البحث

التفاصيل

كتاب : الحق المر الحلقة [ 44 ] : نهج النبى ﷺ فى التربية

الرابط المختصر :

 

الظلمات التى تملأ آفاق الأمم بالسواد هى ظلمات الكفر والجهل والفوضى والفساد، وقد تساءلت: كيف كشف محمد ﷺ هذه الظلمات، وأنقذ الناس من حيرتها وأنا أتلو قوله تعالى: " كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" .

إن أخاه السابق موسى أنقذ قومه من ظلمات الاستبداد السياسى والتفرقة العنصرية بعد رحلة طويلة من المعاناة مع الفراعنة " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ.. " .

والنبى الخاتم مكلف بإخراج العرب أولا ثم العالم كله من بعدهم إلى حياة جديدة ملأى باليقين والمعرفة والنظام والصلاح ، وأن يشق بهم طريق الكمال شقا فى نهج من التربية الواعية والمجاهدة النفسية القاسية..

لقد حول عقيدة التوحيد من فكرة نظرية صحيحة إلى سلوك عملى صارم محسوس، خذ مثلا قضية المال : إن حب الناس للمال معروف، وكدح الجماهير لكسبه سحابة النهار لا ريب فيه.. فجاء القرآن يصف الإنسان البار بأنه يقهر هذه الغريزة، وأنه يؤتِى المال ـ على حبه ـ من يحتاجون إلى العون والمواساة...

وفى الناس من يتنازل عن المال لعوض آخر أحظى لديه ، حب الثناء وطلب الشهرة، أليس ذلك ما يقرره حاتم الطائى:

أماوىَّ : إن المال غاد ورائح .. ويبقى من المال الأحاديث والذكر!

لكن القرآن الكريم يرسم أوجا أعلى من هذا العطاء المقرون بتلك المقاصد " وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ".

لقد انتقل التوحيد من دائرة ضيقة إلى دائرة تشمل صورا شتى من السلوك البشرى، ترتبط بوجه الله فى الأخذ والعطاء، وتتجاوز التصرفات المالية إلى تصرفات أخرى قد تكون التنازل عن الحياة كلها فى لحظة فداء وصدق ، كما يقول أحد أصحاب محمد ﷺ :

وذلك فى ذات الإله وإن يشأ .. يبارك على أوصال شلو ممزع

إن النهج الذى سار فيه صاحب الرسالة العظمى يقوم على تغيير حقيقي فى النفس البشرية يتناول البواعث والغايات كلها.. هكذا أخرج قومه من الظلمات إلى النور .

ولن يكون لنا نور نمشى به فى الناس إلا إذا سلكنا هذا الدرب نفسه وتحملنا برجولة صعوبات الطريق.


: الأوسمة



التالي
نبض الوجدان ...لأهل السودان
السابق
وجوب النظافة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع