البحث

التفاصيل

مسؤولية الاحتلال عن جريمة إحراق المسجد الأقصى

الرابط المختصر :

تحل هذه الأيام الذكرى الثامنة والأربعون لجريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك، ففي يوم الخميس 21-8-1969م؛ وبعد انتهاء صلاة الفجر، وبعد أن فرغ المسجد القبلي من المصلين والحراس، دخل المجرم مايكل دينيس روهان في الساعة السادسة والنصف من باب الغوانمة بعد دفع ليرتين ثمن تذكرة الدخول وقصد المسجد الأقصى المبارك فوراً؛ حيث لم يكن هناك سوى الحارس محمد الحلواني. وكان هذا الحاقد يحمل على ظهره حقيبة من القماش فيها أوعية مملوءة بالنفط ومواد مشتعلة ومواد شديدة الاشتعال غير قابلة للإطفاء وخرقاً بالية. دخل المسجد وتوجه إلى المنبر ورشَّ كمية من المواد المشتعلة حوله، ومد فتيلاً طويلاً من باب المنبر إلى أعلى درجاته ثم رشَّ حوله كمية أخرى من المواد المشتعلة.

     وفي هذه الأثناء شاهدته سيدة عربية كانت تصلي في محراب النساء وحدها، فتظاهر بأنه يلتقط صوراً للمسجد بآلة التصوير التي يحملها. وعندما غادرت السيدة العربية المسجد أقدم على ارتكاب جريمته البشعة. فأشعل النار في المنبر وانتشرت ألسنة اللهب بسرعة، وهنا الْتقط بعض الصور الفوتوغرافية للحريق.

     غادر المجرم المسجد مستغلًا انشغال المقدسيين الذين هبوا لنجدة المسجد بهول الحريق، ولما وصل الباب الرئيسي شاهده السادن الشيخ جودة الأنصاري فأخذ يصرخ على الحارس الحلواني مستفسراً عن كيفية دخول هذا الأجنبي إلى المسجد. وفوجئ الشيخ الأنصاري بالنار تندلع من المنبر فأخذ يصرخ طالباً النجدة ومطاردة الفاعل. وفي هذه اللحظة كان المجرم روهان يتجه راكضاً نحو باب الأسباط، ولما وجده مغلقاً اتجه نحو باب حطة فخرج منه. وفي هذه الأثناء وقعت منه الجرزة التي كان يحملها.

المجرم يعترف بجريمته

     ألقت شرطة الاحتلال القبض على المجرم العنصري وبدأت التحقيق معه، فاعترف بأنه أضرم النار في المسجد الأقصى المبارك، وذكر أنه استعمل ثياباً بالية مشبعة بالنفط لإضرام النار في المسجد، وأنه قام بهذه التحضيرات في الغرفة التي كان ينزل بها في فندق ريفولي بالقدس، وعثر موظفو الفندق في غرفته على عدد من الأقمشة البالية وكمية قليلة من النفط، واعترف أيضاً أثناء تمثيله للجريمة يوم 26/8 بأنه حاول إشعال النار قبل أسبوعين في باب المسجد الأقصى المبارك من الجهة الشرقية الجنوبية قرب محراب زكريا، فأحضر ست زجاجات مليئة بالمواد المشتعلة ووضع فتيلاً في داخل القفل، وبعد صب المادة المشتعلة في الفتيل وتسرّب المادة المشتعلة إلى الداخل أشعل النار في طرف الفتيل وسارع إلى الفرار معتقداً نجاحه في إشعال الحريق. ولما عاد في اليوم التالي إلى المسجد تبين له أن النار لم تتسرب إلى الداخل وقد ترك الحريق أثراً بسيطاً.

     وعلى إثر هذه الاعترافات أصدر كبير قضاة الصلح في القدس أمراً بتوقيفه لمدة 15 يوماً، وفي مسرحية واضحة قدمت سلطات الاحتلال هذا المجرم إلى المحاكمة، فحكمت المحكمة بعدم أهليته العقلية وأودعته مصحة عقليّة (ليتهرب بذلك من العقوبة) ومن ثم نُقل بعد خمس سنوات إلى أستراليا ليموت هناك عام 1995 دون أن تظهر عليه أية علامات للاضطراب النفسي والعقلي كما ادعت حكومة الاحتلال.

     وزعموا قبل المحاكمة بأن مايكل دنيس روهان تأثرت حياته بكنيسة الرب العالمية، وقد أعرب والداه في أستراليا عن اعتقادهما بأن ابنهما تعرض لعملية غسل دماغ كي ينفذ العملية، وزعموا أيضاً أنه تأثر بمقال في مجلة الحق المبين (وهي نشرة كنيسة الرب العالمية) الصادرة عام 1967 حيث كتب مؤسسها هيربيرت آرمسترونغ [سيُبنى هيكل يهودي في مدينة القدس، وستُذبح القرابين في هذا الهيكل مرّة أخرى خلال الأربع سنوات ونصف القادمة] وصرح روهان نفسه باعتقاده أنه مبعوث من الله وبأنه تصرف وفقًا لأوامر إلهية بما ينسجم مع سفر زكريا، وادعى أنه حاول تدمير المسجد الأقصى ليتمكن يهود إسرائيل من إعادة بناء الهيكل لتسريع المجيء الثاني للمسيح المخلص فيحكم العالم ألف عام.

كنيسة الرب العالمية تأسف

     ولكن في تاريخ 17/09/1969 قابل مندوب عن كنيسة الرب العالمية المذكورة مسئولين في الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وقدم لهم مذكرة موجهة إلى المحكمة الشرعية الإسلامية من قبل المسئول عن شؤون الشرق الأوسط في الدائرة الأوروبية بسويسرا لكنيسة الرب مؤرخة في 17 أيلول/سبتمبر الجاري، جاء فيها [إن الرئاسة العالمية لكنيسة الله في مدينة كليفلاند بولاية تينيسي في الولايات المتحدة تأسف أشد الأسف للتلف الذي لحق بالمسجد الأقصى في القدس نتيجة الحريق، وترغب في أن تنقل إليكم تعاطفها مع المسلمين لما أصابهم من خسارة، وترغب في أن تنقل إليكم كذلك بأن مرتكب جريمة الإحراق لا علاقة له البتة بكنيسة الله ولم يسبق له أن كان على علاقة بأي من كنائسها الثلاث في فلسطين وهي الموجودة في جبل الزيتون وفي بيت لحم وفي عابود] ووقع المذكرة الدكتور الأب وليام ألْتون مراقب شؤون كنيسة الله في الشرق الأوسط نيابة عن رئاستها.

إذن لقد تم هذا الحريق عن تخطيط وعمد وسبق إصرار من سلطات الاحتلال، ونفذه المستوى الرسمي في سنتين متتاليتين، واشترك فيه أكثر من شخص..

يدل على ذلك البراهين التالية:
•المحاولة الأولى للحريق كانت بتاريخ 11/8/1968م، وكُلِّفَ بها دنيس روهان الذي جاء إلى فلسطين محملاً بكل الأحقاد اليهودية على الإسلام والمسلمين، وبكل الأطماع الصهيونية في فلسطين أولاً، ثم العالم الإسلامي كله ثانياً ودخل المسجد بصفة سائح استرالي، ولكن مهمته باءت بالفشل ليقظة الحراس واكتشافهم الجريمة قبل وقوعها، ألْقي القبض على هذا المجرم وحوكم محاكمة صورية وعوقب بإبعاده إلى بلاده، ثم عاد ثانية ونفذ جريمته النكراء بتاريخ 21/8/1969م، فمجرد السماح بعودته إلى القدس يعتبر تواطؤاً معه في تنفيذ الجريمة.
•اكتشاف خندق محفور تحت المسجد الأقصى المبارك أثناء إعمار المسجد من آثار الحريق، يبدأ الخندق من وسط السور الجنوبي الى داخل المسجد. وكان قد تم حفره سراً من الجهة التي يسيطر عليها الجيش الاحتلال قبل ارتكاب جريمة الحريق، ووجد أن بعض نقاط من الشمع جديدة العهد قد سقطت على الأرضية الترابية لهذا الخندق، مما يدل على أنهم دخلوا الخندق منذ فترة قريبة.
•لم تسمح السلطات الإسرائيلية لوكالات الأنباء بإذاعة نبأ الحريق إلا بعد أكثر من ساعة ونصف وبدون تفاصيل.
•النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد القبلي والتي ترتفع عن أرضية المسجد قرابة العشرة أمتار، ويصعب الوصول إليها من الداخل بدون استخدام سلم مرتفع، يضاف إلى ذلك أن حريق هذه النافذة كان من الخارج وليس من الداخل، مما يدل على وجود أفراد آخرين ساعدوه من الجهة الغربية في الخارج حيث كانت تحت إشراف سلطات الاحتلال بعد هدمها حارة المغاربة وسيطرتها على باب المغاربة وساحة البراق والجهة الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى المبارك.
•تأخّر سيارات الإطفاء التابعة لما يسمى ببلدية القدس في الحضور حيث وصلت بعد إخماد جميع النيران من قبل سيارات الإطفاء العربية التي وصلت قبلها من الخليل ورام الله، لم تفعل تلك الإطفائيات شيئاً؛ بل جاءت حتى تصورها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء والصحافة العالمية لإيهام العالم أنها أدت واجبها.
•قطعت إسرائيل المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك في يوم الحريق، فعملية الإطفاء قام بها المقدسيون الذين استعانوا بالبراميل ونقلوا المياه يدوياً من الآبار الموجودة في ساحات المسجد الأقصى المبارك، واستغرق إخماد الحريق خمس ساعات.
•كشف الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم أمام اللجنة الإسرائيلية المكلفة بالتحقيق في الحريق أن أجهزة الإطفاء في المسجد لم تكن صالحة للاستعمال عندما نشب الحريق.

الذكرى حافز لحماية الأقصى المبارك

     إن هذه الذكرى ينبغي ألا تكون موسماً سنوياً لبكاء الأمة وعويلها وحزنها، وإنما تكون حافزاً لحماية مسرى رسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وسبباً في حذرها ويقظتها لمخططات الاحتلال الرامية إلى الهيمنة على المسجد الأقصى المبارك وفرض سيادتها عليه وتنفيذ مؤامرة هدمه وإقامة الهيكل المزعوم في مكانه، ومؤامرة تزويرها الحقائق التاريخية والعقدية والوطنية بتحويل القدس إلى مدينة يهودية، فالأمة تستطيع ذلك لو أرادت؛ بدليل أن الفئة المنصورة التي أخبرنا عنها صلى الله عليه وسلم حققت في الشهر الماضي بثباتها وقوة إرادتها وعزيمتها التي لا تنثني ما عجزت عنه الأنظمة العربية والإسلامية ومؤسساتها الإقليمية والدولية وجيوشها المدججة بالسلاح، قال صلى الله عليه وسلم {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ} رواه أحمد.


: الأوسمة



التالي
موقف الاتحاد من المساواة بين الرجال والنساء في الميراث
السابق
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يندد بشدة عملية الدهس في برشلونة بإسبانيا ويعتبرها عملاً جباناً لا أخلاقياً ترفضه جميع الشرائع السماوية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع