البحث

التفاصيل

سرّ "قلق" إسرائيل على نظام السيسي

بات اهتمام إسرائيل بالحفاظ على نظام عبد الفتاح السيسي في مصر، منذ فترة، من "الأسرار المفضوحة" التي لا تحتاج إلى عناء البرهان. وتومئ آخر التقارير الصحافية المتواترة بهذا الشأن إلى أن إسرائيل ستقوم بـ"استثمار" علاقاتها مع الولايات المتحدة، ودول كثيرة أخرى، من أجل "دعم الاقتصاد المصري" خلال العام 2017 بما يؤول إلى استقرار هذا النظام مدة طويلة.
ولدى العودة إلى ما حفظه الأرشيف، بصدد هذا الاهتمام وإحالاته، حتى قبل الزيارتين اللتين قام بهما وزير خارجية هذا النظام إلى دولة الاحتلال أخيرًا، يمكن العثور على "إيماءات دعم" كثيرةٍ كهذه، ولا سيما في نقطتين زمنيتين منصرمتين: الأولى، بعد وصول نظام السيسي إلى سدّة الحكم (2013)؛ الثانية، عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (2014).
في النقطة الأولى، رأى رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، عاموس يدلين، في سياق تقرير سنوي كتبه بعنوان "في مواجهة التهديدات الإستراتيجية للأمن القومي"، أن إطاحة نظام الإخوان المسلمين في انقلاب عسكري أدّى إلى تسلّم الجيش المصري زمام الأمور من جديد، ويُعتبَر هذا الجيش الأكثر إيجابيةً بالنسبة إلى إسرائيل، من بين كل العناصر الفاعلة في الساحة السياسية المصرية، فضلًا عن كونه معاديًا لحركة حماس. وبرأيه، كان التغيير الأكبر الذي شهده العالم العربي عام 2013 هو "تراجُع الإسلام السياسي بعد مرحلة من الصعود"، والمقصود بذلك خصوصاً "الإخوان المسلمون". وكان التطوّر الأبرز في هذا السياق عزل الرئيس محمد مرسي في مصر بواسطة تحرُّك الجيش. ونوّه إلى أن هذا الانقلاب خلّف تداعياتٍ كبيرة في مختلف أنحاء العالم العربي. فقد شجّع معارضة "الإخوان المسلمين" في بلدان أخرى، وأدّى إلى إضعاف الدعم الشعبي لهم، وتآكل مكانتهم في شكل عام في أماكن عديدة. وعلى المستوى الملموس، تبدّد القلق من احتمال تدهور العلاقات بين إسرائيل ومصر. وجرى تعزيز التعاون (الأمني) بين البلدَين لمكافحة الإرهاب في سيناء ومواجهة حماس في قطاع غزة.
ويعود سبب القلق الذي يتحدث يدلين عنه إلى إعلان الرئيس مرسي، أكثر من مرة، أن هناك حاجة إلى إعادة فحص اتفاق كامب ديفيد الموقع عام 1978، وكان الأساس لمعاهدة السلام، وفيما إذا كان الواقع يوجب إبطاله.
وفيما يتعلق بالنقطة الزمنية الثانية، كتب أحد كبار الباحثين في مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار- إيلان (إيتان شامير)، في ربيع 2015، مقالة بعنوان "إعادة تقييم لعملية الجرف الصامد العسكرية" (الاسم الإسرائيلي للحرب العدوانية على غزة صيف 2014)، لفت فيها، على نحو خاص، إلى أن عودة النظام العسكري بقيادة السيسي، وانتخابه اللاحق رئيسًا للجمهورية، كانا أمرًا مفجعًا بالنسبة لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة. ووفقًا لما كتبه، اعتبر النظام المصري الجديد هذه الحركة حليفًا لجماعة الإخوان المكروهة، ولسائر المجموعات الإسلامية التي تتعدّى على القوات العسكرية المصرية في سيناء. وفي صيف 2013، تمثّل الرد الانتقامي للسيسي بإغلاق أنفاق التهريب لحركة حماس، ما خفّض إلى النصف تقريبًا مداخيل الحركة السنوية.
كما شدّد هذا الباحث على أن الرفض المصري لتقديم أي تنازلات لحركة حماس هو الذي مكّن إسرائيل، تدريجيًا، من إجبار الحركة على قبول وقف إطلاق نار من دون أي مردود ملموس. ولذا، بقيت مفاتيح الحل السياسي في يد القاهرة. ولهذا السبب الوجيه، وفي الوقت الذي كانت حركة حماس تقاتل إسرائيل، كانت معظم مطالبها موجّهةً في الواقع إلى مصر. واعتبارًا من هذه الحرب، واصلت القاهرة إظهار عزمها على إبقاء حماس تحت السيطرة.
وتمثلت الخلاصة التي توصل إليها الباحث في ما يلي: "طالما بقي النظام المصري الحالي، فإنه سيحافظ، على الأرجح، على سياسة معادية لهذا التنظيم الإسلامي، وبإمكان إسرائيل أن تتوقع تعاون القاهرة في أي مواجهة مستقبلية مع حماس".


: الأوسمة



التالي
حقائق غائبة حول استشهاد الحسين - رضي الله عنه - وأحداث كربلاء 6
السابق
قلق إسرائيلي من تبعات الخلاف بين السيسي والسعودية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع