البحث

التفاصيل

الجدار.. سلاح إسرائيل لمواجهة ثورة سوريا

تعكس أعمال إنشاء "الجدران الحدودية" مقاربة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المستندة إلى "الأمن" ونظرية "الجدار الحديدي"، التي تذهب إلى أنه ما من ضمان أفضل للحفاظ على إسرائيل من الاعتماد على القوة، وتعزيز التفوق العسكري. وعليه فقد شرعت وزارة الدفاع في بناء جدار بطول 70 كيلومترا بمناطق حدودية مع سوريا لم تصنف في السابق بالخطرة.

وازدادت هذه المقاربة شططا، في ضوء آخر التطورات الإقليمية المرتبطة بالثورات العربية، وأحدث التغيرات الدولية، ويؤكد كثير من المحللين السياسيين الإسرائيليين أن الإجماع القومي الصهيوني بشأن ضرورة الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية في الجولان المحتل بات يشمل معظم الرأي العام و"اليسار" بإسرائيل.

ويمتد الجدار من منطقة الحمة في جنوب الهضبة حتى معبر القنيطرة بشمال الجولان المحتل، حيث أنجزت تل أبيب عشرة كيلومترات من مسار الجدار الحديدي الذي يصل ارتفاعه ثمانية أمتار، ومن المفروض استكماله في غضون الأشهر القريبة، ويأتي ذلك بعد التحصن بالجدران على طول حدود الرابع من يونيو/حزيران مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، والانتهاء من بناء الجدار على طول الحدود مع  سيناء.

النظام والثورة
يرى الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) أنطوان شلحت أن الموقف الإسرائيلي الراهن بشأن هضبة الجولان المحتلة يؤكد أن "ضرورة" التمسك ببقاء السيطرة الإسرائيلية على هذه الهضبة قد ازدادت في ضوء تطورات الثورة السورية.

وأشار شلحت إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلية المستقيل أفيغدور ليبرمان أعلن في السابق أنه حتى في حال نشوء سوريا ديمقراطية من رحم أوضاعها الحالية، سيتعين على النظام الجديد فيها إدراك أن أي خيار واقعي لتحقيق تسوية سلمية مع إسرائيل عليه أن يوفر استمرار سيطرة إسرائيل الفعالة على الجولان.

وأوضح أنه حتى "حركة السلام الإسرائيلية/السورية" التي أسسها الدبلوماسي المتقاعد ألون ليئيل المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية، وأجرت خلال الفترة 2004-2006 اتصالات سرية غير رسمية مع مندوبين عن النظام السوري لدراسة إمكان التوصل إلى اتفاق سلام على أساس الانسحاب الإسرائيلي من الجولان، أعلنت أيضًا أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته، وفقد بالتالي حقه في المطالبة بالجولان في حال نجح في البقاء في الحكم.

وخلص شلحت إلى القول إن إنشاء جدار في الجولان يهدف من ناحية إسرائيل إلى تحقيق غايتين، وهما تأكيد التمسك بالسيطرة العسكرية الإسرائيلية على هذه المنطقة، وتوجيه رسالة ردع إلى سوريا في ضوء تصاعد مخاوف في إسرائيل من أن يقدم نظام دمشق على احتكاكات معها ترمي إلى صرف النظر عن أوضاعه الداخلية.

هواجس وأطماع
وبدوره، رفض الباحث الميداني بالمؤسسة العربية لحقوق الإنسان (المرصد) بالجولان المحتل سلمان فخر الدين الادعاءات الإسرائيلية والتبريرات المسوغة لبناء الجدار على طول الحدود مع سوريا، لافتا إلى أن من يحتاج إلى القلاع والتحصين هو الغازي والمحتل، وتل أبيب لديها الشعور ذاته ككيان محتل لا ينسجم مع المحيط ودول الإقليم، وتعرف ذاتها كدولة تنتمي للحضارة الغربية وأوروبا، لذلك فإنها تحصن نفسها بالجدران.

 وأكد فخر الدين  للجزيرة نت أن أطماع تل أبيب بالبقاء بالجولان المحتل وعدم التفريط فيه أخذت تتكشف، بل إنها تتطلع إلى احتلال المزيد من الأراضي السورية، وتتصرف وفق منطق إقصاء الآخر.

وأشار إلى أن إسرائيل تعتقد أنها بالسياج والجدران يمكنها إخفاء الحقيقة والتهرب من الواقع، لذا فإنها تعتمد تهويل الخطر الوجودي وقرع طبول الحرب بذرائع السلاح الكيمياوي تارة والجماعات "الإرهابية" تارة أخرى، لحث المجتمع الدولي على تدخل عسكري في سوريا.

وشدد على أن إسرائيل -التي باتت تشعر بأنها لاعب احتياطي بالشرق الأوسط في ظل الربيع العربي وثورات الشعوب- تحاول ترسيم حدود جديدة لها وفرضها على أرض الواقع، وبالتالي فهي أكثر المستفيدين مما تشهده سوريا من أحداث، بل إنها معنية باتساع الفوضى ودائرة الصراع، وتفتيت وحدة الأراضي السورية لنيل حصتها من الأطماع، "لكنها لن تنجح في تطويع الشعب السوري، فالثورات تبدأ ولا تنتهي، ولا يمكن لأي جدار كبح تداعياتها ونتائجها".


: الأوسمة



التالي
الشريف: الإصرار على الباطل
السابق
"الردة عن الحرية" .. كتاب جديد للراشد

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع