البحث

التفاصيل

عبد العزيز الرنتيسي في ذكراه

في 17 إبريل 2004م ودعنا فقيد أمتنا، وفقيد قضيتنا، وفقيد جهادنا، أخانا البطل المجاهد الصابر المصابر المرابط الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وقد أصبح مقدر علينا أن نودع ما بين الحين والحين قائدا من القواد الذين حملوا الراية؛ ليذودوا عن حمى هذه الأمة، وعن حياضها، ويدافعوا عن مقدساتها، وعن هُويَّتها أمام هذه الهجمة الشرسة من أعدائها. ما بين الحين والحين نودع واحدا، وقد ودعنا قبله بأسابيع الشيخ أحمد ياسين رحمة الله عليه، وخلفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في القيادة والشهادة.

 

سجن عبد العزيز الرنتيسي في سجون الاحتلال أكثر من مرة، وأبعد إلى مرج الزهور، وسجن في سجون السلطة الفلسطينية، وأرادت إسرائيل اغتياله أكثر من مرة، ونجى الله الرنتيسي، ولكن {أَجَلَ اللَّهِ إذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (نوح:4) وقد قال الشاعر: من لم يمت بالسيف مات بغيره    تعددت الأسباب والموت واحد

 

لقي الدكتور الرنتيسي ربَّه راضيا مرضيا - إن شاء الله - فألسنة الخلق أقلام الحق، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت، فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين: أنهم لا يعلمون عنه إلا خيرا. إلا قال الله تعالى: قد قبلتُ قولكم فيما تعلمون، وغفرت له ما لا تعلمون" . أربعة فقط، فكيف بمن شهدت له الآلاف من جيرانه وغير جيرانه، والأقارب والأباعد، شهد له هذا الجمع بأنه إلى خير.

 

وقد عدد من الصحابة أمام النبي على رجل أثنوا عليه خيرا فقال: "وجبت". ورجل آخر أثنوا عليه شرا فقال: "وجبت". فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت، يا رسول الله؟ قال "الأول أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، والثاني أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض" . فشهداء الله في الأرض جميعا من الخيار الصالحين، شهدوا لعبد العزيز الرنتيسي: إنه كان رجل صِدق، صدق مع ربه، صدق مع نفسه، صدق مع إخوانه، صدق مع أعدائه. وظلَّ على هذا الصدق، حتى أختار الله له الشهادة.

 

وقد أصدر بوش قبل وفاة الرنتيسي بيانا سلب الفلسطينيين فيه كل حق لهم، رفض فيه حق العودة لملايين الفلسطينيين، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، وشردوا في آفاق الأرض، ليس لهم حق العودة إلى أرضهم، التي اغتصبها من اغتصبها، ممن جاؤوا من روسيا وأمريكا ومن بلاد العالم، أصبحوا هم أصحاب الأرض! وزعم بوش أن إسرائيل دولة يهودية، ومعنى ذلك أنه لا حق لغير اليهود في البقاء فيها، وأن المستوطنات التي أقيمت في الضفة الغربية وفي غيرها يجب أن تبقى، وأنه ليس من الضروري الرجوع إلى حدود يونيو 67، ولو كنت قاضيا لجعلت بوش المتهم الأول في قتل الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، فهو الذي ألصق بـ(حماس) و(الجهاد) وفصائل المقاومة الأخرى تهمة الإرهاب، وأباح دماءهم، فهو شريك شارون في هذه الجريمة.

 

{مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب:23) ، {ولا تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ ولَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} (البقرة:154) .

 

أسأل الله تبارك وتعالى أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يتقبله في عباده الصالحين، مع الصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.

وقد صلينا عليه صلاة الغائب بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة، عقب صلاة الجمعة.

 

...................

 

* كتب فضيلته هذا المقال عقب رحيل الشهيد.


: الأوسمة



التالي
الأمم المتحدة: نزوح نصف مليون من الموصل
السابق
القره داغي يحدد قائمة الشركات التي لا تنقية في أرباحها

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع