البحث

التفاصيل

العابثون

الرابط المختصر :

أذكر عندما كنا صغارا نلعب كرة القدم ذات الخمس قروش، ونتنافس بكل حماس لبلوغ مرمى الخصم، ويبلغ بنا الحماس أحيانا أن تختلط دماء أقدامنا بطين الأرض!

كان ذاك الحماس، والتفاني؛ ممزوجا بالانضباط التام بقواعد اللعبة المتفق عليها، ولم تكن الرعونة المُتعمَدة (=التكسير) والشد، وحلف الأيمان الكاذبة، وتهديد الحكم، مما يُخل بقواعد "اللعبة" آنذاك.
 
ولكن فجأة، يموت الحماس، ويفتر ذاك التشويق، بمجرد أن يمسك أحدُ الأطرافِ الكرةَ بيده متعمدا، ويهرول بها وسط الفريقين، وبخاصة لو كان هو صاحب الكرة!
 
هنا، تنتقل تلك المباراة من جمال اللعبة، إلى دَرَكات العبث؛ لأن ذاك الخبيث تعمد انتهاك "قواعد" اللعبة.
 
ما يحدث في ليبيا الآن هو "عبث سياسي" وليس لعبة سياسية بأي حال من الأحوال، فقد توافق بعض اللاعبين على كسر قواعد اللعبة السياسية، وتنصلوا من القيم والضوابط السياسية والأخلاقية والوطنية التي تضبط هذا الفن وتلك اللعبة.

قد نتفهم حرص بعض الساسة على السُكر من كأس الغنيمة، والتعصب للقبيلة أو الحزب، أو تصفية حسابات لأحقاد وضغائن قديمة، أو شراء ود، وذهب عواصم الغرب والشرق، كما كنا نتفهم ونحن صغارا، التكسير والتزوير، والتهديد،.. أما أن يناموا ملء جفونهم، ويغنموا ملء جيوبهم، ويتسكعوا ما بين عاصمة ومنتجع، ومؤتمر ومَجمَع، ويستخدمون تجارَ الحروب، وحَمَلةَ السلاح، كبيادق لحسم "اللعبة السياسية"!، وشعبُهم يتجرع كل يوم مرارة الفقر، والجوع والخوف، ويشم رائحة الدم والموت في كل زاوية، فهذا هو "العبث" الذي سيذوقون وباله في الدنيا عارا وذلة، ويوم القيامة خزيا ومذلة.



: الأوسمة



التالي
خطر الاستيطان على مكانة القدس والأقصى مميز
السابق
شيء (يقهر)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع