البحث

التفاصيل

(35)الله لا يضيع اجر الصابرين على ابتلاءاته (كتاب يوسف عليه السلام قدوة للمسلمين في غير ديارهم )

الخامس والثلاثون: انكشاف الأمر: قال تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنَّ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( • اشتدت المجاعة ونفدت النقود فجاء إخوة يوسف إلى مصر للمرة الثالثة، وحملوا معهم بضاعة رديئة لأنها هي التي بقيت عندهم، ووجهوا كلامهم إلى عزيز مصر كلاماً فيه انكسار، وشكوى، فقالوا: (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) ، ولما رأى منهم هذا الانكسار والاسترحام، وانتهت الدروس حسب قدر الله تعالى نطق يوسف بالمفاجأة الكبرى التي لا تخطر على بالهم أبداً، فقال: (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ) بهذا الأدب الجم وبهذا التبرير بالجهل خاطبهم، وإذ بهم يتذكرون يوسف الصغير بصوته ونبراته ولعبه مع أبيه، وملامح وجهه الجميل، ويتجسد في مخيلتهم ما فعلوه به فقالوا: ( قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ) عرفوا ذلك لأنهم يعلمون: أنه لا أحد يعرف من البشر بهذه الحادثة إلا يوسف وإخوته، بالإضافة إلى ملامح وجهه الجميل، فقال يوسف: (أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) فأسند المنة والفعل إلى الله تعالى وحده، ثم ذكر سنة ربانية، فقال: ( إِنَّهُ مَنَّ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) ، وكان جواب الإخوة فيه الاعتراف بالخطيئة، وبفضل يوسف، فقالوا: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ( • وقول يوسف لهم (هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ) يدل على أنهم كادوا كيداً لأخيه أيضاً، وهو إيذاؤهم له في الصغر، واتهامهم إياه بأنه قد سرق، وقيل: إن يعقوب عليه السلام أرسل رسالة على عزيز مصر تضمنت ما يأتي:" من يعقوب إسرائيل ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر، اما بعد فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء... وأما أنا فكان لي ابن، وكان أحب أولادي إليَّ فذهب إخوته إلى البرية....، ثم كان لي ابن وكان أخاه من امه، وكنت أتسلى به فذهبوا به إليك ثم رجعوا، وقالوا: إنه سرق، وإنك حبسته عندك، وإنا أهل بيت لا نسرق، ولا نلد سارقاً فإن رددته عليَّ، وإلا دعوت عليك دعوة.... فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب لم يتمالك...." • ثم طلب منهم أن يذهبوا بقميصه لإلقائه على وجه أبيه، حيث يكتب الله له الشفاء، وهذا بلا شك مما علَّمه الله تعالى، كما أمرهم بأن يأتوا بجميع الأهل إلى مصر. • ولما فصلت العير من مصر، أو عند مفارق الطرق في أرض كنعان أحسَّ يعقوب ( عليه السلام ) برائحة يوسف، فقال لهم: ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ ) أي لولا أن تقولوا: شيخ خرف. • فوصل الإخوة وألقوا على وجه أبيهم قميص يوسف فرجع بصيراً واكتملت الفرحة بخبر يوسف، وانه أصبح عزيز مصر. • طلب الإخوة من أبيهم الاستغفار لهم بعد اعترافهم بخطيئتهم، ولكنه أجل ذلك، وفي ذلك دلالة على أن قلبه المكلوم لم يسمح له بالاستغفار، أو أنه أجله لغاية اللقاء بيوسف ( عليه السلام(


: الأوسمة



التالي
الغزالي أدرك ان مكمن المفاسد هو الديكتاتورية
السابق
فتوى : الجمع بين صلاتَي العيد، والجمعة إذا اجتمعا في يوم واحد

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع