده من هذا الوادي السحيق من العجز وإبقاء النفوس حبيسة الوهم والخوف والرعب والسلبية والقعود اين هذا التصور المخيف من المعاني الرائعة التي توحي بها الرواية الصحيحة التي رواها عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ( صحيح مسلم: 6921 ) فالقلوب إذا بيد الرحمن خالق الانسان ولا سلطان للجن وجميع الشياطين الا بالوسوسة .


ولقد اختلف العلماء في مسألة تلبس الجن بالانس فمنهم من نفاه كما سنذكر ومنهم من اثبته كشيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه الامام المجتهد ابن القيم رحمهما الله تعالى واللافت للنظر ان امام اهل السنة يوم المحنة واعني احمد بن حنبل رحمه الله حينما سئل عن المسألة لم يستدل بأحاديث انما ذكروقائع رحمه الله وذلك من أمانته رحمه الله تعالى :فقد قال ابنه عبد الله : قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي ، فقال : يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه )..واستمر الخلاف الى عصرنا والاختلاف بين اهل العلم وارد ومقبول ..ولكن ليس من الانصاف اتهام طرف للاخر بالبدعة والضلالة ..وللأسف الشديد فان بعضا من العلماء قد حصروا مذهب المنكرين للتلبس بمذهب  المعتزلة واتهموا المنكرين بمخالفة السنة وهذا غير صحيح كما سنذكر فعدد من كبار علماء الاسلام المتقدمين ومنهم حافظ الاسلام الامام الطحاوي والامام الحافظ الفقيه ابن حزم والحافظ المحدث ابن حبان وهؤلاء من أئمة السلف يرون ان تأثير الشياطين منحصر بالوسوسة فقط ..وهؤلاء الاعلام ليسوا من المعتزلة ولا من منكري السنة بل هم حفاظ السنةوأئمة السلف.
وسنحاول في هذه العجالة ان نذكر آراء بعض الصحابة والتابعين والائمة المتبوعين وفهمهم للنصوص المتعلقة برؤية الجن ووسوستهم وحدود تأثيرهم على بني البشر.
فقد صح عن الصحابي ابن عباس رضي الله عنه وهو عالم و امام مجتهد حافظ مفسر ..صح عنه كما في صحيح مسلم انه قال (ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم) وكان هذا رأيه حتى توفاه الله ولم يتهمه احد من الصحابة في رأيه وان خالفوه كعبد الله بن مسعود الذي كان يرى انه عليه الصلاة والسلام التقى الجن وتحدث معهم كما في صحيح مسلم علما بأن رواية ابن مسعود لا تذكر رؤية النبي للجن ولكن تؤكد محادثته لهم وهذا شئ واقع فاحدنا احيانا يحدث رجلا آخر ويسمع صوته ولا يراه فما بالك بالجن!! وقصد سيدنا ابن عباس من روايته الآنفة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فاجتمعت الجن حوله واستمعوا له .دون ان تجري بينهما أية محادثة ..هذا ابن عباس من جيل الصحابة .ولم يكن ابن عباس مبتدعا حاشاه بل هو حبر الأمة وترجمان القرآن وحافظ السنة .

أما العلماء من بعد الصحابة فهذه بعض آرائهم فيما يتعلق برؤية الجن او تلبس الجن بالإنس

  1. كان الامام مالك يرى ان الجان من امور الغيب التي لا تصرف للانسان فيها كما نقل عنه شهاب الدين القرافي في كتاب الذخيرة في أبواب الولاية والحسبة: (قال مالك: يُنهى الذي يزعم أنه يعالج المجانين بالقرآن؛ لأن الجان من الأمور الغائبة، ولا يعلم الغيب إلا الله) الذخيرة( 10/ 57)

  2. وكذلك كان ناصر السنة الامام الحافظ الشافعي رحمه الله يرد شهادة من يزعم انه رأى جنيا او شيطانا لانه خالف نص كتاب الله في دعواه كما روى البيهقي في مناقب الشافعي -رحمه الله- عن الربيع بن سليمان أنه سمع الشافعي يقول «من زعم أنه يرى الجن رددنا شهادته)

  3. .وكذلك الامام ابن حزم لم يكن معتزليا بل هو من كبار حفاظ السلف الصالح وكان لا يعتقد بتلبس الجن في جسد انسان وقد قال رحمه الله في رسالة من رسائله (اما كلام الشيطان على لسان المصروع، فهذا من مخاريق العزامين (أي الراقين الذين يستعملون العزائم أي الرقى). و لا يجوز إلا في عقول ضعفاء العجائز. و نحن نسمع المصروع يحرك لسانه بالكلام، فكيف صار لسانه لسان الشيطان؟ إن هذا لتخليط ما شئت. و إنما يلقي الشيطان في النفس يوسوس فيها، كما قال تعالى {يُوَسْوِسُ في صدور الناس} و كما قال تعالى {إلا إذا تَمَنَّى ألقى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ}. فهذا هو فعل الشيطان فقط. و أما أن يتكلم على لسان أحد، فحِمقٌ عتيقٌ و جُنونٌ ظاهرٌ. فنعود بالله من الخذلان و التصديق بالخرافات) ((3/228.

  4. وها هو إمام آخر وهو الحافظ ابن حبان وهو من كبار أئمة الحديث من عصر السلف الصالح ولم يكن معتزليا حاشاه ولم يكن مبتدعا وهذا هو فهمه للنص النبوي الشريف(الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة) إذ بوب له قائلا في صحيحه(1/67) ؛ باب ذكر البيان بأن لا قدرة للشيطان على ابن آدم الا على الوسوسة فقط)  وهل هنالك قول اشد وضوحا وصراحة من هذه الكلمات النبوية الشريفة التي قصرت وحصرت فعل الشيطان في الوسوسة وهذا مطابق لقوله تعالى حكاية عن ابليس ( وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي). والحديث الآنف الذكر اخرجه كذلك احمد في مسنده ( ح 3161) وقال العلامة أرنؤوط رحمه الله في حاشيته حديث صحيح على شرط الشيخين.

  5. وقال الامام الطحاوي في كتابه شرح الاثار (الناس إنما أمروا بالاستعاذة من الشيطان، فيما جعل له سلطان عليهم -وهي الوسوسة- لتحبيب الشر وتكريه الخير وإنساء ما يذكرون وتذكير ما ينسون. وأما إعثار دوابهم وإهلاك أموالهم، فلا سبب له فيها..)

  6. قال القاضي أبو يعلى الحنبلي رحمه الله في ( المعتمد في أصول الدين) : ( ولا سبيل للشيطان إلى تخبيط الإنسي كما كان له سبيل إلى سلوكه ووسوسته ، وما تراه من الصرع والتخبط والاضطراب ليس من فعل الشيطان لاستحالة فعل الفاعل في غير محل قدرته ، وإنما ذلك من فعل الله تعالى )..
    فهؤلاء ثلة من كبار فقهاء الأمة من السلف الصالح ومن بعدهم وهذه أقوالهم .
    وماذهب اليه هؤلاء كالحافظ ابن حبان والطحاوي وابن حزم وابو يعلى وغيرهم هو الظاهر المفهوم من النص النبوي السابق الذكر فهذا النص ونصوص قرآنية اخرى كقوله تعالى حكاية عن ابليس( وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي) وقوله تعالى ( ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين) وقوله تعالى( فوسوس اليه الشيطان) فهذه نصوص حاكمة تفسر في ضوءها بقية الاخبار التفصيلية 
    ومنها الايات التي تحدثت عن قول ايوب عليه السلام (مسني الشيطان بنصب وعذاب) وقوله تعالى (الذي يتخبطه الشيطان من المس) ومن باب تفسير القرآن بالقرآن نذكر قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَامَسَّهُمْ طَـآئفٌ مِّنَ الشَّيْطَـانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَاهُم مُّبْصِرُونَ}[الأعراف 201]، والمس هنا كما قال أئمة التفسير هو وسوسة الشيطان وإرجافه وليس التلبس والسيطرة على اللسان والعقل.
    ولقد لخص الامام المفسر الطاهر ابن عاشور رحمه الله آراء المفسرين للآية فقال رحمه الله في تفسيره "التحرير والتنوير": «النصب والعذاب هما الماسان أيوب. ففي سورةَ الأنبياء (83) {أني مسني الضر}. فأسند المسّ إلى الضر. والضرّ هو النصب والعذاب. وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب، والعذاب إلى الشيطان. فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة، كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن...وسنكمل بقية كلام ابن عاشور في نهاية هذه الرسالة.
    قال ربنا سبحانه وتعالى وهو يخبرنا عن كلام ابليس (( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين )) سورة الأعراف ، وقال صلى الله عليه وسلم (( ما منكم من أحد إلا وقد وُكِل به قرينه )) أي شيطانه ، قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ ، قال (( نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير )) رواه مسلم ، 
    وهذا يعني ان الكتاب والسنة يدلان على ان عمل الشيطان ينحصر في التحريض على المعصية والشر بالوسوسة

وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشئ لأن أخرَّ من السماء أحبّ إلي من أن أتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم (( الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة )) رواه أحمد وقال محققه العلامة أرنؤوط رحمه الله حديث صحيح على شرط الشيخين وفي لفظ آخر عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم (( ذاك صريح الإيمان )) أي أن استعظامك لهذا الكلام وعدم النطق به من واضح الإيمان ، ولكن إذا جاءك ذلك الوسواس فاستعذ بالله وانتهي وقل آمنت بالله ورسله ) أي انه عليه الصلاة والسلام لم يقل ان الجن قد تلبس بك ولم يقل بان الشيطان سيسبب لك مرضا نفسيا او جسديا بل ارشده الى طريقة سهلة يسيرة وأعني الاستعتاذة والانتهاء من التفكير في ذلك فلماذا يا سادة يا كرام نخالف النهج النبوي وندخل الناس في رعب وخوف ووجل من تاثير الشيطان وتلبسه وقهره حتى بات تفكير العوام كله في هذا الباب ونسوا جل ابواب الفقه والحلال والحرام 


قبل الخوض في تخريج الاحاديث المتعلقة بمس الجن للانسان أود ان أذكر القارئ الكريم  أن بعضا من الأئمة الحفاظ رحمهم الله تعالى قد تشددوا في تصحيح احاديث الاحكام والحلال والحرام وتساهلوا فيما سواها ومنها مسألة الجن ليس تقليلا من شان المسألة وإنما لقلة الشبهات والشكوك في زمانهم ووفرة العلم وقوة إيمان الناس وحديث عهدهم بأئمة السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم وانشغال الناس بالسؤال عن الحلال والحرام ..اما اليوم وقد كثر الجهل بمبادئ الدين الحنيف وبع العهد بعصر الرسالة وكثر المشككون والمغرضون والمعادون للاسلام  فلا بد من التجديد ومراجعة فهمنا للنصوص ورد الشبهات ومراجعة الأسانيد والمتون بما دونه اهل الحديث في زمانهم الأول وليس بتخرصات الجهلة المعاصرين ممن سموا انفسهم باحثين وملؤوا شاشات التلفزة وتحدثوا عن السنة النبوية بجهل وسفسطائية ولم يعرف عنهم علم ولم يتتلمذوا على يد شيوخ الحديث المعاصرين.. ...ومسألة الجان كما ذكر الامام مالك من مسائل الغيب التي لا يعلم حقيقة كنهها الا الخالق العلام سبحانه لذلك لابد من البحث فيها بحذر وتؤدة..


الحديث الاول حديث الإمام مسلم في صحيحه عن الشاب الذي قتل الحية السوداء فقتلته في ذات الوقت فحديث صحيح وعلى العين والرأس ولكنه صحيح غير صريح فلم يقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باللفظ الواحد ان تلك الحية جنية بل استغل الفرصة المتاحة فحذر من وجود بعض من الجن اسلموا في المدينة ثم ان كون الحية من الجن مستبعد لانها كانت مرئية وذلك مخالف لنص القرآن (انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم).وللعلم فان شراح الحديث الحفاظ قالوا هذا خبر خاص بنفر من الجن بالمدينة في ذلك الوقت فقط فلا يستقيم الاستدلال باذية الجن.. بهذا الحديث.
الحديث الثاني أخرج الامام مسلم (1|341 #468) عن عثمان بن أبي العاص الثقفي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «أُمّ قَوْمَكَ». قلت: «يا رسول الله. إني أجد في نفسي شيئاً». قال: «ادْنُهْ». فجلّسني بين يديه، ثم وضع كفه في صدري بين ثديي، ثم قال: «تحوّل». فوضعها في ظهري بين كتفي، ثم قال: «أُمّ قومك. فمن أَمّ قوماً فليخفف، فإن فيهم الكبير وإن فيهم المريض وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجة. وإذا صلى أحدكم وحده، فليُصلّ كيف شاء».( صحيح مسلم 468/341/1) وهذا الحديث على العين والرأس وفيه اظهار لشفقة النبي ورأفته صلى الله عليه وسلم وليس فيه اية اشارة الى التلبس بالجن بل اشارة الى الوسوسة في الصلاة وفد وضع النبي يده الشريفة على صدر الصحابي بلطف ورفق ولم يضرب ظهره ولا صدره ولم يقل اخرج عدو الله .والذي يؤيد ما ذكرناه من تفسير الحديث ما رواه الامام مسلم ايضا في باب آخر من صحيحه.
الحديث الثالث حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق.فعند كثير من اهل العلم على أن تخريجه على الكناية ، أي كما ان الانسان لا يشعر بجريان الدم في عروقه فكذلك وسوسة الشيطان وغوايته المستمرة عن قرب له وسياق الحديث يؤيد هذا المعنى الذي قاله هؤلاء العلماء الاجلاء فعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدّثته، ثم قمتُ فانقلبت، فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما-، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( على رسلكما، إنها صفية بنت حيي ) ، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، فقال: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا -أو قال شيئا- ) ". متفق عليه، واللفظ للبخاري
وتوضيح النبي صلى الله عليه وسلم يبين المعنى والمغزى من قوله يجري مجرى الدم .. بان الامر ليس على ظاهره وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام ( اني خشيت ان يقذف في قلوبكما سوءا) اي انه حتى لو كان حقيقة يجري مجرى الدم فلا يستطيع ان يفعل سوى الوسوسة فقط. :يعني ان يوسوس الشيطان فيقذف في قلبيهما ظن سوء) والله اعلم وحنى لو كان قصده الشريف ان الشيطان يجري حقيقة من البشر مجرى الدم فنحن نؤمن به وعلى العين والرأس ولكن فلنكمل ايماننا بكل حرف منه لانه عليه السلام بين ان أثر جريانه في الدم لا يتعدى كونه ان يقذف وسوسته في نفسيهما سواء كان الجريان مجازيا او حقيفيا فالنتيجة لا تتعدى الوسوسة.فقط كما قال الحافظ ابن حبان وغيره.

الحديث الرابع  حديث المرأة المصروعة:
قال ابن حزم :وأما الصرع فإن الله عز وجل قال {الذي يتخبطه الشيطان من المس}. فذكر عز وجل تأثير الشيطان في المصروع، إنما هو بالمماسة. فلا يجوز لأحد أن يزيد على ذلك شيئاً ومن زاد على هذا شيئاً، فقد قال ما لا علم له به، وهذا حرام لا يحل. قال عز وجل: {ولا تقف ما ليس لك به علم}. وهذه الأمور لا يمكن أن تعرف البتة إلا بخبر صحيح عنه  صلى الله عليه وسلم ولا خبر عنه عليه السلام بغير ما ذكرنا. وبالله تعالى التوفيق. فصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه، كما جاء في القرآن، يثير به طبائعه السوداء ... فيُحدث الله عز وجل له الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده. وهذا هو نص القرآما زاد على هذا، فخرافات من توليد العزامين والكذابين. وبالله تعالى نتأيد».(الملل والنحل 111/5) باختصار.

ولقد ذكر اهل العلم من أئمة التفسير القدماء معنى آخر في قوله تعالى( كالذي يتخبطه الشيطان من المس )فقالوا : المعنى إما على أن حرصهم ونشاطهم في معاملات الربا كقيام المجنون تشنيعا لجشعهم ، قاله ابن عطية ، ويجوز على هذا أن يكون المعنى تشبيه ما يعجب الناس من استقامة حالهم ووفرة مالهم ، وقوة تجارتهم ، بما يظهر من حال الذي يتخبطه الشيطان حتى تخاله قويا سريع الحركة ، مع أنه لا يملك لنفسه شيئا ، فالآية على المعنى الحقيقي وعيد لهم بابتداء تعذيبهم من وقت القيام للحساب إلى أن يدخلوا النار
والذي استرعى انتباهي ان الامام البخاري لم يذكر أيا من الاحاديث الانفة الذكر في صحيحه وحينما ذكر خبر المرأة المصروعة لا نجد في نص حديث البخاري 
اية اشارة الى تلبس الجن بتلك المرإة المصروعة روى البخاري عن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ 
قلت : بلى .قال : هذه المرأة السوداء ! أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي .قال : إن شئت صبرتِ ، ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك .قالت : أصبر .ثم قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها.)

وهذا الحديث يعيننا في تفسير قوله تعالى (كالذي يتخبطه الشيطان من المس) وقوله تعالى اني مسني الشيطان بنصب وعذاب)
ولقد لخص الامام المفسر الطاهر ابن عاشور رحمه الله آراء المفسرين للآية فقال رحمه الله في تفسيره "التحرير والتنوير": «النصب والعذاب هما الماسان أيوب. ففي سورةَ الأنبياء (83) {أني مسني الضر}. فأسند المسّ إلى الضر. والضرّ هو النصب والعذاب. وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب، والعذاب إلى الشيطان. فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة، كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن. وليس النُّصب والعذاب من الوسوسة، ولا من آثارها (قلت: وفي ذلك نظر، لأن الوسوسة من الممكن أن تؤدي إلى المرض النفسي). وتأولوا ذلك على أقوال تتجاوز العشرة، وفي أكثرها سماجة. وكلها مبني على حملهم الباء في قوله: {بِنُصبٍ} على أنها باء التعدية لتعدية فعل {مَسَّنِي}، أو باء الآلة مثل: "ضربه بالعصا"، أو يؤوّل النُّصب والعذاب إلى معنى المفعول الثاني من باب "أعطى". والوجه عندي: أن تحمل الباء على معنى السببية، بجعل النُّصْب والعذاب مسببين لمسّ الشيطان إياه، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب. فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده، ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب، ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك. أو تحمل البَاء على المصاحبة، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب. ففي قول أيوب {أني مسَّني الشيطانُ بنُصببٍ وعذابٍ} كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه، بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه، فطلب العصمة من ذلك، على نحو قول يوسف عليه السّلام: {وإلاَّ تصرف عنّي كيدَهن أَصْبُ إليهن وأكنْ من الجاهلين} (يوسف: 33). وتنوين «نصب وعذاب» للتعظيم أو للنوعية، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله.

الحديث الخامس  عن أبي العلاء: أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله. إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يلبسها علي». فقال رسول الله r: «ذاك شيطان يقال له خنزب. فإذا أحسسته، فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً». قال: «ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني». صحيح مسلم (4|1728 /2203)
قال الإمام النووي: شارحا للحديث ؛ وقوله "أجد في نفسي شيئاً"، قيل: يحتمل أنه أراد الخوف من حصول شيء من الكبر والإعجاب له بتقدمه على الناس، فأذهبه الله تعالى ببركة كف رسول الله  ودعائه. ويحتمل أنه أراد الوسوسة في الصلاة، فإنه كان موسوساً، ولا يصلح للإمام الموسوس»
فانت ترى اخي القارئ ان رواية الامام مسلم لا تشير كن قريب ولا من بعيد الى التلبس بالجن وانما تشير الى الوسوسة وان عثمان بن أبي العاص كان موسوساً فدعا له النبي صلى الله علبه وسلم فذهبت عنه الوسوسة .
ثم جاء بعض الرواة الضعفاء فزادوا في القصة وزيادتهم غير مقبولة لضعفهم وهو كما في الحديث الاتي
الحديث السادس ما رواه الامام ابن ماجه من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني عيينة بن عبد الرحمن حدثني أبي عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله  على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي. فلما رأيت ذلك رحلت على رسول الله ، فقال: «ابن العاص»؟ قلت: «نعم يا رسول الله». قال: «ما جاء بك»؟ قلت: «يا رسول الله، عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي». قال: «ذاك الشيطان، أدنه». قال: فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي. قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي، وقال: «اخرج عدو الله»، ففعل ذلك ثلاث مرات. ثم قال: «الحق بعملك». فقال عثمان: «فلعمري ما أحسبه خالطني بعد سنن ابن ماجه (2|1174 #3548):.وهذا حديث ضعيف جدا فمحمد بن عبد الله الأنصاري كان ثقة في أول أمره. تغير تغيرا شديداً كما قال الحافظ ابو داود وله من الحديث ما أنكره العلماء، كما ذكر الحافظ بن عدي في الكامل في الصعفاء لذلك نعتمد اصل الحديث الصحيح في صحيح مسلم ولا نقبل هذه الزيادة فهي من طريق ضعيف جدا .


الحديث السابع  عند الامام احمد في مسنده من طريق المنهال بن عمرو عن يعلى بن مرة عن ابيه قال وكيع مرة يعني الثقفي ولم يقل مرة عن ابيه أن امرأة جاءت إلى النبي صلى لله عليه وسلم معها صبي لها به لمم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخرج عدو الله أنا رسول الله، قال فبرأ. فأهدت إليه كبشين وشيئا من أقط.. الحديث )
قلت هذه الرواية بها علة قادحة  واعني الانقطاع في السند فالمنهال بن عمرو لم يسمع من يعلى بن مرة باتفاق الحفاظ ومنهم أبو زرعة الرازي والحافظ ابن حجر..اي أن راويا سقط من الاسناد لا يعرف .

الحديث الثامن من طريق مطر بن عبد الرحمن الأعنق عن ام أبان بنت الوازع بن زارع بن عامر العبدي عن أبيها ( أن جدها الزارع انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له - قال جدي : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن معي ابنا لي أو ابن أخت لي – مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال : ( ائتني به ) ، قال : فانطلقت به إليه وهو في الركاب ، فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ، وألبسته ثوبين حسنين ، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ادنه مني ، اجعل ظهره مما يليني ) قال بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله ، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه ، ويقول : أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله ) ، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه ) رواه الطبراني في الكبير ( 5/275)

الحديث له علل عدة
الاولى جهالة ام ابان وهي هند كما قال  الهيثمي في مجمع الزوائد ( 9/2): فيه هند بنت الوازع ولم أعرفها، وبقية رجاله ثقات.
وقال الأزدي في "المخزون"، في ترجمة جَدِّها، وقال: تفرَّد عنه بالرواية: أم أبان ابنة الوازع وكلام الازدي هذا ذكره الحافظ في ترجمةجدها الزارع في الاصابة ترجمة رقم 2777.  ووافق الهيثمي من المعاصرين العلامة أرنؤوط رحمه الله في تخريجه للحديث على مسند احمد(490/39) فقال : إسناده ضعيف لجهالة هند بنت الوازع، وتكنى بأُم أبان، فلم يرو عنها غير مطر بن عبد الرحمن، ومطر هذا ليس بذاك الثقة المشهور، قال أبو حاتم: محلُّه الصدق، وذكره ابن حبان في "ثقاته" وقال: يروي المقاطيع. وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث فقيل: عن أم أبان، عن أبيها، وقيل: عنها عن جدِّها الزارع.قلت (اابرزنجي ) وان كانت الرواية من طريقها عن جدها فهي مرسلة كذلك وهذه علة اخرى كما قال ابوزرعة في مراسيله أم أبان بنت الوازع بن زارع ؤوايتها عن جدها في سنن ابي داود وغيره وقيل عن ابيها عن جدها.
العلة الثانية كما قال الحافظ الذهبي تفرد بهذا عنها مطر الأعنق (الميزان 7/ 476) .فقول الحافظ عنها في التقريب مقبولة اي اذا تابعها راو آخر ولكنك كما ترى اخي القارئ لم يتابعا على روايتها هذه احد كما اكد الحافظ الذهبي فهي بالننيجة لينة غير صحيحة الحديث في اقل نير وهي مجهولة حما عند الحافظ الذهبي وغيره.فكيف يعتمد على هذا الاسناد في ضرب الناس على ظهورهم لاخراج الجن من اجسادهم؟!!
العلة الثالثة الانقطاع ان مطرا هذا لم يسمعه من ام ابان كما قال الهيثمي : رواه الطبراني وأم أبان لم يرو عنها مطر " مجمع الزوائد (9 / 3 )
العلة الرابعة ذكر ابن ماكولا صحبة جدها بصيغة التمريض فقال ؛ قيل له صحبة كما نقل صاحب الفتوحات الربانية على الاذكار النواوية 248/3
العلة الخامسة الاضطراب في الاسناد فتارة مطر بن عبدر الرحمن الاعنق وتارة بن الأعتق  وتارة مطر بن الهلال وتارة عن ابيها عن جدها وتارة عن جدها مباشرة والاضطراب في المتن كذلك فتارة بلفظ( مجنونا أتيتك به لتدعو له فقال صلى الله عليه وسلم أئتني به فدعا له فبرأ ) دون ذكر الضرب على ظهر المجنون كما اخرجه ابو داود الطيالسي من طريق ام ابان عن جدها كما في كتاب اسد الغابة في معرفة الصحابة ترجمة رقم 1722 وكذلك اخرجه الامام البغوي في معجم الصحابة حديث رقم 905 من طريق ام ابان عن جدها لما قدمنا المدينة جعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله ورجليه .. الحديث وليس فيه ذكر للولد المجنون ثم قال البغوي في آخر الحديث ولا اعلم للزارع رحمه الله غيره.
وحسن الالباني العبارة التالية فقط ( لما قدمنا المدينة جعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم) سنن ابي دادود ( حديث رقم 5224)
 واخرجه البخاري في الادب المفرد مختصرا ومطولا ( ح 975) وضعف العلامة الالباني اسناده .. وخلاصة القول حديث الزارع ضعيف جدا مضطرب الاسناد والمتن بالاضافة الى جهالة حال ام ابان


الحديث التاسع  فيما يتعلق بحديث ( الطاعون وخز الجن) ولفظه قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ " . فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ ؟ قَالَ: " وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ ) ..فالحديث غير صحيح وقد تعددت طرقه ولكنه لا يصح بتعدد طرقه فان في بعض طرقه من هو مجهول ومن هو ضعيف جدا ومن هو متروك وهذا لا يزيد الحديث إلا ضعفا وقد فصل العلامة ارنؤؤط بذكر طرق الحديث وبيان ضعف طرقه عند تخريجه لرواية الامام احمد 
ومرة اخرى اقول حديث الطاعون وخز الجن لا يصح ولو صححه العلامة الالباني على جلالة قدره وقد بين علماء السلف من اهل الصنعة ضعف طرق الحديث.... 
فقد رواه احمد من طريق سفيان الثوري وفيه عن رجل(اي مجهول) عن أبي موسى..
ورواه سَعَّادُ بنُ سليمان، كما عند البخاري في "التاريخ الكبير" 4/211- 212، والبزار (3040) "زوائد"، والطبراني في "الأوسط" (1418) ، ومسعر بنُ كدام، كما عند الطبراني في "الصغير" (351) كلاهما ( اي سعاد بن سليمان ومسعر بن كدام) عنه، عن يزيد ابن الحارث (وهو لا يعرف)عن أبي موسى، به.
ورواه حجاجُ بنُ أرطاة (وهو ضعيف ) كما عند الطبراني في "الأوسط" (8507) عنه، عن كردوس بن عياش الثعلبي، عن أبي موسى، به.
ورواه أبو مريم- (وهو ضعيف جدا) وهو عبد الغفار بن القاسم- كما عند الدارقطني في "العلل "7/257، عنه، عن البراء بن عازب، عن أبي موسى. وأبو مريم ضعيف جداً.
ورواه أبو حنيفة- كما في "مسنده" (393) - عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي موسى، به. وعبد الله بن الحارث مجهول....
الحديث العاشر
ما حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) كان يفتتح صلاته بالتعوّذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (من همزه ونفخه ونفثه) ؟
الحديث رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي من طريق جعفر بن سليمان عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري t قال: كان رسول الله r إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك»، ثم يقول: «الله أكبر كبيراً»، ثم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه ونفثه... قلت في اسناد الترمذي واحمد وأبي داود والنسائي راويان ضعيفان هما جعفر بن سليملن وشيخه علي بن علي الرفاعي.
قال أبو داود في سننه (1|206): «هذا الحديث يقولون هو عن: علي بن علي عن الحسن مرسلاً. الوهم من جعفر». وقال الترمذي: «حديث أبي سعيد أشهر حديث في الباب، وقد تكلم في إسناده كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي  وقال أحمد: «لا يصح هذا الحديث». وقال بن خزيمة (1|238): «لا نعلم في الافتتاح "سبحانك اللهم" خبراً ثابتاً عند أهل المعرفة بالحديث. وأحسن أسانيده حديث أبي سعيد». ثم قال: «لا نعلم أحداً ولا سمعنا به، استعمل هذا الحديث على وجهه». ورواه عن جبير بن مطعم، وأعله بالاضطراب. ورواه أحمد من حديث أبي أمامة، وفي إسناده مجهول. وعن أنس نحوه، رواه الدارقطني، وفيه الحسين بن علي بن الأسود فيه مقال. وله طريق أخرى ذكرها بن أبي حاتم في العلل عن أبيه وضعفها جميعا.
1-من حديث أبي سعيد الخدري: قال فيه :الترمذي حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب: وقد تُكلّم في إسناده كان يحيى بن سعيد يتكلّم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد لا يصحّ هذا الحديث.
واخرجه ابو داود وقال: وهذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي عن الحسن مرسلاً الوهم من جعفر.
2 - ومن حديث جبير بن مطعم: فيه عاصم العنزي: وهو مقبول (التقريب)، واضطرب عمرو بن مرّة فرواه مرة عن: عباد بن عاصم، ومرة عن عاصم العنزي.
3- ومن حديث عائشة وقد أعلّه أبوداود كما في السنن الكبرى 2/34، والدارقطني 1/298.
4- ومن حديث ابن مسعود: فيه عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وقد روى عنه ابن الفضيل بعد الاختلاط (مصباح الزجاجة 1/103).
5- ومن حديث أبو أمامة الباهلي: وفي اسناده مجهول 
فانت ترى ان الطرق الضعيفة جدا هذه تزيد الحديث ضعفا لا قوة 
وبهذه الصيغة اخذ بعض اهل العلم ولكن جمهور الحفاظ  اكتفوا بلفظ (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
ثم لو صح الحديث فلم يفسره احد من الصحابة رضوان الله عليهم بل فسره التابعي الجليل عمرو بن مرة الجملي والذي اضطرب في روايته للحديث فحديث هذا اسناده لا يصلح الاحتجاج به في امر غيبي كهذا.
الحديث الحادي عشر  اما روايات الفأرة وانها فويسقة فلا يصح منه سوى حديث البخاري في صحيحه وليس فيه اشارة الى الشيطان او الجن ...و الفويسقة هي الفإرة وقد تكون سببا لانتشار النار في البيت احيانا والنبي عليه الصلاة والسلام حذر من النار وامر باطفاء النار قبل النوم سواء كان من مصباح او غير ذلك وهذا من دلائل الاعجاز فلم تكن اجراءات السلامة معروفة في ذلك العصر فنصائحه في هذا الباب دليل على تلقيه الوحي من لدن عليم خبير ... نعم ان الشياطين تنتشر في الليل وكذلك في النهار وعلاجها يسير على من يسره الله عليه فالشيطان يفر من بيت يذكر فيه الله وتقرأ فيه سور القرآن والله أعلم.
الحديث الثاني عشر فيما يتعلق بالمرأة التي شكت من اطالة مدة الحيض فلفظ البخاري واضح في انه عليه الصلاة والسلام نسب ذاك الى عرق اي بمعنى ( اوعية دموية )اما الحديث الذي نسب ذلك الى ركضة الشيطان فلا تصح البتة ولا تقاوم درجة حديث البخاري ولو كان الحديث حسنا لغيره كما اختار بعض العلماء الكرام فاللفظ ليس على حقيقته انما كما قال الملا علي القاري ركضات الشٌطان : ٌاراد به الاضرار واإلفساد وإضافتها إلى الشيطان ; لانه وجد بذلك طريقا إلى التلبٌس عليها في أمر دينها وقت طهرها وصلاتها وصيامها حتى أنساها ذلك , فكأنها ركضة نالتها من ركضاته , أو الحالة التًي ابتليت بها من الخبط والتحير ركضة من ركضات الشيطان.


الحديث الثالث عشر الربط بين العين والجن غير صحيح والحديث الوارد في الباب صحيح بلفظ (العين حق) كما في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة-  كتاب الطب حديث رقم 5408 .. أما بلفظ ( العين حق ويحضرها او يصحبها شيطان ) فزيادة منكرة لا أصل لها من الصحة.

خلاصة البحث والمراجعة  

إن الاحاديث الآنفة الذكر نوعان منها صحيحة ولكنها لا تتحدث عن تلبس الجن بجسد الانس وقلبه وعقله..ومنها ما هي صحيحة غير صريحة.

والنوع الثاني من هذه الروايات كما بينا آنفا احاديث ضعيفة جدا وفي كثير من اسانيدها مجاهيل او من هو متهم  بالكذب .وطرق كهذه لا تزيد الحديث إلا ضعفا..أما فيما يتعلق بمتونها فهي غير موافقة للنصوص القطعية التي ذكرنا وهي قول الله  عز وجل (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) وقوله تعالى حكاية عن حوار ابليس مع من أغواهم ( وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي ) وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح على شرط الشيخين ( الحمد لله الذي لم يقدر منكم الا على الوسوسة) والمعمول به عند اهل العلم من الحديث دراسة الاسانيد والمتون قبل الحكم على الروايات مع مراعاة حقيقة كبرى بينتها الآية المحكمة كما في قوله الله عز وجل (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً )..فلماذا نضخم مسألة تأثيرالجن ونعظم الامرعلى الناس حتى يكون شغلهم الشاغل الجن والتلبس به وغير ذلك.. في الوقت الذي استشرى اثر الملحدين ومن يسمون انفسهم بالقرآنيين ومبغضي الصحابة ومنكري أحاديث البخاري وانتشر  الفسق والفجور والميوعة بين الشباب من طرق التواصل الاجتماعي المختلفة ..ونحن لاهون عنهم و لازلنا نجلد ظهور المصابين بامراض نفسية ونحاول اخراج الجن منهم و لا نتبع قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً ) رواه أحمد (12186) والترمذي (2038) بالفاظ متقاربة...ويكون الاحسان بالتمام حينما نرقي المريض بآيات من القرآن الكريم كالمعوذتين وآية الكرسي والقرآن شفاء ونور وهدى ورحمة.

    اقول قولي هذا فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني وأستغفر الله.

      وكتبه محمد بن طاهر البرزنجي غرة جمادي الاولى سنة 1440 للهجرة.

 


: الأوسمة



التالي
"وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا"... حقائق القدر (1)
السابق
فرع الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين مكتب إقليم كردستان يعقد دورة علمية لطلاب العلم من الائمة والخطباء وطلاب العلوم الشرعية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع