البحث

التفاصيل

كتاب : الحق المر - الحلقة [ 26 ] : الدم الذى لا غاضب له

 

أكتب هذه السطور وجيران المسجد الأقصى مكروبون محروبون، يطاردون فى الطرق، وتلقى عليهم القنابل الحارقة فى البيوت، ويتطلعون إلى الأمان فلا يجدونه! والسبب أن طالبا يهوديا قتل، ولابد من الأخذ بثأره على أوسع نطاق..

قلت: إن شابا عربيا خرج من بيته فى الأسبوع السابق ولم يعد، وتبين أن الجيش اليهودى قتله لأنه كان يسير فى منطقة محظورة ـ كما زعموا ـ فلماذا ذهب دمه رخيصا لا غاضب له؟ وبقى دم اليهودى حارا تزلزل له الأرض، وتنطلق له الرجوم؟.

ولم أنتظر إجابة لأنى أعرف ما يقال!، إن العرب هم الذين أهدروا دماءهم وأضاعوا حقوقهم وجرءوا الذئاب على نهشهم.

إن تفريطهم فى الإسلام ردهم أحزابا متشاكسة متطاحنة لا يلوى أحد على أحد، فلا عجب إذا طمع فيهم غثاء الأرض، ولن أعجب إذا قيل: داهمتهم الهوام والحشرات...

إن اليهودى يجىء من بولندا أو روسيا أو إيران أو اليمن فينسى وطنه القديم ويبتُّ جبله. بل يذكره كأنه فترة مؤسفة فى حياته، ويقبل على عهد جديد من إخاء العقيدة ونسب التوراة والتلمود، والأمل فى إقامة هيكل الرب على أنقاض المسجد الأقصى، وسيطرة بنى إسرائيل على زمام العالم أجمع...

أما المسلمون فلهم شأن آخر، إنهم قدَّموا قرابة الدم على قرابة الدين، ونداء المصلحة على نداء العقيدة، وأطماع ذوى السلطة على حقوق الأمة الكبرى، وأينما رميت بصرك لا ترى إلا الفرقة والخصام... فكيف نلوم غيرنا على ما أوقعناه بأنفسنا؟

إننى قرأت حديثا للبيهقى جاء فيه: " ليأتين على الناس زمان، ولقيد سوط ـ أو قال ـ قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب من الدنيا جميعا " ومعنى الحديث أن المسلمين سيحال بينهم وبين المسجد الأقصى حتى يتمنى الرجل لو كان على مسافة ذراع من المسجد.

ولقد وقع ذلك من ألف عام وانتزع الصليبيون المسجد من أهله وظل بأيديهم تسعين سنة، ثم استعاده صلاح الدين على جسر من الأشلاء والدماء.

ثم تكررت أسباب فقداننا للمسجد، فوضع اليهود أيديهم عليه، وأمسوا أصحاب الكلمة المسموعة فى مساحته، وإذا مضت الأمور على ما يهوون خربوه، وطردوا أهله، وبنوا فوق خرائبه هيكلهم!.

ترى: أنظل على حالنا أم نتغير ليغير الله ما بنا؟ إن اللجَّة التى تحمل العرب الآن ساسة وشعوبا تقودهم إلى الغرق؛ ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم. فهل يرتفع شعار الإسلام وترفرف رايته، أم نبقى تحت الرايات الأخرى لنبلغ القاع؟.

 

 

كتاب : الحق المر - تأليف : الشيخ محمد الغزالي

الحلقة [ 26 ] : الدم الذى لا غاضب له

أكتب هذه السطور وجيران المسجد الأقصى مكروبون محروبون، يطاردون فى الطرق، وتلقى عليهم القنابل الحارقة فى البيوت، ويتطلعون إلى الأمان فلا يجدونه! والسبب أن طالبا يهوديا قتل، ولابد من الأخذ بثأره على أوسع نطاق..

قلت: إن شابا عربيا خرج من بيته فى الأسبوع السابق ولم يعد، وتبين أن الجيش اليهودى قتله لأنه كان يسير فى منطقة محظورة ـ كما زعموا ـ فلماذا ذهب دمه رخيصا لا غاضب له؟ وبقى دم اليهودى حارا تزلزل له الأرض، وتنطلق له الرجوم؟.

ولم أنتظر إجابة لأنى أعرف ما يقال!، إن العرب هم الذين أهدروا دماءهم وأضاعوا حقوقهم وجرءوا الذئاب على نهشهم.

إن تفريطهم فى الإسلام ردهم أحزابا متشاكسة متطاحنة لا يلوى أحد على أحد، فلا عجب إذا طمع فيهم غثاء الأرض، ولن أعجب إذا قيل: داهمتهم الهوام والحشرات...

إن اليهودى يجىء من بولندا أو روسيا أو إيران أو اليمن فينسى وطنه القديم ويبتُّ جبله. بل يذكره كأنه فترة مؤسفة فى حياته، ويقبل على عهد جديد من إخاء العقيدة ونسب التوراة والتلمود، والأمل فى إقامة هيكل الرب على أنقاض المسجد الأقصى، وسيطرة بنى إسرائيل على زمام العالم أجمع...

أما المسلمون فلهم شأن آخر، إنهم قدَّموا قرابة الدم على قرابة الدين، ونداء المصلحة على نداء العقيدة، وأطماع ذوى السلطة على حقوق الأمة الكبرى، وأينما رميت بصرك لا ترى إلا الفرقة والخصام... فكيف نلوم غيرنا على ما أوقعناه بأنفسنا؟

إننى قرأت حديثا للبيهقى جاء فيه: " ليأتين على الناس زمان، ولقيد سوط ـ أو قال ـ قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب من الدنيا جميعا " ومعنى الحديث أن المسلمين سيحال بينهم وبين المسجد الأقصى حتى يتمنى الرجل لو كان على مسافة ذراع من المسجد.

ولقد وقع ذلك من ألف عام وانتزع الصليبيون المسجد من أهله وظل بأيديهم تسعين سنة، ثم استعاده صلاح الدين على جسر من الأشلاء والدماء.

ثم تكررت أسباب فقداننا للمسجد، فوضع اليهود أيديهم عليه، وأمسوا أصحاب الكلمة المسموعة فى مساحته، وإذا مضت الأمور على ما يهوون خربوه، وطردوا أهله، وبنوا فوق خرائبه هيكلهم!.

ترى: أنظل على حالنا أم نتغير ليغير الله ما بنا؟ إن اللجَّة التى تحمل العرب الآن ساسة وشعوبا تقودهم إلى الغرق؛ ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم. فهل يرتفع شعار الإسلام وترفرف رايته، أم نبقى تحت الرايات الأخرى لنبلغ القاع؟.

 


: الأوسمة



التالي
الحصار شتت شمل الأسر وضيع الحقوق
السابق
الـحكـــــم الرشــــيد مفـتــــــاح صــــلاح الأمــــة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع