البحث

التفاصيل

كتاب : الدعوة الإسلامية في القرن الحالي فضيلة : الشيخ محمد الغزالي الحلقة [ 17 ] الفصل السابع : أبعاد الهزيمة الإسلامية (2)

• نظرة إلى الحملة الصليبية الأخيرة:

لم تضع الصليبية العالمية ساعة في استغلال التخلف المدنى والعسكري للمسلمين، وأخذت تعمل ليلاً ونهارا لتوسيع دائرتها على أنقاض الأمة المنهدمة.

وفي القارات الخمس بدأ التبشير يين المسلمين المقيمين والمغتربين، والأصحاء والمرضى، والمثقفين والأميين، والعرب والأعاجم، بدأ بمختلف الوسائل ينصب حبائله ويملأ يديه بغنائم باردة...

ونلحظ أن الخصوم القدامى أصلحوا ذات بينهم، واجتمعت صفوفهم، على أمل أن يجهزوا على الإسلام في محنته..

اتفقت اليهودية والنصرانية، وغيرت عبارات في الصلوات المسيحية، أولت نصوص في الأناجيل، وانتهت عداوة عشرين قرنا ليواجه هؤلاء وأولئك الإسلام معاً.

واتفق الفاتيكان مع الكنيسة الشرقية التي ظل يحاربها طوال ستة عشر قرنا، وبعدها مارقة عن التعاليم الصحيحة، ومد إليها يده ليواجه هؤلاء وأولئك الإسلام معا..

واتفق الكاثوليك مع البروتستانت وتنوسيت الخلافات والمعارك الداخلية بين الفريقين، وأمست المؤتمرات المسيحية تجمع بين الفريقين ليواجهوا الإسلام معا.

بل إن الاستعمار الصليبي لجا إلى خطة بارعة، ترك الشيوعية تضرب الإسلام، أعانها، ومكن لها، واستقدم رجالها ومبادئها في الأقطار التي لم تبلغها..!

حتى إذا أوشكت أن تستولى على الدولة تدخل هو في الوقت المناسب، وتعاون مع إدارة إسلامية ضعيفة، ومهد لها طريق الحكم على شرط أن تترك التبشير المسيحي يعمل عمله دون اعتراض..

وذلك سر إذاعة صوت الإنجيل من " أم درمان " العاصمة الإسلامية، وسر الأجهزة التبشيرية الهائلة في جزائر إندونيسيا الرحبة..

وماذا يتوقع بعد هذا كله؟ بعد أن تظاهر اليهود والنصارى والشيوعيون والبوذيون وغيرهم على أمة متعبة لاهثة الأنفاس.

لقد نجح التبشير النصراني في قص أطراف كثيرة، وأمكنته الظروف التعيسة التي يعيش فيها مسلمون مضطهدون أو مضيعون أن يغرى بالارتداد عن الإسلام ناسا كثيرين في إندونيسيا وبنجلاديش وبورما والفليبين، بل إنه يهجم الآن بقوة في البلاد العربية نفسها.

وطريقة التبشير الأولى استغلال الفقر والانقطاع.. ولدي تقرير من استراليا يفيد أن رب أسرة فارا من تركيا كاد يهلك من الضياع، فأسعفته بعثة تبشير ثم تنصر الرجل وأولاده، وهم الآن يكونون أسرة فوق المائة.

والمسلمون في أستراليا نحو خمسين ألفا جلهم من المهاجرين الأعاجم، وأقلهم من العرب، وقد بذلت المملكة العربية السعودية جهودا مشكورة للتعرف عليهم، وإقامة مركز إسلامى بينهم لعله فى طريقه إلى الظهور.

وسيل المرتدين عن الإسلام في إندونيسيا كبير، ربما تجاوز المليون. وقال لي مسلم إندونيسي إنه يعرف موظفا التحق بشركة للمياه الغازية بمرتب حسن، وكان مسلما محتاجا قبل أن يجد هذا العمل، فلما استقر فيه وبدأت أموره تتحسن خير بين الفصل أو الدخول في المسيحية، ودخل الرجل وأولاده المسيحية ليعيشوا !!

وعندما طردت حكومة بورما البوذية نحو نصف مليون مسلم من البلاد سارع الصليب الأحمر ـ مشكورا ـ ليوزع اللبن على الجياع ويقدم المأوى للشاردين.

وأنا أعرف أن نساءً كثيرات هنديات الأصل اعتنقن النصرانية، ويقمن الآن بعمل هائل في دول الخليج، في البيوت والمستشفيات ومدارس الأطفال..

إن التبشير فى صمت حيناً، وفي مجاهرة حينا يتحرك في كل القارات والأمل الذي يداعبه أن ينتهي ـ في القرن العشرين ـ من الإسلام، أو من عناصر القوة التي تستبقيه.

وإذا كنا نحن نحتشد في نهاية القرن الرابع عشر الهجري لندير الرأى فى خطة نستأنف بها الحياة، فإن القوم يفكرون خلال القرن العشرين الميلادي كيف يقضون علينا وعلى ديننا، وتتخلص الدنيا من محمد صلى الله عليه وسلم ودينه جملة وتفصيلا ..!!

ونحن نثبت هذا المقال المنشور في مجلة مسيحية لنعرف بجلاء الوجهة التي تسير إليها معركة الأديان خلال هذا القرن...

المسيحية تكتسح القارة الإفريقية (1)

سوف تكون سنة 2000 سنة فخر لإفريقيا دون بقية القارات الأخرى إذ يصبح أكثر سكانها من المسيحيين. لأن النسبة الحالية للارتداد إلى المسيحية قد بلغت مليون نسمة سنويا باستمرار.

وهذا الإحصاء حسبما يراه كل من المتحدثين المسئولين عن الكاثوليك والإنجليكان في واشنجتون عند الحديث عن وضع الإرساليات ومبعوثيها في أفريقيا.

وهذه نظرية قالها " داود باريت " في الستينات.

ويؤيده في الرأى " كانون بيرجبس كار " الأمين العام لمؤتمر كنائس عموم إفريقيا. ولكنه تقدم خطوة أخرى في الحديث عن " أفرقة المسيحية " بما قرره من أن نموها سيكون أسرع في الكنيسة الكاثوليكية منه في الكنيسة البروتستانتية. من حيث يجد الأفارقة الكاثوليكية لا أكثر ملاءمة لهم.

إن الإحصاء العددي لسكان إفريقيا سنة 1976 ـ بما فيهم عرب الشمال ـ بلغ 431 مليون نسمة. والكنيسة الكاثوليكية تملك مليونا ونصف مليون كنيسة في جنوب إفريقيا وأعضاؤها يبلغون 46 مليون حسب إحصائية قام بها الفاتيكان.

وفي السنين الأربع الماضية بلغ معدل من يدخل في المسيحية مليون شخص سنويا ويزيد عدد البروتسانتيين عن غيرهم من الفرق المسيحية بخمسة وستين مليونا.

يعتبر رجال الكنائس الأمريكية أنه لا تقصير في ازدهار المسيحية فى إفريقيا أو الصعيد العالمي حث بلغ عدد المسيحيين فيه أكثر من 1.2 بليون نسمة.

فنجاح الإنجليكانية واستمرارها فى مشاريع المساعدات للأفراد هما أكثر فاعلية.

وتقسيم الأعمال مبني على أساس أن اللوثرية مثلاً نشيطة في الإذاعة، بجانب عملها فى المناقشات التقليدية المتطورة، وإعطاء المعونات القرضية للكنائس والمستشفيات وللبرامج الزراعية الأهلية.

ففي الحبشة يباشر العمل في محطة الإذاعة نفر من الأخصائيين، وصوت راديو " إذاعات الإنجيل " مجهز بأشرطة التسجيل ويعمل في كل الميادين.

ويذيع في الاستديوهات الفرعية الصغيرة في كل من أثيوبيا وإفريقيا الجنوبية الغربية والكاميرون وإمبراطورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر ونيجيريا وجنوب إفريقيا وتنزانيا.

وقد رتبت البرامج على أن تكون باللغات الأمهرية الأثيوبية والفولاذية في الكاميرون.

أما الشئون الطبية العلاجية فتقوم بها " الادفنت " التي تملك عشر طائرات إرسالية مهماتها نقل الأطباء والممرضات لعلاج المرضى في الأحراش.

وقد أنشأت خمسة عشر مستشفى وباشرت العمل فيها. وبلغ عدد الأسرة فيها 1776 سريراً وخمسة من هذه المستشفيات خاصة للجزام.

وهناك إلى جانب ذلك أكثر من 109 عيادة ومخزن أدوية، وهناك مائة وثلاثة وستون من بين الثلاثة أرباع المليون من الإدفنتيين يعملون فيما وراء البحار.

إن " ر. م. رينهارد " البالغ من العمر 27 سنة ـ وهو محارب قديم أدى واجبه العسكري في إفريقيا ويقوم الآن بعمل أمين الصندوق المساعد للمؤتمر العام للإدفينيتت قال:

إن هذه المنظمة غير سياسية النزعة. وفرقتها عبر إفريقيا قوية. والمركز الرئيسي في " ساليسبورى " يباشر كلا من روديسيا وجنوب إفريقيا ومالاوى وزامبيا وزائير وإفريقيا الجنوبية الغربية (ناميبيا) ورواندا وبوروندي.

وعكس ذلك فإن الكنيسة المسيحية المتحدة التي هى مرادفة للكنيسة الطائفية في جنوب إفريقيا تعتبر نفسها ـ سياسيا ـ نشطة وتساعد بقوة حركات السود، وهى ـ في نفس الوقت ـ ضد التفرقة العنصرية ".

وقد عقدت هذه الكنيسة " محاورة متحدة " بين العناصر المختلفة من الأساقفة والشيخين والميتوريستيين بالقرب من مدينة آليس سنة 1975 .

وفي الوقت الذي اتخذت حكومة جنوب إفريقيا إجراء إلغائها ونقل نشاطها إلى مدينة " أوستانا " في " ترانسكي " تقوم الآن بالتدريس خارج المخيمات.

ويلاحظ الأب " سيمون ى. سميث " السكرتير التقليدي لإرسالية " جوسييت " في واشنجتون والذي رجع حاليا من " زائير " أن الأفارقة يجب أن ينبذوا البقية الباقية من الاستعمار ".

ولتحقيق هذا، التغيير السياسي المفاجيء فإن الإرسالية في إفريقيا يجب أن ترضى اليوم بأن يكون العمل تحت قيادة الزعماء السود.. لكي تخدم الكنيسة. وليس بقيادة جماعة من المتوحشين الظالمين. وأبلغ الأب " سميث، في تقريره هذا أن هناك 1500 من " الجوسيتيين " في إفريقيا الآن. وأن ثلث هؤلاء من السود الذين هم في اطراد متزايد ويتولون الأعمال المصيرية الهامة.

وينبغي أن نذكر أن " لوريان روجامبوا " من تنزانيا هو أول كاردينال أسود من هذه الفرقة. وهو أحد الإثنى عشر من الكرادلة الكاثوليكيين في هذه القارة: عشرة من زملائه إفريقيون. واثنان فقط من البيض.

ومن بين 300 أسقف كاثوليكي في إفريقيا يوجد 195 من الأفارقة، ومعظمهم من السود، يخدمون في شرق وغرب ووسط إفريقيا.

هذا ورئيس جمهورية ليبيريا " وليم. ل. توليبرت " يشبه رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية " جيمي كارتر " فى أنه المعمداني وعضو عامل في الكنيسة …!!

ففي سنة 1960 صار أول أسود اختير رئيساً للجمهورية في الاتحاد المعمداني العالمي وخدم مدة الرئاسة خمس سنوات وما زال يعمل قساً فى الكنيسة المعمدانية في إفريقيا بقرب منزله في " بيونسون فيل " في ضاحية "مونروفيا ".

والدليل على فخر المعمدانية في إفريقيا وجود 111 ألف محطة إرسالية في 38 بلدة ومجموع أعضائها من الوطنيين السود هو826 ألف عضو. ولكن العلاقات المعمدانية أكثر قوة في كل من زائير ونيجيريا.

والثقة تعطي أملاً أكثر في صدق نظرية سنة 2000 وغلبة النصرانية على القارة كلها من زيادة استقلال الكنائس الإفريقية.

وهناك منذ السنين العشر الماضية سعى إلى توحيد الفرق البروتستانتية في الكنائس الاتحادية مثل كنائس زامبيا وملاوي والشعوب الأخرى.

ولكن هل يعيش الدين المنظم مع النكسات التي وقعت أخيرا مثل التغير الوضعي الذي قام به رئيس جمهورية أوغندا " عيدي أمين " نحو المسيحيين.

إن رد فعل واشنجتون في هذا الموضوع متضارب: إن عضو مجلس شيوخ " ايداهو جرامك شريس تاني " العضو القوى في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يشعر بأن حوادث أوغندا الحالية هى استعراض قبيح للضغط على حقوق الإنسان.

ويقول ذلك العضو مستطرداً: " إن المشكلة الحساسة في هذه السنين هى مستقبل الإرساليات المسيحية لا سيما الإرساليات البيضاء في الشعوب السوداء.

إن زيادة الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية هى اعتراف صريح بتقدير أعمال هذه الكنائس. وقد ينظر إليها تارة على أنها تعطي صورة عن ذكرى غير مستحسنة عن أيام الاستعمار.

إن الموضوع الأساسي المهدد بالخطر في إفريقيا اليوم هو: "حقوق الإنسان " التي منها حرية الأديان، ولكن رغم هذه المشاكل ولأجل هذا التقدم فإن أكثر الإرساليات المسيحية في إفريقيا تريد العودة إلى القارة السوداء، فالراهبة البيضاء " تريسي" الكندية الفرنسية المشرفة على بيت راهبات واشنجتون في إفريقيا لخصت الهدف العام للإرسالية ـ وتمثلت بالقول السائر المشهور لدى كثير من المحاربين القدماء الذين حاربوا في إفريقيا: " من شرب مياه إفريقيا فإنه سوف يعود إليها مرة أخرى ".


: الأوسمة



التالي
الاقتباس من الغير لما فيه مصلحة و خير
السابق
السلطة والعلماء

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع