البحث

التفاصيل

كتاب : الدعوة الإسلامية في القرن الحالي فضيلة : الشيخ محمد الغزالي الحلقة [ 20 ] الفصل الثامن : كيف تصدي الدعاة لهذه الغارة؟

الرابط المختصر :

إن الهجوم المعاصر على ديننا أخذ شكل مروحة، فهو شامل مستوعب يتناول كل شعب الإيمان من النطق بكلمة التوحيد إلى إزالة الأذى عن الطريق.. وهو في رأيى أخطر هجوم تعرض له ديننا في تاريخه المجيد.

والسؤال المتصل بقضية هذا الكتاب: هل الدفاع الثقافي مكافئ لهذا العدوان الشديد؟ والجواب: لا.. فإن الثقافة الإسلامية بحاجة ماسة إلي من ينقيها من شوائب البدع والتخريف التي تسللت إليها من عصور الضعف والانحلال وبحاجة إلى من يعيد إليها قدرتها القديمة على ضبط المصالح وكفالة الحقوق ورعاية الجماهير..

وهناك أزمة ملحوظة في العلماء الثقات والدعاة البارعين، وسوف تزيد هذه الأزمة حدة ما بقى العلم الديني يستمد رجاله من المستويات الهابطة والفئات المرجوحة في المجتمع.

إن الأنبياء هم القادة الحقيقيون للفكر الإنساني، وهم مصطفون من أنفس الخلق معادن، وأزكاهم طبائع. والذين يخلفونهم في قيادة الإنسانية لا يجوز أن يختاروا المعوقين ماديا وأدبيا.

والذي يدفعني إلى الجؤار بهذه الشكاة ما يلقاه الإسلام اليوم من هزائم متتابعة لضعف المتحدثين عنه وكثرة المتآكلين والمرائين به...

أرسل إلى أحد الناس رسالة مطولة الصفحات يلومني فيها أني فضلت الغنى على الفقر، وطلبت من المسلمين أن يملكوا الدنيا، ويبذلوها في دعم الدين، وأرسل إلى يذكرني بقول العلماء: إن الفقير الصابر أفضل من الغنى الشاكر.! قلت في نفسي: هذا وأمثاله نعم العون على انتصار التبشير وضياع الدين.

جادلنى أحد العلماء بعنف لأنه يرى أن قوله تعالى:( لا إكراه في الدين ) نسخ، وأن آية السيف محت كل ذلك!! وشعرت بأن الرجل أعجز من أن يفهم بقية الآية: ( قد تبين الرشد من الغي ) وهو بالتالي أعجز من القيام بخطوة ناجحة في ميدان الدعاية لهذا الدين!! خطوة يستنير بها الفكر، وتشرح بها الصدور، فعصاه في يده هى الدليل لمن شاء الدليل!!

وكلف البعض بوضع قانون للزكاة في الزروع والثمار، فجعل الزكاة في الحبوب التي تدخر وحدها، وبذلك نجت تسعة أعشار الأرض المزروعة من الزكاة، لأنها مزروعة بالفواكه والموالح وقصب السكر والقطن... وهذا التصرف لا غير هو الفقه وهو الدين أي قصور هذا وأي عجز؟؟

وفي جامعة كبيرة بإحدى العواصم الإسلامية ألف الأستاذ كتابا في العبادات وشرح الاستنجاء في كتابه فلم يفعل أكثر من نقل الكلام القديم أنه طهارة بالماء والحجارة.

ولعله خشى ذكر الورق في النظافة مع الماء ـ طبعا ـ لأن بعض الكتب كرة استعمال الورق.. وهذا كلام يصلح للصحراء، أو القرى البدائية، وإنما كرة الورق قديما لغلائه، أما اليوم فورق النظافة رخيص ميسور، ولا يجوز تركه وذكر ثلاثة أحجار بدله. وسيفسد جهاز المجاري كله لو نفذت هذه التعاليم .. !!

وفي موسم الحج سأل معتمر أحد المفتين أنه ذبح هدى التمتع أول ذي القعدة عندما أحل من العمرة، فقال له المفتي: عليك دم آخر ولا قيمة لما ذبحت، وقلت للسائل المحرج: لا عليك.. فإن الإمام الشافعي يفتيك بأنه تم نسكك، وقال المفتي: السنة الذبح يوم النحر! قلت له: ليس في السنة أمر بذلك.

وقد كان الناس يتخطفون الذبائح قديما فما يبقي منها شيء، أما الآن فالذبح طول أشهر الحج يسر على الفقراء وحفظ للأموال.. أما تكويم الذبائح لتحرق في " منى " منعا للأوبئة فلا يسوغ..

المشكلة في أذهان هؤلاء أنهم لا يعرفون الواقع، ومن ثم يسيئون تطبيق أحكام الشريعة. إنهم يحفظون أسماء بعض الأدوية، ولا يعرفون مما تركبت؟. ولا كيف تستعمل ليتم بها الشفاء؟ وربما أرادوا علاج مريض فقتلوه بسوء فقههم مع ما يبطنون من كبرياء..

***

ولندع هذه الشئون الجزئية مع سعة دلالتها، ولننظر إلى قضايا أخرى أبعد الدين عنها لسوء تصرف رجاله فيها مع أنها قضايا تتناول العلاقات بين الشعوب والحكومات، وتمس مصالح الألوف المؤلفة من الناس، ويجب أن يعرف توجيه الإسلام فيها بدقة..

هل الأمة مصدر السلطة؟ قال بعض الناس: هذا كفر، والكلمة تعني سلب الدين حقه في التحليل والتحريم. وجعل ذلك إلى الشعوب يعني أن تضل إذا شاءت وتهتدي إذا شاءت .. !!

وكلمة " الأمة مصدر السلطة " عندما تعني هذا المفهوم مرفوضة جملة وتفصيلا. إن الله هو المشرع الفرد لعباده، وليس أمام أمر الله ونهيه إلا السمع والطاعة..

لكن هل هذا ما يقصده الذين نقلوا هذه العبارة؟ إنهم قد يعنون بها أن الحكم بيعة، وأن الأمر شورى، وأن المسلمين تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وأنه لا مكان في الدولة الإسلامية لفرعون أو كسرى أو قيصر.. فإذا أرسلوا هذه العبارة في وجه فرد مستبد فهم لا يقولون هجرا..

قد يقال: هذه الكلمة من معالم " الديمقراطية الغربية "، ونحن نرفض استيراد مبادئ أجنبية لتحكم امتنا، حسبنا ما لدينا..

وهذا كلام جميل وإنه ليسرني أن نحسن اتباع ما هدانا الله به.. غير أنه من الإنصاف أن نعرف وجهة النظر الكاملة عند من طبقوا النظام الديمقراطي في الغرب، وعند من حاولوا الاقتباس منه هنا، حتى لا يعترض الدعاة بجهالة ما لا يدركون.

إن الدساتير هناك تتضمن مباديء أو نصوصا ثابتة ليست موضع جدل، ولا تؤخذ عليها آراء، وتتضمن شئونا أخرى توضح ما تناقش، ويقع فيه التأييد والتفنيد...

والأقطار الإسلامية التي حاولت التقليد عندما تجعل الإسلام دين الدولة، والفقه الإسلامي مصدر التشريع، فإن النقاش سيكون بعد ذلك في الشئون الدنيوية، وفي المصالح المرسلة وفي تقويم أفعال الرجال تزكية أو بخساً، وتلك كلها لا حرج في تناولها، وكما قيل: لا اجتهاد مع النص، وبعيدا عن دوائر النصوص تتفاوت الأنظار وتتعدد الآراء...

سيقال: إذا سلمنا بهذا الذي قلته كله، فنحن زهاد في جلب عناوين أجنبية لنظمنا الإسلامية.

وهذا والله جميل، يبقى أن نكشف للناس ما لدينا، ونقول لهم هذا عوض عن ذلك، إننا نرفض ذاك الدخيل، ونقدم بدله هذا الأصيل .

الشورى الإسلامية بدل الديمقراطية الغربية. وعلى العلماء والدعاة أن يكشفوا أسباب التفضيل وجوانب الترجيح..

وقلت أداعب أحد أولئك المحافظين. أولى الغيرة: هل الشورى ملزمة للحاكم؟ فأجاب: لا !! قلت: كيف تتم الشورى؟ قال: مع أهل الحل والعقد. قلت: كيف يكون مجلسهم؟ فسكت غير قليل ثم أجاب: يكونه الحاكم!

قلت: مستشارون يختارهم الحاكم برغبته، وله حق ألا يلتزم برأيهم، تلك هى الديمقراطية الدينية؟..

يا صديقي.. إن الديمقراطية الغربية ـ وأنا أكره الاستيراد ـ امتدت في الفراغ الذي صنعتموه أنتم ووجدت لها عشاقا، لأن تصوركم للحقائق الدينية والمدنية بالغ التشويه، وملاحظتكم لطبائع البشر وتاريخ الأمم وهى تنشد الرحمة والعدالة تكاد تكون معدومة..

إنكم تحسنون الإماتة ولا تحسنون الإحياء، تقولون باسم الله هذا حرام، ولا تجيئون بالحلال الذي يشبع النهمة، ويسد طريق المعصية..

ماذا لو فكرتم في طريقة معقولة يتكون بها أهل الحل والعقد؟ وفي مواضع كثيرة تكون الشورى فيها ملزمة، وماذا لو استفدنا من تجارب الآخرين؟

وما يقال في سياسة الحكم يقال مثله في سياسة المال.. إنكم تكرهون الاشتراكية عن نظر سليم، وقد كرهناها نحن عن تجربة ومعاناة.

وأذكر أن صديقي الأستاذ مصطفى السباعي ألف كتابا عن اشتراكية الإسلام ضمنه حقائق كثيرة لصرف الشباب عن الشيوعية، وقد ندم على العنوان الذي اختاره لكتابه.. وأنا أعلم سر ندمه لأنني خضت مثله هذه المحنة..

لقد ظهر لنا أن هؤلاء الاشتراكيين العرب، يريدون كلمة الاشتراكية وحدها. ولا يهتمون بعد ذلك للعقائد والعبادات التي هى لباب الإسلام.

وعندما كنا نبرز لهم من تعاليم الإسلام ما يغنى عن المبادئ والتطبيقات التي سحرتهم من ثقافة الغرب والشرق، كانوا يأخذون هذا البدل المعروض ويجردونه من صبغته الإسلامية، ثم يمضون في طريقهم دون إسلام أو آخره أو خشية أو خلق...

ومن هنا وضع الله الشؤم في سياستهم الاقتصادية فما دسوا أصابعهم في خضراء إلا جفت، ولا دخلوا بلدا إلا نعق بين أيديهم البوم، وعم القشف الأسر والأفراد..

إنهم ـ كما قيل ـ أفقروا الأغنياء، لم يغنوا الفقراء،: تلك هى حدود اشتراكيتهم، ومبعث كراهية الجماهير لها..

وقد أظهرت الأيام أن النظام الشيوعي ليس منهاجا اقتصاديا ناجحا، بل هو أسلوب قاس لمساندة حكم فردي شديد الاستبداد..

ومع هذا كله، فإن الاشتراكية حلم طبقات كثيرة من الناس، لماذا؟ ألأنهم لا يعرفون مقابحها؟ ربما.

لكن الذي أرجحه أن الرأسمالية الاستعمارية في الغرب من وراء هذه الأماني الباطنة، فهى رأسمالية تأكل السحت، وتهوى الاحتكار، وتقوم على الأثرة..

والإسلام الذي شرفنا الله به احتوى ثروة هائلة من النصوص والتوجيهات التى تحترم رأس المال، وتصون حق صاحبه فيه، وفي الوقت نفسه تدفع الغني إلى جعل ماله مصدر بركة للجماعة، وتقيم من الجماعة رقيبا يمنع الغنى المطغي، والفقر المنسي سواء بسواء.

وحق على العلماء والدعاة أن يربطوا سلوكهم بهذه الوصايا الإلهية فى شأن المال وكسبه وتداوله.

فإذا رأوا غصبا لأرض من الأرضين، أو حق من الحقوق، صاحوا محذرين!. وإذا رأوا هضما لكادح جف عرقه دون أن يبلغه حقه، صاحوا محذرين. وإذا رأوا بائسا انقطعت موارده صاحوا يطلبون له الصدقة.

والأمر أكبر من صياح واعظ، إنه يجب تحويل التعاليم السماوية إلى شبكة من القوانين الصادقة، والأنظمة المرعية، فإن الدعاية الإسلامية تحرز حظوظا مضاعفة من النجاح يوم يساندها هذا المجتمع المبارك.

***

تركة موجعة:

كيف نقدر على تكفير المسلمين وإبادة تراث محمد؟ هذا هو التفكير الذي يشغل القوى المعادية للإسلام، وفي مقدمتها الصليبية والصهيونية والشيوعية!!

كيف نحتفظ بديننا، ونستبقى تراثنا، ونسترد خسائرنا، ونستأنف دورنا الحضاري؟ هذا هو التفكير الذي يشغل رجالات الإسلام ودعاته المسئولين..

وبين الفريقين مغالبة وسباق، ولا أحب أن أخدع قومي عن حقيقة المعركة، ولا أن أعمي عن الواقع الكئيب الذي يسود خارطة العالم الإسلامي...

فمن شرق الأورال إلى شواطئ المحيط الهادي تفتك الشيوعية بعقائدنا وشرائعنا، وكذلك من شرق القرم على خط يمتد فوق الأناضول وأذربيجان وإيران وأفغانستان وباكستان، ويتناول شمال الملايو وجنوبي الصين، ويلتهم في طريقه أرض التركستان المخصبة بالرجال والأموال، على امتداد هذا الخط يذوب الإسلام ذوبانا بالحديد والنار، وكل ما تملك الشيوعية من وسائل مادية ومعنوية...

وعلى الفليبين ـ أعنى بقاياها ـ وجزائر إندونيسيا الكثيفة السكان، تهب عواصف صليبية عاتية تبغي استئصال الوجود الإسلامي، وتريق المال سيلاً غدقا كي تبلغ غايتها.

حتى تايلاند البوذية !! إنها تمنع التايلاندي المسلم إذا نال دراسة دينية أن يعود إلى بلاده، وذلك كي يتم تجهيل وإضاعة أربعة ملايين هناك..

وفي بورما يعاني المسلمون اللون نفسه من الهوان..!

فلنترك آسيا إلى إفريقيا التي ذكرنا خطة تكفيرها مع نهاية القرن الميلادي.. هناك مجموعة الدول الناطقة بالفرنسية، ومجموعة الدول الناطقة بالإنجليزية، إن مطاردة الإسلام فيها قائمة على قدم وساق، فهل مجموعة الدول الناطقة بالعربية في إفريقيا تعطي الإسلام حقه في النشاط والانطلاق؟

إن النظام الناصري كان أقسى على المسلمين من قسوة اليهود على عرب فلسطين. والقتلى والجرحى من الإخوان المسلمين على امتداد ربع قرن شيء يثير الغصص...

وفي الوقت نفسه توجد حركة ترحيب وتدليل للنشاط الصليبي حيث كان في أرض الإسلام..

وفي أخريات هذا القرن أنشئت لأول مرة من عشرين قرناً " باباوية للأرثوذكس " في مصر، وكان رئيس الأقباط في مصر بطريقاً فقط، ولكن جمال عبد الناصر نفذ ما طلب منه في هذا المجال، لحساب الصليبية العالمية.

وما تم في مصر وقع مثيل له في أقطار عربية أخرى رفضت علانية أن يكون الإسلام دين الدولة، وحذفت هذه المادة من دساتيرها.

إن التركة التي يواجهها الدعاة موجعة، وماذا نصنع؟ هذه حصيلة قرن الهزائم الذي يوشك أن ينتهي، فهل تنتهي معه آلامنا؟ ما نظن.. فإن القوى المعادية تزداد ضراوة وقساوة، وطريق الجهاد طويل طويل..!!

ولنترك الأوضاع الداخلية، وما رسمه الإسلام فى سياسة الحكم والمال ولنلق نظرة على العلاقات الخارجية وموقف الدعاة من أحد جوانبها المهمة..

إن دار الحرب ضرب من المعاملة بالمثل، لجأ إليه الإسلام كي يصون بيضته، ويحمي حقيقته.

وإلى بداية العصر الحديث كان القانون الأوروبي لا يعترف للمسلمين بكيان مادي ولا أدبي، بل كان يستبيح دماءهم وأموالهم وعقائدهم وشعائرهم.

وهو في ذلك العدوان يتبع القانون الروماني، أو يصدر عنه، وقد أوضحنا أن الإسلام قاتل تأمينا لدعوته، وذياداً عن أهله، وكسراً لطوق العدوان الذي ضربه حوله الاستعمار الروماني وزميله الفارسي..

فإذا تغيرت أحوال العالم القانونية، وأنشيء مجلس أمن، وأنشئت هيئة أمم، وأقيمت مؤسسات أخرى تريد حل المشكلات ابتداء بالحوار وتعطي فرصاً شتى لسماع وجهات النظر المتباينة فلسنا نحن الذين ننكل عن هذه الساحات..

إننا أغنى الأرض بالبراهين على ما لدينا، لأنه الحق ! وإذا كنا مسلمين حقا لا نجرى وراء طمع، ولا تستهوينا كبرياء، فإننا نقبل على كل حوار أعفاء مخلصين مؤمنين بقوله تعالى: ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )

ومن هنا فنحن لا نشتري شرا، ولا نبدأ عدوانا، ولا نقبل ظلما، لا علينا ولا على غيرنا من عباد الله.. ونحن نساند كل تجمع يشبه حلف الفضول الذي تم في تاريخ العرب قديما، ونقتدي بنبينا في احترامه، وإجابة دعوته..

لقد جعلنا ديار الآخرين دار حرب لما جعلوا بلادنا دار حرب، فإذا كفوا كففنا. قال تعالى: ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين * فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم * وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ).

وأعلم أن هناك ناسا من المشتغلين بالفقه يقولون: هذه الآيات كلها نسخت وأن الحرب هجوم لا دفاع... وقديماً وقع الخلاف هل الحرب سببها كفر من يحاربون أم عدوانهم.؟

وكان الجواب الصحيح أن الحرب سببها العدوان، وقد ألف ابن تيمية رسالة أوضح فيها أن شريعة القتال لدينا لكبح العدوان لا لمحو الكفر والرسالة طبعت أخيراً مع تعليق طويل ..

وما نريد قوله أن هناك خلافات فقهية، الخطأ فيها والصواب محدودان.. أما الخلاف هنا فخطره بعيد المدى على سمعة الإسلام ومكانته الدولية والعلمية..

وقد سئمت جدل ناس ينطلقون في نزق مستغرب، ليحكموا بنسخ آيات كثيرة وليقولوا قولة تصرخ بأنهم لا يعرفون التاريخ، ولا الفقه، ولا طبائع البشر، ولا مواقف الأديان في شتى الجهات، يقولون إن الاسلام دين هجوم ! ومتى يقولون هذا ؟ في شر الأزمات التي لقيها الإسلام منذ بدأ دعوته.

إنهم يرددون كلاماً لا يعرفونه، ولا يدرون عواقبه عند الله وعند الناس. والأغرب من ذلك عجزهم عن بيان محاسن الإسلام، وجدوى مبادئه على الأفراد والمجتمعات.

إن فيهم مواريث خلقية من طبيعة البدو التي تشتهي الاغارات على العدو أو الصديق كما قال القطامي:

وأحيانا على بكر أخينا .. إذا ما لم نجد إلا أخانا

ومن البلاء الذي أصاب الدعوة الإسلامية في عصرنا أن حزبا سياسيا تكون على هذا الأساس في تصور العلاقات الدولية، هجوم شديد على الآخرين، أمداده الإفلاس وفراغ اليد والفكر..

والخلاف الفقهي كما قلنا قد يكون في قضية عبادية: هل ينتقض الوضوء بالشك أم لا؟ هل الطلاق البدعى يقبل أم لا؟ إن النتائج هنا محتملة سلباً وإيجاباً.

أما ترك الأمور بين أيدي العابثين في قضايا قد يجر الخطأ فيها الويلات على الأمم ويهلك الحرث والنسل فهذا ما لا يسوغ


: الأوسمة



التالي
معاملة المرأة مقياسٌ للتحضر والتخلق
السابق
بايزيد الأول. السلطان الصاعقة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع